03-أغسطس-2020

شهدت أسواق الماشية في الجزائر تراجعًا بسبب أزمة كورونا (تصوير: رياض كرامدي/أ.ف.ب)

أدى قرار الحكومة المتعلق بغلق أسواق الماشية في معظم الولايات بالكثير من التجار والموالين إلى البحث عن طرق جديدة لتسويق ماشيتهم، خاصة مع تراجع الطلب بسبب جائحة كورونا، وذلك بالاستنجاد بمواقع التواصل الاجتماعي، لتدخل بذلك كباش العيد هي الأخرى مجال التجارة الإلكترونية بطابعها الجزائري.

لم يقتصر قرار الغلق على أسواق الماشية الأسبوعية فقط، وإنما امتدّ للأسواق الموازية للماشية

ويظهر أن السلوكيات الجديدة التي أحدثتها جائحة كورونا في حياة الجزائريين في عديد المجالات، وصلت حتى العادات التي عاشوا بها لعشرات السنوات، فبسبب هذا الوباء قرّر كثيرون التخلي عن تقليد الذهاب إلى أسواق الماشية، وشراء كبش العيد وتفضيل استعمال الحلول التي توفرها الشبكة العنكبوتية.

اقرأ/ي أيضًا: عيد الأضحى.. جزائريون تنازلوا عن شراء الأضحية رغم انخفاض أسعارها

قرار وحاجة

مع بداية الشهر الماضي، فعّلت السلطات المحلية في عدة ولايات قرار غلق أسواق الماشية، الأمر الذي صعّب على المواطنين والتجار والموالين على حد سواء بيع أو شراء الأضحية، خاصّة وأن القرار جاء قبل أسابيع معدودة من حلول العيد.

وبسبب وباء كورونا، لم يقتصر قرار الغلق على أسواق الماشية الأسبوعية فقط، إنما شدّدت السلطات إجراءاتها أيضًا بالنسبة للأسواق الموازية للماشية، التي كان يتم التغاضي عنها رغم عدم الترخيص لنشاطها.

وحدّدت السلطات المحلية نقاط بيع محددة لبيع أضحية العيد، تقول إنها تضمن التباعد الاجتماعي وتقلل من خطر الإصابة بفيروس كورنا، غير أن هذا الإجراء لم يستطع تعويض الأسواق المغلقة، بسبب غياب نقاط البيع في بعض البلديات، وقرار تقييد حركة تجارة الماشية بين الولايات الذي اتخذته الحكومة.

ووضعت هذه القوانين المواطنين في مهمة صعبة للحصول على أضحية للقيام بشعائرهم الدينية، وكذا الموالين الذين اشتكوا تراجع مداخليهم وتكبدهم لخسائر لم يشهدوها سابقًا، بالنظر إلى أن قلة الطلب لم تسجل خلال فترة عيد الأضحى فقط، إنما بدأت في الأشهر الماضية جراء غلق المطاعم وتوقف الدراسة في الجامعات والمؤسسات التربية ومنع إقامة الأعراس، وهي مشاكل اتحدت كلها لتصب ضد مصلحة مربيي المواشي، مثلما يقول أحد الموالين لـ "الترا جزائر".

 واكتفى أغلب الموالين خاصّة الصغار منهم في تسويق ماشيتهم على زبائن المنطقة التي يقطنون بها، أو على التجار الذين قد يقصدونهم لاقتناء الأغنام مباشرة من المربين في ظل غياب نقاط بيع كافية أو انعدامها في بعض الولايات، غير أن هذا الوضع جعلهم يقبلون مضطرين بالأسعار التي يفرضها السماسرة من التجار الذين يشترون المواشي بأقل الأثمان، والتي قد لا تغطي في بعض الأحيان التكاليف من أعلاف وأدوية وجهد بدني، ويبيعونها للمواطنين بأسعار ملتهبة.

سوق جديدة

أمام هذا الوضع الذي فرضته جائحة كورنا، اهتدى بعض الموالين والتجار للبحث عن طرق جديدة لتسويق ماشيتهم،خاصة في هذه المناسبة الدينية التي قد تعوضهم عن خسائر الأشهر الماضية، وذلك بالاستنجاد بمواقع التواصل الاجتماعي، لعرض كباشهم على أوسع نطاق.

ومكنت هذه الطريقة الافتراضية بعض الموالين من بيع جميع الكباش التي بحوزتهم قبل أيام من حلول عيد الأضحى، بسبب قلة العرض في بعض الولايات، خاصة وأن ركود السوق هذا العام لم يكن يشجع على خوض تجارة بيع أضاحي العيد، كما كان الأمر في السنوات الماضية حتى وإن كانت الأسعار مرتفعة في بعض الولايات.

وشهد موقع فايسبوك في الأيام الأخيرة إنشاء عدة صفحات جديدة مختصة في بيع المواشي، إضافة إلى نشر موالين وتجارًا أرقامهم الهاتفية وصورًا وفيديوهات لماشيتهم عبر هذه المنصات للترويج للأضاحي وبيعها، والتفاوض مع من يرغب في اقتنائها.

عروض متنوعة

يحرص أصحاب المنصات الافتراضية لبيع كباش العيد على استعمال مختلف الطرق لجلب زبائنهم، خاصة في هذه الظروف التي فرضتها جائحة كورونا بتراجع الطلب جراء انخفاض القدرة الشرائية، بسبب فقد الكثير من العمال لمصادر رزقهم، وكذا أزمة السيولة التي تحول على حصول الموظفين على رواتبهم.

وأبرز ما يركز عليه أصحاب هذه الصفحات هو تحديد نوعية الكباش المعروضة للبيع، فعلى سبيل المثال صفحة "بيع كباش العيد والأفراح سطاوالي" تحرص على الترويج أن ماشيتها من سلالة مواشي ولاية الجلفة، وربيت في مزارعها الخاصة الموجودة بسطوالي، إضافة إلى عروض أخرى تتعلق بـ كبش أولاد جلال ذائع الصيت وطنيًا بنوعيته المميزة.

وفي مجموعة "تربية المواشي وكل ما يتعلق بالفلاح والموال الجزائري 48 ولاية" التي تضم أكثر من نصف مليون عضو، يتم عرض كل أنواع الماشية التي تجوز دينيًا لأداء أضحية العيد، فعلى خلاف باقي الصفحات، تعرض على سبيل المثل نعاجًا للبيع لمحدودي الدخل، والذين قد لا تسمح إمكاناتهم بشراء أضحية كبش وبمختلف الأسعار.

ويتّضح من الماشية المعروضة على مواقع التواصل الاجتماعي، أن الأسعار تختلف من ولاية أخرى، حيث يمكن أن تقلّ عن 30 ألف دينار في الولايات الداخلية خاصّة السهبية والصحراوية المعروفة بتربيتها للأغنام، أما المدن الكبرى فتكون فيها الأسعار مرتفعة لتتجاوز غالبًا 35 ألف دينار للكبش.

صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تقدم نصائح ومعلومات من مربين حول طرق الاعتناء بالماشية وأنواعها

والأكيد أن السلوك الجديد الذي أحدثته أزمة كورنا في تجارة الماشية ستؤسس إلى ثقافة جديدة بمجال الأغنام والموالين، بالنظر إلى أن هذه الصفحات تقدم نصائح ومعلومات من مربين حول طرق الاعتناء بالماشية وأنواعها ومداواة أمراضها، والترويج للأسواق المعروفة بتجارتها، لكن يبقى الأهم  لاقتناء أضحية العيد، التأكد من سلامة ما اشتروه وضرورة خضوعها للمعاينة البيطرية، وكذا أن تتم في ظروف تحترم إجراءات التباعد الاجتماعي والوقاية من فيروس كورونا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

فتوى بتفادي الزيارات العائلية أيام العيد

كورونا.. إصدار فتوى رسمية بعدم جواز فتح المساجد في الوقت الراهن