14-أغسطس-2023
مشهد من فيلم باربي (الصورة: فيسبوك)

(تركيب: الترا جزائر)

يبدو أنّ وزارة الثقافة والفنون الجزائرية، قررت رسميًا وقف عرض الفيلم الأميركي "باربي" بقاعات السينما، بعد سحب الشركة الموزعة له من برنامجها السينمائي ومن دور العرض أيضًا، وسط ضجة واسعة على منصات التواصل بشأن "المنع" وأسبابه.

السيناريست ياسين بوغازي: فيلم باربي مُنع رسميًا من العرض في الجزائر بسحب الرخصة لكن وزارة الثقافة يُنتظر منها أن تصدر بيانًا توضحيًا للمنع مع ذكر الأسباب

اليوم الاثنين 14 أوت/أغسطس/آب، كان يفترض أن يعرض فيلم "باربي" في حفل افتتاح مجمع سينمائي جديد بغاردن سيتي بالشراقة بالعاصمة الجزائر، لكن الشركة الموزعة "md ciné" مساء الأحد (13 أوت) قامت بحذف الفيلم من برنامجها السينمائي المنشور على صفحتها بفايسوك ومن مختلف قاعات العرض بالعاصمة ووهران وقسنطينة.

تراجع وسحب فوري

ويأتي تراجع شركة "أم دي سيني" (خاصة) عن مواصلة عرض "باربي" بعد تلقيها إشعار وزارة الثقافة والفنون بسحب فوري للفيلم من قاعات السينما بحسب مصادر إعلامية رغم عدم صدور بيان رسمي لحد الساعة.

ولم يتضمن البرنامج السينمائي الذي نشرته الشركة الموزعة فيلم "باربي"، بل اقتصر على أفلام عالمية جديدة (سلاحف النيجا، أوبنهايمر، الملكة الأخيرة، مهمة مستحيلة،..) تحتضنها قاعات أفريقيا، كوسموس وابن زيدون بالعاصمة، وأحمد باي بقسنطينة، وهي "أوبنهايمر"، "سلاحف النينجا"، بيت الشر".. وغيرها.

للإشارة بدأ العرض التجاري لفيلم"باربي" لمخرجه غريتا جيروج في قاعات السينما الجزائرية يوم الـ19 تموز/جويلية الماضي، وسط إقبال كبير من قبل الجمهور.

وخلف قرار سحب فيلم "باربي" من قاعات السينما الجزائرية خاصة بعد عرضه لنحو ثلاثة أسابيع، جدلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تباينت آراء النشطاء حول قرار المنع، حيث وافق البعض القرار رغم تأخره وتساءل بعضهم عن أسباب "المنع"، بينما امتعض آخرون من ذلك وأبدوا رفضهم لحظر الفيلم.

ترحيب بالقرار

من جهته، أعرب صادوق أحمد رئيس المجموعة البرلمانية لحركة مجتمع السلم، عن ارتياحه بمنع فيلم "باربي" في الجزائر، وقال على حسابه بفايسبوك: "تم منع فيلم "باربي" من العرض في الجزائر، كل الشكر للشرفاء الساهرين على حماية القيم النبيلة وكذا الأسرة الجزائرية الأصيلة من محاولات اختراق الخفافيش المتسللة."

 

وجاء في صفحة "أولاد الحلال" على فايسبوك عن القضية: "فيلم #باربي هذا عرضوه بقاعة #الزينيت بقسنطينة بشرق الجزائر عدة أيام و فتحو قاعة السينما أمام المراهقين الصغار إذا ماقلتش أطفال باش يتفرجوه و بلا ما حددوا سن قانونية وقد تكلمت في ذلك اليوم تقرا بلي وزارة الثقافة سحبت الترخيص لعرضه و ذلك راجع لأسباب أخلاقية يعني فيلم لديه لقطات غير أخلاقية، وقتاه يفيقو الوالدين لي قاعدين يشجعو في ولادهم على الفساد؟!."

 

وفي السياق اعتبر الإعلامي سمير فارس أنّ "قرار منع عرض "باربي" صائب، وقال في منشور عبر حسابه على فايسبوك: " تم إيقاف عرض فيلم باربي في الجزائر، قرار جيد واستجابة سريعة من السلطات بعد تحرك عدد من الفاعلين والنشطاء".

وأشار إلى أنّ هذا " الفيلم خطير، وحذّر منه كثير من الغربيين قبل المسلمين ويتناول أفكار الفيمينزم المتطرفة التي تجاوزت كل الحدود ويريدون فرضها على العالم".

امتعاض.. أسباب منع "باربي"

بالمقابل، طالب نشطاء المسؤولين على الفعل الثقافي بتقديم توضيحات بشأن أسباب منع عرض فيلم "باربي" في صالات السينما، في حين عبروا آخرون عن امتعاضهم من "المنع".

وفي الصدد كتب السيناريست ياسين بوغازي معلقًا عن منع عرض الفيلم: " فيلم (دمية باربي) منع رسميًا من العرض في الجزائر بسحب الرخصة للفيلم، لكن وزارة الثقافة منتظر منها أن تصدر بيانًا توضحيًا للمنع مع ذكر الأسباب".

وفي منشور سابق لبوغازي، رأى أنّ محاولة منع فيلم "باربي" مبالغ فيها، وقال عبر حسابه بفايسبوك: الوقوف ضد عرض فيلم( باربي) في الجزائر ( تضخيم مبالغ) وأعتقد أنه لا يخدم آمال النهوض بالسينما عندنا؛ إذ ما تزال الثقافة الفيلمية مفقودة فى عقول وألسنة الأجيال الجزائرية ( ثلاثة عقود) وأن فكرة مواكبة العروض العالمية للأفلام في القاعات الجزائرية مفيدة جدا للسينما وعشاقها على السواء لأن التصدي لهذه المواكبة لا معنى له،إذ يقوم على خلفيات ثقافية (محترمة طبعا)."

وأضاف: " لكن لا يجب أن تغدو عصى في دواليب النهوض السينمائي المعطلة أصلًا منذ عقود، لذا فإن عرض فيلم (باريي) يدخل في جهود سينمائية مهمة وأقول عرض الفيلم مهم وضروري بل وعرضه أيضًا في الولايات الأخرى مهم وضروري".

من جهته، علق بوعلام زياني عن حظر الفيلم قائلًا: " تدشين بمقص المنع، يدشن اليوم المركب السينمائي (تي أم في سينما) بالمركز التجاري قاردن سيتي بالشراقة بمقص منع استغلال فيلم باربي بالرغم من حيازته على ترخيص استغلال أصدرته لجنة مختصة تابعة لوزارة الثقافة والفنون".

وأضاف زياني: "يأتي هذا القرار بالمنع في تناقض مع الخطاب الرسمي الذي يسعى إلى تعزيز صناعة السينما، حيث تلعب القاعات السينمائية دورًا أساسيًا في دعم الإنتاج السينمائي."

واعتبر المتحدث أنّ "الفيلم ملك للجمهور، ويجب أن يكون له الحرية في تقييمه وتفسيره دون تدخل أيّة جهة، قرار منع العرض يبدو أنه مستند على اعتبارات أيديولوجية، وهو ما يتعارض مع التطور التاريخي الكبير والانتشار المتزايد للصور والأفلام عبر الإنترنت".

ووفقه "من المؤكد أن هذا القرار سيزيد من شغف الجمهور لمشاهدة الفيلم عبر المنصات الرقمية، ولن يؤدي إلى أيّة نتيجة إيجابية تذكر، بالعكس، سيظهر القرار للعالم ككل بأن الجزائر تعيش في زمن متخلف ومنعزل، وهذا ليس ما تستحقه البلاد."

ورأى في السياق أنّ "الجمهور الجزائري يستحق أن يشارك بنفس اللحظات والمشاعر، ويجب أن يكون له الحق في مشاهدة واستمتاع بنفس الرواية التي يستمتع بها جمهور العالم الآخر، فهذا جزء أصيل من التواصل الثقافي والإنساني."

وبدوره، تساءل المهتم بالشأن الفنّي خالد بن طوبال عن السبب الحقيقي وراء سحب ترخيص عرض "باربي" في الجزائر، وقال: "يقول المثل المصري: اسمعهم اصدق ...أشوف أمورهم استعجب !، إذا كان سبب سحب فيلم "باربي" من قاعات السينما بالجزائر بسبب موضوع المثلية الجنسية؛ فلماذا إذا تم السماح بعرض فيلم viva l'Algérie للمخرج ندير مكناش سنة 2004؟".

نشطاء في الفعل الثقافي طالبوا المسؤولين بتقديم توضيحات بشأن أسباب منع عرض فيلم "باربي" في صالات السينما

وأوضح أنّ فيلم "فيفا لالجيري تناول موضوع المثلية الجنسية بطريقة أكثر وضوحا، بل وبجرأة غير مسبوقة في السينما الجزائرية!."