02-أكتوبر-2019

جيلالي سفيان، رئيس حزب جيل جديد (أصوات مغاربية)

يُدافع جيلالي سفيان، رئيس حزب جيل جديد، عن فكرة "مرحلة رئاسية انتقالية"، في تصوّره لحلول الأزمة التي تمرّ بها البلاد، على خلاف التيّارات السياسية التي تتباين مواقفها بين الذهاب نحو الانتخابات، أو خيار المجلس التأسيسي. يدافع أيضًا عن معتقلي الرأي ويطالب بالإفراج عنهم، ويعتقد أن الذهاب نحو مجلس تأسيسي، يفتح نقاشات هويّاتية وصراعات أيديولوجية لا حصر لها.

يحافظ جيلالي سفيان، على مسافة واحدة بين السلطة الحالية والأحزاب السياسية المعارضة

يُفضّل سفيان، الوقوف على الحياد في تعاطيه مع ما يصدر عن السلطة الحالية والأحزاب السياسية، كما سيتّضح في إجابته على أسئلة "الترا جزائر"، موجّهًا انتقاداته لكليهما؛ فمن جهة يعتبر أنّ السلطة أقحمت نفسها في الاحتقان الأيديولوجي قصد إضعاف الحراك، ومن ناحية ثانية ينتقد بعض الأحزاب التي طالبت بلجنة تغيير الدستور، دون إجراء انتخابات رئاسية، وهذا في رأيه محاولة للاستيلاء على سلطة الشعب.

اقرأ/ي أيضًا: حوار| عز الدين ميهوبي: المرحلة الانتقالية قفزٌ إلى المجهول

يردّ رئيس حزب جديد، على تصريحات البرلمانية البلجيكية، العضو في البرلمان الأوروبي، التي كانت أطلقت تصريحات عن الوضع السياسي في الجزائر، ويعتبر أن البرلمان الأوروبي إن كان يريد مساعدة الجزائر، فعليه تسهيل مهمّة استرجاع الأموال المهرّبة إلى البنوك الأوروبية. كما يتطرق إلى قضايا عديدة، بلغة واضحة ومباشرة.

  • بعد 7 أشهر من الحراك الشعبي، لا تزال السلطة السياسية متمسّكة بالذهاب إلى الانتخابات الرئاسية. لكن حزب جيل جديد يتحفظ ويرفض هذا الخيار، ما هي دوافع هذا الموقف؟

جدير بالذكر، أن مقترح الخروج من الأزمة السياسية عبر الذهاب إلى انتخابات رئاسية، كان ممكنًا وطرحًا منطقيًا. في مقابل ذلك، هناك طرح آخر، هو أولوية تغيير الدستور، ثم الذهاب إلى انتخابات رئاسية، لكن الخيار الثاني، كان سيطرح مشاكل عديدة، قد تعرقل الرجوع إلى المسار الطبيعي. بالنسبة إلى حزب جيل جديد، لم نُعارض العودة إلى المسار الانتخابي، بل دافعنا عن هذا المبدأ، وحاولنا  الدمج بين فكرة التغيير الدستوري، والانتخابات الرئاسية، عبر تعهد جميع المترشحين، أن يكون فتح ورشة التعديلات الدستورية أولى الورشات الإصلاحية، عبر تعهد، أو ميثاق سياسي يجمع كل الأحزاب السياسية.

أكدنا أن الذهاب إلى الاستحقاق الرئاسي، يحتاج إلى عربون من السلطة، تعبّر به عن حسن النية، وشروط موضوعية، تتمثّل في إطلاق سراح معتقلي الرأي، وفتح المجال الإعلامي أمام المعارضة، كما أصرّينا على ذهاب حكومة نور الدين بدوي، والي تم تعيننه من طرف الرئيس السابق، إضافة إلى فتح حوار سياسي جاد، يُفضي إلى تعديلات في القانون العضوي للانتخابات، وتأسيس سلطة مستقلّة لإدارة الانتخابات، تكون فعلية وليس شكلية. لكن للأسف لم تتوفّر أدنى الشروط التي سبق ذكرها، مما جعل الحزب يتردّد، وهو متخوّف من تجديد النظام بدل تغيير النظام.

  • لكن لسان حال السلطة، يقول إنّها قدّمت تنازلات عبر إنشاء لجنة الحوار والوساطة التي أفضت إلى تأسيس السلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات. ما هو ردّكم؟

وجب التنبيه أن حزب جيل جديد، دعا منذ البداية إلى تعميق الحوار السياسي، ودعا كل الشركاء السياسيين إلى المساهمة، واستقبلنا كريم يونس، منسق لجنة الحوار والوساطة، وكان الهدف هو فتح حوار جاد وعميق، وتبادل الأفكار، لكننا لم نصل إلى الأهداف المرجوّة. يعود هذا الفشل؛ أولًا، إلى عدم وجود رغبة من طرف السلطة في الذهاب إلى حوار حقيقي.  ثانيًا، إلى رفض قاطع من طرف بعض أعضاء المعارضة ونشطاء الحراك، للمشاركة في الحوار مع لجنة كريم يونس، وبالتالي وصلنا إلى نقطة، أين فرضت السلطة الخيارات والمخرجات، وتم تأسيس السلطة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات، بطريقة إدارية ودون مضمون، يضمن تواجد الفاعليات الوطنية، والكيانات السياسية، فأصبحنا أمام لجنة معينة من السلطة، ما ينزع عنها المصداقية.

  • تحفّظ حزب جيل جديد على مقترح قوى البديل الديمقراطي، والذهاب إلى مرحلة انتقالية أو فترة تأسيسية. ما هي أسباب تحفظاتكم ؟

في الحقيقة لم نتحفظ على المقترح من حيث المبدأ، بل تحفظنا على المنهج والطرق، والأهداف، أو لنقل العمل التطبيقي، فنحن أصلًا متواجدون في مرحلة انتقالية، وخارج الأطر الدستورية، والسلطة الحاكمة ليس لها مرجعية واضحة دستوريًا، أما بخصوص المرحلة التأسيسية، فقد كان الهدف الأساسي، هو تغيير الدستور عبر مجلس تأسيسي منتخب، لكن الذهاب إلى انتخاب مجلس تأسيسي قبل الرئاسيات صعب جدًا، لأن وجود مجلس تأسيسي دون رئيس جمهورية، يفتح نقاشات هواياتية، وصراعات أيديولوجية، وحالة احتقان سياسي لا نهاية لها، ودون وجود رئيس جمهورية يمتلك الأدوات القانونية والدستورية في الفصل والحكم، نذهب إلى طريق مجهول ومسدود.

  قد تكون فكرة المجلس التأسيسي جيّدة المضمون، إن ما تناولت إعادة النظر في الفصل بين السلطات وتكريس استقلالية العدالة، وإعادة النظر في صلاحيات رئيس الجمهورية، لكن نرى في حزب الجيل الجديد، أنّه لا بدّ من توفّر الإطار العام للنقاش دون انزلاقات.

جدير بالذكر أيضًا، أنّ بعض الأحزاب التي تُسمّي نفسها بالديمقراطية، كانت قد طالبت بلجنة تغيير الدستور، وهذا دون المرور على الانتخابات، ويعد هذا أمرًا خطيرًا، ومحاولة للاستيلاء على سلطة الشعب، دون إرادته.

  • ترى بعض الفاعليات السياسية أن الحراك الشعبي تعرض إلى استقطاب أيديولوجي، وتكتلات سياسية، وبالتالي هو غير قادر على تحقيق ميزان قوى، أو بلورة خيارات سياسية واضحة. ما قراءتكم؟

هذا صحيح جدًا وملموس، ففي بدايات الحراك الشعبي، كانت الهبة الشعبية تتمحور حول أهداف محددة، ومتفق عليها، كرفض العهدة الخامسة، وضرورة ذهاب رموز النظام السياسي، وكل من شارك في الفساد والعبث. لكن المشكلة  كيفية صياغة المطالب الشعبية إلى مسار سياسي، واقتراحات ملموسة وعملية، هنا تحتاج إلى إطار مؤسساتي تعددي منتخب، فالشعب رفض الواقع، لكن  المستقبل، يختاره من خلال كتلة ناخبة تمثيلية، تجمع كل الفوارق، من تيار إسلامي وعلماني، وكل الأطياف والألوان السياسية، فمن الصعب إيجاد من داخل الحراك الشعبي، قوى تمثيلية تشكل الأغلبية، وللأسف النظام البوتفليقي، حطم كل التجارب لبناء منظومات سياسية وهياكل مجتمع مدني. في النهاية قد يكون الشارع هو السيد، لكن أحيانًا مطالب الشارع قد لا تكون واقعية، فالدور السياسي، هو تحويل الشعارات السياسية إلى مقترحات سياسية عملية، وهنا مكمن الضعف.

  • بخصوص الانتخابات الرئاسية القادمة، هل تدعون إلى المشاركة أو المقاطعة؟

سبق وأن أشرنا إلى وجود مخاطر تحيط بالبلاد، فمن جهة نحن أمام سلطة مصمّمة على الذهاب إلى الانتخابات مهما كلّف الأمر، وفي الطرف الآخر، هناك رفض مطلق ونهائي لذهاب نحو الاستحقاقات الرئاسية، وبالتالي هناك عدم كفاءة سياسية من طرف السلطة، فعوض الذهاب إلى أرضية توافقية مع الجميع، شهدنا إقصاء شرائح هامّة من المجتمع، أقحمت السلطة نفسها في الاحتقان الأيديولوجي قصد إضعاف الحراك، لكن دعني أقول إنه ليس لدينا رغبة في الانحياز لطرف على حساب طرف آخر، فالأولوية هي العمل على الجمع والتوحيد.

  • ما هي السيناريوهات المتوقّعة مستقبلًا لهذه الأزمة؟

في هذه الحالة نحن أمام احتمالين؛ أوّلهما عدم إجراء انتخابات رئاسية في الموعد المحدّد، حيث سيتمّ إسقاطها عبر الضغط الشعبي، وهذا يدخلنا في سيناريوهات، لا يُمكن توقّعها.

أمّا الاحتمال الثاني: تجرى انتخابات رئاسية، وتفرز فائزًا، لكنه سيكون ضعيف الشرعية، ومقبولًا من طرف المؤسسة العسكرية، لكن الرئيس المقبل، أكيد سيسعى إلى فتح الحوار مع الفعاليات السياسية، ومكونات الحراك الشعبي ومحاولة بناء نظام سياسي جديد، لكن يبقى دائما السؤال، هل نحن ذاهبون إلى دولة القانون، أو إعادة إنتاج نفس ذهنيات النظام القديم؟

  • هل تعتقد أنّ علي بن فليس وعبد المجيد تبون، وعزّالدين ميهوبي، من بقايا النظام البوتفليقي؟

ممكن أن نقول إن بعضهم عايشوا حكم بوتفليقة إلى غاية أيّامه الأخيرة، كالأمين العام لـ "الأرندي" عزالدين ميهوبي، أما الآخريْن، فكان لهم مشاكل مع نظامه، غير أن الأمر يتجاوز الأشخاص إلى ذهنيات وآليات وأساليب في الحكم، ممكن أن يؤسسّوا تحالفات جديدة مع بقايا النظام، كما ممكن جدًا أن يدفعوا السلطة إلى التغيير، تحت ضغط الحراك الشعبي، والأزمة الاقتصادية التي على الأبواب.

  • ما تعليقكم حول الاعتقالات الأخيرة التي مسّت بعض النشطاء والوجوه السياسية؟

البعض اعتقلوا في بداية الحراك الشعبي، بتهمة المساس بأمن الدولة، وهذا ملفٌ آخر، أمّا عن الاعتقالات التي طالت شبابًا رفعوا الراية الأمازيغية، أو بعض من نشطاء الحراك، فالأمر يعدّ معركة بين السلطة والحراك، قصد إضعافه، أو عزل بعض الفاعلين، الذي يعطون نفسًا ودفعًا للحراك، وهذا شأن سياسي، فأنا أتمنّى وأطالب بإطلاق سراح كل المعتقلين، والعودة إلى الأجواء الطبيعية، لكن أظّن أن المؤسسة العسكرية، عازمة على الذهاب إلى الانتخابات الرئاسية القادمة، وستتّخذ كل الإجراءات ضدّ من يقف في طريقها.

جيلالي سفيان: "إن كان البرلمان الأوروبي يريد مساعدة الجزائر، فعليه تسهيل مهمّة استرجاع الأموال المهرّبة"

  • في الفترة الأخيرة، سمعنا تدخل من نائب في البرلمان الأوروبي في الشأن الجزائري. ما تعليقكم؟

أولًا هو تصريح من نائبة اشتراكية بلجيكية عضو في البرلمان الأوروبي، وليس موقفًا رسميًا صادرًا عن المؤسسة البرلمانية الأوروبية. ثانيًا الاتحاد الأوروبي له مصالح مشتركة مع الجزائر. ودوله متخوّفة من حالة عدم الاستقرار وانعكاسات ذلك على المنطقة. ثالثًا، لماذا الغرب يتحرّك دائمًا وفق مصالحه الخاصة، لماذا لا يتحرّك لمناصرة الشعوب المظلومة والمقهورة؟ إن كان في نيّة الاتحاد الأوروبي مساعدة الجزائر، فليقدم  يد العون القضائي والقانوني، في استرجاع الأموال المهرّبة الموجودة في البنوك الأوروبية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

حوار | علي بن فليس: حاصر الحراك الجزائري التصحر السياسي والمغامرة بمصير الدولة

حوار | محمد بن جبّار: الحراك الجزائري تجاوز المثقف والنخبة