23-مايو-2020

جمعيات خيرية تكفلت بتوزيع ملابس العيد على المحتاجين (تصوير: رياض كرامدي/أ.ف.ب)

تتوارد الأخبار من هنا وهناك، خاصّة في القنوات التلفزيونية، عن ضمان الخدمة العمومية في أيّام العيد، وضمان السيولة المالية في مراكز البريد والاتصالات وضمان مادّة الوقود في محطات البنزين، والحثّ على توفير وسائل النقل من الحافلات وسيارات الأجرة في محطات النقل عبر الولايات، وأهمّ شيء ضمان توفّر مادّة الخبز في أيام الشعيرة الدينية، وتغريم المحلّات المكلفة بالمداومة في مختلف بلديات الوطن.

يوم العيد سيكون طويلًا، مع ضيف غير المرئي حلّ دون استئذان على العالم أجمع،

تتوارد الأخبار أيضًا، في المقاهي والتجمّعات الشعبية، عن عمليات الختان الجماعية، وانتهاز ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان للاحتفالات، فيما تجول النسوة في الفضاءات التجارية الكبرى واقتناء لوازم إعداد الحلويات لاستقبال المناسبة السعيدة، وشراء ملابس العيد.

اقرأ/ي أيضًا: في منطقة القبائل.. كورونا تبعث نظام "ثاجماعث" من جديد

تتزاحم المعلومات، وتتضارب الأخبار على منصّات التواصل الاجتماعي، منها ما هو متعلّق بترقّب هلال شوال وأول العيد، ومنها ما هو مرتبط بصور صنوف متعددة من الحلويات التي يعرضها العامة في الفضاء الافتراضي وخاصة فيسبوك، احتفالَا وفرحًا بقدوم عيد الفطر، ومنها ما هو متصل بتهاني اليوم السعيد.

تتوارد الأخبار في الإدارات العمومية، عن المداومات الخاصّة بأيام العيد، وضمان الخدمة العمومية في قطاعات حسّاسة، أهمها المستشفيات، ومجال الأمن والدرك لضان سلامة المواطنين في مختلف مناطق الوطن.

الأخبار المتواترة في البيوت: عمليات تنظيف وإعداد الأفرشة الجديدة أو الجميلة، والأواني التي تستعمل في مائدة قهوة المناسبات والأعياد، بينما يفرح الأطفال ويتباهون بألبسة العيد، بل لا ينامون حتى يلبسونها مرّات ومرّات ويضعونها بالقرب من سرير نومهم، في انتظار بزوغ شمس يوم عيد الفطر.

الأخبار المتواترة في الإعلام، وخاصّة في القنوات التلفزيونية، من سيحظى بتغطية صلاة العيد وضمان النقل المباشر، ومن سيضمن المداومة الصباحية في أوّل أيام العيد، وينقل معها تهاني الجزائريين في الشارع وفي المستشفيات ومراكز حماية الطفولة المسعفة ومراكز المسنين.

غالبية الجزائريين، يؤدّون صلاة العيد في المساجد، يتغافرون، يفرحون، ويعبّرون عن أمانيهم بالأفضل والخيرات للأمة الإسلامية. بينما يلعب الأطفال، تؤدّى أمانة زكاة الفطر، تكثر زيارات الأقارب وصلة الأرحام، ويتبادل الجيران الحلويات فيما بينهم كعربون محبة وهدية في يوم العيد، ولكن رحلة قصيرة، تضم محطات خفيفة، مؤلفة من مشاهد وصور تمرّ بسرعة على الأذهان، في أيام عيد الفطر في العام الماضي، بينما هذه السنة، "لا رائحة ولا طعم للعيد"، بعد إغلاق المساجد، إذ غيّرت الأزمة الصحية بانتشار كورونا كلّ شيء، كما أعاد الفيروس ترتيب الأولويات لدى الأسر والعائلات، وغيّرت بعض عاداتهم، في شهر رمضان والاحتفال بالمناسبة السعيدة، فالظرف الطارئ، أدخل الخوف والتوتر في النفوس، مع احتمالات استمرار البقاء في حجر منزلي لأيام وأسابيع أخرى.

يوم العيد سيكون طويلًا، مع ضيف غير المرئي حلّ دون استئذان على العالم أجمع، خفيف في الهواء، ثقيل في القلب، تسلّل دون موعد، يجعل من الجميع سواسية، يتذوق جميعًا معنى الغربة ونترقّب تقريب مسافات الجغرافيا في البلاد.

الظروف المحيطة، تترك فينا مذاق قيمة العائلة، ومعنى الدّار الكبرى، ومعها مرارة الفقد والافتقاد، بسبب البعاد عن الأهل والأقارب، ومعنى الحرية في زمن السجن الكبير والعزلة، معنى الأمن في مواجهة الخوف، ومعنى الصحة في زمن الوباء.

ضيف لا يمكن رؤيته، يجعل منّا نتحسّس النّعم على كثرتها، بعدما تاهت الأعين عنها. ضيف يتيح للجميع الشعور بابتلاءات الكثيرين في فاقة العيش اليومي، والتعرف جيدًا على قيمة شراء هندام جديد، فلا مجال هذه المرة للتفاخر والتباهي بلباس أمام جار يتيم.

الكثيرون لم يعرفوا لمناسبة العيد رائحة، ولم يذوقوا بعد له طعم، كثيرون بات العيد بالنسبة لهم عبارة عن "موسم المواجع ومناسبة تتقلّب فيها الجراح وتطفح".

فالعيد في زمن كورونا، عبارة عن ميزان حقيقي لمعانٍ كثيرًا ما ابتُذِلت مع زحمة الحياة وسرعتها

الجميع سواسية أمام نعمة الفرح الواحدة، بعد شهر الصيام، فالعيد في زمن كورونا، عبارة عن ميزان حقيقي، لمعانٍ كثيرًا ما ابتُذِلت مع زحمة الحياة وسرعتها، ولمحطات كثيرًا ما نمرّ عليها مرورًا سطحيًا، دون التوقف عندها، ولمواقف لم تستغل اجتماعيًا، ولعديد المظاهر التي يمكن الاستغناء عنها، رأفة بمن لم تسعفهم مشقات الحياة المادية، وتضامنا معهم في عيد مكنته أزمة من المساواة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

إجبارية وضع الكمامة اعتبارًا من أول أيام عيد الفطر

تمديد ساعات الحجر المنزلي ومنع حركة السيارات يومي العيد