17-مايو-2020

فترة الحجر المنزلي غيّرت الكثير من السلوكيات عند الجزائريين ( الصورة: أندبندنت عربي)

يُشرف الرجال على معظم المطاعم في الجزائر، فنادرًا ما نجد ضمن طاقمها خاصة تلك الموجودة بالأحياء الشعبية نساء، لكن هذا لا يعني أن الجزائري من الرجال الذين يقتحمون المطبخ كثيرًا، فالمرأة لازلت هي رئيسة جمهورية المطبخ وكل ما له علاقة بالأكل وتحضيره، غير أن فترة الحجر الصحّي التي تعيشها البلاد منذ إقرارها قبل قرابة شهرين، جعلت الكثيرين يكسرون روتين البقاء في المنزل بدخول المطبخ لأول مرة، وزاد هذا الإقبال لتزامن الحجر مع شهر الصيام.

العديد من الرجال اكتشفوا المطبخ في فترة العزل المنزلي كغيرهم من باقي سكان العالم

وتختلف تجارب وقصص الجزائريين مع المطبخ، فالبعض يكتشفه لأوّل مرّة مع فترة الحجر الصحّي، والبعض استرجع ذكرياته في العمل أو الدراسة أو الغربة، إلا أن الجميع اتفقوا على أن فترة الحجر الصحي جعلتهم يدخلون المطبخ للمساعدة أو للطبخ.

اقرأ/ي أيضًا: غضبٌ شعبي في الجزائر.. كورونا يقتل طبيبة حاملًا حُرمت من الإجازة

كسر الروتين

تقول أم أيمن، إن زوجها الذي أشرف سابقًا على مطعم ببلدية القبة وسط العاصمة الجزائر، استرجع موهبته ومهاراته في إعداد مختلف الأطباق الجزائرية وحتى الأجنبية، خلال فترة الحجر الصحي، بل إنها كانت فرصة لها باعتبارها ربّة بيت جديدة، لتعلم أطباق أخرى من زوجها ربما كانت لا تعرف خبايا وصفاتها بتفاصيلها الكاملة.

وتذكر المتحدّثة، أن زوجها الذي اعتاد العمل وقضاء ساعات النهار خارجًا، شكل له المكوث طيلة ساعات اليوم في المنزل بسبب الحجر الصحي وضعًا لا يطاق، لم يكن الحل لكسر هذا الروتين الجديد سوى الدخول إلى المطبخ والمساعدة في تحضير الوجبات، خاصة وأنها لا تستطيع التوفيق أحيانًا بين الانشغال بالأبناء والمطبخ في الوقت ذاته.

ولا تعدّ تجربة أبو أيمن الوحيدة، فالعديد من الرجال اكتشفوا المطبخ في فترة العزل المنزلي كغيرهم من باقي سكان العالم، خاصّة في المنطقة العربية التي نادرًا ما يدخل فيها الزوج إلى مملكة المطبخ.

هنا، يقول نبيل إن فترة الحجر الصحي كانت فرصة لدخوله المطبخ، وكذا حتى المساعدة في أعمال البيت كالتنظيف وما شابهها.

أما عبد الله وهو عامل بالجزائر العاصمة ويقيم لوحده بعيدا عن العائلة كونه ينحدر من ولاية داخلية، فيقول لـ"الترا جزائر"، إن إجراءات الحجر الصحي التي أمرت بغلق المطاعم دفعته لدخول المطبخ وتحضير وجباته اليومية، بالنظر إلى ندرة المطاعم التي تقدم خدمة التوصيل إلى المنزل، وإذا ما توفّرت هذه الخدمة تكون بأسعار مرتفعة لا تتناسب مع العامل ذو الراتب المتوسّط.

تقاسم تجارب

تداول الكثيرون تجاربهم مع الطبخ سواء بنشر الوصفات التي أعدوها، أو بالتعليق عنها بـ سخرية من باب إضفاء نوع من المتعة على هذه التجربة التي يقومون بها في هذه الظروف الخاصة.

وتم تداول هذه الوصفات عبر المجموعات غير المختصة في الطبخ منها على سبيل المثال مواقع التربية والتعليم باعتبار أن الأساتذة والتلاميذ قد دخلوا في عطلة إجبارية ستمتد لقرابة نصف عام.

وشكّلت فترة الحجر الصحي بسبب جائحة كورنا، بالنسبة لبعض الرجال حتى المعروفين منهم في الأوساط الثقافية والإعلامية لمشاركة تجارب تعلمهم إعداد بعض وصفات بعض الأطباق والحلويات.

وعلى موقع يوتيوب، حافظت فيديوهات طرق تحضير مختلف الأطباق على تواجدها ضمن المواضيع الأكثر بحثا ومشاهدة في الجزائر يوميا، خلال فترة هذه الجائحة، مرفوقة بتعليقات من الرجال والنساء على حد سواء.

ولعلّ أن إقبال الرجال على دخول المطبخ ونشر تجاربهم مع عالم الأطباق يعود أيضًا إلى اكتساح العنصر الرجالي مجال تقديم برامج الطبخ على القنوات التلفزيونية، بعد ظهور قنوات متخصّصة وكسر النمطية التي كان يقدّمها التلفزيون العمومي، في حصر تقديم هذه الإنتاجات السمعية البصرية على النساء رغم أن أشهر الطباخين كما هو معروف عالميًا من الرجال.

إقبال في رمضان

وما زاد في إقبال الجزائريين على دخول المطبخ في هذه الفترة هو تزامن الحجر الصحّي مع شهر رمضان الذي عادة ما يدخل فيه الرجال إلى المطبخ، سواءً لمساعدة الزوجة  في إعداد بعض الأطباق، خاصة لما يكون كلاهما عاملان، بالنظر إلى أن الوقت يتطلب التعاون في إعداد أطباق المائدة الرمضانية التي تحرص العائلة الجزائرية على أن تكون متنوّعة.

ويميل الرجال في العادة إلى تحضير الأطباق الخفيفة كـ "البوراك" والسلاطة، وبعض العصائر والمساعدة في غسل الأواني، فيما تتولى النساء مهمة إعداد "الشربة" والطبق الرئيسي للإفطار.

يُجمع كثيرون أن هذه الأزمة كانت امتحانََا لتغيير كثير من المسلمات والسلوكيات في الجزائر

ومهما كانت تجارب كل واحد مع الحجر الصحّي الذي فرضته جائحة كورونا، يبقى الإجماع على أن هذه الأزمة كانت امتحانََا لكثيرين، وجعلتهم يعيدون النظر في بعض المسلمات والسلوكيات في الجزائر، حيث ستكون فترة ما بعد هذا الوباء، كفيلة لكشف كل ما تغير في معتقداتنا السلوكية اليومية حتى ولو تعلق الأمر بأبسط التفاصيل.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

لجنة متابعة كورونا.. احذروا تناول "كلوروكين" تلقائيًا

كورونا.. قلقٌ من ارتفاع الإصابات مجددًا بالبليدة وعداد الوفيات يصل 459 وفاةً