11-ديسمبر-2019

دعوات المقاطعة ترتفع عشية الانتخابات الرئاسية (تصوير: رياض كرامدي/أ.ف.ب)

على بُعد ساعات معدودة من موعد إجراء الانتخابات الرئاسية في الثاني عشر من كانون الأوّل/ديسمبر الجاري، يشهد الشارع الجزائري حالة من الترقّب والانتظار، سيما وأن حراك الجمعة الـ 41 الأخيرة، عرف مظاهرات سليمة رُفعت فيها لافتات رافضة لإجراء الانتخابات، كما دعت أطراف من المجتمع السياسي والمدني إلى مقاطعة الاستحقاق الرئاسي.

حمزة عتبي:  الرئاسيات المقبلة، لا تُفضي إلى مخرج حقيقي للأزمة التي تعيشها البلاد

صوت المثقف

في هذ السياق، أصدرت مجموعة من المثقفين والإعلامين، بيانًا جاء فيه: "نحن إعلاميون ومثقّفون نضمّ صوتنا إلى صوت شعبنا، وننحاز إلى مطلبه الأساسي في الحرّية والتغيير الجذري وذلك بالانتقال إلى نظام جديد بطرقٍ سلمية وأسلوب سلس من خلال انتخابات رئاسية حقيقية في ظلّ القطيعة مع كل الممارسات المرسّخة من الاستقلال إلى اليوم، والتي كانت في كل مرّة دائمًا أداة لمصادرة خيار الشعب الحرّة". ومن بين الموقّعين الأستاذ ناصر جابي، والروائية ربيعة جلطي، والصحافي حميدة العياشي، والإعلامي حميد غمراسة.

اقرأ/ي أيضًا: سلطة الانتخابات تجرّ أربعة متّهمين بالتزوير إلى القضاء

ووصف الموقّعون العملية الانتخابية القادمة، بأنّها "نسخة كرنفالية، مكرّرة ورديئة لأم الخطايا، التزوير الانتخابي والسياسي والأخلاقي"، داعين إلى الحكمة والرويّة للخروج من هذا الوضع المتأزّم.

تعنت السلطة 

في هذا الشأن، أوضح الاعلامي حمزة عتبي، أن سياق البيان، جاء بعد تعنّت السلطة الفعلية عن استجابتها لمطالب الشعب، المعبّر عنها في كل التظاهرات.

وذكر عتبي أن الاستفراد بحلّ يتناغم مع المطامح الشخصية لقائد الأركان، ويتعارض مع مطامح الشعب، هي عوامل كفيلة لتكون قاعدة انطلق منها بيان المثقّفين والصحافيين، للتعبير عن رفضهم لحلول ترقيعية مصطنعة في مخابر وثكنات، على حدّ قوله.

وحسب المتحدّث فإن الرئاسيات المقبلة، لا تُفضي إلى مخرج حقيقي للأزمة التي تعيشها البلاد، بل هي محاولة لتجديد النظام في ثوب جديد ونسخة منقّحة. وأشار الصحافي أن البيان يعدُّ موقفًا تاريخيًا، يدعو من خلاله جميع المثقفين والإعلاميين للاصطفاف مع الشعب، داعيًا إلى مقاطعة انتخابات 12 كانون الأوّل/ديسمبر والضغط على السلطة الفعلية من أجل مراجعة تصوّراتها لحلّ الأزمة.

مزلق خطير

 من جهته، أفاد القيادي في حزب جيل جديد، حبيب براهمية في اتصال مع "الترا جزائر"، أن حزبه غير معنيٍّ بهذه الانتخابات، وقد سبق وأشار أن هذه الانتخابات تشكّل مزلقًا خطيرًا، يؤدّي إلى صدام بين الجزائريين مع بعضهم، وأضاف براهمية أنّ الأخبار التي وردت من الجالية الجزائرية، حول مجريات الانتخابات، لا تبشّر بالخير، قائلًا: "الكل شاهد وتابع تفاصيل الاحتقان حول مكاتب الاقتراع".

 وبخصوص نسبة إقبال الناخبين في الخارج، ذكر المتحدث أن المعلومات الأوّلية، توضّح أن نسبة العزوف والمقاطعة عالية. ودعا القيادي في صفوف جيل جديد، السلطة الفعلية، إلى إعادة النظر كليًا في خارطة الطريق، وإلغاء الانتخابات، والذهاب نحو حوار جادٍ وفعال، يحقّق أرضية توافقية، والعودة إلى المسار الانتخابي.

منطقة القبائل

في السياق نفسه، قالت المحامية والنائبة البرلمانية عن التجمّع من أجل الثقافة والديمقراطية، فطة سادات، أنّ الانتخابات الرئاسية مسار لا يمتّ للواقع بصلة، وأضافت أن المسار الانتخابي يُعارض المطالب الشعبية التي رفعت منذ 22 شباط/ فيفري، فالحراك الشعبي يطالب بالقطيعة مع النظام السياسي وآلياته وشخصيته، ويدعوا إلى التغيير الشامل.

ونبهت الناشطة الحقوقية أن الانتخابات الرئاسية، وفق الظروف الحالية، هي محاولة هروب إلى الأمام، بدل مواجهة الوضع السياسي المعقد، وتقول في حديث إلى "التر جزائر" إن النظام اختار إعادة ترتيب البيت السلطوي، والرسكلة، والاستمرارية بدل البحث عن آليات الانتقال الديمقراطي، على حدّ تعبيرها.

وعن مبرّرات المقاطعة، تساءلت المحامية عن إمكانية إجراء انتخابات وسط أجواء مشحونة، تعرف اعتقالات يومية، ومحاكم جماعية لشباب الحراك، مضيفة: "هل يعقل ضمان شفافية ونزاهة الانتخابات والإدارة لا تزال تتحكم في العملية الانتخابية؟".

 وفي تصوّر سادات، فإن "القطيعة السياسية، تفرض علينا الذهاب إلى مرحلة انتقالية، لوضع الأسس القاعدية والقانونية والهيكلية للعودة إلى المسار الديمقراطي، ولن يتم ذلك إلا عبر فتح قنوات الحوار الجادة وتوفر الإرادة السياسية".

وبخصوص انعكاسات مقاطعة الانتخابات في منطقة القبائل على الوحدة الوطنية، أوضحت النائبة البرلمانية، أن السلطة ما فتئت تشتّت الجزائريين، قصد السيطرة عليهم، مؤكّدة أن "الحراك الشعبي استطاع إسقاط كل المناورات العرقية، التي حاولت تصنيف الجزائريين إلى عرب وأمازيغ"، مردفة أن الوعي والهدف المشترك الذي يتقاسمه المواطن الجزائري اليوم واحد، هو التأكيد على بناء دولة المواطنة والقانون، على حدّ تعبيرها.

الدستور والانتخابات

وفي سياق مرتبط، أكّدت الحقوقية والقاضية السابقة، زبيدة عسول، في حديث إلى "ألترا جزائر"، أن الدستور واضح في ترسيم الانتخابات رسميًا، حيث ينصّ الدستور أن الانتخابات تجرى وفق مبدأ الاقتراع العام، بمعنى أن التصويت يكون على مستوى 48 ولاية، و1541 بلدية، معتبرةً أن مقاطعة الانتخابات من طرف المواطنين، من شأنه أن يعيد النظر في شرعية الانتخابات.

وأكدت زبيدة عسول أنّ الإضراب العام هو حقٌّ قانوني، وممارسة ديمقراطية سلمية، للتعبير عن الرفض والسخط من هذا الوضع السياسي القائم بشكلٍ حضاري. وبخصوص تمسّك السلطة بالمسار الانتخابي بحجّة أنه خيارٌ دستوري، أكّدت رئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقيّ، أن المسار الانتخابي يحتاج إلى توفير شروط سياسية، ويستجيب إلى قواعد ديمقراطية واضحة، وهي الآن غير متوفّرة، بحسب أقوالها.

 واستنكرت المتحدّثة أساليب السلطة في التعامل مع الحراك الشعبي، بالادّعاء أن المقاطعين مجرّد أقلية أو استفزاز الجزائريين بالسبّ والشتم، كما جاء في خطاب وزير الداخلية. تضيف المتحدّثة أن "النظام السياسي بدل العمل على توفير الظروف السياسية الملائمة، يقوم بسجن نشطاء في الحراك الشعبي، وبث الإشاعة والدعاية والرعب وسط المواطنين".

طالبت الناشطة السياسية زبيدة عسول بضرورة الذهاب إلى مرحلة سياسية جديدة تحقّق الإجماع الوطني

وطالبت الناشطة السياسية، بضرورة الذهاب إلى مرحلة سياسية جديدة تحقّق الإجماع الوطني، كمرحلة أوّلية، لوضع البنية القانونية والنظامية ليتمّ الذهاب إلى الاستحقاق الرئاسي في ظلّ الشفافية والنزاهة والمصداقية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

محمد شرفي: تزوير الانتخابات مستحيل.. والمعارضة لا تبدو مقتنعة

"سلطة تنظيم الانتخابات".. مكسب في سلّة الحراك الشعبي