10-نوفمبر-2022

(تصوير: رياض كرامدي/أ.ف.ب)

أخلت الحكومة الجزائرية في الأسابيع الأخيرة سبيل عشرات الناشطين السياسيين،وكذا إعلاميين في خطوة تسبق إجراء تقديم تقريرها أمام المجلس الأممي لحقوق الإنسان في الـ 11 من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري.

يربط حقوقيون بين عمليات الإفراج الأخيرة عن معتقلي الرأي وحرص الحكومة الجزائرية على أن يمر الاستعراض الدوري الشامل بأقل الأضرار

غادر الصحافيان بلقاسم حوام صحفي الشروق اليومي، ومحمد مولوج  من جريدة ليبرتي (توقفت عن الصدور) السجن، ما بين يومي 7 من تشرن الأول/أكتوبر و 8 من شهر تشرين الثاني/نوفمبر، بعد قضاء أحكام صدرت في حقهما، وأفرج عن الناشط محمد تاجديت الذي سجن عدّة مرات بعد فترة خضوعه للتحقيق،وقبلهما أخلي سبيل مفيدة خرشي في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر الجاري بعد 17 شهرًا من الحبس دون محاكمة، وتضاف إلى هذه الأسماء عشرات المعتقلين في وقت سابق.

ورقة المعتقلين 

هنا، يربط حقوقيون بين عمليات الإفراج الأخيرة وحرص الحكومة الجزائرية، التي فازت مؤخرًا بعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة، على أن يمر الاستعراض الدوري الشامل يوم الجمعة 11 من شهر تشرين الثاني/نوفمبر بأقل الأضرار، أي عدم المساس بصورة البلاد والنظام السياسي الذي يسعى لتقديم صورة جديدة عنه.

في هذا السياق، شكك السعيد صالحي نائب رئيس اللجنة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان في نوايا السلطة،وقال في حديث إلى "الترا جزائر "، إنه "تعودنا علي مراوغات السلطة، منذ بداية الحراك الشعبي، التي توظف ورقة معتقلي الرأي".

وأضاف المتحدث أن السلطة قامت في عدّة مرات بإطلاق سراح معتقلي الرأي عن طريق العفو الرئاسي، لكن هذا لم ينه مسلسل القمع والاعتقالات التعسفية التي تواصلت دون هوادة منذ حزيران/جوان 2019، على حد تعبيره.

وفي رأي السعيد صالحي، فإنه في كل مرة تكون السلطة في مواجهة ضغط داخلي أو دولي، تفتح منافذًا لتفادي الإنفجار الداخلي أو الضغط الدولي، "هذا ما فعلته السلطة بمناسبة دورة تشرين الثاني/نوفمبر في جنيف (حيث مقر مجلس حقوق الانسان)، حيث كانت تطلق سراح بعض المعتقلين وتُبقي على عدد ٱخر للحفاظ علي هذه الورقة لاستغلالها لاحقًا".

إطلاق سراح معتقلي الرأي

وتابع: "ليس هناك نيّة لدى السلطة لتسوية ملف معتقلي الرأي ولا إنهاء القمع، فطبيعة السلطة الاستبدادية لا تتأقلم مع نظام ديمقراطي مفتوح. الآن الضمان الوحيد اليوم هو ليس إطلاق سراح المعتقلين فقط؛ بل تصفية الجو العام وفتح المجال الديمقراطي مع رفع التجريم عن الممارسة السياسية والمدنية".

ودعا صالحي السلطات لـ"لوضع حد لممارستها القمعية وإطلاق سراح كل معتقلي الرأي، وفتح المجال السياسي والإعلامي وإلغاء كل القوانين التعسفية خاصة منها المادة 87 مكرر من قانون العقوبات المتعلقة بالإرهاب، التي تستعمل غطاءً قانونيًا لتبرير التضييق على الحريات".

في هذا السياق، يتوقع محدّث "الترا جزائر" أن يعود المناضلون الذين أخلي سبيلهم  إلى النضال، فهُم حسبه، لا يدخلون إلى الديار بل سيحاولون مواصلة نضالهم من أجل دولة القانون وحقوق الإنسان، على حدّ قوله.

من جهته، أشار عبد الوهاب فرصاوي الذي اعتقال مرات عدة وصدر قرار إداري أيده القضاء لحل جمعيته "تجمع- عمل- شبيبة" المعروفة اختصارا بـ"راج"، أن التقييم الدوري يأتي في سياق وطني خاص جدًا يتسم بوضع مزر للحريات و لحقوق الإنسان، حيث تسجل الجزائر في الآونة الأخيرة تضييقًا غير مسبوق على الحريات العامة وخرقًا كبيرًا لحقوق.

إجابات غير مقنعة 

وتوقع فرصاوي في تصريح لـ "الترا جزائر" ، أن يعيد تقرير الحكومة الجزائرية أمام مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة، إنتاج مضمون الخطاب الرسمي الذي يتباهى بالتعديل الدستوري الأخير ومشاريع  تعديل بعض القوانين كقانون الجمعيات والإعلام".

و شدد  المتحدث على أنه "لا يمكن للحكومة الجزائرية أن تعطي إجابات مقنعة للتساؤلات التي ستطرح في تلك الجلسة وتبرير الوضع الدستوري للحريات وحقوق الإنسان، من متابعات قضائية واعتقال وسجن مئات الجزائريين من سياسيين وصحفيين ومناضلين وطلبة وجامعيين من أجل نشاطهم السياسي والصحفي و آرائهم و مواقفهم السياسية المعبر عنها سلميًا على شبكة التواصل الإجتماعي.

لفقت لكل هؤلاء، يضيف فرصاوي، تهم لا أساس لها، من مساسٍ للوحدة الوطنية، إلى التحريض على العنف، والإضرار بالمصلحة العامة، والمساس بمؤسسات الدولة، وإضعاف معنويات الجيش، والتجمع الغير المرخص، والإرهاب تحت غطاء قانوني جائر خاصة في المادة 87 مكرر من قانون العقوبات المعدل عدة مرات.

إشارة سيئة

إلى هنا، ينبه فرصاوي إلى وجود تأجيل للمرة الثامنة على التوالي لزيارة المقرر الخاص لحرية التجمع والجمعيات الذي كان مقررًا في أيلول/ سبتمبر  الماضي، وهذا حسبه، يعتبر دليلًا آخر على الوضع السيئ لحقوق الإنسان في الجزائر .

ورغم إقراره بأن التوصيات المنبثقة من طرف مختلف هيئات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ليست الزامية على الدول، لكن لها أهمية و ثقل سياسي و معنوي كبيرين على البلاد.

وحذر  محدث "الترا جزائر"، من أن عدم احترام المواثيق الدولية الموقعة عليها "يسيء لصورة الدولة خارجيًا ويجعلها ضعيفة وعرضة لابتزاز للدول القوية التي تبحث فقط على مصالحها المادية الآنية، على حساب القيم الأممية واحترام الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية في الدول المتخلفة وغير الديموقراطية، التي تبحث  أنظمتها عن واجهة مزيفة للحقيقة موجهة للاستهلاك الخارجي باحثة على مساندة أو سكوت على الوضع السائد داخليًا".

إشارات انفتاح جديدة

في مقابل ذلك، أعلنت الحكومة الجزائرية أنها وافقت من حيث المبدأ على زيارة الفريق العمل المعني بالاختفاء القسري في العام 2024، في تطور لافت في علاقتها مع المقررين الأممين وأصحاب العهود الخاصة.

وأشارت في تقريرها إلى مجلس حقوق الانسان الأممي، أنها وافقت على استقبال المقررة الخاصة المعنية بالمدافعين عن حقوق الإنسان في النصف الثاني من العام 2023، وزيارة المقرر المعني بحرية التجمع والحق في تكوين الجمعيات التي كانت مقررة في أيلول/سبتمبر المنصرم (لم تتم لأسباب لم يعلن عنها)، إلا أن مصادر حقوقية ربطت بين إلغاء الزيارة و تحفظات الجانب الجزائري على شخص المقررة والخوف من صياغتها تقريرًا قد يزيد حجم الضغط الممارس على السلطات الجزائرية قبل جلسة الاستعراض الدوري .

و الجديد في موقف الحكومة الجزائرية، هو الانفتاح على آليات الأمم المتحدة المختصة بحالات الاختفاء القسري؛ أي حالات الاختطاف التي تعد تناولها من المحرمات و اختفى الملف من التناول السياسي والإعلامي باستثناء أقلية من الناشطين الحقوقيين وجمعية للدفاع عن عائلات المفقودين تقاوم قوانين الصمت التي وضعت في 2006..

وأشارت الحكومة في تقريرها الذي سلم الصيف الماضي، إلى أن مسؤولًا في المفوضية الأممية لحقوق الانسان كان مقررًا ان يزور الجزائر في أيلول/سبتمبر الماضي، استجابة لدعوة وجهت للمفوضة الأممية لحقوق الانسان ميشيل باشليت في وقت سابق.

وجاء التقرير الحكومي في ورقة رئيسية (عززت بمحلق) مكونة من عناصر الإجابة على توصيات آخر عملية استعراض دوري في أيار/ماي 2017، والدورات السابقة، عرضت فيها الإصلاحات التي اتخذتها في مجال تنفيذ هذه التوصيات، ومنها قائمة طويلة من الإصلاحات التشريعة لتعزيز سجلها في مجال حقوق الإنسان.

لكنها جددت معارضتها لـ 34 توصية تخص بعضها إلغاء حكم الإعدام وتعديل  تشريعات تمنع الإجهاض وزواج المثليين وقالت إنها أخذت علمًا بها لكنها لم تؤيدها فبعضها يتناقض مع الدستور الجزائري".

يرتقب أن تشهد دورة مجلس حقوق الانسان صدامًا بين الحكومة الجزائرية ومنظمات حقوقية تنشط في الجزائر

و من المرتقب أن تشهد دورة مجلس حقوق الانسان صدامًا بين الحكومة الجزائرية ومنظمات حقوقية تنشط في الجزائر، ومنظمات حقوقية غير حكومية دولية ومنظمتين أممييتين، قدمت تقارير تنتقد أوضاع حقوق الانسان في الجزائر ، منها منظمة العفو الدولية ، واليونسكو والمفوضة الأممية للاجئين،والمؤتمر الأمازيغي العالمي .

 

 

.