28-نوفمبر-2022
(الصورة: Getty)

(الصورة: Getty)

لم يمض أزيد من شهرين عن انطلاق الموسم الدراسي الجديد في الجزائر، الذي أعلنت السلطات عن بدايته رسميًا بتاريخ 21 سبتمبر/ أيلول 2022، حتى بدأ الحديث عن تقييم نجاح تجربة الإنجليزية بالابتدائي لتلاميذ السنة الثالثة، من عدمه.

مسعود بوديبة: من الضروري التركيز على تكوين أساتذة الإنجليزية حول كيفية التدريس

هذا المشروع، الذي جاء بعد أمر  الرئيس بتعليم الإنجليزية للطفل الجزائري منذ سنواته الدراسية الأولى في مجلس وزاري بتاريخ 19 جوان /حزيران 2022، لتكون لغة العلم والتكنولوجيا حاضرة بقوة في مقررات التلاميذ، مع بداية الموسم الدراسي الحالي، وهي الخطوة التي حظيت بمباركة الأساتذة وأولياء التلاميذ والمتخصصين في البيداغوجيا، حيث اعتبر كثيرون أن ترسيم دراسة الإنجليزية بالابتدائي أول خطوة نحو تدحرج الفرنسية من المدارس الجزائرية، وضربة موجعة لأصحاب التيار الفرانكوفوني، رغم أنهم كانوا يتوقعون تأجيل دراستها للسنة المقبلة.


وجاء ذلك وسط أصوات نادت بتأخير المشروع لعام واحد، مؤكدين أن المدارس ليست مستعدة اليوم لهذه الخطوة الاستعجالية، التي يفترض التحضير سنة كاملة لإقرارها بداية من الموسم الدراسي 2023/ 2024.
ولم يهدأ المنادون لهذا الطرح عن التنديد ببداية تدريس الإنجليزية قبل تجهيز برنامج كامل، وراحوا ينتقدون النتائج حتى قبل بداية الامتحانات، وقالوا إن الأصداء الأولية تؤكد أن النقاط ستكون ضعيفة، وفقًا لتقارير مفتشي التربية، في حين اعتبر آخرون أن الوقت لم يحن اليوم لتقييم نجاح هذه التجربة من عدمه، فالوضع يفرض المزيد من الانتظار إلى غاية انقضاء امتحانات الفصل الأول وصدور النقاط رسميًا، أي إلى غاية نهاية شهر ديسمبر/ كانون الأول 2022.

أولياء التلاميذ متفائلون
وخلافًا لذلك، يتوقع رئيس جمعية أولياء التلاميذ أحمد خالد أن تكون نتائج امتحانات السنة الثالثة في مادة الانجليزية جيدة بناءً على عدة معطيات، منها كفاءة الأساتذة الذين تم اختيارهم على أساس المستوى ماستر 1 و2، وهو العامل الذي من شأنه المساهمة في رفع مستوى التلاميذ.
كما أن اللغة الإنجليزية، وحسب الأصداء الأولية، يقول المتحدث، أسهل من الفرنسية من ناحية التلقي، ما ينبؤ بأن النتائج ستكون جيدة إلى حد كبير.
وعكس التقارير التي تتحدث عن نقاط سلبية في تعليم اللغة الإنجليزية لتلاميذ السنة الثالثة  استنادًا لمعطيات تقوم على تأثير حجم المواد والدروس التي يتلقاها تلميذ السنة الثالثة على مردوده الدراسي، يلفت أحمد خالد إلى نقطة مهمة، وهي أن كثافة الدروس في الجزائر، تقل بما يصل 8 أسابيع عن الدول الأوروبية، وحتى العربية المتطورة من الناحية الدراسية، حيث أن الموسم الدراسي الخالي من الاضرابات، يتشكل من 30 أسبوعًا في السنة، في وقت يدرس تلاميذ الدول المتطورة ما معدله 38 أسبوعًا، ما يثبت أن الحجم الساعي الكبير لا يؤثر سلبًا على أداء التلاميذ، خاصة وأن البرنامج المطبق حاليًا مبني على أساس دراسات حديثة.

ويشدد أحمد خالد: "نحن كأولياء التلاميذ، نقترح من أجل إنجاح تعميم الإنجليزية في المدراس والرفع من مستوى الاستيعاب مستقبلًا أن يتم اختيار أساتذة على أساس الكفاءة".
ويطالب المتحدث في نفس الوقت بدراسة معمقة لفحوى كتاب الإنجليزية في المرحلة المقبلة، بحكم أن الكتاب الحالي جاء بصيغة الاستعجال، وهو ما يعرضه لجملة من الأخطاء والنقائص، لذلك يجب أن يكون الكتاب المدرسي لاحقًا مبنيًا على أسس بيداغوجية يراعى فيها العامل النفسي للتلميذ.
ودعا أحمد خالد أيضًا إلى برمجة اللغة الإنجليزية في الفترة الصباحية، كي يستوعبها التلميذ بشكل أحسن لاسيما وانها لغة جديدة وغير مألوفة بالنسبة له.

صعوبات التقييم 

من جانبه يتحدث علي بن زينة ،ممثل أولياء التلاميذ فرع موازي، عن صعوبة تقييم مستوى تعليم اللغة الإنجليزية حاليًا، أي خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر، ومدى نجاح التجربة الجديدة في الجزائر، ويؤكد أن الفترة المناسبة للتقييم ستكون مباشرة بعد انتهاء امتحانات الفصل الأول المنتظرة نهاية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر إلى غاية الأسبوع الأول من شهر ديسمبر/ كانون الأول.

ويقول بن زينة إن الامتحانات ستكون فرصة للتقييم خاصة وأن نتائج التلاميذ تسجل إلكترونيا في المنصة الوطنية، حيث أنه بعد صدور النتائج النهائية، يمكن تقديم تقييم كلي للتلاميذ.

هذه أسباب تدني النتائج

ويوافق مسعود بوديبة، الأمين الوطني المكلف بالإعلام والاتصال بنقابة المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع ثلاثي الأطوار للتربية هذا الرأي، ويرى أنه من الصعب حاليًا تقييم فعلي لمستوى تدريس الإنجليزية في الطور الابتدائي.

ولكن حسب المعطيات الحالية المتوفرة لدى المفتشين، بناء على تقارير متخصصي هذه المادة، فإن النتائج ستكون تحت المتوسط، وذلك راجع حسب بوديبة، إلى الصعوبات التي يجابهها التلاميذ بسبب كثافة المواد والدروس التي أثرت سلبًا على استيعاب أصحاب الصف الثالث ابتدائي، وهو سبب مباشر يرى المتحدث، أنه كاف لتدني النتائج.

وينتقد بوديبة أيضًا الخلط بين مادة الفرنسية والإنجليزية، التي تعد من المواد الجديدة بالنسبة لتلميذ السنة الثالثة، ومن بين العراقيل التي تنبئ بأن النتائج ستكون دون المتوسط، ويتحدث أيضًا في تصريح لـ "الترا جزائر" عن الصعوبات التي يواجهها أساتذة اللغة الإنجليزية في التنقل من مقاطعة إلى أخرى، والتي أثرت على حسن الأداء.

ويشدد المتحدث على أن الفصل الثاني سيكون امتحانًا حقيقيًا لتقييم مستوى تدريس الإنجليزية بالابتدائي، لأن التلاميذ اليوم في مرحلة استيعاب نوعية اللغة التي يتلقونها، ولم يصلوا بعد إلى مرحلة التقييم.

ويردف بوديبة قائلًا: "لذلك فمن الضروري التركيز على تكوين أساتذة الإنجليزية حول كيفية التدريس، والتعامل مع التلميذ الصغير، كما يفرض الوضع فتح مناصب شغل جديدة، خاصة وأن تنقل الأساتذة من مدرسة إلى أخرى ومن مقاطعة إلى مقاطعة سيؤثر على مستوى الأداء".

تظل الإنجليزية تجربة فتية في الجزائر بحاجة إلى مزيد من الوقت

وفي النهاية تظل الإنجليزية تجربة فتية في الجزائر بحاجة إلى مزيد من الوقت لتخضع لتقييم حقيقي يثبت نجاحها أو فشلها، فلا يمكن القول أن الانجليزية فشلت في ظرف 60 يومًا من إطلاقها لتلاميذ الثالثة ابتدائي، كما لا يمكن الجزم بنجاحها الساحق في فترة قياسية.فالوضع يتطلب المزيد من التريث والانتظار، والإصلاحات المتتالية في كل مرة، للتمكن من بلوغ النتائج المرجوة.