17-يونيو-2022
المصور جعفر سعادة (الترا جزائر)

مصور صحفي منذ 24 سنة، متخصص في عدة مجالات رياضية ثقافية سياسية، عمل في عدة صحف، وتعاون مع وكالات عالمية في تغطيات حول المشهد الجزائري، يقول عن نفسه إنه قضى نصف عمره في "مهنة القلب، التصوير الذي أعشقه منذ الصغر، كنت أجمع كل الصور التي تنشرها المجلات الرياضية في كراس خاص،  بيني وبين الصورة قصة لا تنتهي".

جعفر سعادة: اتهمت بالتشهير بسبب التقاطي صورة فتاة في الشارع نُشرت في موضوع لا يتناسب معها

بهذه الكلمات قدّم المصور الصحفي جعفر سعادة نفسه، ويتحدّث سعادة في حوار مع "الترا جزائر "، عن عديد القضايا التي تتعلق حول مهنته، عن مواقف جميلة حدثت معه، وتجارب أخرى أودت به إلى وراء القضبان.

  • كيف بدأت قصتك وتجربتك في التصوير؟

البداية كانت حبًا غير طبيعي لهذه المهنة أو يمكنني القول كانت هواية لآلة تصوير، حلمت كثيرًا أن أرى نفسي في إحدى الملاعب الجوارية لتغطية مقابلات كرة القدم. وهذا راجع إلى وجود جار لي، حيث أسكن، يعمل مصورًا محترفًا، بمعنى هو من كان وراء دخولي هذه المهنة بشكل غير مباشر، آنذاك قمت بتربص خاص عام 1995، ومن هناك كانت الانطلاقة.

  • أوّل صورة التقطتها.. هل تتذكر لمن كانت ومتى؟

الحديث عن أول صورة لي، يعيدني إلى حقبة التصوير الفوتوغرافي والغرفة السوداء والآلة الميكانيكية، حيث لم تكن آلات التصوير الرقمية موجودة آنذاك، ما يعني أنّ العمل كان شاقًا جدًا، وأتذكر أول صورة لعملية ترحيل مواطنين لسكنات جديدة، وبالتالي خلال اليوم الأول استطعت الاحتكاك بالمواطنين بشكل عادي، مرفوقًا بآلة تصوير جد متواضعة، لكن الحمد لله تمكنت من نقل عملية الترحيل ونقل فرحة المواطنين من صور.. كنت سعيدًا بها. وخاصة وأنّ تلك الصورة كانت واجهة الصفحة الأولى لجريدة الشعب العمومية، وهي الجريدة التي فتحت أبوابها لي عام 1997.

  • الصورة ماذا تعني لك؟

بالنسبة لي الصورة تعني الحياة، الحب، المساعدة، الكفاح، الشجاعة، الصبر. كل هذه الصفات تعلمتها من التصوير الفوتوغرافي، بحيث يمكن بصورة تستطيع مساعدة الناس، بصورة تستطيع إيصال أشياء كانت ربما بعيدة لأشخاص ومن خلالك تصل الصورة المناسبة للجميع، مع محبة الناس بشكل إيجابي طبعًا، كما أنّ الصورة علمتني الصبر لأبعد حد وهذه من خلال تجاربي، فحتى ترصد صورة جميلة ومعبرة ومناسبة يجب أن تصبر وتنتظر الوقت والمكان المناسبين. وكخلاصة الصورة هي نفس أو شخصية أخرى تعطيها للمصور كلما مرت الأيام. كما أنّها رسالة وأمانة يجب أن تنقل بأدق التفاصيل دون زيادة ولا نقصان،لأنّ الصورة يمكنها تحريك الأشياء (القضايا).

  • ما هي أجمل صورة التقطتها، وهل هناك صورة لك معها ذكرى سيئة؟

أجمل صورة، لم ألتقطها بعد، وحتى إذا أخذت صور كثيرة مميزة ونالت الإعجاب، لكنني أطمح دائمًا لأخذ أجمل الصور، فجوابي.. ليس بعد، أمّا أسوأ صورة التقطتها إن صح التعبير أو بالأحرى كان لدّي معها ذكرى سيئة، هي الصورة التي أدخلتني إلى السجن، سنة 2001، ووقع ذلك عندما قمت بتصوير فتاة في الشارع ووُضعت تلك الصورة مع موضوع لا يتناسب معها، كان ذلك خطأ من الجريدة وليس منّي أنا، والقضية أنني اتهمت بالقذف والتشهير، وأخذ الموضوع أبعادًا أخرى، لهذا أقول إن صورة الفتاة هي أسوأ صورة وذكرى بالنسبة لي.

  • قمت بتغطية ومرافقة مهرجانات فنّية ونجوم غناء ودراما وسينما.. كيف تتفاعل بعدستك معهم؟ ماذا ترصد؟

نعم كانت لي عدة تغطيات لفعاليات ومهرجانات ثقافية وكنت دائمًا أحب أن أغطي النشاطات الثقافية، لجمهورها المتفهم والمتقبل للصورة والمصور، مجال التصوير يقترب كثيرًا لهذه الفئة وأكثر الفنانين يتجاوبون بشكل إيجابي مع المصورين. اشتغلت مع ممثلين في مسلسلات وأفلام وكنت سعيدًا بهذه الأعمال برغم من التعب والأوقات الطويلة للتصوير. لكن لديها طعم خاص. وخاصة الاحتكاك مع الفنانين يمنحك نظرة أخرى عن لأعمال التي يشاهدها الجمهور، لكن المصور يراها بعين أخرى، بملامح أخرى.

  • تحصلت على عدّة جوائز مهمة، ماذا أضافت لك؟ وماذا تمثل لك الجائزة؟

تحصلت على ثلاث جوائز، المرتبة الأولى داخل الوطن كأحسن صورة في مسابقات مختلفة، والجائزة بالنسبة للمصور هي عامل معنوي قبل أن يكون ماديًا، هذا الحافز يجعل المصورالصحفي يواصل العمل ويبذل مجهودات أكبر، أو على الأقل ليبقى في مستواه، وفي اعتقادي أنّ أي مصور يتمنى أن يفوز بجائزة لأنها في الأخير ثمرة جهد وعمل تكلّل بشهادة أو اعتراف أو مكافأة لرجال الخفاء كما يلقبونهم، هذا أقل شيء.

  • هل ترى أنّ مهنة التصوير في خطر بعد الانتشار الأوسع للكاميرا والهواتف الذكية المزودة بكاميرات حديثة؟

بالطبع مهنة المصور الصحفي في خطر أكثر من أي وقت مضى. وفي جميع أنحاء العالم. وخاصة مع ظهور مواقع الإلكترونية وعزوف القراء على قراءة الجريدة الورقية. معظم الجرائد العالمية قلصت عدد مصوريها لتكلفة آلات التصوير الباهظة الثمن وأجرة المصورين تحولت لشراء هواتف نقالة لصحفيين لي يلتقطون الصور في مكان المصور المحترف. لذلك القليل من الجرائد التي حافظت على تقاليد الصورة في الوقت الراهن. لكن تبقى بعض التغطيات الرياضية أو الثقافية تتطلب  آلات تصوير حديثة لا يمكن أن يعوضها لا هاتف نقال ولا صحافي بآلة عادية.

  • دراسة سابقة أشارت إلى أنّ "مهنة المصور الفوتوغرافي أسوأ مهنة من بين 25 أخرى، ما رأيك؟

ربما صحيح، بالنظر إلى المخاطر والمشاكل التي يمكن أن تعترض المصور الصحفي، الذي يعتبر أكثر عرضة للمخاطر، مقارنة بالصحفي، كثير من المصورين  قتلوا في الحروب، وفي بعض الأحيان تطالهم اعتقالات يومية وهذا ما ينتج عنه مع مرور الوقت ضغط نفسي يؤثر عليهم، ناهيك عن المشاكل العائلية بسبب عدم استقراره مع أسرتك من ناحية الوقت والمكان. المصور الصحفي مجبر على التنقل من مكان إلى آخر، لتغطية الأحداث، إلاّ أنّ الجانب الإيجابي في هذه المهنة يتعلق بسعادته بأي عمل خيري ينجزه أو صورة يلتقطها ويستطيع عبرها تغيير وضع معين، لا يمكن تغييره بالقلم.. الصورة أبلغ تعبير.

  • بمن تأثرت في مجال التصوير الصحفي الفوتوغرافي؟

لم أتأثر بشكل مباشر من أي مصور، بل أرى وأتابع كل أعمال المصورين داخل وخارج الوطن وأتعلم منهم وكل يوم أتعلم منهم شيئًا، كل مصور وخصوصيات، لهذا أنا معجب بالمهنة ولا بالمصور.

  • بماذا تحلم في مجالك.. بعد مسيرة طويلة مع الصورة؟

أحلم أن بأن تتحسن أوضاع المصور الصحفي، في هذا الوقت الراهن عامة،خصوصا وأنّ هناك زملاء مصورين يعانون البطالة والتهميش ونقص في الفرص الممنوحة لأصحاب الخبرة في العمل، لذلك أريد (بصيغة الجمع) كمصورين صحفيين رفع قيمة الوظيفة أو المهنة، ووضعها في المكانة التي تستحق، كما يجب تأسيس نقابة تحمينا من كل المشاكل التي تعترضنا، وأحلم أن تفتتح مراكز تكوين لإعطاء فرصة لشباب الذي يهوى التصوير.

  • لك تربصات في الخارج من بينها أمريكا.. بماذا خرجت من هذه التجربة؟

تربصاتي داخل وخارج الوطن أفادتني كثيرًا. وخاصة تربص البحرين للمصورين الرياضيين العرب، وكذلك تربص الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قمنا بتربص ميداني طويل ومختلف المجالات عبر 5 ولايات، هذه التجربة أعطتني نظرة عن المصور الصحفي الأجنبي وخاصة الأمريكي، كيف يعمل؟ وماذا يوفر له من إمكانيات للحصول على صورة رائعة، وكيف تتعلم أن تكون صانع رأي ومحتوى،..التربصات فرصة للاحتكاك بتجارب العالم، مجال الصورة ليس له حدود، وخلال تجربتي الأميركية تغيّر تفكيري ونظري للمهنة.. وما يمكنني تقديمه بالطبع مع توفر الإمكانيات والظروف والمحيط.

  • هل يمكن أن تترك التصوير الصحفي وتذهب إلى عالم الكاميرا؟

لا، من غير الممكن ترك ما تحبه وما ضحيت لأجله، لا بمال ولا بمهنة أخرى، بالرغم أننا في زمن الكاميرا وفرصة العمل متاحة أكثر في هذا المجال، لكن أنا عندما أحمل آلة تصويري أشعر بالراحة، أركز بدقة في عملي، ورغم أنني عملت بالكاميرا، لكن طعم وحلاوة الصورة شيء آخر لا يقارن.

  • التصوير الصحفي في الجزائر.. هل هو بخير؟

التصوير في الجزائر ليس بخير لعدة أسباب منها الواضحة وغير الواضحة، رغم وجود عدد كبير من الجرائد والمواقع الإلكترونية، غير أنّنا نرى دائما أنّ فرصة العمل للمصور تأتي في المرتبة الأخيرة في المؤسسة.

جعفر سعادة: في وقت مضى كان المصور الصحفي هو العنصر الأساسي في الصحافة،  لكن الآن لا تعطى أيّة أهمية لهذه المهنة ولا لأصحابها

في وقت مضى كان المصور الصحفي هو العنصر الأساسي في الصحافة،  لكن الآن لا تعطى أيّة أهمية لهذه المهنة ولا لأصحابها. الكل مهمش بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في عمله، كثير من المصورين المصورين يعملون بآلات تصوير خاصة، وأي عطب أو خلل في آلة التصوير يجد المصور نفسه بطّالًا، هذا غير مقبول وغير منطقي، وهنا أتمنى أن تتحسن الأمور قبل فوات الأوان، وترك الميدان لأصحاب الخبرة، فلن نجد بعد ذلك من يكوّن من؟