20-أغسطس-2021

مهرجون متطوعون غلى المناطق المتضررة من الحرائق (فيسبوك/الترا جزائر)

لم يكن من السهل الوصول إلى قرى تيزي وزو التي اشتعلت بها النيران، فلقد كانت الطريق المؤدّية إلى مكان الحرائق تعج بالسيارات والشاحنات، مواطنون قدموا من كل ولايات الوطن، محمّلين بالمؤونة للعائلات المتضررة، مياه معدنية، مواد غذائية، أدوية ومستلزمات طبية، لقد أتى كل هؤلاء من أجل نجدة قرى فقدت كل مقوّمات الحياة.

لم يُخفِ إسحاق أنه كان خائفًا أن يؤثّر ما حدث في الأربعاء ناث إيراثن على الناس ويسوء فهم الوضع، فلا تصل المساعدات الى المنكوبين، لكنه وقف عن كثب على حقيقة أن ما يحدث على الواقع كان منافيًا تمامًا لما كان يقال على المواقع

بمجرد انطلاق صافرات الإنذار، وبدأت العائلات المتضررة من حرائق غابات تيزي وزو تطلب النجدة، بدأ الجزائريون من كل ربوع الوطن يتجندون في قوافل تضامنية تحكل الأغذية والأدوية إلى القرى التي استعرت بها النيران، جمعيات خيرية ومتطوعون يصلون تباعًا إلى عين المكان يحملون المؤونة ويمدون السكان يد المساعدة، الروح التضامنية الراسخة في روح الجزائريين عاودت الظهور مرّة أخرى. 

اقرأ/ي أيضًا: حوار| محمد شريف أمقران: يجب محاربة الأخبار الكاذبة بالإعلام الفعال

يقول إسحاق لفاني، مسؤول بمؤسسة سياحية، لـ "الترا جزائر" إنّ المشاركة في غوث المتضررين من الحرائق كان واجبًا وطنيًا وإنسانيًا، " لقد كانت البداية بمنشور نداء عبر صفحتنا على فايسبوك لإغاثة سكان ومداشر تيزي وزو، كانت الفكرة بمساعدة إطفاء النيران بجمع أكبر عدد من المتطوعين و أدوات إطفاء، إلا أن الاتصالات تعدت ذلك إلى مواد غذائية و طبية و أفرشة، فانتهى بنا الأمر إلى تشكيل فريقين، فريق لجمع وتوزيع المؤونة للسكان و فريق للمساعدة في إطفاء النار".

يسرد إسحاق مشاهداته في الطريق نحو المناطق المنكوبة "كنا في الموكب نسير تارة نتوقف لتوزيع المؤونة وتارة نتوقف للمساعدة في إطفاء النار، كانت النيران على مرأى البصر أحيانًا على اليمين أو على يسار وإن لم توجد فنرى أرضًا سوداء وبيوتًا محروقة وأناسًا جالسين على قارعة الطريق تنتظر أي مدد أو مساعدة".

 يُواصل الشاب القادم من بومرداس حديثه "لقد كان الجمع هناك لحمة واحدة فالجميع يساعد الجميع نتبادل المعلومات ونحن لا نعرف بعضنا، تشتعل النيران فتتوقف جميع السيارات والشاحنات والحافلات ويهب الجميع لإطفائها".

يتوقّف محدثنا، هنا، على مشهد مؤثر جدًا "رأيت حافلة نزل منها حوالي 20 شابًا، وهبوا مثلنا لإطفاء نار كانت قد اشتعلت منذ دقائق، لقد رأيت أن بها مصابين وبضمادات، ومع ذلك نزلوا واقتحموا المكان ليشاركوا في عملية الإطفاء (..) تبادلنا بعدها أطراف الحديث فعلمنا أنهم من ولاية تبسة استأجروا حافلة من مالهم الخاص وأتوا للمساعدة، لم يستطيعوا أن يبقوا مكتوفي الأيدي يتفرّجون على تلفاز من منازلهم أو من مواقع التواصل الاجتماعي خاصّة بعد الحادثة التي جرت ومقتل الشاب جمال بن سماعيل".

لم يخف إسحاق أنه كان خائفًا أن يؤثّر ما حدث في الأربعاء ناث إيراثن على الناس ويسوء فهم الوضع، فلا تصل المساعدات الى المنكوبين، لكنه وقف عن كثب على حقيقة أن ما يحدث على الواقع كان منافيًا تمامًا لما كان يقال على المواقع.

كل على طريقته

 تعد قرية إيخليجن من بين أكثر القرى تضررًا من موجة الحرائق التي عمّت ولاية تيزي وزو، هذه القرية أصبحت مزارًا للجزائريين من أجل التضامن مع أهلها، فتوجّه صوبها أطباء نفسانيون يمدّون الدعم النفسي للعائلات التي فقدت ديارها وأهلها.

هنا، رأت فرقة "بسمة الشعب" المسرحية من ولاية البويرة رفقة مهرّجين متطوعين أن التوجه نحو القرية المنكوبة أمر ضروري، من أجل زرع ابتسامة في وجه أطفال أبرياء وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها بلا منزل ولا أهل.

يقول أمين إدر، عضو الفرقة متكلما عن المبادرة "إذا غلّفت حجرًا وقدمته كهدية لطفل سيكون بالنسبة له أغلى حجر، لكنك لو رميته بتفاحة فسيعتبرها أسوأ تفاحة ويعتبرك أسوأ إنسان، لقد رأيت هناك ابتسامات صادقة يلتقي فيها الحزن مع الفرح في وجوه الأطفال".

للحيوان نصيب أيضًا

في الساعات الأولى لاندلاع حرائق غابات تيزي وزو، انتشرت صور وفيديوهات لحيونات متفحمة، فلاح يبكي قطيع أبقاره، وعائلة تحاول أن تنقذ أغنامها، وحيوانات برية مشوّهة جراء احتراقها، فيما انتشر شريط اخر لشاب يحاول جاهدا إنقاذ أرنب بري تلاحقة ألسنة النيران، حين تظهر الإحصاءات الرسمية سيقف الجميع على خسائر جسيمة في الثروة الحيوانية.

فتح الطبيب البيطري فريد تريتري عيادته بمدينة مكيرة بتيزي غنيف لاستقبال الحيوانات المتضرّرة من الحرائق معالجتها مجانًا، فحسبه تقديم المساعدة للإنسان يجب أن يكون مرادفا لمد العون للحيوانت أيضا، خاصة مع طبيعة منطقة القبائل التي يعيش فيها عدد كبير من العائلات التي تجني قوت يومها من تربية الأبقار والأغنام.

من جهته، واكب الفضاء البيطري الجزائري ما يحدث في تيزي وزو، حيث هبّ أعضاؤه لتقديم يد المساعدة لمربي المواشي المتضررين وكذلك لعلاج الحيوانات المصابة وإجراء عمليات جراحية في حالة الضرورة القصوى.

قام البياطرة بنقل شحنات من الأعلاف المركزة والحبوب الجافة إلى المناطق المتضررة بهدف تغذية الحيوانات بهذه المناطق

وقام البياطرة بنقل شحنات من الأعلاف المركزة والحبوب الجافة إلى المناطق المتضررة بهدف تغذية الحيوانات بهذه المناطق، والتي فقد أصحابها مخزون الغذاء جراء الحرائق الأخيرة بها، كما نظّم الفضاء عبر فروعه قوافل تنقّلت غلى ولاية تيزي وزو لتقديم العلاج للأغنام، والأبقار، القطط، الكلاب، التي أصيبت بحروق صغيرة درجة ثانية وحروق كبيرة درجة ثانية على مستوى الأطراف.

 

اقرأ/ي أيضًا:

قضية جمال.. القبض على 36 مشتبهًا فيه واعترافات بارتكاب الجريمة

مثقفون يرفضون استعمال جريمة قتل جمال لنشر الكراهية