04-يونيو-2019

من مسيرات الحراك الشعبي (نيويورك تايمز)

يبدو أن قرار تأجيل الانتخابات الرئاسية، الذي قطع الطريق أمام الأحزاب المعارضة في الجزائر، الطامحة للمشاركة في تسيير مرحلة انتقالية بإشراك قياداتها، هو ما يجعلها تصرّ اليوم، على تنظيم مؤتمر وطني جامع لحلّ الأزمة السياسية في البلاد، إذ عقدت ثمانية أحزاب سياسية اجتماعًا على خلفية إلغاء المجلس الدستوري للرئاسيات القادمة، وتمديد فترة حكم رئيس الدولة المؤقّت عبد القادر بن صالح.

جدّدت قوى المعارضة، موقفها الرافض لاستمرار رموز النظام السابق للرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الحكم

سيطرة رموز النظام 

وأصدرت قيادات الأحزاب الثمانية، بيانًا عقب اجتماع مشترك جددت فيه الدعوة إلى لقاء وطني لحل الأزمة وتلبية مطالب الشعب، والتأكيد على حوار جاد ومسؤول يحقّق توافقًا وطنيًا، دون تحديد الجهة التي سترعى الحوار والأطراف المُشاركة فيه.

اقرأ/ي أيضًا: قايد صالح يدعو إلى مزيد من التنازلات ويرفض المرحلة الانتقالية

كما جدّدت قوى المعارضة، موقفها الرافض لاستمرار رموز النظام السابق للرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الحكم، وتعني بذلك رئيس الدولة عبد القادر بن صالح ورئيس الحكومة نور الدين بدوي.

اشترط بيان المعارضة، استقالة رموز النظام المرفوضين شعبيًا، من أجل إنجاح هذا الحوار، معتبرًا أن ما صدر عن المجلس الدستور اجتهادًا غير دستوري، ورافضًا أيّة قراءات في مواد الدستور المتعلّقة بتمديد عهدة رئيس الدولة عبد القادر بن صالح إلى ما بعد نهاية عهدة في التاسع تمّوز/ يوليو القادم.

وشارك في الاجتماع؛ كل من رئيس جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله ورئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس، ورئيس اتحاد القوى الديمقراطية والاجتماعية نور الدين بحبوح، ونظيره من حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرينة، ومن حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، ومن حزب الفجر الجديد الطاهر بن بعيبش، إضافة إلى قيادات أخرى من حركة النهضة.

إطالة عمر الأزمة

بحث اجتماع المعارضة، صياغة موقف سياسي متقارب أو موحّد، حول الخطوات السياسية الضرورية للانتقال إلى حل سياسي وعملي، يجنّب البلاد مزيدًا من تداعيات الأزمة السياسية، كما دعا المشاركون إلى استمرار الحراك وسلميته وحضاريته، إلى غاية تحقيق مطالبه الحقيقية، و تثمين ما تحقّق من إنجازات، بفضل وعي وثبات وصبر الحراك الشعبي، والدعوة إلى "اليقظة ضدّ المخطّطات التي تستهدف البلاد، والتأكيد على حماية الدولة الوطنية والثورة السلمية لتحقيق المطالب الشعبية".

من جهة ثانية، طالبت قوى المعارضة من القضاء الجزائري الاستمرار في حملة مكافحة الفساد وملاحقة المتورّطين في فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، داعية الهيئات القضائية لممارسة مهامها الدستورية كاملة في محاربة الفساد، مع احترام الإجراءات القانونية والتمتع بالشفافية ومصارحة الرأي العام حفاظًا على مصداقية السلطة القضائية.

قرار أحادي

من جهته، قال حزب جيل جديد، إن  قرار المجلس الدستوري هو "اعتراف ضمني بأنه لم يعد هناك أي أحكام دستورية قادرة على إنقاذ النظام"، مشيرًا إلى أن المجلس كلّف رئيس الدولة بطريقة غير قانونية وضدّ إرادة الجزائريين بمهمّة استدعاء الهيئة الناخبة من جديد، وهذا يعني حسبهم أنه قد "تم استنفاذ كل الحلول الواضحة للنص، وتم اللجوء إلى الاجتهاد لتجاوز أمام الفراغ التشريعي".

ونبّه رئيس جيل جديد جيلالي سفيان في تصريح للصحافيين، إلى أن هذا الاجتهاد التشريعي يعني ضمنيًا استدعاءً الناخبين ابتداءً من يوم صدوره، من أجل إجراء انتخابات أخرى، متوقعًا أن تقابل الدعوة إلى انتخابات جديدة رفضًا شعبيًا في الشارع.

وحذّر سفيان من خيار فرض الأمر الواقع بالقوّة، مشيرًا إلى أنه "يتعيّن على السلطة أن تُبدي حسن نيّتها من خلال إشراك المسؤولين المرفوضين، واقتراح لجنة مشكلة من شخصيات نزيهة لقيادة حوار يكون ممثلو المؤسّسة العسكرية جزءًا منه، ثم إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي كبادرة أولى للتهدئة وفتح وسائل الإعلام لأصوات قوى المعارضة في الجزائر"، على حدّ قوله.

 أحزاب مرفوضة شعبيًا

من جهته، يعتبر حزب العمال إلغاء الانتخابات الرئاسية القادمة، انتصارًا جديدًا للثورة، محذرًا في الوقت نفسه من إجراء أية انتخابات قبل توفير شروط سياسية.

وجدّد الحزب الذي أودعت السلطات القضائية أمينته العامة لويزة حنون الحبس المؤقّت، بتهمة التآمر على البلاد، رفضه قرار المجلس الدستوري بتمديد عهدة بن صالح إلى غاية اقتراع آخر للرئاسيات، واتهم الحزب المجلس الدستوري "بالوقوف في صف توجّه السلطة القائمة وتجاوز صلاحياته والاصطدام بإرادة الشعب الذي يطالب برحيل النظام وجميع رموزه.

وتساءل حزب العمّال، على لسان النائب رمضان تعزيبت، حول "سياسة فرض انتخابات رئاسية بالعودة إلى الدستور الذي يمنح سلطات كبرى للرئيس، تمكّنه من تزوير الانتخابات وتكبيل طموحات للتغيير المنشود في الجزائر".

تواجه أحزاب المعارضة في الجزائر رفضًا شعبيًا واسعًا، إذ تعرّض كثير من قياداتها للطرد من الحراك الشعبي

يُشار إلى أن كثيرًا من أحزاب المعارضة في الجزائر، ليست بأحسن حال من رموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، فهذه الأحزاب تواجه رفضًا شعبيًا واسعًا في الشارع، إذ تمّ طرد كثير من قياداتها خلال مسيرات الحراك الشعبي، الذي يرفض كل أشكال التأطير وإفراز قيادات تمثّله لدى السلطة أو في المنابر الإعلامية.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

فتوى دستورية.. تمدّد فترة حكم رئيس الدولة

مبادرة الإبراهيمي وزميليه.. حوار سياسي بين الجيش والحراك بلا آليات واضحة!