02-أبريل-2022
الشربات تغزو الأسواق الجزائرية في رمضان (تصوير: بلال بن سالم،Getty)

يعود شهر رمضان في الجزائر، وتكتظ أرصفة الشوارع في الأحياء الشعبية بطاولات باعة يعرضون المصنوعات التقليدية والحلويات والعصائر والخبز المنزلي، ويعود سبب ذلك إلى ازدياد الطلب عليها خلال الشهر الفضيل مقارنة بالأيام العادية، وتزدهر بعض المهن والنشاطات التجارية التي تغيّر ديكور الأحياء والحوانيت. 

يلجأ بعض التجار إلى تغيير نشاطاتهم، وتنخرط بعض العائلات محدودة الدخل في توفير بعض المواد الاستهلاكية للزبائن

 تتجدّد إطلالة التجارة الموسمية التي تتصل بعادات استهلاكية لمدة ثلاثين يومًا، تختلف عن باقي أيام السنة، حيث يلجأ بعض التجار إلى تغيير نشاطاتهم، وتنخرط بعض العائلات محدودة الدخل في توفير بعض المواد الاستهلاكية للزبائن، كمداخيل إضافية لمواجهة غلاء الأسعار ومصاريف  الشهر وتكاليف عيد الفطر.

واجِهة التّجارة في رمضان

من أهم المهن التي تشهد إقبالًا كبيرًا في الجزائر من طرف الزبائن، صناعة الحلويات والعجائن المختلفة خاصة الزلابية، التي تأخذ شهرة كبيرة في الجزائر وتتربع على عرش صناعة الحلويات، ويقبل عليها الزبائن، وتباع في مختلف المحلات وحتى على ناصية الطرقات.

في الشوارع الكبرى والأحياء الشعبية، عادت بعض المظاهر التي تعيد لشهر رمضان رونقه ورائحته، وعجّت الأسواق ببيع الحلويات التقليدية والعجائن والتوابل، والحشائش وبعض المواد الاستهلاكية التي يكثر الطلب عليها في شهر رمضان، وتستجِيب لطلبات الأسر وتعطي نكهات مختلفة للأطباق التي تزين موائدهم. 

كما تظهر في الشّهر الفضيل عديد المهن المرتبطة برمضان فقط يمتهِنها الشّباب والعائلات والأطفال أيضًا، أهمها صناعة الزلابية، إذ يرى البعض أنها تجارة مربحة في شهر رمضان، خاص وأنها تصحب سهراتهم الرمضانية.
 

حِرف موسِم الصيام

وفي هذا الأمر، لا يختلف البعض في وصف المِهن الرمضانية بـــ "المِهن المناسباتية"، مثل صناعة عصير الشاربات؛ وهو خليط من عصير الليمون والسكر والماء والنعناع، مثلما شرح بائع المواد الغذائية فريد بوطارن بحي قهوة الشرقي بالعاصمة في حديث إلى "الترا جزائر"، مشدِّدًا على أن "هذا النّوع من العصير يرتقي ليكون رقم واحد من المشروبات اللذيذة الأكثر تداولًا في الجزائر في شهر الصيام".

وأضاف المتحدث أن الشّاربات عصير شعبي تقليدي يستهلك كثيرًا في رمضان بلا منازع، إذ تقبل عليه الأسر ويكون حاضرًا في مائدة الإفطار، كما أنّه "لا يُكلِّف كثيرًا مقارنة بالمشروبات الغازية والعصائر المعرُوضة في السُّوق بشكل لافِت في هذا الشهر".

كما تزدهر في رمضان بالجزائر صناعة "خبز الدار" أو المطلوع؛ وهو تجارة مربحة حسب البعض خصوصًا بالنسبة للعائلات الفقيرة التي تسترزق من مداخيله اليومية.

هنا، ذكرت حورية (39 سنة) أنها تصنع هذا النوع من الخبز في البيت على فرن طيني ويتكفل أبناؤها الثلاثة ببيعه في ناصية الشّارع أو السّوق المغطّى بمنطقة الحراش، مُوضِّحة لـ"الترا جزائر" أنها تحترف هذه المهنة منذ فترة طويلة.

في هذا الإطار ذكرت المتحدثة أنها تشتغل أيضًا في بيع العجائن متى تسنى لها صناعتهم في البيت كلّ موسم، بل وتأخذ طلبيات من بعض العائلات عند حاجتهم لذلك في المناسبات كالأعراس والحفلات وفي شهر رمضان خاصة منها الكسكسي ورقائق العجينة أو ما يسمى بـ"الديول".

تساعد هذه الزّوجة زوجها في مصروف البيت من خلال هذه التجارة، كما يتشارك فيها أولادها أيضا للوقوف على تلبية مصروفات الدّراسة، وهي وسيلة تلجأ لها العديد من العائلات في الجزائر خاصة منها الطبقة الفقيرة وذوي الدخل المحدود.

فرصة لمحدودي الدّخل

ويأتي شهر رمضان كلّ سنة ليفتح الباب على بعض العائلات لتجني منه مداخيل تخفف عليهم وطأة شظف العيش، إذ تعكف بعض الأسر على صناعة العجائن المطلوبة كثيرًا في هذه الفترة من السنة، مثل الرّشتة والديول التي تستخدم في تحضير " البوراك" كأكلة شعبية لا تتخلّف عن الحضور يوميًا في مائدة الإفطار.

الملفِت للنظر أن هذا النوع من الخدمات التي تستفيد منها بعض العائلات، يمكن تحضيرها في البيوت من طرف النّساء خصوصًا الماكثات في البيت، إذ تفكِّر نصيرة فروجي وهي متخرّجة من الجامعة في توسيع إنتاج هذه العجائن لتكون مخرجًا لها من أزمة البطالة بعدما أكملت دراساتها العليا.

وكشفت المتحدّثة في حديث إلى "الترا جزائر" أن الفكرة ليست صعبة وتنفيذها يكون عبر استغلال وسائل التّواصل الاجتماعي لإنجاز صفحة خاصّة بإعداد عجائن خلال رمضان وتكون بالتفاهم بين الزبائن والاتفاق بينهم في كميات ومدة التحضير.

فُرصة وتلبية الطّلب

من المشاهد التي يتميّز بها رمضان في الجزائر، تغيير البعض لنشاطاتهم التجارية بمناسبة الشّهر الفضيل، رغم عملية الرقابة والمنع التي تشرف عليها وزارة التجارة، إلا أن العديد من التجار يلجؤون إلى هذه الطريقة أو إضافة نشاط تجاري خاص برمضان بهدف الربح وانتهاز فرصة الإقبال الكبير للعائلات والاستهلاك الواسع عليها في هذه الفترة من السنة.

غير بعيد عن هذه الفِكرة المتجددة خلال شهر رمضان، تتوسّع عملية البيع لبعض المنتجات خلال شهر رمضان واستغلال البعض الأرصفة لترويج سلعهم خصوصًا المتصلة بالاستهلاك اليومي خلال الشهر الفضيل، إذ يبيع البعض الزلابية والقطايف وقلب اللوز في أواني مصنوعة من الألمنيوم، يتم تحضيرها أيضا في البيوت والبيع يتم على ناصية الأسواق الشعبية، ويسهل اقتناؤها من طرف الزبائن.

مشهد مُتكرِّر

بالرّغم من محاربة وزارة التجارة للباعة الفوضَويين، إلا أنّ البعض من "التجار الصغار" وبعض الحرفيين، وحتى فئة البطالين من الشباب لا يكترِثون لمطاردات أعوان الرّقابة والشّرطة، وهو ما يُفسِّر تزايد عدد الباعة غير المرخّص لهم بالنّشاط التّجاري على مستوى مداخل الأسواق وحتى على الأرصفة في الأحياء الشّعبية.

المشاهد التي يلمحها الجزائريون في الأسواق الشعبية وفي عديد الأحياء مع بداية رمضان، تُعطي لهذا الشهر نُكهة خاصة في نظر البعض

هذه المشاهد التي يلمحها الجزائريون في الأسواق الشعبية وفي عديد الأحياء مع بداية رمضان، تُعطي لهذا الشهر نُكهة خاصة في نظر البعض، وصور مختلفة عن سائِر أيام العام، بل يصنَع الاختلاف في التّعاطي مع المناسبة الدّينية من بوابة العرض والطّلب والمنتجات الأكثر إقبالًا واستهلاكًا في رمضان.