27-أكتوبر-2022

(فيسبوك/الترا جزائر)

نصب وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية إبراهيم مراد السبت  الماضي بالجزائر العاصمة لجنة الخبراء المكلفة بمراجعة ودراسة مشروعي قانوني البلدية والولاية، بهدف تحسين أداء المسؤولين المحليين سواءً المنتخبين أو المعينين، وتحديد صلاحيات كل طرف لوضع حدًا للتداخل والصدام الذي يحدث بين الوالي ورئيس البلدية، والتقليل من شبهات الفساد وسوء التسيير التي لاحقت الكثير من زملائهم، وأدخلتهم أروقة العدالة.

شكل انسداد المجالس البلدية على الدوام مشكلًا كبيرًا على مستوى الإدارة المحلية

ويأتي التعديل المرتقب بعد آخر مراجعة لقانوني البلدية والولاية الذي تم قبل عقد من اليوم، وهو ما يعيد التساؤل من جديد إن كان الإشكال في القانون فقط، أم أن الأمر يتعلق بمنظومة تسييرية كاملة تستدعي المعالجة من أجل تحسين أداء البلدية والولاية باعتبارهما مرآة أداء الحكومة في التكفل بانشغالات مواطنيها.

قبل 2023

في هذا السياق، أشار وزير الداخلية إلى أن تنصيب هذه اللجنة جاء تنفيذا لتوصيات الرئيس عبد المجيد تبون، خلال لقاء الحكومة بالولاة المنعقد يومي 24 و25 أيلول/سبتمبر الفارط.

وأعلن الرئيس تبون وقتها تأسيس لجنة تتولى فورا مراجعة قانوني البلدية والولاية بهدف دعم أكثر للامركزية وخلق موارد لتمويل الجماعات المحلية، مشيرا إلى أنها ستكون "تحت إشراف وزارة الداخلية وبمشاركة ممثلين عن مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني ووزارة المالية، إلى جانب ممثلين عن المنتخبين المحليين".

وأوضح وزير الداخلية أن مصالحه قامت بـ"استشارة كافة الأطياف والفاعلين تكريسًا لمبدأ التشاركية" بهدف "دراسة وإبراز مجمل النقائص وأوجه القصور، ومواطن الاختلال التي شابت أحكام قانوني البلدية والولاية منذ دخولهما حيز التنفيذ لمدة تقارب 10 سنوات".

وأوضح مراد أن تحضير مشروع قانون البلدية "عرف تقدما ملحوظًا", داعيًا أعضاء هذه اللجنة إلى العمل على مواصلة "تنقيحه وإثرائه".

و كشف أنه سيتم وضع "منهجية عمل موضوعاتية ورزنامة زمنية" بنهاية السنة الجارية للانتهاء من إعداد مشروعي قانوني البلدية والولاية.

وقال النائب بالمجلس الشعبي الوطني سليم تبوب، المنتخب عن ولاية جيجل وعضو اللجنة المكلفة بمراجعة ودراسة مشروعي قانوني البلدية والولاية لـ"الترا جزائر"، إنه قبل عام نصب الوزير الأول أيمن  بن عبد الرحمان ورشات مراجعة قانون البلدية وقانون الولاية، بهدف تحسين التسيير المحلي، والتي كانت خمس ورشات، تمحور دور بعضها حول مالية البلدية والولاية، وتشخيص القانون القديم وإحصاء عيوبه.

وكان الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن قد قام في الخامس تشرين الأوّل/أكتوبر 2021، بتنصيب ورشات مراجعة قانون البلدية وقانون الولاية.

وأضاف  تبوب أن عمل هذه الورشات كان يتم بصفة دورية، وقدمت منذ أيام نسخة للرئيس تبون الذي أمر بإعادة النظر في  النسخة الأولى من  مشروع مراجعة قانوني البلدية والولاية، مشيرا إلى أن اللجنة المنصبة من قبل وزير الداخلية ستجتمع ثانية في الثالث من شهر تشرين الثاني/نوفمبر الداخل لدراسة مختلف الاقتراحات، ثم تعاود الاجتماع من جديد في العاشر من الشهر نفسه للتصديق على النسخة النهائية لمشروع القانون الذي سيرفع للحكومة ومجلس الوزراء.

الاقتصاد أولًا

وكشف النائب البرلماني سليم تبوب أن مراجعة قانون البلدية والولاية بنيت هذه المرة وفق نظرة اقتصادية بعدما كانت تتم في السنوات السابقة وفق نظرة إدارية للبلدية.

وفي هذا الشأن، دعا وزير الداخلية إلى ضرورة بلورة "اقتراحات فعالة تصب في صميم احتياجات المواطن وتعزز الدور الاقتصادي للبلدية".

وكان الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن قد قال قبل عام خلال تنصيبه ورشات مراجعة قانون البلدية وقانون الولاية إن هذه الإصلاحات يجب أن تولي أهمية للدور الاقتصادي للبلديات، لكي "تسمح ببروز اقتصاد محلي حقيقي، يشكّل إحدى دعائم التنمية والنمو الاقتصادي لبلادنا"، مشيرًا إلى أن هذه الورشات "ستسمح بتعزيز اللامركزية التي سطرتها السلطات العمومية".

ويرى النائب سليم تبوب، أن تحسين الأداء الاقتصادي على مستوى البلدية يكون بـإشراك المجلس الشعبي البلدي في اتخاذ القرارات المتعلقة بالاستثمار، ومنحه صلاحيات البت في المشاريع الاستثمارية بدل الوالي لأن المسؤولين المحليين هم الأدرى بشؤون بلديتهم، لأن الوالي ليس بإمكانه متابعة جميع أحوال البلديات التي تفوق في بعض الولايات 60 بلدية.

ودعا تبوب إلى ضرورة الذهاب إلى أولوية المنتخب على المعين، حتى في ملف الاستثمار لتحقيق اللامركزية، مؤكدًا أن البلدية بإمكانها القيام بهذه المهمة للرد على المشككين في امتلاكها الكفاءة اللازمة لدراسة مختلف المشاريع الاستثمارية، حيث علل ذلك بتوفرها على مصالح تقنية وإمكانية التعاقد مع مكاتب دراسات مختصة في حال وجود أي نقص أو حاجة لاستشارة خبراء ومتخصصين.

التخلص من الانسداد

شكل انسداد المجالس البلدية على الدوام مشكلًا كبيرًا على مستوى الإدارة المحلية، بالنظر إلى تعطيله مصالح المواطنين، وانتهائه في الغالب بتغليب سلطة المسؤول المعين ممثلة في الوالي على رأي المنتخبين.

وقال تبوب في حديث إلى "الترا جزائر" إن التعديلات المرتقبة ستعمل على الحد من هذه الظاهرة السلبية التي ارتبطت بالمجالس البلدية، وذلك بإعادة حق تشكيل المجلس الشعبي البلدي ورئاسته من قبل القائمة الانتخابية الفائزة، وإلغاء التعديلات التي تمت قبل الانتخابات المحلية الأخيرة التي جرت العام الماضي.

وأشار تبوب إلى وجود مقترحات جديدة تتمثل بإعادة حق توزيع السكنات الاجتماعية للبلدية بدل الدائرة التي أكد بقائها رغم نقل أغلب مهامها الإدارية اليوم للبلدية، موضّحًا أن منصب رئيس الدائرة لن يُلغى، وهو باقٍ، لكن دعا هنا إلى جعل الدائرة وسيطًا اقتصاديًا بين البلدية والولاية، وذلك بمراقبتها للمشاريع الاستثمارية.

ومن بين المقترحات المطروحة اليوم لتحسين أداء المنتخبين المحليين هو جعل قرارات المجلس البلدي نافذة التطبيق، دون الحاجة إلى مصادقة الوالي كما هو اليوم، إضافة إلى منح صلاحية تسيير ميزانية للمجلس الولائي له، لأنه من غير المعقول – وفق سليم تبوب –أن يكون المجلس الولائي الذي يراقب ويصادق على مشاريع وميزانية الولاية لا يملك صلاحية شراء حتى قلم ما في حال لم يمنحه الوالي ذلك.

الأهم في هذه الإصلاحات يظل مدى قدرتها على تقديم مسؤولين نزيهين هدفهم خدمة المواطن

وفي انتظار ما ستحمله النسخة المنقحة لمشروعي قانوني البلدية والولاية من جديد بشأن تحسين التيسير المحلي وفصل سلطات كل هيئة محلية، فإن الأهم في هذه الإصلاحات يظل مدى قدرتها على تقديم مسؤولين نزيهين غايتهم خدمة المواطنين لا نهب أموال الشعب، لتتحول عندها بعض الإجراءات إلى مجرد تفاصيل صغيرة يمكن معالجتها بتعديل بسيط.