06-سبتمبر-2020

رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون (تصوير: بلال بن سالم/Getty)

من المؤكّد أن الدخول الاجتماعي والسياسي سيكون صعبًا هذه السنة، حيث تنتظر السلطة الحالية ملفات سياسية واقتصادية كبرى لا تزال معلقة، وتسود حالة من الترقب في الجبهة الاجتماعية، خاصّة في ظلّ الظروف الحالية التي تعيشها الجزائر كسائر دول العالم بسبب جائحة كورونا.

تستعد السلطة منذ انتخاب عبد المجيد تبون رئيسًا للجمهورية لخوض أوّل امتحانٍ سياسيٍّ لها

تعديل الدستور.. كيف؟  

تستعد السلطة منذ انتخاب عبد المجيد تبون رئيسًا للجمهورية، لخوض أوّل امتحانٍ سياسيٍّ لها، ويشكّل الاستفتاء على الدستور الجديد أول محطة سياسية، كما يأتي الإعلان عن تاريخ الاستفتاء دون صدور المسودة النهائية كمفاجأة لدى بعض المراقبين، وتسود حالة ترقّب في كيفية  تمرير الدستور الجديد، علمًا أن رئاسة الجمهورية  لم تبادر إلى تشكيل تحالفٍ رئاسي كما جرت عليه تقاليد السلطة السياسية، بحثًا عن قطب سياسي مكون من أحزاب وجمعيات بقصد إيجاد قاعدة سياسية ودعائية، تُوظف في المواعيد الانتخابية والسياسية.

اقرأ/ي أيضًا: قبل عرضه على البرلمان.. مشروع تعديل الدستور على طاولة مجلس الوزراء

وتثار حول قضية استفتاء ويرى متابعون أن رئيس الجمهورية قد يقرّر، بالتشاور مع الطاقم الحكومي، عدم عرض مسودّة تعديل الدستور على المناقشة البرلمانية، لكن ذلك قد يصطدم مع مانع قانوني، فمن الناحية الإجرائية، فإن الرئيس ملزم بتمرير الدستور على غرفتي البرلمان للمصادقة عليه قبل عرضه للاستفتاء، إلا إذا تقرّرت إجراءات جديدة تخصّ البرلمان، قبل عرض مسودّة الدستور في نسختها التي ستعرض للاستفتاء.

تجدر الإشارة إلى أن رئيس الجمهورية قد استقبل وفدًا من أحزاب وجمعيات وطنية أطلقت مبادرة سياسية تحت مسمّى "مبادرة القوى الوطنية للإصلاح"، لكنها لم تحظى بالموافقة والاجماع الوطني، فهل ستكون تلك الأحزاب سندًا للسلطة في تمرير الدستور الجديد؟

في المقابل، تتحفظ أحزاب سياسية وجمعوية، ونشطاء من الحراك الشعبي على خارطة طريق السلطة، ولا تشاركها الرؤية في كيفية الخروج من الأزمة السياسية، وبناء على ما اصطلحت عليه "الجزائر الجديدة"، كون الانتقال الديمقراطي يحتاج إلى بناء مؤسّساتي ديمقراطي قائم على أحداث قطيعة نهائيًا مع ذهنية سياسية تسلطية.

أي نموذج تنموي؟

في السياق ذاته، تلمّح الحكومة إلى الإعداد لمرحلة جديدة تتمثل في وضع برنامج اقتصادي جديد، وأرضية للنموذج التنموي تحدث القطيعة مع الممارسات القديمة، وتقضي على المحسوبية والزبائنية، وتكسر هيمنة المال الفاسد على الاقتصاد، برنامج  ينهي سيطرة الجهاز البيروقراطي على الميدان الصناعي والفلاحي.

 يطرح هذا النموذج الاقتصادي "غير واضح المعالم" عدّة تساؤلات، بناءً على اختلالات في الرؤية والمنهجية، فمعيقات التنمية في الجزائر تتجاوز ممارسات الحكومات السابقة، بل تمتد إلى عقود من التراكمات والمخططات والسياسيات الاقتصادية الفاشلة، أنهكت المؤسّسات العمومية وعجزت عن بعث القطاع الخاص، ولن يكفي التشخيص والتقييم المستعجل - كما يطالب به رئيس الجمهورية- لوضع تصوّر واضح المعالم لرسم استراتيجيات كبرى في ميدان الصناعة والطاقات المتجددة و الزراعة.

من جهة أخرى، تُساهم أهمية التشخيص والتقييم في وضع بنية تنموية، ولا يمكن إنجاح أي استراتيجية دون وجود قاعدة اقتصادية صلبة، متكونة من مؤسسات صناعية قوية، وقاعدة سياسية تمثيلية، وجهاز إداري لامركزي قادر على استيعاب التحولات الداخلية والخارجية، فالقطاع العمومي لا يزال يعاني من الهشاشة الهيكيلة والتآكل إداريًا، كما أنه مفلس ماليا، رغم استهلاكه الملايين  دعمًا من أموال الخزينة العمومية، والقطاع الخاص رغم مجهوداته لا يتخطى الطابع العائلي، وارتباطاته السياسية والإدارية، وقطاع المقاولات يستمد بقاءَه من الصفقات العمومية، أمّا الجهاز الإداري فلا يزال يحتفظ بهياكله التقليدية التي تحتاج إلى ثورة تعيد بناء مؤسّسات إقليمية تشاركية وإعادة صياغة رؤية عصرية للجهاز الإداري.

الجبهة الاجتماعية تترقّب  

في سياق الموضوع، تعيش الجبهة الاجتماعية حالة من الترقب، من أجل المطالبة بتحسين ظروف المعيشة وضدّ الغلاء، وفي ظلّ أزمة كورونا تضاعفت معاناة المواطن والعامل البسيط، ورغم الهدنة في الوسط الاجتماعي في ظلّ هذه الظروف الصحية الخطيرة، إلا أن ملفات عديدة تتنظر الحكومة معالجتها مع الشريك الاجتماعي، الذي يطالب بانتزاع مكاسب اجتماعية وعمّالية، وملف التقاعد والتوظيف ورفع الأجور، وتحسين الخدمات الصحية والتعلمية والاجتماعية.

يبقى الدخول الاجتماعي والسياسي مفتوحًا على كل الاحتمالات والسيناريوهات

وعلى العموم، يبقى الدخول الاجتماعي والسياسي مفتوحًا على كل الاحتمالات والسيناريوهات، ويتطلب تجاوز الازمات المعقدة  الإسراع في تحقيق مطالب التغيير الديمقراطي وحل المؤسسات السياسية القائمة والذهاب إلى انتخابات تشريعية، مع فتح المجال السياسي والاعلامي، والاهتمام بالشق السياسي، إضافة إلى إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني وفق رؤية برغماتية لتشجيع روح المبادرة والاستقرار التشريعي والقانوني والانفتاح على السوق الدولية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تبون: الشعب الجزائري هو من يقرّر تبنّي أو رفض الدستور

استفتاء تعديل الدستور في الفاتح من نوفمبر القادم