28-أبريل-2022
في أحد الأسواق بالعاصمة (تصوير: بلال بن سالم/Getty)

تعج الأسواق والمحلات في الجزائر ، قبل أقل من أسبوع على نهاية شهر رمضان، بالزبائن الباحثين عن ألبسة رغم وجود إجماع على غلائها هذه السنة مقارنة بالسنوات الماضية، وهو ما أثقل كاهل العائلات التي تعاني هذه السنة من ارتفاع مصاريفها بسبب غلاء أسعار مختلف السلع ذات الاستهلاك الواسع،وفي مقدمتها المواد الغذائية.

وصلت موجة الارتفاع في الأسعار التي تعرفها الجزائر في الأشهر الأخيرة إلى قطاع النسيج والملابس

ورغم التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر على الجزائريين كل سنة، إلا أنها لا زالت إلى اليوم تحافظ على عادة ضرورة شراء لباس جديد لمناسبة عيد الفطر، وبالخصوص للأطفال، بعد أن أدى تراجع القدرة الشرائية للجزائريين إلى تخلي الكبار عن هذه العادة في السنوات الأخيرة مرغمين لا مخيرين.

وفرة المنتجات؟

يتفق كل من تحدثوا لـ" الترا جزائر" أن السوق الجزائرية تتوفر هذا العام على وفرة في المنتوج الخاص بألبسة الأطفال، مقارنة بالسنتين الماضيتين اللتين شهدتا نقصًا واضحًا في الكمية والنوعية، مثلما يؤكد الثلاثيني عبد الله لـ" الترا جزائر".

من جهته، يرجع  مسؤول الإعلام بالمنظمة الجزائرية للدفاع عن المستهلك سفيان الواسع هذه الوفرة إلى رفع الإغلاق والقيود التي فرضتها جائحة كورونا في مختلف دول العالم، فقد ساعد فتح الجزائر لمجالها الجوي وفي عدة دول أخرى إلى دخول منتوجًا جديدًا من ألبسة الأطفال إلى البلاد، بالنظر إلى أن معظم المنتوج الموجود بالجزائر هو مستورد في غالبه من أسيا وفي مقدمتها الصين، إضافة إلى تركيا.

غير أن الشاب ثابت وهو صاحب محل لبيع ألبسة الأطفال اشتكى في حديثه لـ" الترا جزائر" من نقص المنتوج، خاصة في الأسبوع الأول من رمضان والأيام الأخيرة من شهر شعبان، حتى وإن أقر أن هذا النقص لا يقارن بذلك المسجل في السنتين الماضيتين.

وأدت الإجراءات التي اتخذتها وزارة التجارة بالتعاون مع مصالح البنوك والجمارك بشأن تحيين السجلات التجارية خاصة شهادة احترام النشاط إلى حصر استيراد الألبسة في المستوردين والتجار الذين يحوزون على تراخيص لاستيراد ألبسة الأطفال، على عكس ما كان يتم سابقًا حينما كان بعض المستوردين يجلبون سلعًا خارج نشاطهم ومنها الألبسة، خاصة في مثل هذه المناسبات.

وقال الأمين الوطني للاتحاد العام للتجار الجزائريين والحرفيين عصام برديسي لصحيفة "الشروق" الخاصة إن 70 بالمائة من ألبسة العيد في الأسواق الجزائرية غير جديدة، وهي من مخزون السنة الفارطة، بالنظر إلى قرار وزارة التجارة المتعلق بتشديد إجراءات استيراد الملابس.

ولكن متابعين لنشاط الأسواق وتجار الألبسة في الجزائر يؤكدون توفر الألبسة من حيث الكمية على الأقل، لأنه رغم الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة في مجال تقليص الاستيراد يبقى للتهريب عبر تجار الشنطة دورًا في تزويد السوق الجزائرية بالكميات اللازمة من اللباس.

التهاب الأسعار

وصلت موجة الارتفاع في الأسعار التي تعرفها الجزائر في الأشهر الأخيرة إلى قطاع النسيج والملابس، وهو ما تظهره الأثمان المرتفعة لألبسة الأطفال قبل أيام معدودات من  حلول عيد الفطر.

وقال مسؤول الإعلام بالمنظمة الجزائرية للدفاع عن المستهلك سفيان الواسع إن منظمته لاحظت ارتفاعًا واضحًا في أسعار ألبسة العيد مقارنة بالسنوات الماضية، حيث وصلت تكلفة شراء لباس عادي مكون من سروال وقميص وحذاء  أو فستان للأطفال (بنات وذكور) الذين تتراوح أعمارهم من  6 سنوات إلى 14 سنة إلى أكثر من 10 آلاف دينار، وهي أسعار لا تتناسب مع القدرة الشرائية للجزائريين خاصة الطبقة المتوسطة.

وأرجع الواسع هذا الارتفاع إلى الزيادة القياسية التي عرفتها تكاليف الشحن على المستوى العالمي بعد جائحة كورنا، والذي انعكس على أسعار المواد المستوردة بما أن أغلب المنتجات النسيجية المعروض في السوق الجزائرية مصنوعة في الخارج، في ظل ضعف المنتوج الجزائري ومحدوديته وعدم الترويج لها كما يجب.

وفي غياب هيئة رسمية أو علمية تتابع مؤشرات ارتفاع أسعار ألبسة الأطفال في الجزائر، تبقى الإحصاءات المقدمة من قبل التجار أو منظمات حماية المستهلك  بخصوص نسبة الارتفاع تترواح بين 30 إلى 50 في المائة مقارنة بالعام الماضي.

حيل تجارية

وبالنظر إلى هذا الارتفاع المسجل في ألبسة العيد، والذي يتكرر كل شهر رمضان،  أكد عديد التجار لـ"الترا جزائر"  أن الكثير من الأسر أصبحت تقتني ألبسة العيد قبل حلول شهر الصيام، بالنظر إلى أن الأسعار تكون منخفضة في تلك الفترة بسبب نقص الطلب.

أما سفيان الواسع فينصح المواطنين في حال ما لم يقتنوا ملابس العيد قبل حلول رمضان، باقتنائها في الأيام الأخيرة من الشهر الفضيل لأن التجار يضطرون إلى تخفيض الأسعار مقارنة ببداية الشهر، كون أن تلك الأيام اعد آخر فرصة لبيع سلعهم بأسعار مرتفعة مقارنة بباقي أيام السنة.

وبعيدًا عن غلاء المحلات وزحمتها، أصبحت الكثير من العائلات تلجأ إلى الإنترنيت لاقتناء ألبسة العيد، خاصة وأن تجربة عامي كورونا ساهمت في توجه الجزائريين للتجارة الإلكترونية رغم كل المشاكل التي لا تزال تعيق هذا النشاط الاقتصادي في البلاد.

أصبحت الكثير من العائلات تلجأ إلى الإنترنيت لاقتناء ألبسة العيد، خاصة وأن تجربة عامي كورونا ساهمت في توجه الجزائريين للتجارة الإلكترونية

وإذا كان حرص وسعي العائلات لشراء لباس العيد لأطفالهم مشروعًا ومفهومًا حتى في ظل تراجع القدرة الشرائية للعائلات، إلا أنه يجب أن يرفق هذا بحرص آخر يتعلق بضرورة تكريس أخلاق التضامن والتآزر، فالعيد ليس لمن لبس الجديد إنما لمن طاعته تزيد.