أيام مرهقة، وانتظار عسير، وساعات تقضيها الأسر الجزائرية على الأعصاب رفقة أبنائها، بعد عطلة إجبارية دامت أكثر من شهرين ونصف، بسبب تفشي فيروس كورونا.
تحاول العائلات أن تخلق أجواءً مختلفة في البيوت، في عز الأزمة الصحية
كما أن الإجراءات دفعت الوالدين إلى الحفاظ على صحة أبنائهم الجسدية بسبب الفيروس، وكذا الصحة النفسية بسبب القلق والتوتر، الناجم عن تغيير روتينهم اليومي، خصوصا للتلاميذ المقبلين عل شهادة التعليم المتوسط والبكالوريا المؤجلة إلى غاية أيلول/سبتمبر المقبل.
اقرأ/ي أيضًا: قصص سجناء يخوضون امتحانات البكالوريا في الجزائر
قلق في فترة طويلة
بالرغم من أن الحكومة الجزائرية، من خلال وزارة التربية الوطنية، فصلت في قضية الانتقال من سنة لأخرى في المستويات الدراسية جميعًا، وهو ما يعني إنهاء الموسم الدراسي، دون المرور لامتحانات الفصل الثالث، إلا أن الارتباك الحاصل لدى الأسر داخل البيوت خلال أوقات الحجر المنزلي، مرد|ه التلاميذ المقبلون على إجراء الامتحانات المصيرية.
ويسعى في الخصوص، الآباء أن يرافقوا الأبناء في هذه الفترة، إذ تعترف راضية معافة لـ "الترا جزائر"، أنها مرحلة صعبة، رغم الفترة الطويلة السانحة للمراجعة وارتفاع فرصة النجاح.
لم تخف المتحدثة قلقها، عن حالة ابنتها التي تمرّ بأزمة نفسية بسبب البقاء في البيت، خاصّة وأنه مُكوّن من غرفتين فقط، فيما تعوّدت على المراجعة الجماعية مع زملاءها المقبلين أيضا على امتحان شهادة البكالوريا.
مخاوف الآباء من المراجعة الجماعية، بضرورة التباعد الاجتماعي، والاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي، دفع ببعض التلاميذ من طلبة الثانوية تخصّص علوم طبيعية، إلى فتح مجموعة خاصة بهم على تطبيق "واتساب" والمراجعة عن بعد، في ظل المخاوف التي تعيق التلاميذ من الإصابة بالملل والشعور بالضجر بين جدران البيت، يقول حسام الدين لعراجي لـ "الترا جزائر".
هذا التلميذ، لم يتمكن من تجاوز عتبة البكالوريا العام الماضي، وها هو اليوم يحضّر نفسه ليُعيد الامتحانات في أيلول/سبتمبر القادم، متحديًا مختلف الظروف التي فرضتها أزمة كورونا، موضحًا بأنه سيستفيد من العطلة الطويلة لمراجعة دروسه في هذا الامتحان المصيري.
مرافقة وبرامج
تحاول العائلات أن تخلق أجواءً مختلفة في البيوت، في عز الأزمة الصحية، وحمل أبناءها على المراجعة وتحمّل تبعات الحجر الصحي على نفسيتهم، إذ عمد، عمار رحموني، إلى تذليل الصعاب، التي تواجه ابنه رياض المقبل على شهادة الباكالوريا، وابنته سيرين المقبلة على الامتحان في شهادة التعليم المتوسط.
هنا، يقول رحموني في حديث لـ "الترا جزائر"، أن الظرف ليس سهلًا على الأولاد ولا على الوالدين، خصوصًا الحرص على توفير مختلف الظروف للمراجعة، وتخصيص وقت يومي لمراجعة الدروس، وعدم إهمال البرنامج الدراسي المحدد والمفترض أن يكون ضمن أجندة الامتحانات في أيلول/سبتمبر المقبل.
تبدو فترة أربعة أشهر قبل الامتحانات فترة طويلة بالنسبة للتلاميذ، من جانب أنها فترة كافية لأعمال المراجعة واستيعاب كامل للدروس سواء بشكل فردي أو عبر مجموعات مشتركة، حيث يعمد الكثير من التلاميذ إلى التجمع افتراضيًا، ومساعدة التلاميذ الأقل استيعابًا، عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي تقول ايمان بلكيموش في تحضيرها لامتحانات شهادة الباكالوريا.
كما تعترف محدثتنا بأنّ "سهرات شهر رمضان قضتها في تجمعات مع زملائها افتراضيًا للمراجعة للدروس الخاصة بالفلسفة والتاريخ والجغرافيا، وحل النصوص الأدبية واللغات بسبب تخصصها في الآداب، فيما يقوم أساتذة بمتابعتهم بتقديم دروس عن بعد لتمكينهم من فهم المقرّر المدرسي المعني بالامتحانات.
ضغوطات نفسية
لكن طبيعة الامتحانات الحاسمة، نحو البكالوريا، قد تلعب فيها عوامل أخرى دورًا في تحديد مصير التلميذ، إذ تبدو فترة أربعة أشهر أيضًا فترة طويلة من شأنها أن تمثل فترة إرهاق بالنسبة للتلاميذ، وضغط نفسي مستمر، وقد يقود إلى نقص متدرج للتركيز، بخلاف السنوات الماضية التي كان التلميذ في الصف النهائي في الثانوية، ينتقل فيها مباشرة من بيئة الدراسة إلى بيئة الامتحان بنفس الحافز والتوقد الذهني، إضافة إلى الظروف الاجتماعية تبقى متباينة بين صفوف التلاميذ.
ونبه العديد من الفاعلون في قطاع التربية بالجزائر، من نقابات وأساتذة وتلاميذ أيضًا، إلى أن تلاميذ ولايات الجنوب بالجزائر، سيعانون أكثر بسبب الحرارة المرتفعة، في غياب المكيفات الهوائية، وصعوبة الظروف للمراجعة عن بعد، عن طريق استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لضعف تدفق شبكة الإنترنيت.
ومن المفارقات أيضًا أن هذه الفترة، تغري التلاميذ بالاسترخاء خاصة مع فصل الصيف المقبل والرغبة في الاستجمام والسباحة في البحر، خاصة بعد تخفيف إجراءات الحجر المنزلي، وهو ما قد يدفع البعض إلى الإغفال عن المراجعة، قبل أن يكتشفوا أنهم على أبواب الامتحانات.
وفي الصدد أشارت الأخصائية النفسانية، حبيبة سيدهم، في حديث لـ "الترا جزائر" إلى أن "هذه الفترة تبقي أيضًا حالة القلق وسط العائلات المعنية بامتحانات أبنائها، إذ ستضطر إلى تغيير برنامجها الاجتماعي والحد من تنقلاتها في الصيف".
حبيبة سيدهم: العائلات الجزائرية مضطرة للتكيّف مع وضعية أبنائها وتغيير برنامج عطلتها الصيفية
وتابعت سيدهم "لا ننسى أن العائلات الجزائرية كانت في الغالب تنتظر إعلان نتائج الامتحانات في شهر تموز/جويلية، لتنظيم عطلها، لكن متغيرات هذا العام ستفرض على العائلات تغيير خريطة الوقت وعطلها كاملة".
اقرأ/ي أيضًا:
وزارة التربية: لا وجود لسنة دراسيّة بيضاء
نهاية السنة الدراسية وتأجيل البكالوريا و"البيام" إلى سبتمبر القادم