13-مارس-2020

مشروع القانون ينتظر أن يصادق عليه البرلمان في قادم الأيام (الصورة: الموعد اليومي)

حمل مشروع القانون المتعلّق بالوقاية من التمييز وخطاب الكراهية ومكافحتهما، في صفحته الأولى "عرض الأسباب"، تقديمًا شاملًا للجوانب المرتبطة بالظاهرتين اللتين أصبحتا تؤرّقان جميع دول العالم، بالنظر إلى أبعادها الخطيرة على المجتمعات، خاصّة وأنّها تشهد تناميًا غير مسبوق على وسائل الإعلام، حسب مشروع القانون.

القانون يستحدث هيئة تابعة لرئيس الجمهورية تتابع كل أشكال ومظاهر التمييز وخطاب الكراهية

ومهّدت وزارة العدل، في ثاني صفحة من نص القانون الذي يحوز "الترا جزائر" على نسخة منه، إلى توقّعاتٍ تعتبر النصّ القانوني "تقويضًا لحرية التعبير بالبلاد"، حيث ورد في الفقرة الثانية من الصفحة الأولى، أن التشريع "لا يهدف للحدّ من حرية التعبير"، ولكّنه يأتي لـ "منع ممارسات بلغت حدودًا خطيرة، سيما التحريض على التمييز والعداء والعنف".

اقرأ/ي أيضًا: خطاب الكراهية.. ثورة مضّادّة على فيسبوك

صلاحيات أوسع للضبطيّة

يمنح قانون مكافحة خطاب الكراهية، الذي نزل إلى لجنة الشؤون القانونيّة بالمجلس الشعبي الوطني، صلاحيات أوسع لفرق الضبطية القضائية، في متابعة مواقع إلكترونية ومدوّنات داخل الجزائر وخارجها، كما يحّدد سبع وسائل يحقّ للضابط متابعتها، في تهم ينجرّ عنها عقوبات قاسية، منها "القول، أو الكتابة، أو الرسم، أو الإشارة، أو التصوير، أو الغناء، أو التمثيل".

كما يعطي القانون الجهات القضائية إمكانية إصدار أوامر إلى مقدمي الخدمات أو أي شخص آخر لتسليمها أيّة معلوماتٍ أو معطياتٍ تكون مخزنة باستعمال وسائل تكنلوجيات الاعلام والاتصال، أو بالتحفظ الفوري على المعطيات المتعلقة بالمحتوى أو بحركة السير أو بسحب أو تخزين المحتويات التي يتيح الاطلاع عليها أو جعل الدخول إليها غير ممكن عندما تشكل جريمة من الجرائم المنصوص عليها في القانون.

ويمنح النصّ النيابة العامة "إمكانية تحريك الدعوى العمومية تلقائيًا، عندما يكون من شأن الجرائم المنصوص عليها في القانون المساس بالأمن والنظام العامين".

وورد في النص المبدئي للمشروع القانوني، صلاحيات أوفر لضباط الشرطة القضائية، من وضع آليات تقنية للتبليغ عن الجرائم المنصوص عليها في النصّ القانوني عبر الشبكة الإلكترونية، وتمكنيهم من اللجوء إلى أساليب التحرّي الخاصّة، لا سيما التسرب الإكتروني إلى المنظومة المعلوماتية، أو نظام للاتصالات الإلكترونية وتحديد الموقع الجغرافي للشخص المشتبه فيه، أو المتهم أو وسيلة ارتكاب الجريمة.

سبع محرّمات؟

وبالعودة إلى أشكال التعبير التي أوردها المشرع في القانون، فإن القانون يجرّم في مادته الثانية من الفصل الأوّل المتعلق بالأحكام العامة، "القول أو الكتابة أو الرسم أو الإشارة أو التصوير أو الغناء أو التمثيل، أو أي شكل أخر من أشكال التعبير مهما كانت الوسيلة المستعملة".

وفي الباب نفسه، يذكّر المشرع في الشق الخاص بـ "التمييز"، تجريم "كل تفرقة أو استثناء أو تقييد أو تفضيل، يقوم على أساس الجنس أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني أو اللغة أو الانتماء الجغرافي، أو الإعاقة أو الحالة الصحيّة، يستهدف تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحرّيات الأساسية أو التمتع بها، أو ممارستها على قدم المساواة في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي، أو في أي مجال آخر من مجالات الحياة العامة".

كما يجرّم النص، في شقّ الانتماء الجغرافي، أيّ تمييز أو خطاب كراهية على أساس "الانتماء إلى منطقة أو جهة محدّدة من الإقليم الوطني"، ليضيف، إليه تجريم "جميع أشكال التعبير التي تنشر أو تبرّر التمييز، وتلك التي تتضمّن أسلوب الازدراء أو الإهانة أو العداء، أو البغض أو العنف، الموجّهة إلى شخص أو مجموعة من الأشخاص على أساس الجنس أو العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني، أو الانتماء الجغرافي أو الإعاقة أو الحالة الصحية".

السجن..

تناول النص القانوني في فصله الخامس، جزاءات تتكيّف والأفعال الخاصّة بالتمييز ونشر خطاب الكراهية، حيث تنص المادة 30 منه على "الحبس من ثلاثة إلى ستة أشهر وغرامية تتراوح من 60 ألف دينار إلى 300 ألف دينار"، أما من يقدم على التحريض على ارتكاب على تنظيم أو الإشادة بأعمال دعائية، فعقوبته ترتفع من سنة سجن إلى ثلاث سنوات وغرامة من 100 ألف دينار الى 300 ألف دينار.

أما إذا كانت ضحيّة ممارسات التمييز والكراهية طفل، فيتراوح سجن مرتكب الجرم من سنتين إلى خمس سنوات، وغرامة من 200 ألف دينار الى 500 ألف دينار، وتنطبق العقوبات نفسها على "من سهل ارتكاب الجريمة، حالة الضحيّة الناتجة عن مرضها أو إعاقتها أو عجزها البدني أو العقلي"، أو إذا "صدر الفعل عن مجموعة أشخاص، سواءً كفاعلين أصليين أو مشاركين، وإذا "ارتكبت الجريمة باستعمال تكنولوجيات الاعلام والاتصال".

كما ترتفع مدّة الحبس إلى 7 سنوات وغرامة 700 ألف دينار، إذا تضمّن الدعوة للعنف، مثلما توضحه المادة 32، في حين تصل الغرامة إلى حدود مليون دينار جزائري، لكل من يشيد أو يموّل باي وسيلة الانشطة أو الجمعيات أو التنظيمات او الجماعات التي تدعو إلى التمييز والكراهية، مع مدة حبس تتراوح من سنتين الى 5 سنوات.

وترتفع العقوبة إلى حدود السجن 10 سنوات كاملة وغرامة عشرة ملايين دينار (1 مليار سنتيم)، في حقّ من ينشئ أو يدير أو يشرف على موقع إلكتروني، يخصّص لنشر معلومات للترويج لأيّ برامج أو أفكار أو أخبار، أو رسوم أو صور، من شأنها إثارة التمييز والكراهية في المجتمع.

أما بالنسبة لمن يتداولون بضائع أو منتجات، عبر عمليات البيع أو العرض أو الصناعة، كالأفلام والأسطوانات والأشرطة وبرامج الإعلام اللآلي، أو عبر أي وسيلة أخرى تحمل شكلًا من أشكال التعبير تؤدّي الى ارتكاب الجرائم التمييز وكراهية فعقوبتهم تتراوح ما بين السجن من سنتين حتى خمس سنوات، والغرامة من 200 ألف دينار الى 500 ألف دينار.

يد الرئيس تبون

يقترح النص القانوني، إنشاء مرصد وطني للوقاية من التمييز وخطاب الكراهية، ملحق برئيس الجمهورية، ويعدّ هيئة وطنية تتمتّع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري، تسجّل ميزانيته في الميزانية العامة للدولة.

وتوكل للمرصد، بحسب المادة 10 من القانون، مهمّة رصد أشكال ومظاهر التمييز وخطاب الكراهية، وتحليلهما وتحديد أسبابهما، واقتراح التدابير والإجراءات اللازمة للوقاية منهما، على أن يتمّ تحديد كيفيات تنظيم المرصد وسيره عن طريق التنظيم.

كما يتولّى المرصد الوطني للوقاية من التمييز وخطاب الكراهية، عشرة تدابير وإجراءات حسب ذات المادة (المادة 10)، أهمّها "الرصد المبكّر لأشكال ومظاهر التمييز وخطاب الكراهية، وإخطار الجهات المعنية بذلك، مع تحليلهما وتحديد أسبابهما واقتراح التدابير والإجراءات اللازمة للوقاية منهما".

 ويتشكل المرصد، بحسب المادة 11، من كفاءات وطنية يختارها رئيس الجمهورية، تتكون من ستة أعضاء من الكفاءات الوطنية، يختارها الرئيس، وممثلون عن المجلس الأعلى للغة العربية والمحافظة السامية للأمازيغية، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة، والمجلس الأعلى للأشخاص المعوّقين، وسلطة ضبط السمعي البصري، إضافة أربعة ممثلين عن جمعيات ناشطة في مجال المرصد.

ويعيّن أعضاء المرصد بمرسوم رئاسي، لعهدة مدتها خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، وينتخب أعضاء المرصد فور تنصيبهم رئيس المرصد.

10 سنواتٍ سجنًا لمن ينشئ موقعًا إلكترونيًا يزرع التمييز والكراهية في المجتمع

ويشارُ إلى أن المرصد يحوز على القوّة القانونية، التي تخوّل له أن "يطلب من أي إدارة أو مؤسّسة أو هيئة أو مصلحة، كل معلومة أو وثيقة ضرورية لإنجاز مهامه، بحيث "يتعين عليها الردّ على مراسلاته في أجل أقصاه ثلاثين يومًا"، بحسب المادة 10 من القانون.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تجريم الكراهية والعنصرية.. إشكالية قانونية أم مجتمعية؟

بين مرحّب ومتخوّف.. الرئيس تبون يأمر بإعداد قانون يجرّم "خطاب الكراهية"