01-ديسمبر-2023
عدل

(الصورة: Getty)

يناقش البرلمان الجزائري خلال دورته الحالية مشروع قانون يتضمن تحيين القانون 15-01 الصادر في 4 كانون الثاني/جانفي 2015 الخاص بكيفيات وشروط الاستفادة من خدمات صندوق النفقة، ويكرس التشريع الجديد ملاحقة الآباء المتهربين من دفع النفقة المنصوص عليها في المادة 331 من قانون العقوبات.

مشروع القانون عزّز النص القديم بتسع مواد إضافية تركّز على كيفيات وشروط الاستفادة من خدمات صندوق النفقة

وجاء مشروع قانون صندوق النفقة في النسخة التي بحوزة "الترا جزائر"، والمكونة من 25 مادة بزيادة 9 مواد عن التشريع الساري المفعول، موزعة على خمسة فصول أهمها الفصل الخاص بشروط الاستفادة من المستحقات المالية وإجراءات الاستفادة وكذا الأحكام المالية.

ونص مشروع قانون صندوق النفقة الجديد في مادته الثالثة على دفع المستحقات المالية من الصندوق، إذا تعذّر التنفيذ الكلي أو الجزئي للأمر أو للحكم القضائي المحدد لمبلغ النفقة، بسبب امتناع المدين أي والد الطفل (أو عدة أطفال) عن دفع النفقة، أو عجزه عن ذلك أو لعدم معرفة محل إقامته أو توقفه عن تنفيذ الأمر أو الحكم القاضي بالنفقة بعد الشروع فيه مع شرط وجود محضر يثبت عدم التنفيذ.

وعلى خلاف التشريع السابق تم التشديد في النسخة الجديدة لقانون صندوق النفقة الجديد على أن تتكفل الدولة بالمستحقات المالية ولا يسقط التزام الأب المطلق بدفع النفقة وحق متابعته أمام القضاء بجنحة دفع النفقة المنصوص والمعاقب عليها في قانون العقوبات في مادته 331، التي تنص على معاقبة بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 50.000 دج إلى 300.000 دج كل من امتنع عمدًا، ولمدة تتجاوز الشهرين عن تقديم المبالغ المقررة قضاء لإعالة أسرته، وعن أداء كامل قيمة النفقة المقررة عليه إلى زوجه أو أصوله أو فروعه، وذلك رغم صدور حكم ضده بإلزامه بدفع نفقة إليهم.

ويقدم طلب الاستفادة من المستحقات المالية إلى القاضي المختص حسب المادة 6 من مشروع قانون صندوق النفقة الجديد، مرفقًا بملف يتضمن نسخة من الحكم القاضي بالطلاق أو نسخة من الأمر أو الحكم الذي أسند الحضانة ومنح النفقة إذا لم يتضمن حكم الطلاق ذلك، ومحضر عدم التنفيذ الكلي أو الجزئي للأمر أو الحكم القضائي المحدد لمبلغ النفقة، يعده محضر قضائي، وصك بريدي أو بنكي للمستفيد مشطبًا عليه إذا اختار المستفيد هذه الطريقة للدفع، كل وثيقة من شانها التعريف بالدائن والمدين بالنفقة.

وضع حد للإفلات من العقاب

وسعيًا لوضع حد لظاهرة تهرّب أو امتناع الأولياء عن سداد حق النفقة، يُخطِر القاضي المختص وكيل الجمهورية بالطلب، قصد تحريك الدعوى العمومية تلقائيًا، ضدّ المدين من أجل جنحة عدم دفع النفقة.

وفي السياق ذاته فسح المشرع الجزائري في مشروع قانون صندوق النفقة الجديد المجال أمام إمكانية الوساطة قبل اللجوء إلى العقوبات، حيث يمكن لوكيل الجمهورية إجراء الوساطة وفقًا للأحكام المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية.

وفيما تعلّق بفترة دراسة طلبات الاستفادة، حدّد التشريع مهلة أقصاها خمسة أيام من تاريخ تلقي الطلب، بحسب ما ورد في النسخة الجديدة مشروع قانون صندوق النفقة.

ويجب أن يتضمن الأمر القضائي هويّة الدائن بالنفقة لاسيما عدد الأطفال المحضونين وأسمائهم وسنهم ومبلغ النفقة بالنسبة لكل دائن بالنفقة والمعلومات المتعلقة بالمدين بالنفقة. كما يجب أن يحدّد طبيعة النفقة وتاريخ بداية الاستفادة من المستحقات المالية.

يُبلَّغ الأمر الذي يصدره القاضي المختص، عن طريق أمانة الضبط، إلى كل من المدين والدائن بالنفقة والأمين العام بالمجلس القضائي، في أجل أقصاه يومين من تاريخ صدوره. وتبعًا لذلك يأمر الأمين العام بالمجلس القضائي بصرف المستحقات المالية للدائن بالنفقة من صندوق النفقة المحدث لهذا الغرض، بكل وسيلة لاسيما عن طريق تحويل بنكي أو بريدي، في أجل أقصاه خمسة وعشرين يوما من تاريخ تبليغ الأمر المنصوص عليه في المادة 7 من هذا القانون، ويستمر صرف المستحقات المالية للدائن بالنفقة شهريًا، إلى حين صدور أمر يقضي بسقوطها أو تعديلها.

القانون يحارب ظاهرة تهرّب أو امتناع الأولياء عن سداد حق النفقة عبر إخطار القاضي المختص وكيل الجمهورية بالطلب، قصد تحريك الدعوى العمومية تلقائيًا ضدّ المدين من أجل جنحة عدم دفع النفقة

ويتعين على المدين أو الدائن بالنفقة إخطار القاضي المختص بأي تغيير من شأنه التأثير في الاستفادة من المستحقات المالية وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ حدوثه أو العلم به. ويفصل القاضي المختص في مدى تأثير هذا التغيير على الاستفادة من المستحقات المالية، بأمر ولائي، خلال خمسة أيام من إخطاره، يبلغ إلى المدين والدائن بالنفقة والأمين العام بالمجلس القضائي، عن طريق أمانة الضبط في أجل أقصاه يومين  من تاريخ صدوره حسب المادة 10 من مشروع قانون صندوق النفقة الجديد.

وفي حالة مراجعة مبلغ النفقة، يصدر القاضي المختص أمرًا جديدًا، يتم تبليغه للأمين العام بالمجلس القضائي وفقًا للأشكال والآجال المحددة في المادة 7 من مشروع قانون صندوق النفقة الجديد.

ولتقليص آجال معالجة الملفات تم إدخال الرقمنة، إذ نص مشروع قانون صندوق النفقة الجديد في المادة 13 على إمكانية التأكد من صحة الوثائق المطلوبة في ملف الاستفادة من المستحقات، بكل وسيلة لاسيما عن طريق استغلال قواعد البيانات المتعلقة بهذه الوثائق، في إطار التعاون ما بين القطاعات.

وبموجب التشريع الجديد ستنقل الوصاية على الصندوق لوزارة العدل بدل وزارة التضامن حيث يسيره وزير العدل، عن طريق الأمناء العامون بالمجالس القضائية.

استرجاع المستحقات

ونصّ مشروع قانون صندوق النفقة الجديد على آجال تحويل الأموال للمستفيدين، حيث يدفع أمين الخزينة للولاية المستحقات المالية في شكل حوالة دفع صادرة عن الأمين العام بالمجلس القضائي، في أجل أقصاه عشرة أيام من تاريخ استلامه، بينما يتولى أمين الخزينة للولاية تحصيل المستحقات المالية لصالح صندوق النفقة من المدينين بالنفقة، بناءً على أمر بالإيراد يصدره الأمين العام بالمجلس القضائي في أجل لا يتعدى ثلاثين يومًا من تاريخ دفع المستحقات المالية طبقًا للتشريع والتنظيم الساري المفعول.

وفي هذا السياق يتوجب على الأمين العام بالمجلس القضائي أن يضع تحت تصرف أمين الخزينة للولاية كل المعلومات التي من شأنها تسهيل تحصيل المستحقات المالية من الدائنين أي الأولياء.

ونصت المادة 17 من مشروع قانون صندوق النفقة الجديد على أن أمين الخزينة للولاية، يُمارِس، قصد تحصيل المستحقات المالية المنصوص عليها في هذا القانون، حقّ الاطلاع المنصوص عليه في التشريع المعمول به ويلجأ عند الاقتضاء، إلى إجراءات التحصيل الجبري.

ولضمان شفافية في إدارة الصندوق يقوم أمين عام الخزينة الولائية بتقديم كشفٍ عن وضعية الصندوق ويتضمن المستحقات المالية المدفوعة والمستحقات المالية المحصلة والقائمة الإسمية للمدينين بها الذين امتنعوا عن تسديد مستحقات الصندوق.

ويخطر الأمين العام بالمجلس القضائي النائب العام بقائمة الأشخاص المشار إليهم أعلاه، لاتخاذ إجراءات المتابعة المنصوص عليها في التشريع الساري المفعول.

كما يرسل أمين الخزينة للولاية كشف يتضمن القائمة الإسمية للمدينين إلى الوكالة القضائية للخزينة، التي تتأسس طرفًا مدنيًا أمام الجهات القضائية، في جميع قضايا عدم دفع النفقة التي تحصل فيها الدائن بالنفقة على المستحقات المالية.

وتضمنت الأحكام التشديد على حصانة الأوامر التي تصدر بموجب مشروع قانون صندوق النفقة الجديد فهي غير قابلة لأي طعن، وفرض عقوبات على كل من ثبت في حقه الإدلاء بإقرارات كاذبة للاستفادة من أحكامه، والتنصيص على إعادة المستحقات المالية كل من تسلمها بدون وجه حق.