21-أغسطس-2023
إسلام سليماني - خريطة الجزائر

(تركيب: الترا جزائر)

أعلن نادي كوريتيبا البرازيلي، مساء الأحد، ضمّه الدولي الجزائري إسلام سليماني، في صفقة أثارت ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي فور التصريح بإتمامها، بسبب نشر النادي الجديد لهداف "الخضر" التاريخي خريطة الجزائر مبتورة، وهو الأمر الذي أثار حفيظة الجزائريين.

الخريطة التي نشرها نادي كوريتيبا البرازيلي أشعلت منصات التواصل الاجتماعي وحوّلت الصفقة الكروية إلى دروس في التاريخ والجغرافيا

وتلقى أخبار لاعبي المنتخب الوطني متابعة واسعة من قبل الجزائريين الذين يذهبون في تشجيعهم أو استهجانهم لكل ما يتعلق بنجومهم المفضلين حدّ التعصب حتى لما يتعلق الأمر بمباراة كروية، باعتبار أن لاعبي كرة القدم يمثلون الوطن لا أنفسهم، لذلك غصّت مواقع التواصل بعبارات الاستنكار والشجب لما بدر عن النادي البرازيلي حتى بعد حذفه للخريطة المبتورة.

الأوّل..؟

تأكدت الأحد الأخبار التي تم تداولها في الأيام الأخيرة بشأن انتقال إسلام سليماني لنادي كوريتيبا البرازيلي، الذي يحتل المرتبة الأخيرة في الدوري المحلي، في صفقة انتقال حرّ بعدما بقي اللاعب السابق لشباب بلوزداد دون فريق إثر انتهاء عقده مع إندرلخت البلجيكي.

وأعلن كوريتيبا توقيع سليماني على عقد انضمامه إليه في مقطع فيديو عنوانه "عقد موقّع مسبقًا"، نشره على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي.

وتضمن الشريط المصور الذي جاء في 48 ثانية، أبرز اللحظات والأهداف التي وقّعها سليماني خلال مشواره الاحترافي سواء مع الأندية التي لعب لصفوفها أو مع المنتخب الجزائري خلال كأس العالم 2014 بالبرازيل.

 

 

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، اختلفت الآراء حول اعتبار سليماني أوّل عربي وجزائري يلتحق بدوري البرازيلي مهد السحر الكروي الفريق، غير أن عدة صفحات مختصة صححت هذه الآراء.

وكتبت صفحة اللاعبون الجزائريون المحترفون المتابعة لنجوم الكرة الجزائرية في الدوريات الأجنبية "يُمكنني أن أؤكد لكم بأن إسلام سليماني سيُصبح أول لاعب جزائري يلعب في الدرجة الأولى البرازيلية، عندما يُشارك في مباراته الأولى في الأيام المقبلة.. فالجزائري الأول الذي لعب في البرازيل وهو خالد خروبي، لم يسبق له لعب أي مباراة في الدرجة الأولى".

وحسب موقع "وين وين" الرياضي المختص، فسليماني لا يعد العربي الوحيد الذي انتقل للعب في الدوري البرازيلي، حيث سبقه لذلك كل من الإماراتي عبد الله الكمالي الذي لعب لفريق أتلتيكو باراناينسي عام 2008 واللاعب اليمني أحمد السروري الذي نشط في فريق سنترال في عام 2018.

ولقيت هذه الصفقة الإشادة من بعض المعلقين، بالنظر إلى أن اللاعب الذي عاش أفضل أيامه الرياضية مع سبوتينغ لشبونة البرتغالي ما يزال يقاوم الإغراءات المالية، ويفضل الانتقال إلى الدوريات التي تضمن مستوى مقبولًا ومتطورًا من اللعب الكروي.

والدوري البرازيلي هو سابع بطولة يلعب لها سليماني (35 عامًا)، بعد أن خاض خريج مدرسة شبيبة الشراقة، عدة تجارب احترافية، حيث مثل أندية سبورتينغ لشبونة البرتغالي، وليستر سيتي، ونيوكاسل يونايتد الإنجليزيين، وموناكو وليون وبراست الفرنسيين، وفنربخشة التركي، وأندرلخت البلجيكي.

وقال أنيس مزيان الذي يعمل صحفيا بالقسم الرياضي للتلفزيون الجزائري الحكومي إن سليماني هو "اللاعب الجزائري الذي فهم معنى أن تكون محترف الذهنية والأداء، المهاجم الأفضل من حيث الأهداف وكذا طريقة الرد على أعداء النجاح بنجاحات فردية وجماعية، مساهمات في كل محطة يحط بها الرحال، تعلم الأبجديات في القارة السمراء، احترف في أوروبا ونضج تكتيكيا، هاهو يختتم المشوار في القارة الأميركية أين تعتبر كرة القدم هناك بمثابة نوع مفضل من المخدرات غير الضارة يتعاطاها الصغير والكبير الغني والفقير..".

وفي منشور على فيسبوك، كتب الصحفي مومن آيت قاسي "إسلام يرفض الاستسلام ويطمح في كتابة صفحة جديدة في مدينة دخل فيها تاريخ المنتخب الوطني من بابه الواسع بتسجيله هدف التأهل للدور الثاني ضد روسيا في كأس العالم للمرة الأولى في تاريخ الجزائر المستقلة سنة 2014. برافو إسلام...أسطورة حية".

استهجان

غير أن الإشادة بصفقة إسلام سليماني الجديدة لم تدم طويلاً، بعد تحول حديث الجزائريين عن الخطأ الفادح الذي ارتكبه ناديه البرازيلي بالإعلان عن الصفقة بخريطة الجزائر مبتورة، والتي سرعان ما اضطر لحذفها من حساباته المختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وكتب الصحفي ياسين محمدي معلقًا على هذا الإعلان الغريب قائلا: "الخريطة الفضيحة.. نادي كوريتيبا البرازيلي يعلن تعاقده مع سليماني عبر خريطة تضمنت بترًا مقصودًا لمنطقة القبائل وولاية تندوف من خارطة الجزائر."

وأكمل: "يقول المثل: إذا أردت معرفة المجرم فابحث عن المستفيد من الجريمة.. فمن هو المستفيد من الفضيحة؟".

وغرّد مقدم البرامج الشهير قادة بن عمار قائلًا "ما فعله نادي كوريتيبا البرازيلي بنشر خبر تعاقده مع اللاعب سليماني مرفقا بخريطة مبتورة للجزائر هو عمل دنيء بكل المقاييس! الحادثة ليست مجرد "خطأ".. ومن يظن ذلك، مازال يعتقد أن الكرة مجرد لعبة!. أما لمن قلّل من حجمها، فهذا صعب إقناعه أصلا أنها ليست مجرد "خريطة" بل حدود مرسومة بالدماء!".

وقالت بلقيس ريم الندى ختاش "لا يمكن أن يكون هذا الفعل مجرد صدفة أو خطأ بريء، وهو أمر غير عادي وغير مقبول، فحدود الجزائر ليست مجرد حدود عادية بل هي حدود رسمت بالدماء، دماء ملايين الشهداء..".

 

وجاء في صفحة "البطولة المحترفة" أنه بسبب هذه "الخطوة غير الرياضية وغير الأخلاقية"، فإن "النادي البرازيلي مجبر على تقديم اعتذار رسمي للجزائر". وجاء في تغريدة على تويتر "على اللاعب سليماني معارضة هذا الموقف أو الانسحاب من هذا الفريق".

ولحد كتابة هذه الأسطر، لم يصدر النادي البرازيلي أي بيان يعلن فيه اعتذاره على نشر خريطة الجزائر مبتورة، أو توضيحًا عن أسباب ما اقترفه، إضافة إلى أسلام سليماني في حدّ ذاته لم يقدم إلى غاية تحرير هذا التقرير أي تفسير بشأن الضجة التي تسبب فيها إعلان التحاقه بالنادي البرازيلي، رغم علمه بحساسية الجزائريين بشأن كل ما له علاقة له بوطنهم وهويتهم.

تفسير تقني

أرجع أسامة مبروكي، الذي يعرف نفسه، بأنه محلل بيانات في حسابه على تويتر الخطأ الذي ارتكبه نادي كوريتيبا البرازيلي إلى أسباب تقنية.

وقال مبروكي "عند البحث عن خريطة الجزائر باستخدام اللغة البرتغالية، وهي اللغة الرسمية في البرازيل، ستظهر لك الخريطة المبتورة في النتائج الأولى من البحث حيث مصدرها موقع الصور "Freepik". وكمصمم للنادي، من المؤكد أنه سيختار هذه الخريطة نظرًا لإمكانية شراء حقوق الصورة من خلال اشتراك في الموقع".

النادي البرازيلي حذف صورة الخريطة المبتورة من منصاته الرسمية دون تقديم توضيحات

وأضاف مبروكي أن "موقع "Freepik" الذي يُستخدم للحصول على الصور والتصاميم، والتي يتم إنشاؤها من قبل مصممين مختلفين، حيث تم تصميم الخريطة المُنشَورة بواسطة مصمم من دولة مجاورة ورفعها على الموقع".

واعتبر مبروكي أن نشر حساب النادي البرازيلي خريطة جزائرية مبتورة من عدة مناطق هو من "أولى علامات التأثير والتلاعب في محتوى الإنترنت، بهدف تحقيق مصالح معادية للجزائر. تمثل الحالة الحالية مثالًا بسيطًا على هذا الأمر"، مبينا أن "هذا المثال يسلط الضوء على تزايد التحديات التي تواجهنا في عصر الإعلام الرقمي، حيث يمكن للمحتوى غير الدقيق أن يؤثر بشكل كبير على الصورة العامة للدولة ويخدم أجندات معادية لسياستها".

ورد رفيق هشام الذيب مغردا "رأيي في الموضوع أن العالم كله أصبح يعلم بأن استفزاز الجزائري سيجلب لك الشهرة، لذلك أصبح الكل يفعل هذا، والسؤال هنا هل منكم من يعرف ذلك النادي أو سبق له متابعة مباريات الدوري البرازيلي، أنا شخصيا لم أسمع باسم النادي سوى اليوم".

مرة أخرى

رغم أن الخطأ الذي ارتكبه النادي البرازيلي في الإعلان عن صفقة سليماني جسيم لا يمكن مقارنه بأي هفوات وغلطات سابقة، إلّا أنها ليست المرة الأولى التي يثير فيها سليماني الجدل والاستهجان في الجزائر.

وقبل نحو عام، لقيت الكلمات "غير اللائقة" التي تلفّظ بها المهاجم إسلام سليماني في لقطة تسجيله هدف الفوز للمنتخب الوطني أمام منتخب غينيا سخط واستغراب جميع المشاهدين والمتتبعين من أنصار المنتخب الوطني.

 

 

وجاء في مقال لصحيفة "الشروق" منتقدًا لتصرف سليماني بعنوان "سليماني.. الرياضة أخلاق قبل كل شيء" أنه: "لا نعرف ماذا أراد مهاجم براست قوله من خلال الكلمة غير اللائقة التي تلفّظ بها، ولمن هي موجهة، للصحفيين الذين انتقدوه على ردة فعله غير الإحترافية في المطار، عندما رفض التصريح وأجاب بتهكّم على الصحفي الشاب الذي سأله “لا تنتظرني ولم أطلب منك انتظاري”، أم أن كلامه موجه للآلاف من المتتبعين على منصات التواصل الاجتماعي الذين انتقدوا تصرفه مع الصحفي؟، في وقت قد تفهم أيضا أنها موجهة لزميله ديلور الذي تصافح معه على استحياء عند استبدالهما."

وإن كانت التصرفات السابقة قد لقيت بعض من برّرها وشجعها رغم انحطاطها، إلّا أن الخطأ الحالي الذي ارتكبه النادي البرازيلي يتطلب من سليماني التعجيل بتقديم اعتذار وتقديم تبرير مقنع، وفق متابعين، ما دام أن الفعل لم يكن نتيجة قرصنة لصفحة الفريق الجديد لهداف المنتخب الوطني.