25-يناير-2024
 (الصورة: Getty) المنتخب الجزائري ينهزم أمام نظيره الموريتاني

(الصورة: Getty) المنتخب الجزائري ينهزم أمام نظيره الموريتاني

بعد نهاية المباراة التي جمعت المنتخب الوطني الجزائري بنظيره الموريتاني الثلاثاء الماضي بكوت ديفوار، وتأكّد خروج الخضر" من فعاليات كأس إفريقيا للأمم من الدور الأول، عبّر كثير من الجزائريين عن سخطهم وغضبهم وحزنهم وإبراز مشاعر الإحباط في الشوارع وعلى منصات التواصل الاجتماعي.

الأكاديمي زبير حسين لـ "الترا جزائر": النجاحات الكروية التي تصنعها هذه اللعبة في العالم تبقى بمثابة المتنفس الوحيد للشعوب التي تعشق الكرة المستديرة منذ نشأتها
 

تفاعل جزائريون على صفحات فيسبوك وانستغرام بتعلقيات عبرت عن استيائهم، وصب عدد كبير من الجزائريين جل غضبهم على الناخب الوطني المستقيل جمال بلماضي.

بدا ذلك جليًا من خلال تعليقات رصدتها "الترا جزائر" عبر صفحات الفايسبوك وانستغرام مثل "إرحل بلماضي" و"صراحة لا نستحق التأهل" رغم بعض التعليقات الإيجابية التي رفعت عبارات "الشكر والتقدير لكل اللاعبين وبلماضي فرحونا" وآخرون نشروا: "تبقى أحسن مدرب عملًا وأخلاقًا" إلا أن أجواء الحزن خيمت على المواطنين.

جزائريون غاضبون

تفاعل جزائريون على منصات التواصل الاجتماعي،مبتعلقيات عبرت عن استيائهم، وصب عدد كبير من الجزائريين جل غضبهم على الناخب الوطني المستقيل جمال بلماضي، ورفعوا شعار: "إرحل بلماضي، لا نريد المزيد"، رغم أن المدرب الوطني أعلن تنحيه بغرفة تبديل الملابس بمجرد انهزام الفريق الوطني، ولم ينتظر الجزائريون كثيرًا لتتأكد المعلومة أمامهم من الاتحادية الجزائرية لكرة القدم.

إلى هنا، انتقد الجمهور أداء اللاعبين وقالوا أنهوا أدوا المباريات دون روح حماسية، في سياق موجة انتقاد طالت الجميع، بعد الخروج المبكر للاعبي المنتخب الجزائري من منافسة كأس أفريقيا.
وتداول البعض الآخر مصطلحات وعبارات غير لائقة في حق المنتخب الوطني، ووصف الكثيرون ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء بالليلة الحزينة جدا، واصطدم هؤلاء ببعض المعارضين الذين رفضوا الشتم والتجريح، ودعوا إلى تقبل الخسارة بكل روح رياضية، بحكم أن المنتخب الوطني أدلى بما عليه وأن انهزام كرة القدم لا يعني خسارة مباشرة في الحياة اليومية للمواطن، الذي يرتبط بالسياسة والاقتصاد والصحة وقطاعات أخرى أكثر تأثيرًا على حياته من كرة القدم.

ورغم أن إقصاء المنتخب الجزائري من فعاليات كأس أفريقيا، أمر عادي ووارد يحدث حتى مع أكبر المنتخبات في العالم، إلا أن كثيرًا من الجزائريين كانوا يحضرون للاحتفال، منهم من يستعد للتنقل إلى كوت ديفور لحضور فعاليات الدور الثاني، خاصّة وأن السلطات أعدت ثلاث رحلات نحو العاصمة بواكي لضمان تنقل الأنصار في حال التأهل للدور الثمن النهائي، وتم الإعلان عنها 24 ساعة قبل المباراة.

كرة القدم ليست مجرد لعبة

إلى هنا، يقول المختص في علم الاجتماع زبير حسين في إفادة لـ "الترا جزائر" إنه لا أحد ينكر ما تحمله كرة القدم من مشاعر السرور والأفراح والآمال والأحزان والغضب لدى الشعوب بما فيها الشعب الجزائري، الذي رأينا كيف تأثرت نفسيته بعد الخسارة والخروج المبكر من نهائيات كأس أمم أفريقيا الأخيرة بكوت ديفوار عقب انهزامه أمام موريتانيا يوم الثلاثاء الماضي، حيث خيم الحزن على الشارع، وملأت أحاديث الخسارة المقاهي والمحطات وسيارات الأجرة والصالونات وكل الفضاءات.
ويعتقد المتحدث أن السعادة اليوم وشعور الفرح لدى الجزائري أو غيره من شعوب العالم الثالث، بات مرتبطًا بالنجاح أو الفشل في مباراة كرة قدم التي بطبيعتها لا منطق يحكمها إلا انها تحولت منذ سنوات مضت إلى رافعة سياسية واجتماعية وثقافية تستعمل عن قصد أو عن غير قصد لمواجهة المشاكل الاجتماعية، وتخفيف حجم الاحتقان والظروف الاقتصادية التي يعيشها هذا المواطن الذي يتهرب من غلاء الأسعار وغياب الآفاق.

وعلى الرغم من أن الجميع يتفق على أن كرة القدم ماهي سوى لعبة، كما أنها لن تقدم شيئًا إضافيًا أو ملموسًا للمجتمع الجزائري، ولا حتى للاقتصاد الوطني، إلا أن النجاحات الكروية التي تصنعها هذه اللعبة في العالم يقول محدثنا، تبقى بمثابة المتنفس الوحيد للشعوب التي تعشق الكرة المستديرة منذ نشأتها وتربط كل النجاحات ومشاهر الحماس والفرح بهذه اللعبة.

ويدعو المتحدث إلى ضرورة الخروج من هذه القوقعة أي "وهم فرحة أو حزن المباراة" والاستفاقة من هذا المخدر الذي يغطي عن النجاحات والانهزامات الحقيقية.

خطة الأنظمة للبقاء

في هذا السياق، يرى المختص في علم الاجتماع السياسي أحمد رواجعية أن الارتباط الوجداني بين الشعوب وكرة القدم في المنطقة العربية والعالم الثالث على وجه الخصوص مرده الى غياب ثقافة المواطنة الحقيقية لدى هؤلاء.

فأغلب المتابعين لهذه المباريات يقول محدث :" الترا جزائر" لاسيما المتعصبين منهم يربطون شعور الفرحة والحزن بالفوز والخسارة كما يحاول البعض ربطها بالقومية والوطنية والتعصب في حب الوطن. > Asma: وعلى الرغم مما تصنعه كرة القدم أحيانا في حالة الفوز من تهدئة للنفوس إيجابا إلا ان الخسارة باتت امرا غير متقبل لدى الشعوب المنتمية لدول عالم الثالث.

ويضيف المتحدث: "على سبيل المثال خسارة المنتخب الوطني في كأس أمم أفريقيا وخروجه من الدور الأول، تسبب في حالة إحباط كبرى للجزائريين، حيث لاحظنا تحولًا في المشاعر اتجاه اللاعبين، وحتى المدرب الوطني الذي كان في وقت مضى مصدر لسعادة الجزائريين، حيث لم يتوان البعض في منحه لقب وزير السعادة، ثم رفعوا في وجهه اليوم عبارة إرحل".

ويأتي هذا التحول يقول المختص في علم الاجتماع السياسي، إضافة  إلى خيبة الأمل لدى هؤلاء، وربط السعادة بكرة القدم في ظلّ غياب الآفاق الفكرية والعلمية وحتى الآفاق الابداعية، فكل الطاقة والجهود تصب في الملاعب بعيدا عن النجاحات المالية والاقتصاد و"البزنس" وأمور أخرى.

ويشدد رواجعية على أنه لا يمكن أن نتجاهل المقولة الشهيرة بأن كرة القدم أفيون الشعوب، فعلى مدار التاريخ رأينا اهتمام شعوب العالم بكرة القدم، خاصة البطولات العالمية، فكلما كانت الشعوب تعيش مشاكل اقتصادية وسياسية يذهب بعض صانعي القرار بالاعتقاد أن الرياضة هي البديل المناسب لإلهاء الشعوب وصرف أنظارها وحصرها في كرة القدم .

أحمد رواجعية: لا يمكن أن نتجاهل المقولة الشهيرة بأن كرة القدم أفيون الشعوب

وهذا الأمر لا ينطبق فقط على الجزائر ، رغم أن بلادنا في مرحلة النظام السابق استغلت كرة القدم لتهدئة الساحة الاجتماعية، مضيفا: "رأينا كيف تم استغلال كرة منفوخة بالهواء من طرف الأنظمة السياسية في مصر أو في الجزائر وذلك في أعقاب المباراة الشهيرة والأحداث التي تلتها سنة 2009، وكيف سعت الأتظمة للتخلص من مشاكلها الداخلية في حشد العصبيات، وتحويل كراهية النظام إلى ملاعب كرة القدم، حيث تكون الشعوب الطرف المخدر".