16-فبراير-2020

الطالب الجزائري أفلح الجعدي (فيسبوك/الترا جزائر)

لم يكن الشاب العشريني، يعلم أنّ رحلة عودته من الصين إلى الجزائر ستكون مغامرة كبيرة؛ فالطالب الجامعي الذي قصد أقاصي الصين، من أجل دراسة اللغة الصينية في مقاطعة جيانغسو، كان يخطو خطواته الأولى في هذا البلد الآسيوي.

ماكاد الشاب أفلح الجعدي، يتعوّد على نمط العيش، وهو القادم قبل ستة أشهر فقط، ضرب فيروس" كورونا" الصين

ماكاد الشاب أفلح الجعدي، يتعوّد على نمط العيش، وهو القادم قبل ستة أشهر فقط، ضرب فيروس" كورونا" الصين، وجعله يعيش في عزلة تامّة عن العالم، لم يكن أفلح ينوي في البدء العودة، كون المدينة التي يقطن بها بعيدة عن بؤرة الداء، لكنه استسلم في الأخير وقرّر "الهروب من كورونا".

اقرأ/ي أيضًا: إجلاء الجزائريين من الصين وتعليق الرحلات.. هل تجنّبت الجزائر فيروس "كورونا"؟

 

تفاصيل البداية

يروي الجعدي المنحدث من منطقة غرداية جنوبي البلاد، قصّته لـ "الترا جزائر"، وكيف قضى ساعات الرحلة من الصين إلى الجزائر، يقول: "بعد أسبوع من التفكير والتخطيط في قدومي إلى الجزائر من عدمه، قرّرت الرجوع إلى الجزائر ريثما تستقرّ الأوضاع وتتّضح الرؤية، جاء قراري هذا في وقت كانت فيه أخبار إعلانات شركات الطيران، تتداول خبر تعليق رحلاتها نحو الصين، وهو زاد فيّ توتّري وقلقي".

يصف أفلح ذلك المشهد قائلًا: "توجّهت نحو حقائبي لتوضيبها، وبعد أن فتحتها بدأت صور رحلة العودة الطويلة تتراءى لي. غمرتني في الوقت نفسه مشاعر الشوق في العودة إلى أرض الوطن، والالتقاء مجددًا بالعائلة والأصدقاء. وقتها لم أكن غيّرت بعد موعد تذكرة سفري؛ وقد كان من المفترض أن أعود إلى الجزائر في تاريخ 10 تمّوز/جويلية القادم".

بعد أن أخذ أفلح إذنًا بمغادرة الصين من جامعته، بدأ رفقة زميل له رحلة العودة إلى الجزائر، فاختارا التوجّه عبر القطار نحو العاصمة الصينية بكين. هنا، يصف أفلح حال المدن الصينية بعد أنّ أخذ خطر الوباء في الانتشار، موضحًا "كانت كلّ مداخل المحطة مجهزة بطاقم طبّي ووسائل متطوّرة لقياس الحرارة، وكل من في المحطة يتوخّى الحذر ويتحاشى الاقتراب من الآخرين".

رحلة طويلة

تأخّر الطالبان الجزائريان قليلًا عن موعد القطار المتجّه نحو بكين، فاضطرّا لانتظار قطار آخر نحو الوجهة نفسها، وبعد أن حجزا لنفسيهما مكانًا داخل القطار بدأت الرحلة الحقيقية، إذ يسترجع أفلح تلك اللحظات قائلًا: "كان كلّ ما يدور في ذهني وأنا على متن القطار، هو ألا أقترب من أحد، إلا أن أعداد الراكبين كانت تزداد بعد كلّ محطة إلى أن امتلأ على آخره، حتّى أنّني كنت أشعر بحكّة في كل أطراف جسدي، وأتذكّر أني عطست مرّة داخل القطار، فنظر إليَّ كلّ من حولي في القطار، وكأنهم يقولون لي ما كان يجب أن تكون هنا".

يستطرد الطالب الجامعي، أنه بعد وصوله إلى مطار بكين، التقى صديقًا جزائريًا عائدًا نحو الجزائر بدوره. ساعده على حلّ مشكلة تقديم موعد سفره، فمكتب شركة الطيران التي حجز بها أفلح معها مغلق".

لقد أصبح كل شيءٍ جاهزًا كي تبدأ رحلة العودة إلى الجزائر، يستذكر أفلح صورة مطار بكين في تلك الأيام: "كان المطار مكتظًا بالأجانب من جنسيات مختلفة، وكان هاتفي بحاجة إلى طاقة إضافية، فاتجهت إلى عمود شحن".

بعد انتظار طويل، أتت لحظة الفرج ليصعد الشاب أفلح ومعه العديد من الجزائريين في رحلة تربط بكين بالجزائر مرورًا بدبي، فكان من حظ الطلبة الجزائريين، أنّ الشركة التي حجزوا معها لم تلغِ رحلاتها نحو الصين في ذلك الوقت، لكن الرحلة لم تكن سهلة بعد أن اضطروا للبقاء لليلة كاملة في دبي، لكن المهمّ في كل ذلك هو بلوغ المراد ودخول الوطن، ريثما يستقرّ الوضع وتقضي الصين على هذا الشبح غير المنتظر، على حدّ تعبيره.

تدابير غير صارمة؟

انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي قبل فترة قصيرة، شريط فيديو لطالب جزائري عائدٍ من الصين، يشتكي نقص التدابير المتّخذة مع الجزائريين العائدين من هناك، حيث وصف تلك الإجراءات بغير الصارمة في التعامل مع داء يهدّد الإنسانية.

الانطباع نفسه، لمسناه أثناء الحديث مع أفلح، يرى أنّه لم تكن هناك إجراءات صارمة في الجزائر، هنا يصف المتحدّث تفاصيل نزوله بمطار الجزائر، أنه "كانت هناك طبيبتان عند الخروج من الطائرة، تحملان أجهزة لكن دون توقيف أحد ولو لثواني معدودة لقياس الحرارة كما يفعل الصينيون، الذي صنعوا الجهاز بأنفسهم. بعد الخروج من المطار توجّه أفلح لأحد المراقد أين عزل نفسه لأربعة أيّام في غرفته، ثم اتّجه بعدها إلى المستشفى.

يُثني الشاب أفلح، على تعامل طاقم مستشفى القطّار بالعاصمة، مع كل الجزائريين الذين قدموا من الصين

يُثني الشاب أفلح، على تعامل طاقم مستشفى القطّار بالعاصمة، مع كل الجزائريين الذين قدموا من الصين، ويختم قائلًا: "جمعني حديث بطبيبة قامت بفحصي وإجراء التحاليل لي، وأطلعتني أن هذا المستشفى لا يستطيع استقبال الكثير من المرضى في حال تفشّي الداء في الجزائر، كما أنّ المستشفيات الجزائرية المزوّدة بالأجهزة والوسائل اللازمة، تعدّ على أصابع اليد".

 

اقرأ/ي أيضًا:

الجويّة الجزائرية: لا رحلات إلى الصين بسبب فيروس كورونا

فيروس كورونا.. الرئيس تبون يأمر بإجلاء 36 جزائريًا عالقًا في الصين