24-مايو-2022
قادة أحزاب سياسية في الجزائر (تركيب/الترا جزائر)

(تركيب: الترا جزائر)

تتجهّز مجموعة من الأحزاب السياسية في الجزائر  إلى تغيير قيادتها عبر المؤتمرات العامة، التي يُنتظر منها تقديم تشكيلات جديدة لإدارة العملية السياسية، وسط مخاوف من تراجع النشاط السياسي وما يُطبخ من نقاشات وترتيبات لقانون الأحزاب الجديد.

عضو أمانة حزب "الأرندي" لـ"الترا جزائر": القانون الجديد للأحزاب لا بدّ أن يحترم آليات التسيير الديمقراطية داخل التشكيلات السياسية

يستعد حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية لانتخاب رئيس جديد له في مؤتمره السادس المبرمج يومي الرابع والخامس حزيران/جوان القادم، خلفًا لرئيسه المنتهية عهدته محسن بلعباس (2012-2022)، حيث تتّجه في قانون الأحزاب الجديد إلى فرض التداول وحصر العهدات في فترتين مثلما هو معمول به في منصب الرئاسة وعضوية البرلمان

وبعكس المؤتمرات الخمس الماضية، حيث كان التوافق المسبق على مرشح "اجماع"، يخوض مرشحان منافسة شرسة لقيادة الحزب هما عثمان معزوز برلماني سابق، ومراد بياتور صحفي، حيث تشير مصادر من الحزب، ذي التوجه العلماني، إلى أنّ معزوز يحوز على حظوظ أكبر في الفوز بالنظر إلى الشعبية التي يملكها لدى التيار الهوياتي في التجمع المتمركز بولايتي بجاية وتيزي وزو (منطقة القبائل)، معقل التجمع، الذي أنشأه السياسي الجزائري المخضرم سعيد سعدي في شباط/فيفري 1989، بمعية رفقائه في حركة الثقافة الأمازيغية، التي ناضلت لأجل الاعتراف بالهوية البربرية للجزائر وكوادر انشقوا عن جبهة القوى الاشتراكية المعارض.

ورفع معزوز الذي شغل عضوية البرلمان الجزائري بين 2007-2012 و2017-2021  شعار إعادة توحيد صفوف الحزب أو ما يسميه العائلة الكبيرة للتجمع، عبر فسح باب العودة للكوادر الذين انسحبوا دون الانخراط في قوى منافسة، أحدثهم مجموعة من القيادات انسحبت بين عامي 2019 و2020 اعتراضًا على قرار قيادة التجمع مواصلة الاستمرار في شغل مقاعد في البرلمان.

وفي خطاب الترشيح الذي عرضه الأسبوع الماضي أمام المشاركين في ندوة حزبيه ببجاية، شرق الجزائر،  أعلن عثمان معزوز عن نيته جعل الحزب "حصنًا حقيقيًا للتيار الديمقراطي والعمل على ترسيخ هوية الحزب، الذي يطالب بفصل الدين عن الدولة، بحسبه.

ويقترح مراد بياتور، صاحب التوجه البراغماتي، تجسيد مبادئ الحزب وبرنامجه وعصرنة مناهج القيادة والاتصال فيه؛ وسيكون الشاب الثلاثيني، خريج كلية العلوم السياسية بجامعة الجزائر، في حالة انتخابه، أصغر من تبوأ قيادة التجمع الذي لم يعرف في سنوات عمره إلا رئيسان هما مؤسسه سعيد سعدي والرئيس المنتهية عهدته محسن بلعباس.

إلى هنا، أفاد الكاتب الصحفي محمد كبسي الذي يتابع شؤون الحزب أن المؤتمر السادس لـ"الأرسيدي"، سيكون "محطة حاسمة لتشكيل سياسي يعد من القلائل الذين ساندوا الحراك الشعبي لـ 22 شباط/فيفري 2019 منذ بداياته لبلوغ  القطيعة الجذرية مع النظام القائم منذ استرجاع الاستقلال في 1962".

وأضاف معلقًا في حديث لـ"الترا جزائر"، أن "المرشحَين لخلافة محسن بلعباس يجسّدان الخيار المزدوج الذي سيتعين على هذا المؤتمر أن يحسم فيه: إما مواصلة خيار الرفض التام لأي خارطة طريق تقترحها السلطة ولا تشمل رحيلها أو إضافة القليل من الماء في النبيذ (مقولة فرنسية) أي تلطيف المطالب كما كان عليه القيام به حتى شباط/فيفري 2019". 

المعارضة الديمقراطية تكابد

في أفق العامين المقبلين لا توجد أيّة محطة انتخابية، بعد اكتمال ما تسميه السلطات بـ"اتمام البناء المؤسساتي"، أي تنصيب المجالس المنتخبة الوطنية والإقليمية، ما يتيح للأحزاب إعادة بناء ذواتها، فنظم حزب العمال اليساري المعارض مؤتمرًا له بصفة مستعجلة  في 25 آذار/مارس الماضي بغرض احتواء الأزمة التي ترتبت عن محاولة انقلاب فاشلة ضدّ مؤسسة ورئيسة الحزب لويزة حنون، على يد موالين للسلطة في فترة قضائها عقوبة بالسجن لتسعة أشهر نافذة في قضية ما عرف بمشاركتها في لقاء ضمّ  شقيق السعيد بوتفليقة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفيلقة 1999-2019، للتخطيط لإبعاد رئيس أركان الجيش السابق أحمد قياد صالح من منصبه.

ورغم نجاحه في عقد مؤتمره، لازال الحزب يعاني مع الإدارة، حيث أعلنت لويزة حنون الجمعة 20 أيار/ماي بأنها تريد مقابلة وزير الداخلية لتسوية قضايا عالقة. وفي كانون الثاني/جانفي الماضي صدر حكم قضائي يأمر بتجميد نشاط الحزب الاشتراكي للعمال ذي التوجه اليساري، بناءً على دعوى حرّكتها الداخلية في حملة طالت حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي  لرئيسته زبيدة عسول وجميعة تجمع شباب الجزائر "راج" (غير الحكومية)، التي تم تعليق نشاطها بحجة انخراطها في العمل السياسي.

ويجابه الحركة الديمقراطية والاجتماعية وريث الحزب الشيوعي الجزائري حملة من السلطات، حيث سُجِن  أمينه العام، فتحي غراس، لستة أشهر، ومطلع أيار/ماي تلقى تحذيرًا من وزارة الداخلية من مغبة الاستمرار في استقبال نشاطات المعارضة، معيدة الضغوط التي مورست على التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية في الأعوام الأخيرة عبر محاولة تجريده من مكاتبه التي منحتها له السلطات عند تأسيسه.

قلب الصفحة

على عكس التيار الديمقراطي تحوز الأحزاب الموالية للسلطة على حماية منها، خاصّة وأنها تدخلت لمساعدة أبو الفضل بعجي أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني (الحزب الواحد سابقًا)، رغم إعلان أغلبية أعضاء قيادة الحزب سحب الثقة منه في سبتمبر/أيلول المنصرم، وحصل بعجي، وهو محامٍ مقرب من الأمين العام الأسبق عمار سعداني اللاجئ في أوروبا، على التراخيص الضرورية من الإدارة لبدء التحضير للمؤتمر الحادي عشر للحزب دون إشراك معارضيه.

وبدأت قيادة حزب العدالة والتنمية، المعارض، التي يقودها الشيخ عبد الله جاب الله، الإعداد لمؤتمرها المقبل المرتقب تنظيمه قبل أواخر العام الجاري، وفق ما ذكره رئيس مجلس شورى الحركة، لخضر من خلاف، لـ "الترا جزائر".

وتكتمل عهدة مؤسسات حركة مجتمع السلم "حمس"، العام 2023، وسط غموض حول من يخلف رئيسها الدكتور عبد الرزاق مقري، الممنوع من تقديم نفسه لفترة رئاسية ثالثة في الحزب، استنادًا لإحكام القانون الأساسي للحركة المعارضة والقاضي بتحديد عهدة رئيس الحركة  بفترتين رئاسيتين لا أكثر.

وهيمن مقري على مقاليد "حمس" لأكثر من عقد لنائب رئيسٍ ثم رئيسًا للحركة، بشكل يؤكّد أن الرئيس المقبل لن يخرج من تحت برنوسه، رغم وجود مسعى لمراجعة خيارات الحركة والعودة إلى خيار المشاركة في الحكومة.

قانون جديد للأحزاب

تجهّز الحكومة لقانون جديد للأحزاب لم يُقدّم حوله، إلا معلومات قليلة تكشف نية السلطات لفرض التداول وتجديد القيادات، عبر تعميم حصر العهدات في الأحزاب السياسية في فترتين مثلما هو معمول به في منصب الرئاسة وعضوية البرلمان.

من المرتقب أن تلاقي فكرة تجديد قيادات الأحزاب السياسية معارضة شديدة من طرف المنتسبين لها بمن فيها أحزاب الموالاة

ومن المرتقب أن تلاقي الفكرة معارضة من الأحزاب السياسية بمن فيها أحزاب الموالاة، وهنا قال صافي لعرابي عضو أمانة حزب التجمع الوطني الديمقراطي (الموالي للرئيس عبد المجيد تبون)، في تصريح لـ"الترا جزائر"، إن "الأحزاب ملك لمناضليها الذين يضعون أنظمتها الداخلية ويحدّدون عهدة القيادات وطريقة  تغييرها"،واستدرك، بالمقابل، "يجب الحرص في أيّ قانون يؤطر للحياة الحزبية على احترام آليات التسيير الديمقراطية داخل الأحزاب نفسها".