13-مارس-2024
نورالدين بشكري

الفنان نورالدين بشكري (الصورة: فيسبوك)

قسنطينة التاريخية والعريقة وعاصمة الجسور المعلقة، هذه المدينة التي تعدّ إحدى أقدم المدن في العالم، أنجبت شخصيات فذّة في السياسة والرياضة والثقافة أيضًا، أحدها اسم لامعٌ في الساحة الفنية بالجزائر إنّه، نورالدين بشكري، أو المعروف عند الجزائريين بـ"السايح البوسطاجي".

نور الدين بشكري أو "السايح البوسطاجي" سجل مشاركاته بأحرف من ذهب في مسرحيات أنتجها مسرح قسنطينة الجهوي

السايح البوسطاجي (ساعي البريد) اسم بارز في الفن الرابع بالمدينة وبالجزائر بصورة عامة، ارتبط اسمه بمسرح قسنطينة الجهوي وبمحطة التلفزيون لقسنطينة، التي كانت وراء إنتاج أعمال كوميدية مختلفة خلدّته ومنحته شهرة واسعة مثل "ماني ماني" و"أعصاب وأوتار" و"ريح تور" و"كبش العيد".. وغيرها من الأعمال التي قدمت في رمضان وجمعت العائلات الجزائرية على شاشة واحدة هي "التلفزيون الجزائري".

"السايح البوسطاجي" هذا اللقب الذي أصبح لصيقًا به في الوسط الفني وفي المجتمع، جاء من مشاركته في "أعصاب وأوتار" لمحمد حازورلي، السلسلة التي ارتبطت بفترة التسعينيات من القرن الماضي، وعالجت هموم المواطن وكانت قريبة منه تُصوّر آماله وآلامه معًا في قالب فكاهي عبقري.

في شارة سلسلة "ماني ماني" التي أدّاها أبطالها يغنون "إهيه ماني ماني.. وعلى السايح البوسطاجي لي يكشف أسرار الغاشي"، وعلى ضوئها كان دوره في هذا العمل تجسيد لشخصية ومهنة "ساعي البريد"، الذي يعدّ حبيب وصديق المواطن، يملك أسراره في تلك الرسائل التي تصله، لذلك أصبح قريبًا منه ومحبوبًا لديهم..ما يعكس أيضًا عقلية المواطن وطريقة تفكيره ونمط حياته.

ومقابل، ذلك مسيرة نورالدين بشكري، لم تبدأ من هذه الأعمال التي حققت نجاحًا ملفتًا لا يزال صداه وأثره بارزين إلى اليوم، بل تعود إلى سنوات الطفولة وتحديدًا إلى سنوات السبعينيات من القرن الماضي، حيث التحق بالمسرح كهاو، ثم انضم إلى فرقة "مسرح العالم الصغير" المخصصة للأطفال، فأدى عدّة أدوار في ثلة من المسرحيات ولعل أبرزها دوره "نونو" في تعاون جميل جمعه بالراحل عبد الرزاق عياد... وهنا بدأت انطلاقته الفعلية في عالم الفن الرابع بالجزائر وبمدينته قسنطينة.

نورالدين بشكري

وسجل مشاركاته بأحرف من ذهب في مسرحيات أنتجها مسرح قسنطينة الجهوي، على غرار "هذا يجيب هذا" و"ريح السمسار"، و"حسناء وحسان"..إلخ، فتألق وأبدع في الشخصيات التي تقمصها ولفت انتباه الجمهور إليه ولأدائه المتميز، فصار أحد الوجوه التي يحب الجمهور ظهورها على الخشبة. كما تعاون ورافق ثلة من قامات الفن في الجزائر على غرار سيد أحمد أقومي خاصة في بداياته الأولى في الفن الرابع.

نورالدين بشكري

وإلى جانب المسرح، كانت تألقه بارزًا في التنشيط الإذاعي أيضا، فحجز مكانته في هذا المجال وترك بصمته في عديد البرامج المسابقاتية أبرزها "مسابقة رمضان"، "دوقا دوقا"،  بينما حضوره التلفزيوني على صعيد التمثيل فخلده في مسلسل "ابن باديس"، وسلسلة "أعصاب وأوتار"، "عيسى سطوري"، "ماني ماني"، "ريح تور"، "عيسى سطوري"، "الريح في الشبك"، "كبش العيد"، "الكسوف"، الكاميرا الخفية " قصرة " للمخرج عزيز شولاح، سيت كوم "إسعافكم" .. وغيرها، إضافة إلى فيلم سينمائي تاريخي حول شخصية البطل مصطفى بن بولعيد.

نورالدين بشكري

وإلى جانب عشقه الفني التمثيل على الخشبة وعلى شاشة التلفزيون والسينما،  تقلد نورالدين بشكري مناصب إدارية بالمسرح الجهوي قسنطينة، حيث ترأس الدائرة التقنية والفنية، وتقلد إدارة مسرح الهواء الطلق محمد وشن لمدة 3 سنوات، كما ساهم في تكوين فرق فنية بمدينته قسنطينة مثل فرقة "بهاليل" التي أسسها رفقة حسان بن زراري وصالح عجابي.

نورالدين بشكري، الفنان المتواضع الذي كسب قلوب الجزائريين بأدواره الجميلة والهادفة، عمل على إسعاد الناس (الجزائريين) زمن العشرية السوداء، رفقة ثلة من الممثلين الآخرين في شرق وغرب ووسط وجنوب البلاد مثل رشيد زيغمي، حسان بن زراري، حمزة فيغولي، مصطفة هيمون، حزيم وحميد، ثلاثي الأمجاد، عنتر هلال، علاوة زرماني، فاطمة حليلو، صالح أوقروت، كمال بوعكاز... وآخرين، كما سعى من أجل حلمه التأسيس لمسرح الطفل "مسرح العالم الصغير" وإعادة بعثه في الشرق الجزائري،  وهي الفكرة التي راودته منذ عدّة سنوات، خاصة لكونه تربى في كنف أبو الفنون، وهذا من أجل غرس ثقافة المسرح وقيم الخير ورسائل المسرح الهادفة في نفوس وروح الأطفال.