16-ديسمبر-2022
العلم الجزائري والأميركي (الصورة: القدس العربي)

العلم الجزائري والأميركي (الصورة: القدس العربي)

حظيت زيارة المنسق الأميركي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمجلس الأمن القومي الأميركي، بريت ماركغوك، إلى الجزائر باهتمام إعلامي ملحوظ، حيث عقد لقاءً مع رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، حضره وزير الخارجية، رمطان لعمامرة، رفقة المستشار لدى الرئاسة المكلف بالشؤون المتصلة بالدفاع والأمن، بومدين عتو، والمدير العام للوثائق والأمن الخارجي، اللواء مهنا جبار.

تسعى الولايات المتحدة الأميركية إلى تقليص النفوذ العسكري الروسي في أفريقيا بعد انسحاب القوات الفرنسية

بدوره استقبل الفريق أول رئيس أركان الجيش الشعبي الوطني الشعبي السعيد شنقريحة، المنسق الأميركي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتناول اللقاء حالة العلاقات الثنائية بين البلدين وبحثا سبل تعزيز التعاون، كما تناول الطرفان الوضع الإقليمي في منطقة الساحل والصعيد الدولي، وكان اللقاء فرصة للتقييم واقع التعاون الثنائي.

السياق الزيارة

إلى هنا، تأتي الزيارة عقب اجتماع قادة الولايات المتحدة مع القادة الأفارقة في العاصمة واشنطن من 13 إلى 15 ديسمبر/كانون الأول سنة 2022، خيث تناولت القمة الأميريية-الأفريقية عدة محاور متعلقة بالجوانب الأمنية والسلام والأمن الغذائي والمسائل الاقتصادية، والبحث عن التخفيف من تبعات الأزمة الصحية والعمل المشترك من أجل معالجة ملف الأوبئة والأمراض المعدية، علاوة على وضع رؤية مشتركة للمستقبل العلاقات الأميركية والأفريقية.

كما تأتي هذه الزيارة في سياق تعكس رؤية جديدة للولايات المتحدة الأميركية تجاه القارة الأفريقية والتغييرات التي طرأت على السياسية الخارجية الأميركية نحو القارة السمراء، خصوصًا في ظلّ "التغول" الصيني المتنامي في المنطقة،ووجود قوات روسية في بعض المناطق الأفريقية.

الأهداف

في السياق، تحاول الولايات المتحدة الأميركية فهم المتغيرات التي طرأت على الدول الأفريقية، سواءً على مستوى البيئة الداخلية والتوجهات الجيوسياسية والجيو اقتصادية، من أجل وضع استراتيجية متعددة الأهداف، تمكنها من حدّ التغول الصيني وسيطرته على الدول الأفريقية وتقليص النفوذ العسكري الروسي في المنطقة، خاصّة بعد انسحاب القوات الفرنسية من منطقة الساحل الأفريقي لصالح القوات الروسية الخاصّة، كما تعمل الولايات المتحدة الأميركية على تعزيز هيمنتها على منابع النفط الأفريقي والثروات الطبيعية، خصوصًا بعد تقليصها من حجم الاعتماد على النفط السعودي، وبروز الصين كأول مستورد مهم للسعودية في مجال التمويل بالنفط الذي يصل إلى ثلاثة ملايين برميل يوميًا.

تعزيز الشراكة

إضافة إلى ما سبق، تأتي زيارة الوفد الأميركي إلى الجزائر بعد الضجة الإعلامية على خلفية انتقادات أعضاء الكونغرس الأميركي لعلاقة الجزائر مع روسيا، وطالب أعضاء في الكونغرس وزارة الخارجية الأميركية على فرض عقوبات على الجزائر بسبب علاقاتها مع روسيا وخاصة على مستوى التعاون العسكري.

يشار أنه في سنة 2017، أقر الكونغرس قانون مكافحة أعداء أميركا، ويتيح للرئيس الأميركي فرض عقوبات على من ينخرطون في صفقة مهمة مع شخص يمثل جزءًا من أو يعمل لصالح أو نيابة عن قطاعي الدفاع أو الاستخبارات الروسيين.

في مقابل ذاك، تجاهلت السلطات الجزائرية الرد على رسالة أعضاء من الكونغرس، ولم يصدر أي تقرير إعلامي رسمي أو شبه رسمي للرد على مزاعم أعضاء الكونغرس كما جرت العادة، فيما فند موقع "مينا ديفوس"، وهو موقع مختص في الشؤون الأمنية والعسكرية، الأرقام المقدمة من طرف أعضاء الكونغرس الأميركي، الذي أشار إلى أن حجم صادرات العتاد العسكري الروسي إلى الجزائر وصلت إلى 7 مليار دولار، كما كشف الموقع عن "مزاعم" تضمنها تقرير الكونغرس لا تعكس الحقيقة.

بدوره، وعلى صعيد تبادل الزيارات بين الجانب الأميركي والجزائري، فقد استقبل رئيس الجيش الجزائري، الفريق أول السعيد شنقريحة السفيرة الأميركية لدى الجزائر إليزابيث مور بين، ويعد هذا اللقاء نادرًا في التقليد مقر "طڨارة".

أما السفارة الأميركية فنشرت بيانًا جاء فيه: تشرفت السفيرة أوبين بمناقشة فرص التعاون الأمني بين الولايات المتحدة والجزائر مع الفريق أول السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي"، وفي 22 سبتمبر/أيلول الماضي، التقت نائبة وزير الخارجية الأميركي ويندي شيرمان مع وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وصفت الخارجية الأميركية الجزائر  في هذا البيان، بأنها: شريك قوي لواشنطن من أجل تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة والقارة الأفريقية.

وفي 5 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أعلنت السفيرة الأميركية بالجزائر عقد لقاء مع رمطان لعمامرة، ولم تكن هناك مناسبة محددة لعقده، وعلى غير العادة لم يغرد رمطان لعمامرة حول إجراء اللقاء على تويتر، وحينئذٍ قالت السفيرة أوبين عبر تغريدة: "يسعدني دائمًا مقابلة وزير الخارجية رمطان لعمامرة ومناقشة العلاقة الثنائية القوية والمتنامية بين الولايات المتحدة والجزائر".

وعلى العموم، تشهد العلاقات الجزائرية-الأميركية تقاربًا وتبادلًا للزيارات والتصريحات الإيجابية، وعلى الصعيد التعاون العسكري أعلنت السفيرة الأميركية بالجزائر عن استعداد وانفتاح الولايات المتحدة الأميركية على كل المقترحات القيادة السياسية والعسكرية الجزائرية، إضافة إلى ازدهار الاستثمارات الأميركية في الجزائر في مجال النفط والبترول والطاقة الخضراء، على حد تعبيرها.

الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر الجزائر شريكًا أساسيًا في القضايا الأمنيةومكافحة الإرهاب في الساحل الأفريقي

كما تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية الجزائر شريكًا أساسيًا في القضايا الأمنية ومكافحة الإرهاب في الساحل الأفريقي، وتتوافق رؤية البلدين في حل النزاع والتسوية السياسية في ليبيا ومالي.