20-يناير-2024
بونجاح

فرحة بونجاح بهدف الثاني في شباك منتخب بوركينا فاسو (الصورة: فاف)

في الدقائق الأخيرة لمباراة الجزائر وبوركيناوفاسو، وبعد أن استسلم الجميع أو كادوا لقدر الهزيمة، أعاد اللاعب بغداد بونجاح من جديد الأمل للجزائريين في سباق التأهل للدور الثاني من منافسات كان 2024، مؤكدا استحقاقه لقب "المنقذ" عندما تسد كل الحلول في وجه أشبال بلماضي.

بونجاح صاحب "القلب" الذي ظل يبكي فقط لأنه أضاع ضربة جزاء أمام كوت ديفوار

يصنع بغداد بونجاح منذ سنوات أفراح الجزائريين، وهو في كأس أفريقيا الجارية لم يخيب لحد الآن، بل يمثل الاستثناء في منتخب لم يقدم الكثير، فكان ممضي الهدف الوحيد للخضر في المباراة الأولى أمام أنغولا التي انتهت بالتعادل، بعد ثنائية مع زميله وابن مدينته المفضل يوسف بلايلي، وصاحب هدف بضربة مقصية نادرا ما أصبحت تشاهد على ميادين الكرة لولا أن مصيدة التسلل حالت دون احتسابه ببضعة سنتميرات فقط، وهو اليوم من أنعش حظوظ التأهل بعد ضربة رأسية في وقت قاتل في مرمى بوركينا فاسو.

بونجاح

يلعب بونجاح كرأس حربة صريح، وهو يمتلك من القامة والبنية والمهارة ليكون المهاجم الأول لمحاربي الصحراء، كما أنه يجيد اللعب دون كرة ويحسن التمركز ويقوم بواجباته الدفاعية ابتداء من مرمى الخصم، وهي كلها مؤهلات جعلتها سما قاتلا للأندية التي يلعب ضدها، حيث يصبح معه أي تضييع للكرة فرصة صريحة للخضر في التسجيل.

ذلك ما لمحه المدرب جمال بلماضي في بداية قدومه للمنتخب الجزائري سنة 2018، فانتدبه لهذا المنصب وأعطاه الثقة اللازمة التي بادلها اللاعب بكرم كبير على الميدان، فكان من أصحاب الفضل الأوائل في التتويج بكأس أفريقيا سنة 2019 بالقاهرة، فهو صاحب "القلب" الذي ظل يبكي فقط لأنه أضاع ضربة جزاء أمام كوت ديفوار في تلك المنافسة، وهو موقع الهدف الوحيد في النهائي أمام السنغال بضربة مجنونة صعدت إلى السماء ثم ارتدت داخل المرمى وأخرجت معها ملايين الجزائريين للاحتفال في الشوارع.

من جهة أخرى، يعد بغداد بونجاح  مثالا على الإصرار والتحدي، فقد دخل في فترة فراغ وعجز عن التسجيل، جعلت المدرب جمال بلماضي يستغني عن خدماته بعد كأس أفريقيا في الكامرون التي خرج فيها المنتخب من الدور الأول، ولم يستدعه بعد ذلك للمباراة الحاسمة أمام الكامرون للتأهل لمونديال قطر، لكنه لم يتذمر وقابل القرار بروح رياضية، حتى أنه اقتطع تذكرة من قطر للجزائر لتشجيع زملائه وكانت حسرته كبيرة بتضييع التأهل في الثواني الأخيرة في مشهد درامي لم تعرفه الكرة الجزائرية في تاريخها.

بونجاح

 وبفعل مقاومته وعزيمته، عاد اللعب سريعا ليكسب من جديد ثقة المدرب، بعد أن تألق بشكل لافت في البطولة القطرية في الموسمين الأخيرين مع ناديه السد القطري الذي يستمر معه في التفوق في البطولة القطرية.

وقد يكون ماضي هذا اللاعب والظروف التي عاشها، السر في صناعة شخصيته القوية التي تجعله يخفق أحيانا لكنه لا ينكسر أبدا. كان بونجاح كما يروي عن نفسه محبا للكرة عاشقا لها في مسقط رأسه وهران ومتمنيا لأن يصير لاعبا محترفا في المستقبل يعوض والده عن فشله في الدراسة، وهو ما تحقق له في الأخير. وعندما دخل عالم الاحتراف، لم يكن الحصول على الاعتراف سهلا، فرغم أنه كان أبرز مهاجمي البطولة الجزائرية مع اتحاد الحراش ثم التونسية مع النجم الساحلي، لاقى الجحود من مدربين تعاقبوا على الفريق الوطني مثل البوسني وحيد حاليلوزيتش في الفترة ما بين 2012 و2014، والفرنسي كريستيان غوركوف الذي لم يستدعه في أمم أفريقيا 2015.

 وهكذا، عندما جاءته أول فرصة في 2019، انفجر معوضا كل ما فات، صانعا لاسمه المشتق من "النجاح" عنوانا للفوز والتألق، ليدخل التاريخ من أوسع أبوابه ضمن نادي كبار الكرة الجزائرية.