26-فبراير-2024

تقرّر رسميا عودة قروض تمويل الشباب خلال سنة 2024 (الصورة: فيسبوك)

تقرّر رسميا عودة قروض تمويل الشباب خلال سنة 2024 ، من خلال إعادة تفعيل الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية،  التي أصبحت تحمل اختصارا تسمية "نسدا" بدل "أناد"، وهي هيئة حكومية ذات طابع خاص، تتمتع بشخصية اعتبارية واستقلال مالي.

نسبة كبيرة من مشاريع "أونساج" واجهت الفشل والإفلاس بسبب نقائص في التسيير

 وتعتبر امتدادا للوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب في السابق "أونساج" والتي رغم النجاح الكبير  للعديد من مشاريعها، إلا أن نسبة كبيرة منها واجهت الفشل والإفلاس بسبب نقائص في التسيير سابقا، تم مراجعتها اليوم، لتمنح الوكالة خلال سنة 2024 تمويلا ناجحا بنسبة مائة بالمائة، وفقا لما أعلنت عنه السلطات الجزائرية.

وتسعى هذه الوكالة إلى تشجيع إنشاء وتوسيع أنشطة إنتاج السلع والخدمات من قِبل حاملي المشاريع وتعزيز جميع أشكال الإجراءات والتدابير التي تهدف إلى تعزيز روح ريادة الأعمال وتتمثل مهام الوكالة في تدعيم وتقديم الإستشارة والمرافقة وتوفير جميع المعلومات الاقتصادية والتقنية والتشريعية والتنظيمية المتعلقة بأنشطة حاملي المشاريع وتطوير العلاقات مع الشركاء والجهات المعنية وهي البنوك، مصلحة الضرائب، صندوق الضمان الاجتماعي مع تطوير الشراكة بين مختلف القطاعات لتحديد فرص الاستثمار.

ويجب أن يتمتع حامل المشروع بعدد من الشروط لكي يستفيد من الامتيازات الممنوحة على غرار أن يتراوح سنه ما بين 18 و 55 سنة وأن يكون ذا شهادة أو تأهيل مهني أو له مهارات معرفية معترف بها، أن يتابع التكوين المقدم له عن طريق مراكز تطوير المقاولاتية وأن يقدم مساهمة شخصية في شكل أموال خاصة بمستوى يطابق الحد الأدنى المحدد.

فهل ستنجح الصيغة الثالثة لمشاريع دعم الشباب؟

دراسة الملفات المفلسة حالة بحالة

ويأتي عودة مشاريع "نسدا" هذه المرة للتمويل وسط قضايا هزت المحاكم الجزائرية أحاطت بالقطاع، منها سجن الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة نسيم ضيافات في قضية فساد تخص التلاعب بأموال الشباب وملف القروض، حيث تم الحكم عليه بخمس سنوات سجنا.

وأفادت وكالة الأنباء الجزائرية بتاريخ 14 فيفري/ شباط أن محكمة سيدي امحمد بالعاصمة أصدرت  حكما بـ5 سنوات سجنا نافذا وغرامة مالية قدرها مليون دينار أي 8 آلاف دولار بحق ضيافات ومصادرة أملاكه، مع العلم أنه تمت محاكمة ضيافات بتهم تتعلق بتبديد المال العام واستغلال النفوذ والثراء غير المشروع، بعد استفادة شركات يديرها أفراد من عائلته من صفقات بطرق غير قانونية.

كما لا يزال إلى اليوم ملف أصحاب مشاريع "أونساج" المفلسة أو المتعثرة يراوح نفسه، حيث تكشف مصادر من وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمتوسطة عن فتح الملف رسميا من طرف الوزير الحالي وليد ياسين المهدي، من خلال دراسة أوضاع هؤلاء الشباب حالة بحالة.

ويقول المصدر لـ"الترا جزائر" أنه تم فتح ملف هؤلاء الشباب شهر جانفي/ كانون الثاني الماضي، ويتم دراسة أوضاعهم حالة بحالة حيث قد يتم التسامح مع الشباب المتعرضين للحوادث أو في حالات الوفاة أو الكوارث الطبيعية، في حين لن يتم ذلك مع من باعوا العتاد أو أسسوا لمشاريع وهمية، حيث لن يتم إقفال كافة التفاصيل المتعلقة بأصحاب المشاريع العالقة.

حتى لا تتكرر "اونساج"

من جانبه،  يشدد الخبير الاقتصادي أحمد الحيدوسي على ضرورة تبني مقاربة اقتصادية فعلية من أجل ضمان نجاح مشاريع تشغيل الشباب بعيدا عن التفكير الاجتماعي الذي انتج سابقا مشاريع " أونساج" الفاشلة.

وأوضح الحيدوسي في إفادة لـ" الترا جزائر" أن إصلاح جهاز الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية جاء للقضاء على المشاكل التي تعرضت لها أونساج سابقا ،لذلك وجب اعتماد معايير اقتصادية فعلية لتحقيق انطلاقة جديدة للوكالة بأن يتم غربلة المشاريع وإنضاجها قبل منحها الضوء الأخضر.

ويشدد الخبير الاقتصادي على ضرورة التركيز على الأولويات التي نص عليها قانون الاستثمار الجديد من خلال منح المشاريع الاقتصادية ذات الجدوى أولوية في الدعم والتسهيل، خاصة وأن السوق الوطنية بحاجة لبعض المنتجات التي تعرف فيها عجزا لذلك وجب دعم أصحابها ومنحهم تسهيلات بعيدا عن القيود البيروقراطية.

كما وجب مرافقة أصحاب المشاريع من خلال ضمان التكوين المتواصل لهؤلاء بعد حصولهم على الضوء الأخضر لانجاز مشاريعهم الاقتصادية قائلا:" تكوين الكفاءات البشرية لولوج عالم الشغل والأعمال المقاولاتية ضرورة لإنجاح هذه المشاريع وتفادي الوقوع في أخطاء الماضي ".

كما يفترض على القائمين على هذه الوكالة مرافقة أصحاب المشاريع من خلال تقديم جملة من التسهيلات لهؤلاء غرار وضع منصة رقمية تضم كافة المعلومات حول الخطوات الأولى الواجب إتباعها قبل إيداع طلب  الحصول على القرض البنكي وخارطة تضم أسماء أهم منتجي المعدات وغيرها من المعطيات الضرورية لصاحب المشروع".

هذه المشاريع الأكثر طلبا

أما بخصوص نوعية المشاريع الأكثر طلبا من طرف الشباب الطامحين للاستفادة من تمويل الوكالة الجزائرية لترقية المقاولاتية "نسدا" خلال سنة 2024، فيقول رئيس الاتحاد الوطني للمستثمرين الشباب رياض طنكة في إفادة لـ"الترا جزائر" أن معظمها ترتبط بقطاعات الخدمات والرقمنة والفلاحة وتضييع بعض أصناف المنتجات مثل النسيج والمنتجات الغذائية والحلويات ومواد التجميل والتنظيف.

ويرى المتحدث أن قرار إعادة فتح التمويل سيلعب دورا كبيرا في تشجيع الشباب المقاول الذي لا يزال متعطشا لإنجاز مشاريعه الخاصة بعيدا عن حلم الوظيفة التقليدية أو البطالة التي كانت فيما مضى مصيرا حتميا لمئات آلاف خريجي الجامعات سنويا.

ويثمن طنكة النسخة الجديدة لعودة الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية ويؤكد أنها تحمل اليوم خصائص ومميزات جديدة بعيدا عن النظرة الشعبية السابقة وتتسم هذه المرة بالجدية والنظرة الاقتصادية والواقع حيث تراهن على مشاريع مؤهلة للنجاح وترافق الشاب في مختلف مراحل المشروع وتشترط مستوى من العلم والتكوين لم يكن مفروض من قبل وهو ما يرشح إلى نجاح المشاريع الجديدة على عكس تلك السابقة الذي كان مصير أزيد من 82 بالمائة منها الفشل يجزم المتحدث.

ويتوقع رياض طنكة أن ترتفع وتيرة منح وتوزيع المشاريع الخاصة بهذه الوكالة خلال الأيام القليلة المقبلة، مشددا على أن سنة 2024 هي سنة عودة "نسدا" بصيغة وحلة جديدتين، ووفق ظروف محفزة ومقاربة مختلفة تماما عن الماضي.