06-ديسمبر-2019

عبد المجيد تبون، عزالدين ميهوبي، عبد القادر بن قرينة، علي بن فليس، عبد العزيز بلعيد (تركيب/الترا جزائر)

يترقّب الجزائريون على غير العادة، المناظرة التلفزيونية بين مرشّحي الرئاسيات اليوم الجمعة، بعد ساعات، ليس لأنّها موعدٌ جديد للحراك الشعبي للتعبير عن رفضه لمعالجة السلطة الحالية للأزمة التي تعيشها البلاد، ولكن لأنّ هذا اليوم، سيكون شاهدًا على أول مناظرة تلفزيونية في تاريخ البلاد بين مرشحّين محتملين للرئاسة الجزائرية.

طالبت سلطة الانتخابات الصحافيين الذين سينشّطون المناظرة بالتزام الحياد الصارم لدى طرحهم الأسئلة 

رغم الأجواء الفاترة التي تميّزت بها الحملة الانتخابية لرئاسيات 12 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري، إلا أنّ السلطة الوطنية المستقلّة للانتخابات مصرّة على إظهار هذا السباق الرئاسي، على أنه مختلف عن المواعيد الانتخابية التي كانت تتمّ في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

اقرأ/ي أيضًا: المغرب في الحملة الانتخابية.. مرشحو الرئاسيات يفتحون الملفّات الشائكة

خمسة صحافيين فقط

في هذا السياق، قال المكلّف بالإعلام لدى السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات علي ذراع، إن المناظرة بين المترشّحين الخمسة للرئاسيات التي ستجرى مساء اليوم الجمعة "سيحتضنها المركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال، وستنطلق ابتداءً من حوالي الساعة السابعة مساءً وستدوم ما بين ساعتين ونصف إلى ثلاث ساعات من الزمن".

وأضاف ذراع أن هذه المناظرة "ستبثّ على المباشر عبر قنوات التلفزيون العمومي والإذاعة الوطنية وكل القنوات التلفزيونية الخاصّة المعتمدة"، مضيفًا أنه "سينشطها صحافيون يمثّلون التلفزيون العمومي والإذاعة الوطنية وقناة تلفزيونية خاصّة وجريدتين خاصّتين".

تبيّن قبل يوم من المناظرة، أن الإذاعة الجزائرية ووكالة الأنباء الجزائرية استبعدت عن هذا الموعد الإعلامي السياسي، في خطوة تؤكّد على السياسة الجديدة للسلطة الحالية، التي تفضّل احتكار التلفزيون العمومي فقط، فمنذ حراك 22 شبّاط/فيفري الماضي صار التلفزيون العمومي هو من يحظى بحصرية وأسبقية المعلومة الصادرة من طرف الحكومة، بعدما كانت وكالة الأنباء تستأثر بذلك لسنوات عديدة.

اعتمدت السلطة في اختيار الصحافيين الذين سيشاركون في المناظرة على معايير لم تكشفها للرأي العام، بالنظر إلى أن معظم المؤسّسات الإعلامية قدّمت ممثّلين عنها لحضور المناظرة، ليتمّ اختيار هذه الأسماء رغم أن هناك من بين المستبعدين من هم أكثر احترافية وخبرة في إدارة الحوارات التلفزيونية.

اختارت السلطة صحافية قناة البلاد نزيهة بلعيدي لتمثيل التلفزيونات الخاصّة، وجلال بوعاتي من صحيفة الخبر الناطقة بالعربية، وغنية عكازي من يومية "lequotidien d oran" الناطقة بالفرنسية، ممثلين عن الصحافة المكتوبة، ومن التلفزيون العمومي وقع الاختيار على كريم بوسالم وفيروز بن يعقوب.

أربعة محاور

كما اختارت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، أن يكون عنوان المناظرة "الطريق إلى التغيير"، وفق ما قالت صحيفة "الخبر" المختارة للمشاركة في هذا الموعد الذي ينظم لأوّل مرّة في الجزائر.

وحدّدت السلطة محاور المجال الاقتصادي والاجتماعي والتربية والتعليم، والصحّة، والسياسة الخارجية للنقاش في هذه المناظرة، التي ستتشكّل من 13 سؤالًا يوجّه لكلّ مترشّح، على أن لا يتجاوز زمن الإجابة عن كلّ سؤال مدّة دقيقتين، إضافة إلى سؤال أخير عام يتمحور حول تطلعات الجزائريين، تكون الإجابة عليه في مدّة لا تفوق ثلاث دقائق.

وطالبت سلطة الانتخابات الصحافيين الذين سينشّطون المناظرة بالتزام الحياد الصارم لدى طرحهم الأسئلة على مترشّحي الرئاسيات، لتفادي الوقوع في فخّ التحيّز لمترشّح معين على حساب الأربعة الآخرين.

وجاء تنظيم المناظرة بعد اتفاق بين رئيس سلطة الانتخابات محمد شرفي وجميع المترشّحين الذين أعطوا الموافقة المبدئية للمشاركة في هذا الموعد التلفزيوني، الذي يأتي بعد مرور قرابة ثلاثة أسابيع منذ انطلاق الحملة الانتخابية.

وحسب عضو السلطة الوطنية المستقلّة للانتخابات رشيد بردان، فإن "مثل هذه المناظرات تمكّن المواطن من الاطّلاع عن كثب على البرامج الانتخابية ومعرفة ما يقدّمه كلّ مترشّح على حدة بصفة دقيقة".

تحضيرات غير مسبوقة

يبدو أن جميع المترشّحين قد أعدّوا العدة لموعد الجمعة، فقد أكّد الجميع في تصريحات إعلامية، على استعدادهم على أكمل وجه لأوّل مناظرة تلفزيونية في الجزائر لمترشّحين لأعلى منصبٍ في البلاد.

من جهته، أعلن الناطق الرسمي باسم المرشّح علي بن فليس، مولود حشلاف أنّ فريق رئيس الحكومة الأسبق، قد استنجد بمستشارين في مختلف المجالات ليقدّم مرشّحه "الإجابات المقنعة عن الأسئلة وفق منهجية عمل، خاصّة وأن بن فليس متحدّث بارع ورجل دولة متمكّن من جميع المحاور"، على حدّ قوله.

أما مرشّح حركة البناء الوطني عبد القادر، فيواصل على الطريقة التي ظهر بها في تجمعاته الشعبية، وهي "الابتعاد عن لغة الخشب"، مثلما يقول مدير حملته كمال عرابة، الذي أكد أن مرشّحه وزير السياحة الأسبق "جاهز للمناظرة، عن طريق السّماع للانشغالات الحقيقية للمواطنين، إضافة إلى استعانته بطاقم مكون من اقتصاديين ومختصّين وقيادات سياسية للتحضير لهذه المناظرة".

وتستعدّ مديرية حملة عبد العزيز بلعيد أصغر مترشّح للرئاسيات بالتركيز كثيرًا على "إتيكيت"وبروتوكول مرشّحها في المناظرة، مثلما يوضح فاتح بوطبيق القيادي في جبهة المستقبل، مبيّنًا أن مديرية الحملة الانتخابية للمرشّح بلعيد، تحضّر مع مرشحها بـ" التركيز على الجانب النفسي والسّيكولوجي، وحتى طريقة وقوف المترشح وهيئته وطريقة كلامه خلال المُناظرة، وطريقة تحكّمه في الأسئلة، وتوصيل أفكاره بكل أريحية".

أمّا فريق المترشح عز الدين ميهوبي، فيُحضّر منذ أيام لهذه المناظرة، حسب تصريحات عضو حملته الانتخابية سميرة حاج جيلاني، التي كشفت أنه قد تم الاستعانة بـ"خبراء في الاقتصاد والبنوك، والفلاحة والعلاقات الدولية، وجميعهم مختصّون جزائريون، كما انخرط معنا شباب مثقّف لا يتجاوز سنهم 24 سنة، نعتبرهم جنود خفاء".

بالنسبة لفريق عبد المجيد تبون الذي لم يكن موفقًا كثيرًا في خرجاته خلال ما مضى من الحملة الانتخابية، فيُراهن على استدراك الوضع باستثمار خبرته "كرجل دولة، وما يميّزه عن بقية المترشحين أنه مطلع جيدًا على جميع خبايا ودواخل ومكامن الدولة، نظرًا للمسؤوليات السياسية التي تقلّدها، ويعرف رجال الدولة الصالحين والطالحين"، وفق ما نقلت صحيفة الشروق عن حملته الانتخابية.

اختبار آخر للمرشّحين

ويترقّب الجزائريون أيضًا، ما سيحدث في هذه المناظرة التلفزيونية التي تُجرى لأوّل مرّة في البلاد، رغم أن الحراك الشعبي ما زال متمسكًا بمطالبه، وهي إلغاء الانتخابات الرئاسية ورحيل حكومة بدوي وعدم تدخّل الجيش في السياسة، وإطلاق سراح معتقلي الرأي.

وسيكون المترشّحون للرئاسيات، مطالبون بتقديم مناظرة على الأقلّ ترقى لنظيرتها التونسية التي حظيت بمشاهدة واسعة من طرف الجزائريين، وكذا على أمل أن يكون مستوى النقاش شبيهًا لما حدث في بداية التعددية السياسية في تسعينات القرن الماضي، لما كان التلفزيون العمومي يجمع في استوديوهاته جميع الأحزاب السياسية، على اختلاف توجّهاتها من الجبهة الإسلامية للإنقاذ "المحلّة"، وجبهة التحرير الوطني والتجمّع من أجل الثقافة والديمقراطية.

مازالت جمعات الحراك الشعبي ترفع شعارات مطالبة بإلغاء الانتخابات القادمة

ولعل أوّل مهمّة ترتقبها السلطة من المترشّحين في هذه المناظرة، هو العمل على دفع أكبر عدد من الجزائريين للتوجّه يوم 12 كانون الأوّل/ديسمبر إلى مراكز الاقتراع لاختيار رئيسهم الجديد، في ظل رفض شعبي واسع لإجراء الموعد الانتخابي، ومطالبات بضمانات أكثر.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أسلحة قصر الرئاسة الجزائرية.. تعديل الدستور وحلّ البرلمان وحكومة كفاءات

رسميًا.. مناظرات تلفزيونية لمرشّحي الرئاسة يوم 7 ديسمبر المقبل