06-يونيو-2022

(صورة أرشيفية/رياض قرامدي/أ. ف. ب)

مازالت عقود التشغيل المنتهية تؤرّق كثيرًا من الشباب الجزائري المتعاقد بهذه الصيغة، فبعد سنوات من العمل بأجور زهيدة، وعدم تخليهم عن مؤسسات كانت بحاجة إلى سواعدهم، أحيل كثير منهم إلى جدار البطالة دون تسوية وضعيتهم من سنوات طويلة، بينما اضطر كثير منهم إلى تغيير نشاطهم والعمل في غير مجال تخصصاتهم.

يرفض المتحصلون على الشّهادات العليا القبول بوظائف في قطاع التربية في إطار الإدماج، لأنها مناصب أدنى من شهاداتهم

حالة انتظار ووعود، يعيشها الآلاف من أصحاب العقود التشغيل المنتهية، بل صارت عقود عمل نحو البطالة، كما ذكرت أنيسة مراني من منطقة البليدة غرب العاصمة الجزائرية، لافتة إلى أن المسؤولية تتحمّلها الحكومة في إحالة الكثيرين على البطالة بعد سنوات العمل بعقود محدّدة بمدّة وبأجور منخفضة جدًا.

دعت محدثة " الترا جزائر" الحكومة للتدخّل لإنقاذ هذه الفئة، ومناقشة هذا الملفّ خصوصًا بالنسبة للإطارات الجامعية والكوادر التي تنتظر وظائف أخرى، مشيرةً إلى أنّ "اليأس أدخل الكثيرين إلى دائرة الانتحار".

حلّ جزئي

أوجدت وزارة العمل والضمان الاجتماعي والتشغيل حلًا مؤقتًا أنصف خصّص لآلاف المعنيين، فيما ينتظر البقية دورهم في قرار التوقيعات والإدماج، ذلك على خلفية مراسلة العضو في المجلس الشعبي الوطني مروان أرفيس عن قرار "تحويل عقود الأعوان الذين في حالة نشاط إلى غاية 31 كانون الأول/ديسمبر 2021. في إطار جهاز نشاطات الإدماج الاجتماعي في المؤسّسات والإدارات العمومية وعلى مستوى القطاع الاقتصادي إلى عقود غير محددة المدة بالتوقيت الجزئي".

هذا القرار شمل أيضًا المهنينن المنتسبين إلى "جهاز الشبكة الاجتماعية الذي تم توقيف عقود عملهم في إطار عملية لحاملي الشهادات وعمال الشبكة الاجتماعية المنتهية عقودهم" كما جاء في بيان الوزارة.

وأشار المصدر إلى أن هذه "الفئة لها الأولوية في التوجيه من طرف الوكالة الوطنية للتشغيل، ضمن عروض العمل الكلاسيكية على غرار المستفيدين من جهاز المساعدة على الإدماج المهني".

الإنصاف؟

على الأرض، من بين 340 ألف معني بالقضية، تمكنت وزارة التشغيل من إدماج ما يربو عن 174 ألف من أصحاب عقود ما قبل التشغيل في مناصب دائمة، فيما ينتظر 166 ألف عبر الوطن ترسيمهم في وظائفهم، خصوصًا لمن مرّت على عقودهم أزيد من سبع سنوات وحتى عشر سنوات.

في هذه الحالة، اشتكى عبد الكريم زياري (32 سنة) متحصّل على شهادة الدراسات التطبيقية في الهندسة الإلكترونية، من تماطل الإدارة في ترسيمه منذ 2015، لافتًا في تصريح لـ"الترا جزائر" أن القضية مسألة مبدأ، خصوصًا بالنسبة للوظائف والمهن القليلة العروض أو التي تحتاج إلى أيدي عاملة ناشطة وتحمل شهادات عليا".

وأردف قائلًا، أنه انتظر كثيرًا  ترسميه مؤخّرًا في مؤسّسة عمومية، غير أنه حاول الاشتراك في العديد من المسابقات للتوظيف في شركات في الجنوب الجزائري، لكن لحدّ اللحظة لا زال ينتظر.

بالعودة إلى القرارات والإحصائيات، رصدت الوزارة وفق تعليمة من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الموارد المالية التي تقضي بضرورة إدماج أصحاب عقود ما قبل التشغيل في مناصب دائمة، إذ استفاد من هذه الأغلفة المالية أكثر من 104 ألف موظف في قطاع التربية، وهو رقم يفسح المجال أمام تطوير التعليم خصوصًا من أصحاب الشهادات العليا والمتمرسين في المهنة لسنوات بعقود غير قارة.

ووفق ما نص عليه المرسوم التنفيذي 19- 336 الصادر في 8 كانون الأوّل/ديسمبر 2019، الذي يخص إدماج المعنيين المستفيدين في حالة نشاط على مستوى القطاع الإداري والاقتصادي، أعلنت الجهات المعنية عن استفادة الموظفين بعملية الإدماج في هذا القطاع الحساس كل من كانوا يمارسون مهنة التعليم والإشراف على مختلف الدوائر الملحقة به، بتاريخ تشرين الأول/أكتوبر 2019.

نهاية الكابوس

في انتظار استكمال بقية الملفات ومعالجة كل ملف حسب وضعيته الاجتماعية ومن حيث الشهادات أيضًا، تفيد معلومات لـ" الترا جزائر" أن القضية ستنتهي مع نهاية 2023، خصوصًا وأن المعنيين يقبضون منحة تقدر بـ 13 ألف دينار جزائري أي ما يعادل 90 دولارًا تقريبًا في الشّهر، فيما يتحصل حاملو الشهادات العليا على 15 ألف دينار جزائري ما يقابل 100 دولار أميركي تقريبًا وهي منحة ضئيلة مقارنة بالخدمة التي يؤدونها فعليًا في الميدان.

وحول ذلك، كشفت السيدة إيناس رامول ( 34 سنة)  التي تشتغل بعقود ما قبل التشغيل لمدة عشر سنوات أنها متحصلة على ما ستر في تخصص اتصال وعلاقات عامة، إلا أنها تنتظر الترسيم لتنتهي معاناتها مع أجرة هي تعادل اليوم أجرة البطالة.

وتساءلت السيدة رامول عن " العدالة بين من درس في الجامعات وبين من لا يحمل شهادة جامعية وكلاهما يقضبان الأجرة نفسها في حين الأول يشتغل يوميا من التاسعة صباحا إلى لخامسة مساء بينما الثاني يحمل شهادة " بطال"؟

ورغم تصريحات المسؤولين المعنيين بالملفّ وعلى رأسهم وزير العمل يوسف شرفة، والقيام بخطوات التنسيق فيما بين القطاعات المعنية بعملية الإدماج، إلا أن طلبات المعنيين باتت اليوم معضلة، إذ كشفت البعض خلال وقفتهم الاحتجاجية أمام وزارة العمل بالعاصمة الجزائرية أنه من واجب السلطات توظيف جميع أصحاب العقود المنتهية.

موت بطيء

تمكين الآلاف من حقوقهم الاجتماعية في الجزائر، بات اليوم "كمن يصارع قرش في البحر دون سلاح"، هكذا عبر المعنيون خصوصًا وأن كثيرين من بينهم هددوا بالانتحار الجماعي بعدما ضاقت بهم السُّبل.

 

#تعزية للأسف تلقيت خبر وفاة فتاة من ولاية غليزان تقطن بحي 600 مسكن بعد انتحارها عن طريق شرب الاسيد والمؤسف انها انتحرت...

Posted by ‎صفحة النائب البرلماني شواشي عائشة‎ on Friday, May 27, 2022

طغت على العالقين في هذا الملف حالة من اليأس بسبب بيروقراطية الإدراة الجزائرية، وهي القضية التي فتحتها مرة أخرى النائب عن جبهة المستقبل في البرلمان الجزائري عائشة شواشي، وطرحتها على الوزير ورافقت المحتجين.

وأكدت الشواشي أنها لن تتنازل عن القضية حتى يتمّ إنصاف الآلاف من حاملي "عقود البطالة" لافتة في تدوينة لها على حسباها في شبكة التواصل الاجتماعي بأنها" حزينة لانتحار إحدى ضحايا العقود المنتهية بعد أن كانت إحدى المناضلات في القضية".

في سياق آخر، يرفض المتحصلون على الشّهادات العليا القبول بوظائف في قطاع التربية في إطار الإدماج، لأنها مناصب أدنى من شهاداتهم العليا، إذ هي مشكلة عالقة لدى الوزارات المعنية وتستحقّ إدراج قوانين تعطي لكلّ ذي حقّ حقهّ بحسب المعنيين بعدما حملوا شعار: "لن أتنازل عن شهادتي".

فريد مرزقان: الإجحاف في حقّ الكوادر والإطارات العليا وجب أن يتوقف لأنه يهدد قيمة التعليم

وذكر فريد مرزقان وهو أستاذ مستخلف بأنه حاصل على شهادة دكتوراه في العام 2016، ولكنه موظف في إطار الإدماج في وظيفة أقلّ بكثير من الشهادة التي تحصل عليها بعد أزيد من 13 سنة دراسات عليا، لافتًا في إفادته لـ" الترا جزائر" أن الإجحاف في حقّ الكوادر والإطارات العليا وجب أن يتوقف لأنه يهدد قيمة التعليم والعلم في الجزائر، على حدّ تعبيره.