01-سبتمبر-2019

حسين جمعان/ السودان

لا يستطيع قطاع واسع من المحسوبين على النخب الثقافية، أن يقنعوا الآخرين بأنّهم لا يعانون من مرض تضحّم الذات وتشرّب الرّوح الأنانية، فوق الجرعة المسموح بها إنسانيّا.

إنّه من غير المعقول أن يمرّ عام بأيّامه ولياليه، وأنت غارق في تسويق نفسك وما يتعلّق بها

وهم إن أنكروا، كذّبتهم سلوكاتهم الواعية وغير الواعية في الواقع والمواقع.

اقرأ/ي أيضًا: مثقّفون جزائريّون يدعون إلى فتح الحدود مع المغرب

من ذلك في فيسبوك، على سبيل المثال، أنهم لا يتنازلون في بروفايلاتهم في أيّام محدودة خلال 365 يومًا، على صورهم الشخصية لصالح غيرهم. كأن يكون شخصًا ناجحًا أو راحلًا أو حيوانًا مهدّدًا بالانقراض أو مشهدًا لطبيعة منتهكة.

قد يكون التشبّث بالصّورة الشّخصية متفهّمًا، من باب كونها شخصيّة، فما بالهم لا يفعلون ذلك في المساحة المخصّصة للغلاف؟ وإذا أجزنا إلحاق صورة الغلاف بالبعد الشّخصي، فما بالهم لا يفعلونها في المنشورات العادية؟

إنّه من غير المعقول أن يمرّ عام بأيّامه ولياليه وأسابيعه وشهوره، وأنت (أنا) غارق في تسويق نفسك وما يتعلّق بها، ولا أتحدّث عن الابتذال في طرق ولغة التسويق أحيانًا، من غير الالتفات إلى كائنات أخرى جديرة بالتفاتك، الذي هو من صميم هوّيتك الثقافيّة.

بل إنّ البعض لا يظهر، في تفاعله مع الآخرين، إلا إذا ذكر اسمه أو أحد من شلّته. فإذا لم يحصل ذلك مرّ على كلّ جميل وجليل مرور اللّئام (علينا مراجعة استعمالنا لعبارة مرور الكلام، فمرورهم خير ولطف وبركة).

التقط أحد الشّباب في الحومة صورًا لمثقفين، خلال المسيرات الشّعبيّة، وأرسلها لي في الخاص مرفوقة بهذا السؤال: لماذا اكتفوا بتصوير أنفسهم، ولم يلتقطوا مشاهد لفعل يقولون إنّهم يؤمنون به؟

يُتاح لبعض المثقفين السّفر إلى بقاع رائعة في الداخل والخارج، فيعودون منها بصور لا تظهر فيها إلا أجسادهم

في السّياق، يتاح لبعض المثقفين السّفر إلى بقاع رائعة في الداخل والخارج، فيعودون منها بصور لا تظهر فيها إلا أجسادهم. ولولا ذكرهم لاسم المكان لما عرفناه.

 

اقرأ/ي أيضًا:

المثقّف هو ضحيّة واقعه أيضًا

خاطرتان عن الحراك و"الكان"