28-أغسطس-2023
أدوات مدرسية

(الصورة: Getty)

يروي الخمسيني، بشير بهيلي، معانته لتدبّر المبلغ اللازم لتغطية مصاريف دراسة أبنائه الأربعة قريبًا، حيث لم يعد يفصل التلاميذ عن العودة  إلى المدارس إلّا بضعة أيام.

زبدي لـ"الترا جزائر": فتح المجال أمام استيراد الأدوات المدرسية خطوة مهمة، لكن يجب أن يكون متبوعًا بإجراءات رقابة أكثر صرامة لمنع أي تلاعب بالأسعار

ورغم مجانية التعليم في الجزائر، إلاّ أن اقتناء المستلزمات الدراسية يكلف ما يعادل 10 آلاف دينار (75 دولار) للتلميذ الواحد، باحتساب المئزر والمحفظة والكتب والأدوات المدرسية، أي أنّ الأب بشير سيدفع 40 ألف دينار (300 دولار) لتغطية مستلزمات أبنائه الأربعة، أحدهم في المدرسة الابتدائية وآخر بالاكمالية واثنان بالثانوية، منهم من سيجتاز شهادة البكالوريا هذه السنة.

ويتساءل محدث "الترا جزائر" عن سرّ استمرار ارتفاع أسعار الأدوات المدرسية لدى نقاط التجزئة، رغم انخفاضها في السوق العالمية بعد زوال تداعيات وباء كورونا، داعيًا وزارة التجارة لضبط تجاوزات بعض التجار، خاصة وأن الوزير سبق وأن صرّح بأن الحكومة ستعمل على مطابقة أسعار المنتجات محليًا مع الخارج.

وبالموازاة مع ذلك كشفت وزارة التجارة وترقية الصادرات عن خطة دقيقة لمحاصرة المضاربين وضمان وفرة الأدوات المدرسية في السوق بسعر في متناول العائلات.

إجراءات استعجالية

باشرت وزارة التجارة وترقية الصادرات إجراءات غير مسبوقة لكسر أسعار الأدوات المدرسية عشية الدخول المدرسي، وعملت، حسب مصادر مسؤولة، على تمكين المتعاملين من استيراد المآزر والمحافظ دون إلزامية المرور عبر نظام الرخص، إضافة إلى توفير المنتوج المحلي الذي يغطي نسبة عالية من احتياجات السوق في مجال المآزر.

ومنحت وزارة التجارة إلى غاية 20 آب/أوت الجاري ما يقارب 100 رخصة للاستيراد من إجمالي 250 مستوردًا تقدموا بالطلب، وهذا لضمان وفرة المنتجات المدرسية في الأسواق، زيادة على رفع مستويات التنسيق مع المنتجين المحليين والذين يقارب عددهم 54 مصنعًا ويغطون 10 بالمائة من احتياجات السوق الوطنية.

وبالمقابل أكدت الوزارة أن كل رخصة لا يستعملها صاحبها في ظرف شهر يتم إلغاؤها آليًا وهذا للتعجيل في الاستيراد، وضمان وفرة المنتجات في السوق في القريب العاجل.

كما باشرت مصالح الرقابة بوزارة التجارة عمليات رقابة مكثفة للأسواق بالنزول إلى نقاط البيع بالجملة والتجزئة لمعاينة السلع، بعدة ولايات ونشرت الوزارة عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك مقاطع من زيارات ميدانية لمعاينة عمليات بيع وشراء الأدوات المدرسية بالجزائر العاصمة ووهران وتبسة وعنابة ومستغانم والبليدة والمدية.

وافتتحت الوزارة معارضًا لبيع الأدوات المدرسية عبر 58 ولاية إضافة إلى معارض جهوية، ويتراوح سعر بيع المحافظ المدرسية على سبيل المثال هناك بين 800 دينار و3000 دينار أي بين 5.5 دولار و 11 دولار.

تقرير بـ80 شكوى يكسر الغلاء

كما رفعت المنظمة الوطنية لحماية المستهلك شكاوى بالجملة ضد ارتفاع أسعار الأدوات المدرسية خلال الفترة الماضية، حيث راسلت هذه الأخيرة وزارة التجارة بقرابة 80 شكوى، حسب رئيسها مصطفى زبدي، تخص ارتفاع أسعار الكراريس بالدرجة الأولى.

وانصبت الشكاوي حول أسعار كراريس 96 صفحة التي فاقت 90 دينار (0.6 دولار)، إضافة إلى نوعية وجودة الأدوات المدرسية، والتي يؤثر بعضها على التحصيل العلمي للتلميذ، على غرار بيع ممحاة على شكل أحمر شفاه ودمى ومبراة على شكل سيارات صغيرة، مع العلم أنه تم رفع هذه الشكاوى شهر تموز/جويلية الماضي، واستجابت وزارة التجارة لانشغالات المنظمة.

وأدى كل ذلك إلى تطويق المضاربة في وقت قياسي بعد منح 3 اعتمادات جديدة لاستيراد الكراس ووصول البواخر لميناء عنابة بداية من 21 آب/أوت 2023.

وقال رئيس منظمة حماية المستهلك، مصطفى زبدي، إن "إنتاج الجزائر من المستلزمات المدرسية لا يمثل سوى 10 بالمائة من احتياجات السوق الوطنية"، مشيرا إلى أن "فتح المجال أمام الاستيراد خطوة مهمة، لكنه يجب أن يكون متبوعًا بإجراءات رقابة أكثر صرامة لمنع أي تلاعب بالأسعار."

وأوضح زبدي في تصريح لـ "الترا جزائر" أن قرار منح وزارة التجارة لتراخيص استيراد الأدوات المدرسية، وذلك قبل أسابيع عن الدخول المدرسي، خطوة إيجابية خاصة وأنّها لم تقتصر فقط على المواد التي سجلت فيها الجزائر نقص، وإنما تعدتها إلى بعض المواد على غرار الكراريس وبعض المنتجات الورقية التي تتوفر في السوق ولو بنسبة متفاوتة، يقول زبدي.

وحسب رئيس المنظمة فإن "هذا الإجراء غير كاف إن لم يكن متبوعًا بتدابير وإجراءات لضبط السوق ومنع أي تلاعب بهذه المواد خاصة وأن هذه المستلزمات حساسة ومتعلقة بمادة استراتيجية."

ويضيف زبدي أن هذا "التخوف من التلاعب بهذه المواد مبرر، خاصة بعدما تم تسجيل ارتفاع في أسعار بعض المنتجات رغم وفرتها في السوق"، قائلا: "رغم أن بورصة المستلزمات المدرسية عرفت انخفاضًا في العالم بعد أزمة كورونا وتراجع تكلفة النقل البحري غير أن الأسعار في الجزائر لا تزال مرتفعة الأمر الذي يتطلب تدخل السلطات".

بالمقابل استبعد زبدي وجود وسطاء في السوق، يتلاعبون بالأسعار حسبه مؤكدًا أنّ "التجار المتحصلين على رخصة لاستيراد المستلزمات المدرسية معروفين وبالتالي هم من يتحكمون في الأسعار."

80 بالمائة من الصين

ورغم أن الأمين الوطني للاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، عصام بدريسي، ينفي وجود مضاربة في المستلزمات المدرسية، لاسيما بنفس الشكل التي شهدتها السوق السنة الماضية، إلّا أنه يدعو أولياء التلاميذ إلى التقيد بالرزنامة التي حددتها وزارة التربية الوطنية للتسيير العقلاني لهذه المنتجات.

وقال برديسي في حديث لـ"الترا جزائر" إن الشروع المبكر في التحضير للدخول المدرسي هذه السنة، خاصة وأن مصالح وزارة التجارة، حسبه، تبنت مخططًا يهدف إلى تحقيق الوفرة في هذه المنتجات ساهم إلى حدّ كبير في توفير الأدوات في السوق وبأسعار معقولة، حيث أن 80 بالمائة منها مستوردة من الصين ودول آسيوية، تقترح أسعارًا معقولة.

الأمين الوطني للاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين: لا وجود للمضاربة بالأدوات المدرسية وعلى الأولياء التقيد بالرزنامة التي حددتها وزارة التربية للتسيير العقلاني لهذه المنتجات

وحسب برديسي، فإن المعارض التضامنية التي نظمت على مستوى ولايات الوطن كان لها دور كبير في خفض الأسعار باعتبار أن البيع المباشر يقلل من المضاربة ويقضي على الوسطاء الذين يستغلون مثل هذه المناسبات لفرض منطقهم.

وأشار المتحدث إلى أن أزمة الأدوات المدرسية لن تكون نهاية أيلول/سبتمبر المقبل وهو موعد الدخول المدرسي في الجزائر، خاصة وأن وزارة التجارة قد ألزمت المستوردين الذين قاموا بتوقيع دفاتر أعباء بتصنيع هذه المواد بدل استيرادها مستقبلًا، وذلك بالنظر إلى التسهيلات الكبرى الممنوحة في هذا الإطار، كما أن تصنيع هذه الأدوات لا يتطلب تكنولوجية عالية أو إمكانيات خارقة.

كما أوضح الأمين الوطني لاتحاد التجار والحرفيين الجزائريين أن الحكومة تعمل على تحيين المنظومة القانونية المؤطرة لصناعة هذا النوع من المنتجات، حيث سيتم تبسيط ورقمنة جميع الإجراءات المتعلقة بها.