يعدّ العقم مشكلة طبية شائعة في الجزائر لدى الجنسين، وهو يصيب من 10 إلى 15 بالمائة من الأزواج، لكن هذا المرض لا يزال محاطا بالكثير من الطابوهات في المجتمع، حيث يكون التردد كبيرا في الكشف خاصة لدى الرجال في بدايات الزواج، كما أن كثيرين يجهلون أن هناك عوامل خارجية تؤثر على الإنجاب من غير الموانع الطبية والأمراض المتعلقة بالخصوبة.
بحسب تقديرات سابقة لوزارة الصحة فإن "10 بالمئة من الجزائريين مصابون بالعقم وصعوبة الإنجاب
وبحسب تقديرات سابقة لوزارة الصحة فإن "10 بالمئة من الجزائريين مصابون بالعقم وصعوبة الإنجاب"، أي ما يعادل 4 ملايين شخص، في حين أكد أطباء أخصائيون مشاركون في ملتقى حول هذا المرض سنة 2020 أن أكثر من 40 بالمائة من المصابين بمرض العقم في الجزائر هم من فئة الرجال.
وبالنسبة للنساء، تذكر تقديرات أخرى أن واحدة من كل خمس سيدات تعالج بسبب العقم في الجزائر، وذلك لعدة أسباب منها تأخر سن الزواج عند الجزائريات وتأثرهن بنمط العيش الغربي حيث تفضل المرأة الزواج بعد الدراسة وإيجاد الوظيفة، وهو ما لم يكن سائدا من قبل في المجتمع الجزائري.
في هذا الموضوع، سنتعرض لأبرز العوامل الخارجية التي تؤثر على الإنجاب والتي ترتبط بالمحيط ونمط العيش وغير ذلك:
السمنة والنحافة
تسبب اضطرابات الوزن زائد أو ناقص مشاكل في الخصوبة عند الجنسين، حيث تؤدي تراكم الأنسجة الشحمية إلى إطلاق مواد مسببة للالتهابات تؤثر بشكل مباشر على هرمون التستوستيرون، وهو أحد أهم الهرمونات في إنتاج الأمشاج الذكرية عند الرجل،يسبب انخفاض عدد ونوع الحيوانات المنوية، بالاضافة الى ان الدهون ترتفع حرارة الأعضاء التناسلية ما يجعلها تعمل بفاعلية أقل. وقد سجلت منظمة الصحة
العالمية انخفاضا في نسبة الحيوانات المنوية لدى الرجال على مدى العقود الخمسة الماضية. وأما بالنسبة للمرأة فالوزن الزائد يؤثر على إنتاج الهرمونات ويزيد صعوبة الإنجاب، إذ كلما زاد وزن المرأة كلما كانت معرضة أكثر لضعف وظيفة المبيض، و أكثر عرضة لتطوير متلازمة المبيض المتعدد الكيسات المرتبطة مباشرة بمشكلات تأخر الحمل والعقم.
وكما تأثر النحافة على الخصوبة، فالنساء اللواتي يُعانينّ من نقص في مؤشر كتلة الجسم يُعانينّ من نقص في هرمون الليبتين (Leptin hormone) مما يُساهم في غياب وتأخر فترة الحيض.
التلوث
يعتبر الهواء الملوث بدخان السيارات والمصانع وبغازات الاحتباس الحراري مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان من أحد مسببات اضطرابات الخصوبة لدى الجنسين، في العديد من الدراسات العلمية ارتبط التعرض لحركة المرور والسكن بجوار المناطق الصناعية بانخفاض الخصوبة التلقائية للأزواج.
ولذلك فإن الهواء يحمل عائلات معينة من الملوثات المخلة بالغدد الصماء والتي تسبب انخفاضا في جودة الحيوانات المنوية عند الرجل والبويضات عند النساء.وكما أشارت هذه الأبحاث إلى تشريب كبير للدم وسوائل الجسم مع 6 عائلات المسببة لاظطرابات الغدد الصماء الموجودة في المنتجات الاستهلاكية اليومية.
بالإضافة الى أنواع أخرى من الملوثات المنتشرة في الهواء والماء، والتي تؤثر على الخصوبة وهي المعادن الثقيلة مثل الزئبق والرصاص والكادميوم، حيث يسبب الزئبق تغيرات في أغشية الحيوانات المنوية ويقلل من قدرتها على البقاء. وقد لوحظت أيضًا ارتباطات بين نقص الخصوبة والتعرض المهني للذكور أو الإناث للرصاص والكادميوم.
القلق والتوتر
يعتبر القلق حالة نفسية شائعة جدا بين الناس، بسبب الضغوطات اليومية والتحديات التي يواجهونها، بالإضافة الى النظام الغذائي الغير متوازن مثل الإفراط في تناول السكر، ويعد التوتر العامل الأول لإفراز هرمون الكورتيزول والذي يسمى أيضا هرمون الإجهاد، افرازه بكميات كبيرة نتيجة التوتر المفرط يحدث اضطرابات في إفراز الهرمونات من الغدد الصماء، مما يأثر مباشرة على الهرمونات الجنسية الأنثوية (الإستروجين والبروجسترون) والذكورية (التستوستيرون ) وتسبب مشاكل في الخصوبة.
بالإضافة إلى أن أحد استجابات الجسم للتوتر هو تشنج جدار الأوعية الشعرية التي تروي المبيضين، جدار الرحم، الخصيتين. وبالتالي يتم تقليل إمدادات الهرمونات التي يحملها الدم ويغير وظائف نضوج البويضات، والإباضة، وتكوين الحيوانات المنوية لدى الرجال.
السجائر والكحول
يحتوي التبغ على أكثر من 4000 مركب تنتمي إلى فئات كيميائية معروفة بسميتها، وكما أن هذه مركبات تؤثر على الجهاز التناسلي بمستويات مختلفة لدى المرأة والرجل، فهو يسرع سن الأمل بما يقارب 2 إلى 4 سنوات. لدى المدخنات مستويات أعلى بنسبة 66% من الهرمون المنبه للجريب FSH، وهذا يعني انخفاض إمداد المبيض بالبويضات الجيدة في قناة فالوب لدى المرأة.
وكما يعتبرن أكثر عرضة بأربع مرات لحدوث الحمل خارج الرحم وفي أغلب الأحيان في قناة فالوب. وبالنسبة للرجال فالتبغ له تأثير مباشر على نوعية وعدد وحركة الحيوانات المنوية فكلما زادت نسب التدخين والكحول كلما زادت تشوهاتها وتنقص خصوبة الرجل .
و أشارت عدة دراسات ان تناول المشروبات الكحولية يضعف الخصوبة حيث تمنع الخمور الجسم من امتصاص الزنك، وهو واحد من أهم المعادن لإنتاج الحيوانات المنوية.