07-سبتمبر-2023
مكتب بريد الجزائر (فيسبوك/الترا جزائر)

مكتب بريد الجزائر (فيسبوك/الترا جزائر)

تنتهي الآجال التي حددها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لرقمنة مصالح المالية ممثلة في إدارات الضرائب والجمارك وأملاك الدولة، بتاريخ الرابع من شهر  تشرين الأول/أوكتوبر المقبل، أي خلال بضعة أيام فقط.

خبير اقتصادي لـ "الترا جزائر": يجب التركيز على إنترنت الجيل الخامس لتبادل المعلومات وتأمينها بصفة أكثر فعالية

وأمر رئيس الجمهورية يوم الرابع أفريل/ نيسان 2023، خلال اجتماع مجلس الوزراء برقمنة هذه القطاعات في ظرف 6 أشهر كأقصى حد.

وكان الرئيس قد اشتكى من قبل في حوارات متلفزة للصحافة الوطنية، من تأخّر الرقمنة وتعطل تعميمها بعد ثلاث سنوات من المحاولات، بسبب ما أسماه بالمقاومة التي تفرضها أطراف ترفض إقرار الشفافية في التعاملات المالية والتجارية بالدرجة الأولى، وتفضل النشاط في "اقتصاد الظل".

فهل ستنجح الجمارك والضرائب وأملاك الدولة في فرض الرقمنة هذه المرة؟، وما مدى تقدم المشروع بعد أزيد من خمسة أشهر من التنفيذ؟

أين الحصيلة؟

يُنتظر أن تطرح وزارة المالية خلال الأيام المقبلة حصيلة رقمنتها لقطاعات الجمارك وأملاك الدولة والضرائب والكشف عن كافة الإجراءات المتخذة على هذا المستوى منذ شهر أفريل/نيسان المنصرم إلى غاية سبتمبر / أيلول 2023.

إلى هنا، يقول خبير التكنولوجيا والمعلوماتية وعضو المجلس الوطني للناشطين في الرقمنة، يزيد أقدال في تصريح لـ "الترا جزائر"، إنه لا يمكن تقييم مدى تقدم عملية الرقمنة لدى مختلف الإدارات التابعة لقطاع المالية دون التوغل داخل هيئات الجمارك والضرائب وأملاك الدولة لمعاينة مدى تطور المشروع بعد خمسة أشهر من تصريحات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.

وأضاف أن الرئيس أمر من خلالها برقمنة مصالح المالية في ظرف ستة أشهر كأقصى حد، مع العلم أن الرئيس أسدى بهذه التعليمات بتاريخ 4 أفريل/ نيسان 2023، حيث لم يتبق اليوم من المهلة الممنوحة لمسؤولي القطاع إلا بضعة أيام.

وحسب أقدال، فالمفروض أن يقوم مسؤولو الضرائب والجمارك وأملاك الدولة بعرض حصيلة الرقمنة على مستوى مختلف هذه المؤسّسات أو على الأقل تكليف إطار مطلع بدقة، بالقيام بالعملية، وعرض ما أُنجز وما لم يتحقّق لحد الساعة، حيث أن هؤلاء مطالبون بكشف حصيلة رسمية بهذا الخصوص، كما أن أيّ تقييم لمدى تقدم رقمنة هذه المصالح من طرف مختصين خارج هذه الإدارات يعتبر تقييمًا خاطئًا، يكتنفه الغموض.

وبشأن المعوقات التي قد تعترض الرقمنة فهي كثيرة حسبه، أهمها أن مشاريع الرقمنة معقدة تحتاج إلى تكنولوجيات عالية الدقة، إضافة إلى المقاومة التي تبديها بعض الجهات، التي تمنع الشفافية وتفضل العمل في الظلام للإبقاء على الامتيازات التي تتمتع بها، كعدم دفع الضرائب وأقساطها.

ويتحدث خبير الرقمنة في نفس السياق عن نقص في الكادر البشري المؤهل خاصة في القطاع العمومي، قائلا: "من الصعب التعرف بدقة على الصعوبات التي تكتنف العملية من خارج القطاع، يجب الغوص بعمق داخل هذه المؤسسات لجرد المعوقات والنقائص، حيث نكتفي نحن اليوم كخبراء وأخصائين بعموميات، إذ يصعب تحديد أين هو المشكل بالذات".

استعجال الرقمنة

من جهته، يعتبر الخبير الاقتصادي المختص في الإدارة الرقمية عبد الرحمن هادف في تصريح لـ "الترا جزائر" أن الرقمنة تعتبر في الواقع مسار طويل لا ينتهي بمجرد إنجاز مشروع، حيث انطلقت الجزائر في هذا المسار منذ سنوات، وبات من الضروري اليوم الإسراع في إحراز نتائج ملموسة.

ويشدد المتحدث على أن الأعين متجهة منذ أشهر صوب التكنولوجيات الحديثة أو تكنولوجيات المستقبل، والتي تفرض إعادة النظر في الجانب التنظيمي أو التقني، ومراجعة الآليات التي تتيح عصرنة الإدارة والمنظومة الاقتصادية، حيث أن الجزائر قطعت بعض الأشواط في استعمال التكنولوجيات الرقمية، وتمكنت من ولوج عالم الإنترنت والبيانات، إلا أنه يجب اليوم مواكبة هذه التحولات، حيث أصبح من الضروري عيش المرحلة، وتبني خيارات استراتيجية، ووضع خطط واضحة، إضافة إلى إصلاح وتنظيم وإعطاء توجهات كبرى لصناعة البيانات وتأمينها وإنتاج المحتوى والحلول الرقمية.

كما يدعو هادف إلى تأهيل الكفاءات واحتواء الفجوة الرقمية، وأن تكون لنا مرجعيات في المجال الرقمي، إضافة إلى السعي المستمر لرقمنة الإدارة، والتشغيل البيني للأنظمة المعلوماتية، الموجودة على مستوى الهيئات الإدارية، وهو ما سيسمح بقطع خطوة كبيرة في رقمنة المؤسسات العمومية، مع أهمية التركيز على الأمن السيبراني، إذ يجب على الجزائر ان تتمتع بمرجعية في المجال تأمين البيانات والمعلومات ذات الطابع الخاص.

ويُفترض حسب الخبير، أن تكون للإدارات الجزائرية القدرة على توطين البيانات من خلال بعث مشاريع استثمارية في مجال "الكلاود" والحلول الرقمية ومرافقة المؤسسات الناشطة في الرقميات، لتكون فاعلا أساسيا في التحول الرقمي.

الخبير عبد الرحمان هادف: يفترض أن تكون للإدارات الجزائرية القدرة على توطين البيانات من خلال بعث مشاريع استثمارية في مجال "الكلاود"

كما دعا المتحدث إلى أهمية التركيز على إنترنت الجيل الخامس لتبادل المعلومات وتأمينها بصفة أكثر فعالية، فالجزائر، حسبه، بحاجة لتعميم مبدأ مشاركة المعلومة في شبكة متطورة لتسهيل مأمورية الإدارات وتحسين الخدمة العمومية.