02-أبريل-2023
مسلسل الدامة

(الصورة: فيسبوك)

إن كان جدلُ ظهور اسم حركة "الماك" الانفصالية في إحدى حلقات مسلسل الدامة، الذي يبثه التلفزيون العمومي قد حُسم فيه، بعد أن أوضح التلفزيون الجزائري أن "سبب ظهور تلك الكتابات يعود إلى عدم التركيز"، فإن الجدل الأكبر بخصوص المسلسل لا يزال مستمرًا مع توالي حلقاته، على منصات التواصل الاجتماعي.

كاتبة سيناريو "الدامة": لا تتسرّعوا..، العمل يحمل مفاجآت كبيرة في قادم الأيام

ويطرح مثقفون وفنانون وناشطون سؤالًا واحدًا حول تمثيل هذا الإنتاج الرمضاني للواقع الجزائري، خاصة وأنه يحطّم أرقام المشاهدات عبر يوتيوب.

دراما الواقع

يرى يوسف مهدي أن "الدراما سُمِيت كذلك لاختلاط الواقع فيها بتعابير الواقع الممزوج بالخيال، ولا تعكس الدراما الواقع كما هو، فلا داعي للتجني، لأنه لو كان غير ذلك لكانت سينما الواقع، وتبقى حقيقة وجود الكتابة بدلالاتها السلبية قابلة للتحقيق".

من جهته، كتب مهدي أيت قاسي: "ليس لأن المسلسل تم تصويره في باب الواد معناه أنه يحكي على ما يحدث في باب الواد، المسلسل يروي الواقع الذي نعيشه اليوم، ومثلما تم تصويره في باب الواد كان بالإمكان تصويره في أي بقعة من الوطن".

وأضاف: "أريد فقط أن أذكّر الذين يقولون إن المسلسل لا علاقة له بالواقع بحادثة طعن الأستاذة من طرف تلميذها، وهذا مجرد مثال صغير".

وختم آيت قاسي بالقول: "المواضيع التي يعالجها السيناريو نعلمُ أنها موجودة في مجتمعنا، على الناس أن يفهموا أن هذا مجرد مُسلسل".

من جانبه، قال الصحفي إلياس نجيمي: "لمن يقول إن الدراما لا يتوجّب عليها تقديم الواقع بتفاصيله، الدراما أيضا لا يجب أن تتورّط في تقديم صورة مثالية عن واقع لا تنتمي إليه".

بدورها، قالت المحامية نبيلة سماعيل إنها تدعو "الناس الذي يقولون أن المسلسل لا علاقة له بالواقع إلى زيارة محاكم الجمهورية كل يوم ثلاثاء على 13:30 عند قاضي الأحداث لأخذ فكرة عن الواقع".

بينما كتب بن ساعد محمد نصر الدين حول جدلية الفن والواقع: "علاقة الفن والواقع ليست علاقة انعكاسية تطابقيّة، بل هي علاقة. قائمة على الحركة، الواقع يستفز الفن فيحركه، الفن يتحرك فيُحرك الواقع ويُوسّعه لاستيعاب المتناقضات".

وفي ذات النهج، تساءلت الصفحة الشهيرة "دريار شاك" قائلة: "هل الظواهر التي طرحها المخرج يحي مزاحم في فيلمه مزيفة أم حقيقة؟"، وواصلت: "الأفلام والمسلسلات تطرح الظواهر وتقوم بإسقاط الواقع على ممثلين وديكور لإخراج فيلم يظهر الحقيقة، ولكن ليس "يحي مزاحم" من سيعالج قضايا المخدرات والغـدر وبيع القطع الأثرية، بل السلطات والدوائر الأمنية والإرادة السياسية والاجتماعية".

وأضافت: "هل ما نشاهده في "الدامة" ليس واقعنا في كل حي بالجزائر الوطن وليس العاصمة، دعونا من فكرة المدينة الفاضلة، التي نعيش كذبتها في المواقع واقعنا يقول: سيدي سالم، الحراش، باب الواد، بلكور، قمبيطة، الدرب، العقيد لطفي، بلاطو، باش جراح، لمارشي الكبير، بعض سكيكدة والشلف وباتنة وورقلة وبشار المدينة الجديدة على منجلي وورقلة تعيش كلها "الدامة "إلا من رحم ربي".

رأي مُخالف

من جهة أخرى، نشر الإعلامي أسامة وحيد شريطًا متداولًا لأحد أبناء باب الواد الرافضين للمسلسل قائلًا: "أحسن رد على رهط "الدامة" من طرف أصيل من باب الواد، حيث القضية أعمق والمعركة أبعد من التمثيل بمفهومه السينمائي إلى "التمثيل" بأحياء وشوارع عريقة، ارتبط وجودها بالتاريخ والبطولات فأريد لها أن تتحول إلى جثث مُمَثّلٍ بها في لعبة التشويه والمسخ ولعبة و"الدامة" والدوامة".

وتابع: "هدفهم، استهداف العراقة أينما كانت ومسخها والتمثيل بها ليسهل بعدها التمثيل بكل القيم".

ويُشاطره الحقوقي عبد الرحمن صالح مدوّنًا: "تابعت منه ثلاث حلقات على اليوتيوب، ركز المسلسل على حي باب الواد وكأنه لا يعيش فيه سوى المسحوقين، تجار "الكاشي" والممنوعات، غاب عن الحلقات ولا أعرف إن كان الأمر كذلك لبقية الحلقات الإشارة ولو بأدوار ثانوية لأشخاص ناجحين، لأثرياء، للإمام وأستاذ المدرسة".

وأردف: "حي باب الواد الذي قدم إطارات ووزراء وولاة وضباط وقضاة ومحامين وأئمة أكبر من أن يتم اختزاله في علام أو رضا أو صليحة".

رقابة ودفاع

وفور تفاعل الناشطين على المنصات الاجتماعية مع مشهد الجدار الذي يظهر في الحلقة الأولى من "الدامة"، مكتوب عليه اسمح الحركة الانفصالية "الماك"، سارعت سلطة ضبط السمعي البصري إلى توجيه استفسار للتلفزيون العمومي تطلب من إدارته تقديم "توضيحات" بشأنه.

كما وصل الجدل إلى تقديم نائب بالبرلمان استجوابًا لوزير الاتصال، مطالبًا بـ"الضرب بيد من حديد لكل من يمس بهويتنا وعاداتنا وتقاليدنا."

ووفقه فإنه "هناك مبالغة كبيرة في الحبكة الدرامية، واستخدام أبطال الأعمال الرمضانية للمخدرات وكلهم من المنحرفين."

ولفت النائب عن حركة "حمس" إلى أن مسلسل "الدامة" يروّج لـ"المخدرات وكل أنواع المهلوسات". كما يسيء إلى الحجاب، وفقه.

ودافع مخرج مسلسل "الدامة"، يحيى مزاحم، عن عمله الرمضاني، بعد ما وصفه بـ"حملة الانتقادات"، إثر ظهور كتابات حائطية في أحد المشاهد."

وقال مزاحم في برنامج خاص عبر التلفزيون العمومي إنّ "الكلمات التي كتبت على الحائط شبيهة برمز حركة "الماك" الانفصالية"، موضحًا أن "الأمر لا يستحق كل هذا الحديث."

وبدورها، كاتبة سيناريو "الدامة" سارة برتيمة أكدت بأن "الدراما الاجتماعية يمكن أن تقع في أي مكان سواءً في حي شعبي أو حيّ راق، وكل شخص معرض لهذه الظاهرة (تقصد موضوع المخدرات)."

وختمت برتمية، بأن "هناك تطورات في الشخصيات والأحداث، والعمل يحمل مفاجآت كبيرة في قادم الأيام."