توتر بين الجزائر ومالي.. فراغ أمني على الحدود الجنوبية
29 يناير 2024
أعلن المجلس العسكري في مالي إنهاء العمل باتفاق السلم والمصالحة المبرم سنة 2015، والذي يسمى "اتفاق الجزائر"، ويتضمّن ميثاق المصالحة الذي تراعاه الجزائر، اتفاق السلام بين الحكومة المركزية في باماكو وحركات الأزواد التي تمثل ساكنة الطوارق في شمال مالي، والقريبة من حدود الجزائر، كما تضمن الاتفاق جملة من إجراءات التهدئة الأمنية على غرار إدراج قوات الطوارق في صفوف الجيش المالي،ومسألة الأسلحة وقضايا التوازن الجهوي والتنمية المحلية.
يرى مراقبون أن خطوة المجلس العسكري في مالي جاءت بعد سلسلة من التوترات الدبلوماسية والتصعيد الإعلامي بين البلدين
في هذا السياق، يرى مراقبون أن خطوة المجلس العسكري في مالي جاءت بعد سلسلة من التوترات الدبلوماسية والتصعيد الإعلامي بين البلدين، خُصوصًا بعد أعلن القائد العسكري غويتا إعادة صياغة "اتفاق الجزائر"، وإنهاء العمل بميثاق السلام والمصالحة، تابع ذلك أزمة الاستدعاء المتبادل للسفراء بين الجزائر ومالي.
وفي سياق متصل، يرى متتبعون أنه من شأن إلغاء "اتفاق الجزائر" العودة إلى المزيد من التصعيد الأمني والتوتر الإقليمي في الساحل والغرب الأفريقي، وتَعد الأراضي المالية العمق الاستراتيجي للأمن القومي الجزائري، إذ تشارك الجزائر ما لا يقل عن 1300 كلم من الشريط الحدودي مع دولة مالي.
وتشهد مالي منذ سنة 2012 أعمال عنف متواترة، حيث يعرف يَعيش شمال البلاد حالة "لا دولة " نظرًا إلى غياب تامٍ لمؤسسات الدولة السياسية والأمنية، ما جعلها بؤرة لانتشار وتوسع الجماعات المسلحة المتشددة، وعصابات تهريب البشر والمخدرات وبيع الأسلحة.
ومنذ شهر آب/أوت شهدت المنطقة اقتتالًا بين الجيش المالي وحركات الأزواد، والتنافس على الاستحواذ على المناطق الرئيسية والمحاور الاستراتيجية في شمال المنطقة.حيثيعتقد خبراء أن عودة المواجهة العسكرية بين الأطراف الفاعلة على الساحة المالية، سَيعيد نفس التجارب السابقة، وهي الإخفاق والفشل في الحسم العسكري لصالح أي طرف، بل المزيد من التوتّر والكوارث الإنسانية والنزوح السكاني والهجرة البشرية.
تخوفات الطرف الجزائري
إلى هنا، يرى مراقبون أن المواجهة العسكرية بين الجيش المالي وحركات الأزواد، ستفتح هذه المرة أبواب أمام تدخلات عسكرية خارجية، وانخراط قوى أمنية أجنبية لا تدرك الخصوصية الجغرافية ولا السكانية المعقدة في المنطقة، وبالتالي قُد ينجر الوضع الميداني والعسكري إلى الفوضى وعدم السيطرة، تتجاوز طموحات المجلس العسكري في مالي.
ومن شأن التدخل الخارجي تأزيم الوضع أكثر من ذي قبل، وسيفتح الباب واسعًا أمام سقوط ضحايا وقتلى أكثر، مما يزيد من تعقيد أيّة وساطة دولية أو صفقة من أجل المصالحة، بعدما فتح استقواء المجلس العسكري في مالي بالقوات الروسية في مواجهة حركات الأزواد، الباب أمام جملة من الخيارات على غرار طرد القوات الفرنسية، وانسحاب القوات الأممية، وأخير إنهاء "اتفاق الجزائر".
الفيلق الروسي
وفي إطار توسعها الجيوسياسي في أفريقيا، عملت روسيا على زرع قوات عسكرية خاصة في قلب أفريقيا، تعمل على تقويض المصالح الأوروبية والأميركية، وبحسب تقديرات إعلامية فإن "قوات فاغنر السابقة" يصل عددها إلى 50 ألف جندي مدرب، ورغم عدم اعتراف موسكو بالقوات الخاصة الروسية وعدم ارتباطها عضويًا بالمؤسسات الرسمية،إلا أن محللين يؤكدون أن تلك الشركات الخاصّة تعتبر "الفيلق الروسي" لاعبًا محوريًا واستراتيجيَا في المنطقة الأفريقية.
يَدعى الفيلق الروسي دعمه للدول الأفريقية من التخلص من الهيمنة الاستعمارية وتطهير البلد من بقايا الاستعمار الغربي، والملاحظ أن تدخل الشركات الروسية الأمنية والعسكرية في كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر وجمهورية أفريقيا الوسطى، أفضى إلى تحوّل المنطقة نحو المزيد من الفوضى والتوتر، وإشعار مزيد من المعارك والاقتتال، وبالتالي المزيد من الإنفاق العسكري للدول الصديقة مع روسيا.
نحو القطيعة
في سياق متصل، تتخوف أوساط دولية من تبعات التوتر الدبلوماسي بين الجزائر ومالي، نظرًا إلى التطورات الأمنية في الساحل والغرب الأفريقي، وتوجس من تطور تحركات التنظيمات الجهادية وتوسع شبكات التهريب والمتاجرة بالبشر والهجرة غير النظامية، والدفع بالمنطقة إلى مستنقع الحرب الأهلية في مالي وتبعات ذلك على الأمن الإستراتيجي الجزائري.
من جهته، جاء الرد الجزائري ضمن لغة دبلوماسية هادئة، جاء فيه أن المبرّرات التي قدمها المجلس العسكري في مالي غير قائمة ولا تتطابق مع الحقيقة والواقع. إذ تعد الجزائر ضامنة والراعية لتنفيذ اتفاق السلام بين باماكو وحركات الأزواد ولم تفرض الجزائر على مالي أيّة مقاربة أو خطة الطريق كما تدعيه السلطات الانقلابية في مالي.
يشير انسحاب مالي إلى جانب النيجر وبوركينافاسو من مجموعة "إيكواس" في الساعات الأخيرة الماضية، إلى مزيد من التعقيدات في المنطقة
يشير انسحاب مالي إلى جانب النيجر وبوركينافاسو من مجموعة "إيكواس" في الساعات الأخيرة الماضية، إلى مزيد من التعقيدات في المنطقة، وجاء هذا الانسحاب داخل المجموعة الاقتصادية، بسبب خلافات حول انقلاب النيجر، حيث ترى هذه الدول المنسحبة التي شهدة انقالابات في الفترة الأخيرة، ضغوطات كبيرة من طرف دول غرب أفريقيا، ما جعلها تتمرّد بشكل جماعي معلنة عن مرحلة جديدة من التوترات في منطقة الساحل.
الكلمات المفتاحية

حوار| الزبير بن بردي: فلسطين كانت في صلب اهتمام الجزائريين حتى خلال فترة نضالهم ضد الاحتلال الفرنسي
ما يزال هول الإبادة الجماعية المستمرة التي يتعرض إليها فلسطين منذ أكثر من عام ونصف يشد انتباه الجزائريين، وبالخصوص الأكاديميين المتخصصين الذين لاحظوا أوجه تشابه كثيرة بين نضال الشعب الفلسطيني وحركة التحرر الجزائرية، لذلك ازدادت المؤلفات التي تتناول قضية العرب الأولى خلال هذه الفترة، ولعل آخرها كتاب ""قضية فلسطين في كتابات أحمد توفيق المدني والفضيل الورتلاني" لمؤلفه الدكتور الزبير…

على خلفية تعيين عسلاوي وزكريا بلخير.. سجال سياسي وأيديولوجي بين مقري والأرسيدي
اندلع سجال سياسي وأيديولوجي حاد في الجزائر، بين حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، المعروف بتوجهه العلماني، وبين الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، بعد تعيين نائب إسلامي على رأس لجنة التربية في البرلمان.

سفير فرنسا السابق في "إسرائيل" يردد أطروحات استعمارية حول تاريخ الجزائر.. وحسني عبيدي يرد عليه
أعاد السفير الفرنسي الأسبق لدى الولايات المتحدة و"إسرائيل"، جيرار أرو، ترديد أطروحات اليمين الفرنسي المتعلقة بتاريخ الجزائر، في موقف أثار ردود فعل مستنكرة بالنظر لتاريخ هذا الدبلوماسي المثير للجدل.

محمد بوضياف.. رئيس يرفض أن يرحل من ذاكرة الجزائريين
في ذكرى اغتياله الثالثة والثلاثين، لا يزال الرئيس الراحل محمد بوضياف يثير مشاعر الحنين والأسى لدى الجزائريين، الذين يتذكرونه كأحد أكثر الشخصيات السياسية التي جمعت بين التاريخ الثوري والرغبة في إصلاح الدولة.

"الإسلاميون استحوذوا على مفاصل الدولة".. الأرسيدي يشعل مواقع التواصل وشخصيات من حمس تنتفض
أثار حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (الأرسيدي) جدلاً واسعاً مجدداً في الساحة السياسية الجزائرية، بعدما أورد في لائحته الأخيرة، الصادرة عن المجلس الوطني، اتهامات مباشرة لما وصفه بـ"تيار الإسلام السياسي" بالاستحواذ على مفاصل الدولة والسعي لطمس أسس الهوية الوطنية.

المدير العام للوكالة الفرنسية للتنمية: لا نقدم أي مساعدات للجزائر التي ترفض الاقتراض
وضع المدير العام للوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، ريمي ريو، حداً لما وصفه بـ"الجدل المفتعل" حول مزاعم المساعدات الفرنسية السنوية للجزائر، في ظل ترويج اليمين المتطرف المتكرر لهذه الفكرة داخل فرنسا.

مُفجّر قطارات باريس.. من هو بوعلام بن سعيد الذي ستُسلّمه فرنسا للجزائر؟
ينتظر أن تتسلم الجزائر، مطلع شهر آب/أوت المقبل، الإرهابي بوعلام بن سعيد، أحد أبرز عناصر الجماعة الإسلامية المسلحة (GIA)، بعد أن قضى قرابة ثلاثين عاماً في السجون الفرنسية، عقب إدانته بتفجيرات دامية هزت باريس صيف عام 1995.