29-مارس-2024
أوتار وأعصاب

أمتعوا الجزائريين بإبداعهم دون تصنع أو تكلّف، كانوا يطّلون على المشاهدين في كل رمضان لمدة ربع قرن، صنعوا الحب والمتعة والفرح ورسموا البسمة على وجوه الجمهور في زمن المحنة "العشرية السوداء" التي حوّلت حياة المجتمع الجزائري إلى جحيم، هم نجوم "أعصاب وأوتار" ومهندسو البسمة زمن الرعب والإٍرهاب.

سلسلة "أعصاب وأوتار" الفكاهية التي انطلقت عام 1976 بقسنطينة استمرت إلى نهاية تسعينيات القرن الماضي

سلسلة "أعصاب وأوتار" الفكاهية التي انطلقت عام 1976 بقسنطينة، شرقي الجزائر، استمرت إلى نهاية تسعينيات القرن الماضي (1998)، حيث كان الرصاص عنوان تلك الحقبة التاريخية المريرة والأليمة، لكن وسط ذلك الظلام الدامس تجلت في الأفق بقع ضوء أعطت الأمل في العيش والتشبث بالحياة والتمسك بها رغم هول الفواجع والكرب من خلال بروز أعمال كوميدية نفّست عن الجزائريين في الداخل رغم المخاطر التي كانت تحوم حول صنّاعها ومن أمثلتها سلسلة "أعصاب وأوتار" في قسنطينة، سلسلة "بلا حدود" في وهران غربي البلاد، سكاتشات ثلاثي الأمجاد بوهران أيضا، "بلاد ميوزيك" (برنامج موسيقي  بطابع فكاهي) في الجزائر العاصمة.. وغيرها.

نجوم "أعصاب وأوتار"

وبالعودة إلى "أعصاب وأوتار" هذه السلسلة أنتجها التلفزيون الجهوي لقسنطينة، وأبدع في استمرار حلقاتها التي عالجت يوميات المواطن البسيط بنقل واقعه بلا تجميل وملامسة هموم المجتمع وآلامه وأحلامه، ثلة من الممثلين الكوميديين الذين صاروا "عمالقة" الشاشة وحظوا بمحبة الجميع ونالوا إشادة واعتراف النقاد والصحافة والجمهور.. بل لا يزال منهم ممن هم على قيد الحياة يحظون بنفس الحب والقيمة والتقدير والاحترام. لذلك ارتأت "التراجزائر" إماطة اللثام أكثر عن مسيرتهم الفنية، والبداية مع مخرج هذه السلسلة.

محمد حازورلي

مخرج تلفزيوني وسينمائي، جزائري، تعامل كثيرا مع محطة قسنطينة الجهوية ويعدّ مهندس "أعصاب وأوتار"، بعد دراسته في الابتدائي والمتوسط والثانوي، انتقل إلى معهد الفنون الدرامية ببرج الكيفان عام 1968، وتكون في مجال السينما بين سنتين 1969 و1971 بفرنسا.

ولد حازورلي بمدينة تبسة شرق الجزائر، في 8 جانفي 1948، التحق بالتلفزيون الجزائري كمساعد مخرج عام 1970، أخرج أول عمل كوميدي بعنوان "رمضان والناس"، ثم "مغامرات جحا" 1971، ثم أخرج فيلم "السخاب"، ثم سلسلة "القطار"، ثم مسلسل درامي "الشهادة" 1947، ثم فيلم "الألم" 1975، الجزء الثاني من مسلسل "البذرة"، فيلم "الدخلاء" 2015،.. إلخ، لكن ارتبط  واشتهر اسمه بـ"أعصاب وأوتار" التي رافق الجزائريين في رمضان لأكثر من 20 عاما، فلم يكن وحيدا في صناعة "أعصاب وأوتار"، بل عمل إلى جانب ممثلين صاروا أبطال هذه السلسلة.. فلنتعرّف عليهم واحدًا واحدًا.

نورالدين بشكري    

نورالدين بشكري اسم بارز في الفن الرابع والتلفزيون والسينما، ولد بقسنطينة، ارتبط اسمه بمسرح قسنطينة الجهوي وبمحطة التلفزيون لقسنطينة التي كانت وراء إنتاج أعمال كوميدية مختلفة خلدّته ومنحته شهرة واسعة مثل "ماني ماني" و"أعصاب وأوتار" و"ريح تور" و"كبش العيد".. وغيرها من الأعمال التي قدمت في رمضان وجمعت العائلات الجزائرية على شاشة واحدة هي "التلفزيون الجزائري"، كما عرف بدوره  "السايح البوسطاجي" هذا اللقب الذي أصبح لصيقا به في الوسط الفني وفي المجتمع، جاء من مشاركته في "أعصاب وأوتار" لمحمد حازورلي.

لكن مشواره الفني، لم يبدأ من هذه الأعمال التي حققت نجاحا ملفتا ولا يزال صداها وأثرها بارزين إلى اليوم، بل تعود إلى سنوات الطفولة وتحديدا إلى سنوات السبعينيات من القرن الماضي، حيث التحق بالمسرح كهاو، ثم انضم إلى فرقة "مسرح العالم الصغير" المخصصة للأطفال، فأدى عدّة أدوار في ثلة من المسرحيات ولعل أبرزها دوره "نونو" في تعاون جميل جمعه بالراحل عبد الرزاق عياد... وهنا بدأت انطلاقته الفعلية في عالم الفن الرابع بالجزائر وبمدينته قسنطينة.

رشيد زغيمي

رشيد زيغمي يعدّ أحد نجوم الشاشة الجزائرية في مجال الفكاهة، ولد بتاريخ 20 أكتوبر 1945 بقسنطينة، بدأ مسيرته الفنية في ستينيات القرن الماضي من بوابة مسرح قسنطينة، حيث قدّم عدّة أعمال مسرحية لاقت رواجا واسعا، ثم ولج عالم التلفزيون وتألق في سلسلة "أعصاب وأوتار" وفيلم "كبش العيد" وفيلم "ريح تور" وسلسلة "ماني ماني" وغيرها من الأعمال التلفزيونية التي أنتجتها محطة قسنطينة الجهوية.

 رشيد زيغمي الفنان متع الجزائريين في سنوات الرصاص، جسد دور "عنتر المالادي" ( الشخص الذي يدعي المرض دائما) في مختلف أعماله دون أن يبعث الملل في الدور، بل تعلق به الجمهور لهذا السبب ومن خلال هذا الدور، الذي أصبح يلازمه سواء في الفن أو في الشارع.

توفي رشيد زيغمي يوم 19 تموز/جويلية 2017 بعد مرض عضال بمستشفى قسنطينة عن عمر ناهز 72 سنة.، وبقي اسمه عالقا في ذاكرة الأجيال وكل محبيه.

حسان بن زراري

حسان بن زراري، فنان كثير العطاء، ما يزال إلى اليوم محافظا على تألقه وإبداعه، رافق جيله والجيل الجديد من الشباب، ارتبط اسمه بمسرح قسنطينة والفيلم السينمائي الشهير حول الثورة الجزائرية "دورية نحو الشرق" في دور "سي محمود"، كما أحبه الجزائريون في "أعصاب وأوتار" التي فتحت له الباب واسعا للمشاركة في أعمال تنتج في العاصمة مثل "ناس ملاح سيتي" في أجزائها الأول والثاني والثالث مع جعفر قاسم و"بابور الدزاير"، "جحا" مع حكيم دكار، "بيتنا".. وغيرها.

 سينمائيا شارك بن زراري في عديد الأفلام خاصة الثورية والتي تحكي نضال الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي مثل "دورية نحو الشرق"، "وقائع سنين الجمر" لمحمد لخضر حمينة الذي تحصل به على جائزة "السعفة الذهبية" بمهرجان كان السينمائي، "التائب" لمرزاق علواش، "أبواب الشمس الجزائر للأبد" لجون مارك مينيو وطبولة زكرياء رمضان وضيف الشرف الملاكم العالمي مايك تايسون، إضافة إلى فيلم "فضل الليل على النهار" لألكسندر أركادي.. وأخرى.

وتحصل حسان بن زراري على وسام الشرف من رئيس الجمهورية تكريما له على مشواره الفني الثري والحافل بالإنجازات.

كمال كربوز

بتاريخ 8 فيفري 2012، رحل  ابن مدينة عنابة، الفنان الكوميدي الممل والمخرج  كمال كربوز الشهير في سلسلة "أعصاب وأوتار" بـ"عمي بشير" عن عمر ناهز 66 عاما، إثر أزمة قلبية حادة مفاجئة بعد مسيرة فنية ثرية بدأت من مسرح عزالدين مجوبي بعنابة،  الذي تولى إدارته بين 1997 إلى 1998، وشارك في مسرحيات "يوم الجمعة"، "محقور"، "على كرشو يخلي عرشو"، "الفيران"، "الزنيقة"، "مزعنة".. إلخ، مرافقها عمالقة الفن الرابع أمثال حسن الحسني (بوبقرة)، عمار أوحدة، الطيب أبو الحسن.

وكان "كربوز" ممثلا في فرقة المحافظة السياسية للجيش الوطني الشعبي، كما كان عضوا في فرقة "حركة العمال الثقافية" مع كاتب ياسين، أين أدّة عدّة أدوار مهمة في عدّة مسرحيات مثل "أم الكوثر"، "محمد خذ حقيبتك" لكاتب ياسين.. وأخرى.

 كما تألق كربوز المولود عام 1946 في أعمال تلفزيونية من بينها آخر أعماله "عائلة على الخط" وقبلها "أعصاب وأوتار"، "ريح تور" "وماني ماني" وغيرها.

علاوة زرماني

بالرغم من أنّه قليل الظهور إعلاميا وعلى منصات التواصل الاجتماعي، إلاّ أنّ علاوة زماني خلدّ سمه بأحرف من ذهب فس سجل الفن الجزائري عبر عديد الأعمال التي حققت نجاحا باهرا وصدى واسعا مثل "أعصاب وأوتار" التي اشتهر فيها بدور "رشيد الطاكسيور" أو رشيد سائق سيارة أجرة إلى جانب كل من حسان بن زراري، فطيمة حليلو، وعنتر هلال وآخرين، أي المجموعة التي رافقته في "ماني ماني"، "ريح تور" و"كبش العيد".

ولد علاوة زرماني وهو ممثل تلفزيوني وسينمائي ومسرحي، بمدينة قسنطينة، فتح أعينه على الفن من ممارسة المسرح بمسرح قسنطينة، ثم قدّم أدوارا أخرى في أفلام "الطاحونة" 1983، مسلسل "شاري دالة" 1991، "أعصاب وأوتار" 1993، "يا عامر يا ناسي" 2000، مسلسل "جحا" 2002/2003، سيت كوم "ناس الحومة" 2007، "عودة جحا" 2010، مسلسل "السرعة الرابعة" 2012، "عايش وعايشة" 2016، "الراي قورصو" 2019..إلخ. كما برع  مسرحيا في "عيسى تسونامي"، "الحوات والقصر" و"عرس الذيب".

فطيمة حليلو

ولدت فاطمة حليلو عام 1955 ببرج بوعريريج، برأس الوادي، لكن عرفت واشتهرت بمدينة قسنطينة التي احتضنت موهبتها وتبنتها ممثلة وفنانة، من خلال منحها فرصة دخولها مسرح المدينة، سيرا على خطى شقيقتها "دليلة حليلو"، فانضمت دليلة حليلو لفرقة "المسرح الجهوي قسنطينة"، اجتهدت وكدّت ورأت النور بعد سنوات من التضحية والإبداع على الخشبة. كما ورد في مقال للكاتب  والمسرحي علاوة وهبي.

وبالتالي قصة فاطمة حليلو مع الفن مرتبطة بالمسرح والتلفزيون، توجتها بعديد الأعمال، خاصة في مجال الكوميديا الاجتماعية التي جسدتها في "أعصاب وأوتار" من خلال ثنائيتها مع كمال كربوز، ثم فيلم "ريح تور"، "عيسى سطوري" بطولة الفنان عنتر هلال، ثم فيلم كوميدي بعنوان "قوربي بالاس" مع لخضر بوخرص، "ماني ماني" لعزيز شولاح، "خالي والتلغراف"، "مفترق الطرق"، "الليالي البيضاء"، سلسلتي "الجامعي فاميلي" و"بوزيد دايز"جعفر قاسم، "عروس زكية"، "عايلة شوك"، فضلا عن المسلسل الذي يعرض خلال رمضان 2024 بعنوان "دموع لولية" لنجيب أولبصير والذي تشارك فيه إلى جانب حسان كشاش، فيزية تيقورتي.

عنتر هلال

عنتر هلال يعرفه الجزائريون بـ"عيسى سطوري" وهو الاسم الذي طبع دوره في سلسلة بذات العنوان، ولد بقسنطينة، وبدأت مسيرته الفنية مع المسرح، حيث قدّم عدّة مسرحيات مثل "هذا يجيب هذا" لعمار محسن 1976، "الصخرة" للحاج سليمان 1984، "ريح سمسار" 1977 و"القانون والناس" 1978 لعمار محسن، "اللي يموت ما يفوت" لعلاوة وهبي 1978، "ناس الحومة" لعبد الحميد حباطي 1980، "ديوان العجب" 1990.. وأخرى.

وتلفزيونيًا، أصبح اسمه أشهر وأوسع في أوساط الجماهير، سنوات العشرية السوداء في تسعينيات القرن الماضي، حيث قدّم لثلاث مواسم السلسلة "الخالدة "عيسى سطوري" سنوات 1993 و1994 و1995، وهو العمل الذي توج عنتر هلال أو "عيسى سطوري" نجما كوميديا في الساحة الفنية بالجزائر، كما تألق مع زملائه في "أعصاب وأوتار" وفي مسلسل "نار على نار" 2008، و"البلية" 2008، وقبلها سنتين شارك في "بيتنا" 2006.

وفي السنوات الأخيرة شارك مع جعفر قاسم في "بوزيد دايز"، حيث تقمص شخصية "الميلود" صاحب عمارة شارك في الثورة التحريرية ولا زال مهووسا بها رغم مضي سنوات على الاستقلال، ومسلسل "راس المحنة"..إلخ،  إلى جانب ظهوره في أفلام تاريخية مثل "أبواب القلعة السبعة" لأحمد راشدي.

بشير بن محمد

10 أوت 2020، في هذا التاريخ فقدت الساحة الفنية الجزائرية أحد أشهر الكوميديين الجزائريين، عمي بشير كما يلحو للجزائريين تسميته أو "بشير بن محمد" الممثل والفنان الذي أضحك وأمتع جمهوره عبر شاشة التلفزيون الجزائري في سنوات المحنة.

بشير بن محمد، ولد بقسنطينة عام 1935، ورحل، عن عمر ناهز 85 سنة إثر مرض عضال، بعد سنوات من العطاء والإبداع.

شارك الفنان الراحل في عدة أعمال فكاهية على غرار السلسلة الشهيرة والتاريخية "أعصاب وأوتار" لمحمد حازورلي،  و"ناس ملاح سيتي" لجعفر قاسم، و"يا عامر يا ناسي" فيلم من إخراج حسين ناصف عن سيناريو مراد بن شيخ، وبطولة فطيمة حليلو، وبشير بن محمد، "ريح تور" مع فريق "أعصاب وأوتار".. وغيرها من الأعمال التي برع في أداء أدورها، وغالبا ما كان دوره دور الأب العصبي والمرح في الوقت نفسه.

 الراحل عُرف بعفويته وبساطته وبشاشته ومرحه خارج التمثيل وأمام الكاميرا، وأداء صادق في أدوراه، ما جعله يكسب قلوب الجمهور.

نوال زعتر

نوال زعتر، واحدة من الممثلات الجزائريات اللائي برعن في الكوميديا عبر عدّة أعمال وأبرزها "أعصاب وأوتار" مع محطة قسنطينة التلفزيونية، وحصدت الشهرة كما بقية زملائها في هذه السلسلة التلفزيونية، التي استمرت لنحو ربع قرن.

نوال زعتر، واسمها الحقيقي "رقية"، مولودة سنة 1957، في عائلة تنحدر أصولها من آفلو بالإغواط، بحسب ما ورد في حوار سابق لها مع جريدة "النصر (حكومية)، عملت بالإذاعة الجزائرية سنة 1982، وقضت بها 35 عاما، رفقة الممثلين محمد عجايمي، وفريدة كريم،..إلخ.

كان لنوال زعتر التي تربت يتيمة الأب حضور بارز في أعمال تلفزيونية وسينمائية مثل فيلم "ريح الجنوب"

كان لنوال زعتر التي تربت يتيمة الأب حضور بارز في أعمال تلفزيونية وسينمائية مثل فيلم "ريح الجنوب" (1985) لسليم رياض وهو العمل الذي شكل محطة فارقة في حياتها الفنية، وكان أول تجربة تمثيل لها وهي بعمر الـ18، ثم فيلم "زينة"، ثم توالت مشاركتها في أعمال مختلفة من بينها فيلم "القلعة" تأليف وإخراح محمد شويخ، مسلسل "كيد الزمن" للمخرج جمال فزاز، فيلم "القلق"، مسلسل "اللاعب"، إضافة إلى "زوجن في حيرة"، "دار أم هاني"، مسلسل "بوقرون" مع الراحلة ريم غزالي، "ناس ملاح سيتي" مع جعفر قاسم.