19-مارس-2024
مائدة رمضان (الصورة/أوراس)

مائدة رمضان (الصورة/أوراس)

ربما يشترك الجزائريون في عدة أطباق رمضانية أصبحت دارجة ومتداولة على نطاق واسع، ولكن التوغل في ثقافات وعادات هذا البلد القارة ووصفات مطابخة، سيكشف لنا عشرات الأطباق التقليدية التي تمتاز بها كل منطقة عن الأخرى، وإن تشابهت بعض الأطباق في الإعدادوالتحضير والوصفات، فهناك أطباق لا يمكن أن تأكلها إلا في أمكنة معينها، يحافظ عليها أهل المنطقة جيلًا بعد آخر مثلما حافظت شعوب الإنكا على أسرار مدينة ماتشو بيتشو بأعالي جبال الإنديز.

هناك أطباق لا يمكن أن تأكلها إلا في أمكنة معينة من البلاد  يحافظ عليها أهل المنطقة جيلًا بعد آخر 

في الجزائر فقط، ستجد وجبات خاصة بشهر رمضان، يشتهر بها أهالي المنطقة ويحافظون على مذاقها، وإن أخذت تلك الأطباق تسميات مختلفة من منطقة إلى أخرى، سنجد أن لمسة المطبخ الجزائري حاضرة من خلال طريقة الإعداد والتوابل وروح المنطقة التي تسكنها.

ونحن نبحث عن طريقة إعداد الحساء، سنجد عشرات الأطباق أمامنا لإعداد الشوربة، فالاختلاف هنا ليس في التسمات، بل في الأذواق والنكهات وطرق الإعداد، ففي كثير من الأحيان يثار في شهر رمضان،  نقاش حاد بين أنصار حساء الشرق والغرب، ويتجادل الفيسبوكيون حول الطعام الأفضل والألذ، وسنجد هنا أن الشوربة ستدخل في منافسة حادة مع حساء الحريرة، والشوربة لها نوعان: فريك ومرمز ولكليهما أنصار وخصوم، ويطلق عليها في ولاية قسنطينة أو تبسة اسم الجاري، أما الحريرة فهي شوربة الخضار لها أيضًا عدة أذواق ووصفات تحضير، وإذا تجولنا في الصحراء سنجد أن الحريرة والشوربة قد اختفتا من الموائد الرمضانية وظهر بدلهما طبق "الحسا" أو الزنبو.

حساء زنبو

هو من أشهر الأطباق التواتية في مدينة أدرار، ويتناوله سكان المنطقة مباشرة بعد الإفطار الذي يكون عادة بالتمر والحليب، ويعد هذا الحساء بطحين خاص معدٍّ مسبقًا من سنابل خضراء، قامت الأسر بدفها تحت الرمل في موقد النار بعناية فائقة، وحين تستوي السنابل، تأتي عملية طحنها وإضافة بعض التوابل مثل البسباس والقصبر.

يُطبخ حساء زنبو هذا الحساء بإضافة القديد أو اللحم المجفف وتضاف إليه توابل خاصة لا يعرفها أهل الشمال، مثل الوزوازة والختيم، وهذا الحساء الذي يطلق عليه بالعامية أيضًا تسمية "الحسا"، يعرف في مناطق كثيرة في الصحراء الجزائرية بهذه الوصفة وليس مقتصرًا على ولاية أدارار.

كسكس كرناشة

يعد طبق الكسكس بالكرناشة في ولاية غرداية، أو في منطقة بني ميزاب، من بين أبزر الأطباق التي يشتهرون بها في شهر رمضان، والكسكسي باللغة الميزابية يسمى أشو، أما الكرناشة فهي ما يُعرف تقريبًا النخالة أو قشور الشعير.

طبق الكرناشة لذيذ جدًا وصحي أيضًا، خاصة في فصل الصيام، ويعدّ هذا الطبق بشعير مطحون ولكن لا يتم استخلاص قشوره، بل تُفتل حبات الكسكس بهذه القشور لأنها مفيدة للمعدة، ليضاف إلى هذا الكسكس مرق اللحم والخضر الموسمية، بينما يدهن الكسكس بزيت الزيتون.

الكعبوش

الكعبوش التيميموني، وهو أكلة تحضرها نساء تيميمون خصيصًا في شهر رمضان، هو أكلة تصنع من التمر ويتم حشوها بالكليلة، وهي نوع من الجبن التقليدي المجفف.

تقوم النسوة بعجن نوعين من التمر معروفين في المنطقة هما تمر الحميرة أو الحمراي في بعض المناطق، وتمر الغرس أو الرطب، وبعد فرم التمر تشكّل عجينة متماسكة وتوضع جانبًا.

تحضيرة حشوة الكعبوش يتطلب توابل خاصة، فبعد طحن الجبنة التقليدية الجافة "الكليلة" حتى تصبح بودرة ناعمة، تضاف إليها بعض التوابل الخاصة مثل الزنجبيل والوزوازة والبسباس والقرنفل واليازير والدهان.

شوربة المقطفة

تعرف هذه الشوربة في ولاية تلمسان رغم الأطباق الكثيرة المعروفة في رمضان في هذه المنطقة تحديدًا المشهورة بالتوابل، ورغم اشتهارها أيضًا بكثير من الأطباق المسافرة من الأندلس، إلا أن شوربة المقطفة هذه لن تجدها في المحلات، ولكنها أكلة تقليدية شهية وحساء مفيد في رمضان.

تعتبر المقطفة من أنواع المعجنات المحضرة يدويًا، حيث تحضّر شعيراتها يدويًا بعد إعداد العجينة وتقطيعها إلى خيوط، أو فتلها بالأنامل فقط على شكل شعيرات قصيرة وتجفيفها فيما بعد، ليضاف إليها بعد ذلك المرق باللحم والبزلاء والفول الأخضر والفاصولياء والكزبرة.

الملوخية

في أقصى الشرق الجزائري، يشتهر سكان ولاية الطارف بتناول طبق الملوخية في شهر رمضان، فهو طبق شهي جدًا وصحي أيضًا، ويُعدّ مع إضافة لحم الغنم أو البقر.

هذه الأكلة التقليدية الشهيرة في المنطقة، تعد من أوراق خضراء تجفف تحت أشعة الشمي لعدة أيضًا ثم يتم طحنها بشكل رفيع جدًا لتصبح ملساء، ويحرص السكان على تقديم طبق الملوخية الخضراء في أول أيّام رمضان، تفاؤلًا بأن تكون سنة خضراء ماطرة ذات إنتاج فلاحي وفير.

 والبنات أي بمشاركة الجميع باعداد طبق الملوخية الخضراء والملساء التي يتم شرائها من المحلات أو تلك التي يتم إعدادها بطريقة تقليدية والتي هي عبارة عن أوراق خضراء يتم وضعها تحت أشعة الشمس لأيام ومن ثم سحقها بالآلة لتصبح رطبة ملساء.

البكبوكة

في ولاية المسيلة، وبالضبط في مدينة سيدي عيسى العريقة، لا يمكن للسكان الاستغناء عن طبق البكبوكة أو ما يُعرف بالدوارة في كثير من مناطق الوطن، وهذا الطبق يُعد بأحشاء الماشي المقطعة والمتبلة

طبق البكبوكة في رمضان له نكهة خاصّة في سيدي عيسى، فهي منطقة تشتهر بجودة لحوم ماشيتها، نظرًا لأن المنطقة سهبية رعوية وتوفر مساعات رعي طبعية للرعاة، وتحتوي أراضيها على الكثير من الأعشاب المفيدة.

بعد تنظيف أمعاء الماشية جيّدًا وتقطيعها إلى قطع صغيرة، تضاف إليها فلفل قناوة والكروية والزعيترة والليمون والثوم والفلفل الأسود، وتطبخ على مرحلتين، أولها تتم بطبخ الأمعاء على حدّة لمدة عشر دقائق، ثم يجفف من الماء ويعاد طبخة مع التوابل وصلصة الطماطم وتترك في وعاء طيني لتطهى على مهلها.

الأمر لم ينته هنا، فطبق البكبوكة هنا له لمسته الخاصة في سيدي عيسى، حيث بعد نضج الطعام يُدق الثوم والقارص وزيت الزيتون والكمون والقصبر وتطحن بشكلٍ جيد لتضاف إلى وسط الطبق.

سكسو سزبيب

في منطقة القبائل وخاصة في ولاية بجاية، يعتبر طبق الكسكس بالزبيب، من أبرز الأطباق الحاضرة في شهر رمضان، خاصة في فترة السحور، ويتناول البجاويون هذا الطبق مرفوقًا بكوب من اللبن.

الدوبارة البسكرية

تعرف محلات الدوبارة في بسكرة، طوابير طويلة في شهر رمضان، فلا يمكن أن يستغني شباب المنطقة على هذا الطبق الذي يفضل كثيرون تناوله خارج البيت، وجلبه من الأسواق، ولذلك يصبح من الطبيعي أن تشهد محلات الدوبارة إقبالًا خاصًا في شهر رمضان خاصة في الدقائق الأخيرة قبل آذان المغرب.

يتناول أصحاب المنطقة طبق الدوبارة ساخنًا وطازجًا وحارًا أيضًا، فهي وجبة تعتمد على الفول والحمص، فتجد هناك دوبارة فول ودوبارة حمص، وهناك من يحب المزج بينهما.

تمتاز هذه الوجبة بسرعة التحضير بعد نضج الحمص أو الفول، فهي تمزج على السريع بطماطم مفرومة وفلفل وبعض البهارات وتقدم بإضافة الكمون والفلفل وزيت الزيتون.

البريك العنابي

رغم إبداع المطبخ الجزائري في إعداد البوراك بكل حشواته، بالسمك وفواكه البحر واللحوم الحمراء والبيضاء، واختلاف طرق إعداد الجبنات والخلطات، إلا أن البوراك العنابي له شهرة واسعة جدًا في البلاد، وتتخطى حدود جغرافيا الولاية.

شكلًا، يختلف إعداد البريك العنابي أو البوراك العنابي، عن بقية أنواع البريك الأخرى، فهو يطبخ في شكل مربعات، ويدخل في وصفة إعداده البطاطا المطحونة والهريسة واللحم المفروم والزيتون والبيض والجبن وبعض التوابل الخاصة به، ومنهم من يضيف لهذا البريك فواكه البحر مثل الجمبري والكالامار.

ايوزان

معروف جدًا أن طبق ايوزان، من أبرز الأطباق التي تزين موائد سكان البويرة شرق العاصمة في شهر رمضان، فحساء هذا الطحين يضاهي طبق الحريرة

 حساء ايوازن مصنوع من الشعير الأخضر الذي يشوى على النار قبل درسة وطحنه واستخلاص طحين منه، وإعداد ايوزان يُشبه كثيرًا حساء الزنبو الذي يطبخه سكان توات جنوبًا، غير أن طريقة التحضير والتوابل هو ما يفرّق بين الطبقين.

في كثير من الأحيان يثار في شهر رمضان،  نقاش حاد بين أنصار حساء الشرق والغرب، ويتجادل الفيسبوكيون حول الطعام الأفضل والألذبينهما.

 

يُصنع من ايوزان طعام يشبه الكسكس، ولكنه لذيذ جدًا وخفيف على المعدة وسريع الهضم، لذلك تفضل عائلات البويرة إعداد هذا الطبق في هذا الشهر، ويقدم طعام ايوزان مع مرق الخضار واللحم ويدهن كسكسه بزيت الزيتوت، ويقدم مثل الكسكس تمامًا.