19-يناير-2024
البرلمان الجزائري

البرلمان الجزائري (الصورة: سبق برس)

يترقب نواب المجلس الشعبي الوطني في الأيام القادمة الكشف عن النسخة الجديدة للنظام الداخلي للغرفة السفلى للبرلمان، التي ستطرح للمناقشة قبل نهاية كانون الأول/جانفي الجاري، والتي يُأمل منها أن تساهم في ترقية أداء الجهاز التشريعي الذي توجه له عديد الانتقادات خاصة في تبعيته للسلطة التنفيذية.

البرلماني السابق لخضر بن خلاف لـ"الترا جزائر": تعديل النظام الداخلي للمجلس أمر ضروري لأن النظام الحالي بدأ العمل به رسميًا في 2001

وطُرح  موضوع مراجعة القانون الداخلي للمجلس الشعبي الوطني رفقة التشريعات المتعلقة بالقانون الأساسي للنائب وعلاقة البرلمان بالحكومة في أكثر من مرة، بالنظر إلى أن بعضها يعود على ما قبل الألفية عير أن كل المحاولات السابقة قوبلت بالرفض رغم التعديلات الدستورية التي تمت، إلا أن التغيير المنتظر يرتقب أن يصبح واقعا في الدورة الحالية.

27 سنة

كشف رئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي مؤخرًا خلال استضافته في برنامج للتلفزيون الجزائري الحكومي عن مراجعة النظام الداخلي للمجلس قبل نهاية شهر يناير الجاري.

وأوضح بوغالي أن النظام الداخلي الجديد للمجلس الشعبي الوطني "جاهز"، مبينا أن المراجعة تهدف إلى تكييفه مع أحكام دستور نوفمبر 2020، بالنظر إلى أن النظام الداخلي "لم يتم تحيينه منذ سنة 1997".

وقال النائب البرلماني السابق لخضر بن خلاف لـ"الترا جزائر" إن تعديل النظام الداخلي للمجلس أمر ضروري، لأن النظام الحالي بدأ العمل به رسميًا في 2001، وهو نتاج برلمان انتخابات 1997 "المزورة"، مشيرًا إلى أنه بالرغم من تقديم  النواب، وبالخصوص المعارضة مبادرات لمراجعته في سنوات 2002 و2012 و2017، إلا أن ذلك لم يتحقق، حيث باءت كل المحاولات بالفشل بالنظر إلى رفض المقترح من قبل "الأغلبية القادمة إلى قبة البرلمان بانتخابات مزورة وقتها".

وكانت لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات قد عقدت اجتماعا في 18 تشرين الثاني نوفمبر الماضي، خصص للفصل النهائي في أحكام النظام الداخلي للمجلس، وذلك عقب استماعها في 17 تشرين الأول أكتوبر 2023، لعرض تقارير ورشات عمل النظام الداخلي والفصل فيها.

وانقسمت الورشات إلى عدة محاور  تمثلت أساسا في معالجة مسألة الحصانة البرلمانية والانضباط والإخطار، ومعالجة نظام سير الجلسات وجدول أعمال المعارضة، ودراسة آليات الرقابة البرلمانية بما في ذلك البعثات الاستعلامية، بالإضافة إلى دراسة هياكل المجلس ومجموعات الصداقة البرلمانية، ودراسة المواد المتعلقة بميزانية المجلس وإعداد مدونة أخلاقيات مهنة النائب، وجمع التعليمات العامة ضمن أحكام النظام الداخلي للمجلس.

تصحيح

يعتقد البرلماني السابق لخضر بن خلاف أن أهم جانب  في عملية المراجعة هو تصحيح الأخطاء والثغرات الموجودة في النظام الداخلي الحالي للمجلس الشعبي الوطني الذي استغل في السنوات الماضية من طرف الأغلبية البرلمانية لأهداف مصلحية، حيث لم يراع فيه العمل النيابي وتحوّلت مهمة النواب من تشريعية إلى وظيفية تنفذ تعليمات فوقية بعيدا عن التزامات النائب المحلية والوطنية.

وشدد بن خلاف على ضرورة معالجة النظام الداخلي المرتقب  للثغرات الموجودة في النسخة الحالية، وذلك بالاستجابة لتطلعات النواب، وفق ما حدده دستور 2020 الذي أعطى للمعارضة حق الاقتراح  في جدول الأعمال، إضافة إلى ضرورة مراجعة طريقة توزيع المهام والهياكل التي أصبحت تتم بطرقة مخيبة وبالخصوص منذ 2017  لما تم تغيير احتساب احتساب الهياكل.

وأشار بن خلاف إلى أهمية معالجة النظام الداخلي لقضية مهمة النائب وعلاقة البرلمان بالحكومة التي ظلت لسنوات غير مطبقة على أرض الوقع، إضافة إلى ضرورة تحديد طبيعة العمل التشريعي للنائب محليا ووطنيتا، والتطرق إلى أهمية التزام الوزراء بالرد على أسئلة النواب في 30 يوما على أكثر تقدير وفق ما ينص عليه القانون، وكذا تمكين النائب من التعقيب الأخير في جلسة الأسئلة الشفوية.

ويعتقد بن خلاف أنه من الضرورة أيضا أن يتضمن القانون الداخلي الآليات الكفيلة بمشاركة المعارضة في الدبلوماسية البرلمانية، للابتعاد عن كل ما يقيد العمل النيابي، خدمة للهيئة التشريعية.

 ويتوقع بن خلاف أن يتضمن النظام الداخلي الجديد تأكيد الإجراءات الجديدة المتعلقة بالحصانة البرلمانية التي وردت في دستور 2020.

بداية

أشار ابراهيم بوغالي في تصريحه للتلفزيون الحكومي أن المصادقة على النظام الداخلي ستكون بداية لفتح ملفات أخرى تهم الغرفة السفلى للبرلمان، ومنها "مراجعة القانون الأساسي للنائب وإعادة النظر في منح النواب التي لم تراجع منذ سنة 2004".

وينتظر أن تنعكس مراجعة القانون الأساسي على أجور النواب التي كثيرًا ما تشكل جدلًا في الجزائر، بالنظر إلى أن البعض يعتقدون أنها مرتفعة ومبالغ فيها مقارنة بالعمل المقدم من قبل البرلمانيين.

لكن النائب السابق لخضر بن خلاف نبه في تصريحه لـ "الترا جزائر" إلى أن الحديث الذي أثير في السنوات الماضية حول أجور النواب كان مفتعلًا ومبالغًا فيه في كثير من المرات، مذكرا أنه لما تحدث الوزير الأول السابق أحمد أويحيى المدان بالحبس في قضايا فساد عن تلقي النواب راتب 40 مليون سنتيم لم يكن  النواب يتقاضون وقتها أكثر من 12 مليون سنتيم، قبل أن ترتفع اليوم إلى 25 مليون سنتيم.

 وأشار بن خلاف إلى أن الأغلبية التي كانت وقتها رهينة في يد الجهاز التنفيذي لم تستطع تفنيد تلك الافتراءات، لافتا في الوقت ذاته إلى انه حتى في تلك الفترة كان يوجد بالبرلمان نواب نزهاء بعيدون عن الفساد يستحقون الراتب الذي كانوا يتقاضونه.

يتوقع بن خلاف أن يتضمن النظام الداخلي الجديد تأكيد الإجراءات الجديدة المتعلقة بالحصانة البرلمانية التي وردت في دستور 2020

وفي انتظار ما سيحمله النظام الداخلي الجديد للمجلس الشعبي الوطني بشأن ترقية العمل التشريعي في البلاد، يرى رئيس الغرفة السفلى للبرلمان إبراهيم بوغالي أن العهد البرلمانية الحالية تستحق الإشادة، فقد تقدم نوابها بـ37 مقترح قانون، رفع 26 منها إلى الحكومة المطالبة اليوم بالنظر إلى هذه المقترحات على أنها إضافة وعمل مكمل لعملها حتى وإن كان مصدرها المعارضة.