09-يونيو-2022
شارع محمد خميستي بوهران (الصورة:Getty)

(شارع محمد خميستي بوهران/الصورة/Getty)

تقول أستاذة التاريخ في جامعة بوسطن إنّ "وهران تمثل بداية لمفهوم العولمة، ففيها ما يكفي من شواهد اختلاط الحضارات منذ العهد الوسيط".

حين تزور مدينة وهران تتساءل من أين أبدأ رحلة استكشاف هذه المدينة التي لا تنام؟

استمدت المدينة اسمها من كلمة "إهران"، والتي تعني "الأسود" باللغة الأمازيغية، فمن يزور مدينة وهران للمرة الأولى، يلفت نظره تمثالين لأسدين متربعين على الساحة الرئيسية للمدينة، وهذان الأسدين تحوم حولهما عديد الأساطير؛ فتقول الأسطورة إن الحياة تدب في المنحوتتين كل ليلة ليتحولًا إلى أسدين حقيقيين، يصولان ويجولان في أزقة المدينة التي تكون قد خلت من الناس.

حين تزور مدينة وهران، فإنك ستتساءل من أين أبدأ رحلة استكشاف هذه المدينة التي لا تنام، هل أبدأ من شواطئها، أم أسواقها الشعبية، أم من غاباتها، ففي المدينة ما يكفي لكي تكون إقامتك فيها مَلَكِية بامتياز، فلنبدأ رحلتنا في "الباهية"، ومن البديهي أن ترافقنا "أغاني الراي" التي أبدع فيها أبناء المدينة وجعلوا منها عاصمة لهذا النمط الموسيقي العالمي.

1-وسط المدينة

المتجول في شوارع وهران يلاحظ من الوهلة الأولى هذا الزخم الحضاري، الذي كان نتاج تعاقب الحضارات عليها، فبنايات المدينة تجمع بين طرازين، طراز قديم ورثته المدينة عن الإسبان، وهي بنايات يطغى عليها الشكل المعماري الأندلسي.

oran

كما توارثت المدينة بنايات حديثة راجِعة إلى الحقبة الاستعمارية الفرنسية، مزيج قال عنه روبير دوازي، المعماري الفرنسي: "أمامي مشهد واسع من المعالم، لو خصص لها ما يكفي من الإمكانيات لاستطاعت أن تضاهي مرسيليا وبرشلونة، وتصبح قبلة لسكان المتوسط".

 

2- لاكوريدا.. حلبة ثيران إسبانية

تُعد "لاكوريدا" من أهمّ المعالم التاريخيّة في وهران، وهي الوحيدة في الجزائر، وقد بُنيت سنة 1908 بطلب من الجالية الإسبانية المقيمة بوهران، ويحمل الحيُّ الذي تقع به الحلبة اسم "الطورو" أي الثور، قبل أن يتحوّل اسمه إلى حيّ الأمير خالد.

وتبلغ القدرة الاستيعابية لحلبة وهران عند بداية افتتاحها 4 آلاف متفرّج، ثمّ ارتفع الرقم إلى 10 آلاف في سنة 1954 بعد عمليات التجديد التي مسّت مدرّجاتها.

التفتت السلطات المحلية إليها، فتمّ إدراجها ضمن برنامج ترميم سنة 1986، ولكن لم يتمّ التفعيل. واحتضنت الحلبة في سنة 1987 بعض الفعاليات في إطار فعالية سُمّيت "موسم سيدي الهواري"، ثمّ استولى عليها الغياب حتى سنة 2009 حين كُلّف مكتبُ دراسات بإنجاز مشروع، ورصدت ميزانية، وتمّ وضع مخطّط، ولم يتحقق المنشود، ليتم ترميمها وإعادة فتحها تزامنا مع ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي ستحتضنها مدينة وهران.

3-تذوّق "الكارنتيكا"

يُمكن الجزم بأن "الكارانتيكا" أو "الكاران" كما يختصر أهل وهران اسمها، هي الأكلة الأكثر شعبية هناك، وهو طبق ورثته المدينة عن التواجد الاسباني بها، إذ يعود ذلك إلى أن العثمانيين حاصروا الحامية الإسبانية في حصن المدينة، في القرن الثامن عشر، فلم يجد الطباخون، أمام نفاد المؤونة، إلا الحمّص فأبدعوا منه هذه الأكلة التي اخترقت المدينة بعد فكّ الحصار.

اقرأ/ي أيضًا: الكارنتيكا.. طبق الإسبان في وهران

تتكوّن الكارانتيكا، من طحين الحمّص الممزوج بالماء والبيض المخفوق والزيت والكمّون، يترك الخليط فترة ليتماسك، ثم يوضع في الفرن لينضج، ويؤكل ساخنًا إمّا في شكل مربّعات، وإمّا يوضع في الخبز في شكل ساندويتش. ولئن كان المنشأ وليد الحاجة في الحصن الإسباني، حتى باتت تسمّى أكلة "القلّيل" أي الفقير، فقد تجاوزت الكارنتيكا هذا المقام، لتستقطب جميع الشرائح، بما فيها البرجوازية منها، لتصبح أكلة تدلّ على هوية لا على طبقة.

 

4-حصن سانتا كروز

لن تكتمل متعة زيارة وهران، دون المرور على جبل "المرجاجو"، حيث حصن "سانتا كروز" الذي بناه الإسبان، لا يزال شامخًا يحكي للقادمين حكاية وهران، ويقلب دفاتر التاريخ، لقد انبهر جميع من دخل القلعة، بفنائها الواسع وشرفتها المطلة على البحر، ودهاليزها وأنفاقها السرية المربوطة مباشرة بالمرسى، كما تجذب الكنيسة المبنية أسفل الحصن عقل الزائر، وينبهر بتلك الطريقة التي شيدت بها القلعة مما جعلها تحتفظ بتماسكها رغم مرور قرون على تشييدها.

سانتاكروز

ولا تكتمل زيارة "سانتا كروز" أيضا دون المرور على كنيسة الصليب المقدّس، التي تقع أسفل القلعة، والتي تم تشييدها عام 1850، خلال فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر، وذلك قصد التشفع، في أعقاب تفشي وباء الكوليرا الذي خلف آلاف الضحايا.

5-مسجد الباشا

مسجد حسن الباشا هو أحد مساجد وهران شيد عام 1797 في عهد الباي محمد الكبير بأمر من بابا حسن باشا الجزائر العاصمة وأول إمام للمسجد كان الشيخ سيدي محمد الساني المهاجي.

بعد احتلال فرنسا للجزائر، استولى المستعمر على المسجد وأفرغ من كل محتوياته ولكنها أعيدت للجزائريين لممارسة الشعائر فيه عام 1883 بناء على أوامر الجنرال ديمشيل ولكنه سرعان ما أعيد بأمر من نابليون الثالث وألصقت على أبوابه الأسلحة.

اليوم، ينتظر الجامع أن يتم ترميمه من طرف الجهات الوصية، حتى يتم استغلاله من قبل المصلين.

6-الأسواق الشعبية

أثناء زيارتك لوهران، حاول ألا تفوتك فرصة التسوق في أسواقها الشعبية، توجّه نحو سوق "لاباستي"  القلب النابض للتجارة في وهران، وهوأحد أهم الأسواق الشعبية بالولاية، والذي رغم التطور الكبير وموقعه بقلب مدينة وهران، يبقى محافظًا على طابعه الخاص وروح الأسواق الشعبية، رغم التطور والعصرنة، حين ولوجك للسوق تستقبلك روائح الخضر والفواكه والسمك والتوابل، وترى على يمينك وشمالك طاولات زاهية بكل الألوان والغلال.

7- كاتدرائية وهران

شيدت كاتدرائية وهران ما بين 1904 و1913، أي خلال فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر، وافتتحت عام 1918، تتصدّر كاتدرائية وهران قلب المدينة النابض بحركة مرور السيارات والراجلين، وهي معلم من معالم المدينة، يقصده السياح من كل أنحاء البلاد.

كاتدرائية وهران

وكاتدرائية وهران هي من أكثر المعالم التي ساهمت في التشجيع على السياحة في وهران، تلك السياحة ذات الطابع الثقافي والتراثي، وتعد كاتدرائية وهران من المعالم المبنية على النمط الروماني والبيزنطي بالإضافة لوجود الطراز الفني في الزخرفة الشرقية.

ظلت الكاتدرائية مهملة بعد استقلال الجزائر، لكن السلطات حولتها إلى مكتبة جهوية عام 1984، وبقيت على هذا النحو إلى غاية 1996، إذ حولتها إلى مكتبة عمومية، وستحتضن منافسات الشطرنج خلال الألعاب المتوسطية التي ستحتضنها المدينة.

8- مسرح وهران

يقع المسرح الجهوي لوهران في قلب أبرز شوارع المدينة، وهو مقابل لساحة تستقطب العديد من الزوار والسياح من مختلف ولايات البلاد.

يعود تاريخ إنجازه إلى مطلع القرن العشرين إبان الفترة الفرنسية في الجزائر، وافتتح من قبل الفرنسيين عام 1907 باسم أوبرا وهران، وخضع لإعادة الترميم بعد الاستقلال، حيث عرضت فيه أهم الأعمال المسرحية الوطنية.

9- شواطئ وهران

بفضل تواجدها على البحر المتوسط، تتمتع وهران بالعديد من الشواطئ الرائعة التي يقصدها السياح للاستمتاع بالمياه الصافية. يحد شواطئ وهران طبيعة جبلية رائعة للاستجمام، بالإضافة إلى إمكانية ممارسة مختلف الرياضات المائية، ومن بين أبرز شواطئ المدينة شاطئ الأندلسيات وعيون الترك التي تجذب أغلب السياح الذين يقصدون وهران صيفًا.

شواطئ وهران

10-سيدي الهواري

طالما كان الولي الصالح "سيدي الهواري" الأب الروحي لمدينة وهران، ويعد حي سيدي الهواري بمدينة وهران من أشهر و أقدم الأحياء، حيث تم إدراجه كقطاع محمي على ضوء مرسوم تنفيذي مؤرخ في 22 كانون الثاني/جانفي 2015 يتعلق بإنشاء وتحديد القطاع المحمي للمدينة القديمة لسيدي الهواري والصادر في الجريدة الرسمية.

ويضم سيدي الهواري العديد من المواقع والمعالم التاريخية والتي تشهد على مختلف الحقب التي عاشتها وهران منذ تأسيسها عام 902 للميلاد، وقد سبق وأن حظي عدد من المعالم بالتصنيف فيما لم يشمل الإجراء معالم أخرى.

يضم سيدي الهواري العديد من المواقع والمعالم التاريخية والتي تشهد على مختلف الحقب التي عاشتها وهران منذ تأسيسها 

ويحتضن الحي ضريح سيدي الهواري وفي هذه الأزقة التي كانت أصل المدينة جاء الإسبان منذ خمسة قرون ووضعوا بصماتهم ظاهرة في كل زاوية، من المتاجر إلى المساكن إلى كل تمظهرات العمران.