تباينت ردود فعل أحزاب سياسية وشخصيات من المجتمع المدني، حول مقترح رئيس الأركان الفريق أحمد قايد صالح، القاضي باستدعاء الهيئة الناخبة قبل منتصف شهر سبتمبر/ أيلول الجاري، بين مواقف رحّبت بهذه الخطوة، واعتبرت أنّها تستجيب للمطالب الشعبية، وبين مواقف متخوّفة ومشكّكة في إجراء الانتخابات في الموعد المحدّد.
أحزاب الموالاة ثمّنت خطاب قائد الأركان بتنظيم انتخابات في أقرب الآجال
كان الفريق قايد صالح قد اعتبر، خلال زيارته يوم الاثنين الماضي، إلى الناحية العسكرية الرابعة بورقلة، أنه "من الأجدر أن يتمّ استدعاء الهيئة الناخبة بتاريخ 15 سبتمبر/أيلول الجاري، على أن يجري الاستحقاق الرئاسي في الآجال المحدّدة قانونًا، وهي آجال معقولة ومقبولة تعكس مطلبًا شعبيًا ملحًا".
اقرأ/ي أيضًا: قايد صالح: من الأجدر استدعاء الهيئة الناخبة في 15 سبتمبر
تثمين خطاب الجيش
في أوّل تعليق على خطاب قائد الأركان، رحّب حزب جبهة التحرير الوطني في بيان له، بمقترح الفريق قايد صالح، تحديد الآجال القانونية لاستدعاء الهيئة الناخبة، معتبرًا أنّ هذا الموقف "ينسجمُ تمامًا مع مواقف جبهة التحرير الوطني".
من جهته، اعتبر حزب التجمّع الوطني الديمقراطي، أنّ مقترح استدعاء الهيئة الناخبة، يشكّل خطوة حاسمة في تجسيد المطلب الأساسي للشعب الجزائري في تطبيق المادتين 7 و 8 من الدستور.
وجدّد الحزب التزامه بمساعي المؤسّسة العسكرية، من خلال تجنّده ميدانيًا لتحسيس المواطنين بضرورة المشاركة في الاستحقاق الرئاسي وعواقب المراحل الانتقالية، كما جاء في البيان.
الإشكالية القانونية
لم تكن جميع الأصوات مؤيّدة لمقترح المؤسّسة العسكرية، الداعي إلى تنظيم انتخابات رئاسية في أقرب الآجال. هنا، تُبدي لويزة آيت حمدوش، الأستاذة في العلوم السياسية جملة من الملاحظات حول مقترح الفريق قايد الصالح، وتصرّح في حديث إلى "التر جزائر"، أنّها تستغرب استدعاء الهيئة الناخبة من طرف سلطة عسكرية،مضيفة أنّ "استدعاء الهيئة الناخبة هي من الصلاحيات الدستورية لرئيس الدولة بالنيابة".
في السياق نفسه، تشكّك آيت حمدوش في إمكانية إجراء الانتخابات في الموعد المحدّد، مضيفة أن لجنة الوساطة والحوار لم تنهِ مهامها بعد، ولم تبلور رؤية واضحة المعالم حول إجراء الانتخابات، معتبره أن تحديد تاريخ الانتخابات، يعني القفز على فكرة الندوة الوطنية الجامعة، إضافة إلى استحالة استكمال الإجراءات القانونية والتقنية خلال ثلاثة أشهر القادمة تحضيرًا للانتخابات الرئاسية، مستدلّة أن آليات تعديل قانون الانتخابات يحتاج إلى إجراءات إدارية تراتبية.
وفي السياق نفسه، يرى الدكتور محمد أورابح أن مضمون الخطاب مليء بالتناقضات، فمن جهة يصرح قائد الأركان بحياد المؤسّسة العسكرية، لكنه فعليًا يتجاوز سلطة رئيس الدولة بالنيابة، "ويكشف أن لجنة الحوار والوساطة استُحدثت لأغراض فلكلورية، ولا توجد أي إرادة سياسية حقيقة لمنحها صلاحيات واسعة لتنظيم المرحلة المقبلة".
الشرعية الدستورية
في تقدير الكاتب لحسن خلاص، فإن خطاب قايد صالح أظهر قلقًا كبيرًا من استمرار الوضع على ما هو عليه، و أشار في حديثه لـ "التر جزائر"، أنّ المؤسّسة العسكرية ترى بضرورة العودة إلى الشرعية الدستورية في أقرب الآجال، بعيدًا عن المثالية على حدّ تعبيره.
لكنّ المتحدّث، نبّه إلى أن الآجال التي حدّدها قائد الأركان غير معقولة من الناحية الموضوعية، موضحًا أن التعديلات على النظام الانتخابي غير جاهزة، واللجنة المستقلّة لتنظيم الانتخابات لم تشكّل بعد، ويشدّد خلّاص، على أن القرارات الأحادية التي تتّخذها المؤسّسة العسكرية من شأنها أن تنتج وضعًا سياسيًا أكثر رداءة من الوضع القائم من قبل.
اقتراح وليس دعوة
من جهته يعتبر الخبير الدستوري عثمان خمايسية، أنّ المؤسّسة العسكرية ونظرًا للظروف التي تمّر بها البلد أمنيًا وإقليمًا، قامت بتوجيه دعوة أو اقتراح في شكل خطاب إلى المؤسّسات المدنية، التي لها كامل الصلاحيات الدستورية في استدعاء الهيئة الناخبة بمرسوم رئاسي.
يرى خبراء في القانون الدستوري أنّ الوضع في البلاد لا يحتمل تأجيل الانتخابات
ويرى الخبير الدستوري أن الوضع غير المؤسّساتي للبلاد، قد يفضي إلى شلل وعطب في سير شؤون الدولة، وبالتالي الوضع لم يعد يحتمل التأخير للعودة إلى الوضع الدستوري والقانوني عبر تنظيم الانتخابات.
اقرأ/ي أيضًا:
قايد صالح يصّعد من لهجة خطابه.. إنه آخر تحذير
بن صالح يحدد موعد الانتخابات.. والحراك يشكك في نوايا قايد صالح