05-يوليو-2019

جدارية في وادي تليلات (Getty)

هذا الصباح، ذهب سكان العاصمة باكرًا إلى المسجد، قريبًا من حيّ باب الواد، يصدر صوت الأجراس القادمة من كاتدرائية السيّدة الإفريقية،  لقد فتحت كلّ كنائس الجزائر من أجل الصلاة، رئيسة الجمهورية والتي تنحدر من نسب الأمير عبد القادر، قد وعدت بأسبوع من الاحتفالات والفرحة من أجل إحياء مئوية استقلال الجزائر، نحن اليوم في الخامس من جويلية عام 2062.

في الميناء، ينتظر الرسميون قدوم السفينة العملاقة "إيكوزيوم2" القادمة من مرسيليا والتي تحمل على ظهرها ممثلين عن الجالية الجزائرية بالخارج، و"بابا مرزوق"، هذا المدفع الشهير ذو السبعة أمتار، والذي استولى عليه الفرنسيون عام 1830 كغنيمة حرب، والذي كان طوال هذه السنين معروضًا في ساحة مصنع الأسلحة بمدينة براست.

من بين أهمّ الشخصيات التي ينتظر حضورها، العاهل المغربي، والذي سيأتي عبر القطار المغاربي السريع، إنجاز تكنولوجي كبير يصل العاصمة الجزائرية بآخر نقطة في الحدود في أقلّ من ساعتين، كما ينتظر أيضًا قدوم الرئيس الليبي الجديد، لقد تمكنوا مع بعض، من جعل المغرب العربي الكبير قوّة إقليمية حقيقية، بعملة موحدة هي الدينار المغاربي، وبجيش نظامي موحد أيضًا.

تعيش كل المدينة فرحة عارمة، من الحي الجديد بالقصبة، المعروف ببناياته ذات الطراز المغاربي المزوّدة بألواح للطاقة الشمسية، هناك، يتجوّل سياح قادمون من كل بقاع العالم، وصولًا إلى شواطئ وسط المدينة حيث نجد نساء يسبحن بـ "البيكيني" وأخريات يدخلن البحر بحجابهن، يتمدّدن على الرمل الناعم للواجهة البحرية للعاصمة، المهرجانات والصالونات والمطاعم تستقطب سكان العاصمة، أزواج جزائريون وأفارقة، لقد صار هذا النوع من الزيجات موضة هذه الأيّام. مسبح عملاق أيضًا تم تشييده على جنبات واد الحراش، فمنذ أن تمّ الشروع في تنقية الواد حصد جميع الألقاب الدولية في المسابقات المتعلقة بمجال البيئة.

في هذا اليوم أيضًا، يتمّ الاحتفال بآخر برميل بترول تقوم الجزائر بتصديره، لقد تم استبدال المحروقات بالاستثمار في ميدان الفلاحة، المنتوجات الجزائرية تكتسح الأسواق العالمية للفراولة، التمور، زيت الزيتون، القمح والطماطم وكذا ميدان الكهرباء بفضل صناعات الطاقات المتجدّدة التي تم تطويرها في الصحراء.

ستقوم الرئيسة الجزائرية بتكريم أوّل رائد فضاء جزائري شارك في رحلة إلى كوكب المريخ، في البرنامج أيضًا تدشين القطب الجامعي العملاق "نيلسون مانديلا" في الغرب الجزائري، حيث سيتمّ استقطاب أكبر الباحثين في قارة إفريقيا وكذا تدشين المرصد الإقليمي لحقوق الإنسان الذي يحمل اسم "علي يحي عبد النور"، مسيرة لإحياء المناسبة تنطلق من ساحة أوّل ماي، حيث تم تحويل دار الصحافة إلى مشتلة كبيرة للتكنولوجيات الحديثة تستفيد منها وسائل الإعلام المستقلة وصولًا إلى مسجد عبد العزيز بوتفليقة.

فجأة، ينطلق صفير باخرة "ايكوزيوم 2" التي تصل ميناء الجزائر، صفيرٌ مزعج يعكّر صفو الأجواء الإحتفالية، إنه ليس سوى منبه هاتفي الذي يوقظني في عام 2016، في الجزائر العاصمة دائمًا ليست الجزائر التي في أحلامي، يجب عليّ أن انتظر أكثر.


نص ورد في كتاب "أيّام هادئة في الجزائر" لعدلان مدّي وميلاني ماتاريس، ترجمه بوبكر بلقاسم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

صديقي الذّي خانه الحبّ والشّعب

الدّقيقة الثّلاثون.. أوقفوا الإنعاش.. الإعلان عن الوفاة