05-أبريل-2024

محلات مغلقة في شوارع العاصمة الجزائرية (الصورة: أندبندنت عربية)

بعد نجاح وزارة التجارة وترقية الصادرات في امتحانها الأوّل وفقًا لتصريحات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في حواره الأخير للصحافة بتاريخ 31 مارس/ آذار الماضي، حين قال إنها تمكّنت رفقة وزارتي الفلاحة والصناعة من ضمان "رمضان هادئ" يقال أنه الأول من نوعه منذ عقود من الزمن في الجزائر، بفضل عدم تسجيل أي زيادات غير منتظرة في الأسعار ولا ندرة مفتعلة في المواد الأساسية التي يكثر عليها الطلب في هذه الفترة في الأسواق، تواجه اليوم الوزارة تحديًا جديدًا وهو ضمان مداومة التجار وفق نظام المناوبة خلال أيام عيد الفطر المبارك.

ستمتد مناسبة العيد هذه السنة ولأول مرة في تاريخ الجزائر لثلاث أيام وستكون وزارة التجارة هذه المرة ملزمة بسن خطة مداومة خلال الـ 72 ساعة تضاف إليها أيام عطلة نهاية الأسبوع

وستمتد مناسبة العيد هذه السنة ولأول مرة في تاريخ الجزائر لثلاث أيام بدل يومين، وستقترن بعطلة نهاية  الأسبوع، فبعد جدل كبير في الفايسبوك وصفحات التواصل الاجتماعي والبرلمان السنة الماضية، كان قد وافق مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بتاريخ 30 أفريل/ نيسان 2023، على تمديد عطلة عيدي الفطر والأضحى إلى ثلاثة أيام مدفوعة الأجر، وهو القرار الذي أثار غبطة واسعة وارتياحا كبيرا لدى المواطنين وقتها.

إلا أنه بناءً على ذلك، ستكون وزارة التجارة هذه المرة ملزمة بسن خطة مداومة أكثر دقّة، تلزم من خلالها التجار بالعمل بالتناوب خلال الـ 72 ساعة الخاصة بعيد الفطر تضاف إليها أيام عطلة نهاية الأسبوع، دون تسجيل أي ندرة في أي مادة أساسية خاصّة الخبز والحليب ومواد البقالة، والتي غالبًا ما تشهد نفادًا سريعًا من محلات التجزئة في مثل هذه المناسبات.

وينص القانون الجزائري الخاص بالمداومة في الأعياد رقم 13\ 06 على عقوبات صارمة ضد التجار غير الملتزمين، بأداء هذا الواجب خلال فترة العيد، تتضمن قرارات غلق وتشميع للمحلات التجارية لـ 15 يومًا، وقد تصل إلى إجراءات أشد صرامة وغرامات مالية تلامس 200 ألف دينار أي 132 دولار.

فهل سيلتزم التجار هذه السنة بأداء المناوبة وفق الجدول الذي تنشره مديريات التجارة عبر 58 ولاية؟ وهل سيمر هذا العيد دون ندرة ولا مضاربة ولا أزمات تموين؟

51 ألف تاجر

وقبل أسبوع من عيد الفطر المبارك سارعت وزارة التجارة للكشف عن برنامج المداومة الخاص بأيام عيد الفطر المبارك والتي ستمتد لثلاث أيام، حتى تلزم التجار مسبقًا بإنجاح هذا البرنامج، وتمنع أية مخالفات من شأنها أن تؤثر على استقرار تموين الأسواق خلال هذه المناسبة.

وبتاريخ الأربعاء 3 أفريل/ نيسان 2024  أصدرت الوزارة بيانا إعلاميًا تؤكد من خلاله أنه تم تسخير أزيد من 51 ألف تاجر عبر التراب الوطني لضمان المداومة خلال أيام عيد الفطر المقبل.

وتضمن البيان أن مصالح وزارة التجارة و ترقية الصادرات سطرت برنامجًا خاصًا لضمان تموين منتظم للمواطنين بالمواد والخدمات ذات الاستهلاك الواسع خلال عيد الفطر  حيث تم تسخير 51282 تاجرًا موزعين على عدة نشاطات.

وتحتوي القائمة 6366 تاجرًا في مجال المخابز و 27949 تاجرًا في مجال بيع المواد الغذائية العامة والخضر والفواكه إضافة إلى 16462 تاجرًا في قطاعات النشاطات المختلفة، وكذا 483 وحدة إنتاجية منها 127 ملبنة و 312 مطحنة و 44 وحدة إنتاج مياه معدنية.

ولمتابعة مدى تنفيذ برنامج المداومات المسطرة، تم تسخير 2540 عون مراقبة عبر كامل التراب الوطني حسب بيان وزارة التجارة، ويأتي تسطير برنامج المداومة التجارية تطبيقًا لأحكام المادة 8 من القانون 13-06 المؤرخ في 31  تموز/جويلية 2013 المعدل والمتمم للقانون 04-08 المؤرخ في 14 آب/أوت 2004 والمتعلق بشروط ممارسة النشاطات التجارية.

وينص هذا القانون على أنه "يعاقب على عدم احترام الالتزام بالمداومة، بغرامة تتراوح من 30 ألف دج إلى 200 ألف دينار أي من 213 إلى 132 دولار"، ونشرت الوزارة أيضًا القوائم الاسمية للتجار المعنيين بالمداومة المبرمجة بمناسبة عيد الفطر  2024 حسب الجهة والولايات.

الإجراءات تتواصل 

وبالموازاة مع برنامج وزارة التجارة وترقية الصادرات، كشف متعاملون اقتصاديون أيضًا عن استمرار تخفيضاتهم والإجراءات التي أقروها على منتجاتهم خلال فترة رمضان إلى ما بعد العيد وقد تزيد عن ذلك، لضمان عدم تسجيل أي ندرة أو ارتفاع مفاجئ في الأسعار مباشرة بعد العيد.

وكعينة لهؤلاء المتعاملين يقول عنتر دحماني مدير مجمع "لابال" للمواد الغذائية وهو أحد أكبر المجمعات المتخصّصة في الصناعة الغذائية في الجزائر، حيث ينتج المجمع الزيت والسكر والبقوليات والسميد ومشتقات القمح والمارغارين ومواد أخرى، أن التخفيضات وزيادة الإنتاج التي اقروها قبل بداية شهر رمضان لضمان الوفرة للمواطنين خلال الشهر الفضيل بالتنسيق مع مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري الذي يعدون أحد أعضائه وبإشراف وزارة التجارة وترقية الصادرات التي كانت أول من طالب بخفض الأسعار في رمضان سيستمر إلى غاية نهاية عيد الفطر بأسابيع.

ويشدد دحماني على أن مجمع "لابال" يطمئن زبائنه بأن منتجاته ستكون متوفرة طيلة أيام عيد الفطر بنفس الأسعار التخفيضية التي أقروها خلال الشهر الفضيل وبوفرة كبيرة، كما قال أن هذه التخفيضات ستمتد إلى نهاية شهر أفريل /نيسان 2024، في حين تم تخصيص 10 نقاط بيع على مستوى الوطن قريبة من المناطق النائية ونقاط الظل التي تشهد تفشي أكبر نسبة للمعوزين في الجزائر ستمتد فيها التخفيضات بشكل دائم وعلى مدار السنة، وهذا في إطار مبادرة للشركة لمساندة المعوزين وأصحاب الدخل الضئيل.

ويشدد مسؤول مجمع "لابال" على أنهم كمجموعة جزائرية ناشطة في مجال إنتاج المواد الغذائية مستعدين لمرافقة كافة المبادرات الرامية إلى كسر الأسعار وتوفير المنتجات بأسعار معقولة للمواطن الجزائري.

خطة رمضان

من جهته يقول مدير ضبط النشاطات وتنظيمها على مستوى وزارة التجارة وترقية الصادرات أحمد مقراني في إفادة لـ"الترا جزائر" أن أسعار المواد الأساسية شهدت انخفاضًا ووفرة خلال شهر رمضان هذا العام خلافًا للسنوات الماضية لأن التحضير لهذه المناسبة تم بشكل مسبق وامتد لستة أشهر، وتحديدا بداية من شهر أكتوبر / تشرين الأول 2023 في حين أن عملية إغراق الأسواق تمت 45 يومًا قبل رمضان.

كما تم التنسيق بشكل محكم أكثر من كل السنوات السابقة بين وزارتي الفلاحة والتنمية الريفية والصناعة والإنتاج الصيدلاني مع وزارة التجارة يقول مقراني.

ومن العوامل التي لعبت دورًا هامًا هذا العام أيضًا في ضمان رمضان هادئ، يجزم مسؤول وزارة التجارة هي الرقمنة، من خلال تطبيقات تكنولوجية لمراقبة إنتاج وتوزيع 12 منتجًا منها الحليب، منذ أن يكون مسحوقًا ويوزع على الملابن إلى أن يتوفر في الأسواق، مع العلم أن هذا الإجراء يشمل اليوم الخبيرة وحليب الرضع ومنتجات أخرى أيضًا.

مدير ضبط النشاطات وتنظيمها على مستوى وزارة التجارة أحمد مقراني لـ"الترا جزائر": أسعار المواد الأساسية شهدت انخفاضًا ووفرة خلال شهر رمضان الجاري

وبشأن عطلة عيد الفطر المبارك والتي ستمتد لقرابة أسبوع، يطمئن مقراني بأنه تمت بداية التحضير لمداوماتها منذ بداية رمضان وفق إجراءات تنظيمية من شأنها منع المضاربة أو الندرة أو صعوبة التموين، وخاطب في النهاية الجزائريين قائلا: "مثلما كان رمضانًا استثنائيًا سيكون عيدًا استثنائيًا هذه السنة بإذن الله".