16-نوفمبر-2023
رنين الوزير

(تركيب: الترا جزائر)

"إسرائيل سرقت مني رؤية غزّة بجمالها وشوارعها وطرقاتها وحاراتها، لكن لم ولن تسرق حلمي في الرجوع إليها يومًا ما.."، بهذه العبارات تحدّثت الشابة الفلسطينية، رنين الوزير، المقيمة بالجزائر،  بحسرة في لقاء مع "الترا جزائر" عن مسقط رأسها غزّة الصامدة ومعاناة عائلتها وكلّ الغزاويين جرّاء العدوان الصهيوني المُستمر.

الغزاوية رنين الوزير تُسهم في الدفاع على القضية الفلسطينية بقلمها وصوتها عبر قناة تلفزيونية جزائرية

تقول رنين الوزير المقيمة في الجزائر منذ أربع سنوات، إنّ "هذا العدوان، ليس الأوّل على غزة ولكن بالنسبة لها تراه الأصعب والأخطر لكونها خارج غّزة، وهي بعيدة عن عائلتها، التي مازال جلّ أفرادها بغزة."

بانر

وتضيف الوزير التي تشتغل صحفية بقناة جزائرية (خاصة): "أعمامي، وأصدقائي وكل من عرفتهم منذ طفولتي لمدة 22 عامًا، ماكِثون في القطاع، وما يجعل العدوان أصعب وقعًا وشدّة هو الحصار المفروض على القطاع، .. لا ماء ولا كهرباء، لا مستلزمات طبية، لا أغذية.."

رنين عماد الوزير عشرينية العمر، بحُرقة تتحدّث عن أقاربها في غزة: "يعيشون الوضع الحالي بخوف كبير، من لم يخف من الموت تحت القصف، خشي من الموت بالجوع والعطش أو البرد، آلاف المنازل دمّرت، يفترش أهلها الأرض ويلتحفون السماء، هناك نازحين من الشمال إلى الجنوب، كيف لا نخاف عليهم، كيف لا نفكر فيهم، قلوبنا معهم."

تواصل محدثتنا سرد هذا الوجع بمرارة: "أحد هؤلاء، عمّي، عمّي رفض النزوح إلى الجنوب، وترك الشمال حيث يعيش، نفكر فيه كل لحظة، ما يزيد ألمنا وقلقنا هو الانقطاع الذي يمس قطاع الاتصالات، نبقى أيام بلياليها ونحن نترقب على أمل الحديث معه، ومع الأحباء والأقرباء، ووسيلتنا الوحيدة للتواصل، هي شاشة الأخبار،  حيث الرعب يسيطر علينا، صرنا نخاف من الشاشة، قد تتساءل لماذا، نخشى أن نتابع الأخبار؟، قد نسمع برحيل عزيز منّا يسكن في غزّة، لا نتحمّل، الموقف لا يمكن تخيله، ليس سهلا ذلك.."

جسد في الجزائر وقلبٌ معلق بغزّة

عائلات فلسطينية كثيرة تعيش في الجزائر، إضافة إلى طلاّب الجامعات بمختلف ولايات البلاد، عن التواصل مع أبناء وطنها في الجزائر، تكشف الوزير أنّ "الجزائر من أكثر الدول التي تستقبل الطلاب الفلسطينيين من قطاع غزة، ويوجد عديد الطلاّب عالقين في الجزائر، يريدون العودة إلى غزة لكن الوضع لا يسمح، لذلك التواصل ضروري بينهم من أجل محاولة التخفيف عن بعضهم البعض، في ظل هذه الأزمة.. ولا يوجد حل."

وبخصوص يومياتها في الجزائر في ظل العدوان على مدينتها غزّة، وما تأثيره عليها، لم تُخفِ المتحدثة أنّ "العدوان الصهيوني لم يغير حياتها فقط، بل ألغاها، بالرغم من أنّها بعيدة عن خطره بوجودها في الجزائر التي شهدت تأسيس الدولة الفلسطينية، لكن عقلها وروحها وقلبها -بحسب قولها- موجودون في غزّة ومتعلّقون بها."

وتتابع سردها والقلب يعتصر ألمًا: "حتى العمل الخاص بي في مجمله يدور حول غزة، وبحكم أنني صحفية، فجميع التقارير المنجزة تكون حول غزة ومستجدات العدوان،  حتى الحوارات الطبيعية العادية التي كانت مع الزملاء والأسرة قبل أيام لم تعد كذلك، تغيّر كل شيء، كل الأحاديث عن غزّة، عن معاناة أبناء وطني، حتى لو فكرنا في الأكل، لا يمكننا، لأنّ في القطاع من هم بلا مأوى، ولا مأكل ولا مشرب."

وتشير المتحدثة في حوارها مع "الترا جزائر" إلى أنّ "وضع غزّة الآن، أثرّ سلبًا بشكل كبير على حياتها وعاداتها اليومية، فراق الأعزاء، الأهل، حتى شكل وملامح المدينة التي ولدت وترعرعت بها، حتّى عدت يافعة، تغيرت ملامحها، لم تعد كما كانت، المشاهد التي نراها يوميا مرعبة،.."

غزّة.. متى أعود إليك؟

وسط هذا الدمار الحاصل في المدينة الصامدة، مدينة الأبطال والمقاومة، ليس باستطاعة الغزاوية رنين الوزير، التخلي عن الاطلاع على "الأخبار" وتمضي رغم الخوف، ساعات في متابعة ما يجري، سواء عبر التلفزيون، أو منصات التواصل، لأنّ ذلك قد يخفف عنها بعض الشيء خاصة عندما تحظى بسماع صوت أهلها وأقاربها المحاصرين في غزّة لثوانٍ أو دقائق معدودة..، فلا يهمها إن كانت تشعر بالجوع أو النعاس.. ما يهمها هو كيف تطمئن قلبها وتهدئ من روعها."

تذكر رنين في حديثها إلينا أنّها قدمت إلى الجزائر منذ أربع سنوات، بيد أنّ حلم العودة إلى غزّة يراودها، لتزور الأماكن التي تعوّدت على السير في طرقاتها وشوارعها، في فضاءاتها، لتزور مدرستها، جامعتها، لتشم نسيم غزّة والاستمتاع بخليجها...، تواصل الإفصاح عن هذا العشق لغزّة قائلة: "غزة صغيرة، أحفظ خارطتها، أحفظ بيوتها وحارتها، ورغم أن الصهاينة سرقوا مني حلم رؤية غزّة بكل جمالها قبل العدوان، ورؤية كل ما أحب بهذه المدينة الجميلة، لكن لن ولن يسرقوا حلمي وأملي في الرجوع إليها يوما ما، غزّة مهما ابتعدنا عنها بمسافات ومسافات في العالم، ومهما ذهبنا لأي مكان في العالم، مسقط رأسنا وعودتنا ستكون لغزة."

"طوفان الأقصى"..

تختم رنين الوزير بحديثها عن عملية "طوفان الأقصى"، وبقبعتها الإعلامية ترى أنّ "طوفان الأقصى" ليست العملية الأولى التي تتم ضدّ الكيان الصهيوني، ولكنّها الأقوى والأخطر لأنّها كسرت الروايات الصهيونية التي ترمي إلى القول إنّ الكيان لا يقهر، فالمقاومة بأبسط المعدّات والإمكانيات توغلت في عمق الكيان رغم آلته العسكرية الضخمة من أجهزة مراقبة وتصوير، وأسلحة فتاكة، المقاومة محت الصورة النمطية التي أراد الاحتلال إيصالها إلى العالم.

وتجزم في معرض حديثها أنّ "فشل الاحتلال عسكريًا وإعلاميًا ودبلوماسيًا، ولم ينجح في تنفيذه أهدافه، لذلك حوّل عدوانه إلى قتل الأطفال واستهداف المستشفيات."