16-فبراير-2024
أحد الأسواق الجزائرية (حسين زوورار/أ.ف.ب)

أحد الأسواق الجزائرية (حسين زوورار/أ.ف.ب)

يبدو أن مسؤولي وإطارات وزارة التجارة وترقية الصادرات، قد دخلوا في سباق مع الزمن، هذه المرة قبل 45 يومًا من الشهر الفضيل، لضمان تموين السوق الجزائرية بكافة المواد واسعة الاستهلاك خلال رمضان، الذي لم تعد تفصلنا عنه إلا بضعة أيام، حيث بدأت التحضيرات هذه المرة بداية من 25 جانفي/ يناير 2024.

تعمل الوزارة منذ أسابيع على محاولة إغراق السوق بكافة المواد التي يحتاجها الجزائريون خلال الشهر الفضيل

وتسارع الوزارة منذ ذلك الوقت لاتخاذ قرارات متتالية، من خلال مراجعة إجراءات الاستيراد وتخفيفها فيما يتعلق بالمواد التي تطلبها العائلات الجزائرية بقوة.

ويخوض وزير التجارة الطيب زيتوني امتحانًا صعبًا خلال شهر رمضان، وسيطون مطالًا بضمان الوفرة والسعر المعقول للمواد الأكثر طلبًا من طرف الجزائريين، وسيكون ذلك للمرة الأولى خلال الشهر الفضيل، الذي لطالما شهد في السنوات الماضية تذبذبات في التموين بسبب تضاعف الطلب أو ما يسمى ب"لهفة المواطنين"، التي تمس مختلف المواد الغذائية وجشع التجار وسعيهم إلى رفع الأسعار والمضاربة التي يتسبب فيها بعض الوسطاء.

وفي حال فشل وزير التجار في الامتحان سيتعرض مثل سابقيه لانتقادات واسعة، الأمر الذي يجعله اليوم يعمل على قدم وساق لضمان رمضان استثناي بلا زيادات ولا مضاربة ولا ندرة، فهل سينجح في ذلك؟

إجراءات جديدة

اتخذت وزارة التجارة وترقية الصادرات إجراءات استعجالية لإعادة تنظيم الاستيراد وضبط العملية بشكل أكثر دقة قبل شهر رمضان الذي لم تعد تفصلنا عنه إلا أيام قليلة.

وبادرت الوزارة إلى مضاعفة عدد اجتماعات لجنة الفصل في طلبات الاستيراد المودعة على مستوى المنصة الرقمية مع منح الأولوية في توزيع وثيقة التوطين البنكي لمستوردي المواد واسعة الاستهلاك، وهي المواد الغذائية والمواد الأولية الموجهة للتصنيع، والتي يحتاجها المنتجين المحليين، حيث تجتمع اللجنة أكثر من كرتين بالأسبوع.  

وبالمقابل أيضًا سعت الوزارة إلى إقرار عدة تعديلات في شكل المنصة الرقمية الخاصة بالاستيراد عبر طلب معطيات وتفاصيل دقيقة تخص وضعية طالب رخصة التوطين البنكي وهي معلومات مفصلة عن شركته ومقرها وقدراته المالية ونوعية مشروعه، وأيضًا عن البلد المورد وكيفية تصنيع المنتج الموجه للسوق الجزائرية وخصائصه.

كما تعمل وزارة التجارة على تسريع السماح بدخول المواد المستوردة للسوق لكسر الأسعار قبل بداية الشهر الفضيل من خلال ضخ كميات كبرى من المواد واسعة الاستهلاك، على غرار اللحوم والدجاج وأمهات الدواجن وحتى الخضر والفواكه المنتجة محليًا المخزنة لهذا الشهر، حيث تعمل الوزارة منذ أسابيع، وتحديدًا قبل 45 يومًا من الشهر الفضيل على محاولة إغراق السوق بكافة المواد التي يحتاجها الجزائريون خلال الشهر الفضيل منها البطاطا والبصل والثوم ومنتجات أخرى.

وتم إصدار أوامر برفع نسبة تموين الملابن ويتعلق الأمر بمائة ملبنة بالمواد الأولية وهي مسحوق الحليب إضافة إلى رفع إنتاج المطاحن بنسبة مائة بالمائة بالقمح وتوجيه توصيات إلى مصانع الزيت والسكر لرفع إنتاجها هي الأخرى.

استقرار في الأسعار

من جهته، يرى رئيس المنظمة الوطنية لحماية المستهلك مصطفى زبدي أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها وزارة التجارة لضمان وفرة المنتجات خلال شهر رمضان ومحاربة المضاربة بالأسعار، تدابير من شأنها ضبط الأسواق وتوفير متطلبات العائلة الجزائرية.

واوضح زبدي في إفادة لـ "الترا جزائر " إن إعادة النظر في قائمة المواد المعنية بالاستيراد قبل أسابيع من شهر رمضان المقبل، خاصة ما تعلق بفتح المجال امام استيراد اللحوم بشتى أنواعها وأمهات الدواجن من عدة دول أوروبية ومن أميركا اللاتينية سيكون لها أثر إيجابي على السوق الوطنية.

وأضاف المتحدث أن هذه الاجراءات جاءت مبتوعة بقرارات أخرى تصب في صالح المستهلك الجزائري من خلال إعادة تحيين المنصة الرقمية الخاصة بالاستيراد من خلال إضافة مواد جديدة كانت ممنوعة في السابق إضافة قرار  إلغاء بعض الرسوم وتخفيضها على البضائع الخاضعة للرسم الاضافي والأكثر استهلاكًا في السوق الجزائرية خلال شهر رمضان منها مواد متعلقة بأصناف من اللحوم المجمدة والطازجة والدواجن وذلك بهدف تخفيض اسعارها وضمان الوفرة في السوق الوطنية.

وفي السياق، قال زبدي إن السوق الوطنية حاليًا تعرف حالة استقرار حسبما رصدته المنظمة الوطنية لحماية المستهلك خاصّة ما تعلق بالمواد الأكثر استهلاكًا في شهر رمضان وذلك عكس ما كان عليه الأمر في السابق قائلًا: "تطبيق قانون المضاربة غير المشروعة غير من سلوكيات بعض التجار والمستهلكين".

بالمقابل أبدى محدثنا تخوفًا مما أسماه بانتشار بعض السلوكيات خلال شهر رمضان والتي تساهم حسبه في ارتفاع الأسعار نتيجة  لهفة المستهلك وجشع التجار.

الاستيراد لن يؤثر على المنتوج المحلّي

بالمقابل، يؤكّد الخبير الاقتصادي عبد الرحمان هادف أن تعديل قائمة المواد المعنية بالاستيراد وتحيينها حسب احتياجات السوق الوطنية سيساهم الى حد كبير في ضبط السوق و مواجهة موجات التضخم قبيل شهر رمضان الذي يزداد فيه الطلب على السلع الأساسية، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.

ويؤكد هادف أن المجلس الأعلى لضبط الواردات، الذي أشرف الرئيس عبد المجيد تبون على تنصيبه له دور حيوي في مجال تحديد حاجيات الاستيراد وتقليص الفاتورة السنوية في هذا المجال،  كما أنه يشجع الإنتاج الوطني من خلال التخلي أو التقليص من استيراد المنتجات المصنعة محليا.

وأضاف المتحدث في حديث إلى االترا جزائر" أن قرار فتح باب الاستيراد لبعض المواد خطوة إيجابية، خاصة فيما يتعلّق بالمواد الأكثر طلبا في السوق الوطنية لاسيما ذات الاستهلاك الواسع"، مضيفًا: "لقد رأينا مؤخرًا التعليمات الصادرة عن الحكومة في هذا الشأن والتي تمحورت حول ضرورة تحرير خروج السلع والبضائع على مستوى الموانئ والموجهة للمصانع وأيضًا قرارات تتعلق باستيراد بعض المواد لضمان الوفرة في السوق على غرار اللحوم".

الخبير الاقتصادي عبد الرحمان هادف لـ "الترا جزائر": ضبط عملية الاستيراد تمر عبر مجموعة من الإجراءات والتدابير الجبائية التي من شأنها حماية المنتوج الوطني

كما يؤكّد هادف أن ضبط عملية الاستيراد تمر أيضًا عبر مجموعة من الإجراءات والتدابير الجبائية التي من شأنها حماية المنتوج الوطني، وبالتالي فإن قرار فتح الاستيراد جزئيًا فيما يخص بعض المنتجات التي تعرف فيها السوق ندرة لن يؤثر على المنتوج المحلي ليضيف :"المسألة الجوهرية اليوم ليست في الاستيراد وإنما في مسألة الاستثمار وتشجيع الإنتاج والتصدير".