تفاعل جزائريون مع إعلان منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو)، تصنيف، الراي "غناءً شعبيًا جزائريًا"، في قائمة التراث العالمي غير المادي للإنسانية، بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، معبّرين عن فرحتهم وسعادتهم بهذا الإنجاز المحقق.
بداية الجدل حول أصل الراي تعود إلى 2016 عندما تقدمت الجزائر بطلب إلى اليونسكو لتصنيف الراي تراثًا جزائريًا
وبعد جدل استمر سنوات، كانت ردة الفعل حول خبر تسجيل أغنية "الراي" تراثًا جزائريًا خالصًا ضمن قائمة التراث اللامادي الإنساني لليونسكو، أشبه باحتفال افتراضي، أبدى خلاله نشطاء سعادتهم بالإنجاز الذي حققته الجزائر، فيما تفاعل آخرون بنشر صور مغنيي ونجوم الراي أمثال الشاب خالد ومامي وحسني والشيخة الريميتي.. وغيرهم.
تفاعل رسمي
وزيرة الثقافة والفنون، صورية مولوجي، قالت في فيديو نشرته الوزارة على صحفتها بـ"فيسبوك"، إنّ "تسجيل الراي كغناء شعبي باسم الجزائر على قوائم التراث اللامادي للإنسانية، يشكل بالنسبة إلى الجزائر شهادة حاسمة باعتراف العالم بهذا النوع الثقافي والفني والموسيقي كرسالة صداقة وحب وسلم."
وأضافت مولوجي: "رسالة هي في الحقيقة مهداة للعالم وللإنسانية جمعاء، فالرسالة التي يبلّغها هذا الغناء المنقول جيلًا عن جيل والمنبعث باستمرار، هو بمثابة الشاهد الذي يسجّل الأحداث التاريخية وأحلام السلام، ويتقن أداءها عبر الموسيقى مانحًا لها متنفسًا ودفعًا بكلمات ورح الشعب، وبنغمات موسيقية تروي طموح الأجيال".
وتابعت قولها: "يأخذ "الراي" إيقاعاته من "قلال" (آلة موسيقية تقليدية) موروث مصنوع من طين، معطيًا نفسًا ابتدائيًا لعازف "القصبة" (آلة موسيقية تقليدية) مسديًا الإمتاع لمن يريد السماع، لمن يتمنى القسمة، لمن استهوته غفوة السحر في ترنيمة ناعمة في انسجام مهذّب وفي إيقاع ملائم".
وأوضحت الوزيرة أنّه "اليوم بإمكان الراي الجزائري مسايرة باقي الغناء العالمي العريق الذي يؤدى من أجل الإثارة الساحرة المنسجمة مع ذوق الإنسان".
وعلّقت صفحة الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة في منشور على تسجيل "الراي" تراثًا جزائريًا: "بكل فخر واعتزاز، تلقى الديوان خبر تسجيل أغنية الراي كتراث جزائري ثقافي لا مادي للإنسانية من طرف لجنة اليونسكو، و بهذه المناسبة التاريخية للفن الجزائري، يهنئ الديوان كل الشعب الجزائري والعائلة الفنية بهذا الاستحقاق، كما لا يفوته أن يشكر كل من ساهم من قريب أو من بعيد لتحقيق هذا الانتصار."
مبروك للجزائر..
وكتبت الباحثة في الآثار والتراث نورة نشاب قائلة: "تهانينا، بهذا الإنجاز للجزائر، بما أنّ الملف حضّر بدقة وبتوفر كل الأدلة المادية والعلمية، فأكيد نحقق هذه النتيجة، هذا ما نطلبه بصفتنا خبراء في حماية التراث".
من جهتها، وصفت "ديوانية الفن" على صفحتها بالفايسبوك أنّ "تسجيل الراي ضمن قائمة التراث العالمي للتراث اللامادي الانساني، بـ"الإنجاز الكبير".
وجاء في منشور الديوانية: "وأخيرًا سجّل الراي كتراث غنائي شعبي جزائري خالص في قائمة التراث اللامادي للإنسانية من طرف منظمة اليونيسكو بعد انتظار طويل وترقب عسير وظن أن هذا الفن الجزائري الخالص قد تم السطو عليه من غير وجه حق".
وباركت الديوانية الخطوة قائلة : "مبروك للجزائر حماية تراثها وهويتها ومبروك للشعب الجزائري تحقيقه هدف من أهدافه في حماية تراثه والحفاظ عليه، مجددة دعمها لتوجه الجزائر ووزارة الثقافة للحفاظ على هذا التراث الوطني من السرقة والاندثار".
بدوره، أشاد المخرج السينمائي عصام تعشيت بانجاز بلاده وكتب: "مبروك للجزائر، تم اليوم تسجيل أغنية الرّاي باسم الجزائر في قائمة التراث اللامادي للإنسانية من طرف منظمة اليونيسكو".
وعلّق الناشط الثقافي خالد بن طوبال قائلًا: "عاش الفن الجزائري .. الراي غناء شعبي جزائري، الجزائر قارة بتضاريسها وخيراتها وفنها وأهلها..".
من جهتها، قالت الشاعرة والصحفية فائزة مصطفى: "بفضل عمل جبّار قام به باحثون خاصة في جامعة وهران ومراكز البحث في المدينة، منظمة اليونسكو أدرجت اليوم (الخميس) رسميًا أغنية الراي في قائمتها للتراث العالمي، هنيئًا لكل شيوخ وشيخات وشباب وشابات الراي ، مبروك بلادي الجزائر".
قصة الراي..
وبرز الراي كنوع غنائي في ثلاثينيات القرن الماضي، وكان منتشرًا في ريف الغرب الجزائري. وعُرف هذا الطابع الغنائي انتشارًا واسعًا نهاية الثمانينيات (أول مهرجان للراي بوهران 1985)، بعد أن أُدخلت عليه آلات عصرية.
وساهم مهرجان "بوبيني" في فرنسا (1987) في التعريف أكثر بأغنية الراي، بعد مشاركة كل من الشاب مامي والشاب خالد وعميدة الطابع الرايوي الشيخة الريميتي، الذين أصبحوا لاحقًا من نجوم العالم.
وفي تعريفه لفن الراي، ذكر الكاتب الجزائري سعيد خطيبي في كتابه "أعراس النار.. قصة الراي" الصادر في 2011 أنّ الراي لون موسيقي جزائري، يعدّ الوحيد الذي بلغ العالمية في ظرف وجيز.
ووفق خطيبي فإن موسيقى الراي تستمد جذورها من الأغنية الوهرانية نسبة إلى مدينة وهران غربي الجزائر، وكانت البداية على أيدي "الشيخات"، أما الشهرة فنالها نجوم الجيل الجديد الذين يطلقون على أنفسهم "الشاب" و"الشابة" تمييزًا عن الجيل المؤسس.
الكاتبة فايزة مصطفى: هنيئًا لكل شيوخ وشيخات وشباب وشابات الراي ، مبروك بلادي الجزائر
وجدير بالذكر أنّ بداية الجدل حول أصل الراي تعود إلى تاريخ 13 آذار/مارس 2016، عندما تقدمت الجزائر بطلب إلى اليونسكو، لتصنيف الراي تراثًا غنائيًا وموسيقيًا جزائريًا، قبل أن تسحب ذلك وتُعيد طلب إدراج هذا اللون الفنّي ضمن التراث العالمي لليونسكو بتاريخ 31 آذار/مارس 2021 بعد تدعيمه بعناصر تقنية جديدة اشترطتها الهيئات الاستشارية ليونسكو.