04-أبريل-2024
معزوز

عثمان معزوز رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية

ألمح التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية إلى إمكانية توجهه نحو إقرار مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقبلة المقرر تنظيمها في السابع سبتمبر/أيلول المقبل.

الأرسيدي: المسؤولية تقتضي أن يخاطب رئيس الدولة الأمة لشرح الظروف التي تستدعي مواجهة استعجالية قصد توفير شروط الممارسة العادية للسياسة والسماح بحل المشاكل من خلال النقاش والحوار وإرساء مسعى توافقي يضمن العودة إلى صناديق الاقتراع في مسار تنظمه هيئة مستقلة حقًا

وأفاد بيان للحزب عقب اجتماع الأمانة الوطنية للحزب الشهري يوم 29 آذار/ مارس أنه "يرفض أن يسير على خطى من يهرولون لإعطائه الطابع التقني فقط، واعتبره حسب بيان حزبي بأنه" مناورة لاختصار الوقت المخصص للتحضير للانتخابات وخلق صعوبات إضافية للمنافسين غير التابعين للسلطة، والمطلوب منهم القيام بحملات انتخابية خلال فترة الصيف.وأضاف أن "المسؤولية تقتضي أن يخاطب رئيس الدولة الأمة لشرح الظروف التي تستدعي مواجهة استعجالية قصد توفير شروط الممارسة العادية للسياسة والسماح بحل المشاكل من خلال النقاش والحوار وإرساء مسعى توافقي يضمن العودة إلى صناديق الاقتراع في مسار تنظمه هيئة مستقلة حقا". 

مخاوف

واعتبر الحزب أن "كل ما يخالف ذلك لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة والصراعات"، معللا ذلك بتقديم السلطة لتبريراتها عبر وكالة الأنباء الرسمية كنوع من أنواع "الاتصال الرسمي الذي يشبه أساليب السبعينيات ولغز الصندوق الأسود الذي يعكس الطابع السري لتسيير المؤسسات".

وأكد أن هذه الطريقة في تمرير معلومة موعد الانتخابات الرئاسية والتبريرات " تمثل ضربا لمصداقية الدولة التي اهتزت إلى حد كبير منذ مدة. 

ويعتقد الأرسيدي أنه مهما كانت دستورية هذا القرار، فهو "يمثل فرض لأمر الحاكم ما دام الرأي العام بعيداً عن الأسباب الحقيقية لهذا القرار، مشيرا إلى أنه مؤشر آخر إلى أن أزمة الشرعية تهدد بدفع البلاد إلى انزلاق خطير".

وفي سياق متصل، كشف بيان الأمانة العامة للحزب أن التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، الذي "يناضل من أجل مجتمع العدالة والتقدم من خلال الانتقال الديمقراطي"، سيبذل كل ما في وسعه لإسماع صوت التغيير السلمي المنشود، في سياق ما وصفه بـ" الصمت والغموض الذي يحيط بالاستحقاق الدستوري الأهم في البلاد".  وأضاف أنه بالنظر للظروف الحالية التي تميزت بـ" مصادرة الحريات" فإن التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية لا يعلق أي آمال، حول إمكانية وجود رغبة لدى من هم في السلطة للإصلاح والانفتاح قصد السماح بالتعبير عن الإرادة الشعبية. 

ويعد التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية أكثر الاحزاب التي تتمسك بمواقف معارضة راديكالية اتجاه السلطة وسياسات الرئيس تبون، ويرفض تغيير مواقفه هذه منذ عام 2019.

وبالرغم من ملامح المقاطعة، فإن قيادة الحزب تركت الباب مفتوحًا لإعلان موقفه النهائي من الانتخابات، وذلك عبر ما سيقرره المجلس الوطني في اجتماع خاص، سينظم قريبا، باعتباره هيئة المداولة العليا في الحزب، والتي "ستحدد الموقف في الوقت المناسب حسب تطورات الساحة الوطنية والنقاش الذي يجري في هياكل الحزب".

في انتظار حسم الموقف

بالرغم من أن الحسم النهائي للموقف حيال الرئاسياتمن مؤسسات "الأرسيدي"، إلا أن رئيس الحزب عثمان معزوز، "يتخوف من عدم شفافية الاستحقاقات القادمة"، تبديها عديد المؤشرات.

وما يعزز هذا الموقف الماضي نحو مقاطعة الحزب للرئاسيات، كأحد أقطاب المعارضة السياسية في البلاد، قلق قيادة " الأرسيدي" من انعكاسات التبكير في تاريخ تنظيمها، إذ لفت معزوز، على أن ذلك "يعزز قناعتنا بأن المناخ العام لم يكن ولا يزال مناسبًا للتحضير الهادئ للانتخابات الرئاسية القادمة".

ويرفض الحزب هكذا قرار دون قيام السلطة باستشارة أي قوة سياسية في البلاد بخصوص الاستحقاقات القادمة، وقال رئيس الحزب في تصريح لـ" الترا جزائر" بأن "المشاركة في الرئاسيات تتطلب توفّر جملة من الشروط، تتمثل أساسا -حسبه- في وقف القمع الذي يتعرض له النشاط السياسي وإطلاق سراح معتقلي الرأي وتهيئة الظروف لتنظيم الانتخابات باتخاذ إجراءات تُمكن من تعبئة الجزائريين لهذا الموعد.

ممارسة السياسة

ومن خلال القراءة الأولية لمواقف الحزب، ، فإن المقاطعة هي خطوة أخرى تضاف في سجل المعارضة السياسية الميدانية للحزب، خاصة أنها ضمن سلسلة من المواقف " الراديكالية" التي يتخذها الحزب خلال السنوات الأخيرة واستماتته في نهجه العام وخطه السياسي، الرافض لسياسات السلطة، 

وجددت قيادة الحزب أنها "لا تود استباق قرار المجلس الوطني للحزب بشأن الموقف النهائي من الاستحقاق الانتخابي"، لكن قال رئيس الحزب عثمان معزوز لـ " الترا جزائر" أن التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الذي لا يعلق أي آمال على هذه الانتخابات لكونها "لا تمثل أي استحقاق سياسي أو ديمقراطي بالنسبة للحزب، وذلك راجع إلى كونها "لا تتوفر على أية شروط موضوعية تضمن النزاهة"، نظرا للظروف الحالية، وعدم وجود رغبة لدى من هم في السلطة للإصلاح والانفتاح قصد السماح بالتعبير عن الإرادة الشعبية.

ويعتقد الأرسيدي أن هذا القرار، مهما كان دستوريته، فهو يمثل فرض لأمر الحاكم ما دام الرأي العام بعيد عن الأسباب الحقيقية لهذا القرار. إنه مؤشر آخر إلى أن أزمة الشرعية تهدد بدفع البلاد إلى انزلاق خطير.

عثمان معزوز لـ "الترا جزائر":  التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الذي لا يعلق أي آمال على هذه الانتخابات لكونها لا تمثل أي استحقاق سياسي أو ديمقراطي بالنسبة للحزب

وبخصوص دعوة عبد القادر بن قرينة رئيس حركة البناء الوطني والشريك في التحالف الرئاسي، أحزاب المعارضة للمشاركة في الانتخابات، لأنها حسبه الطريق الوحيد لانتخاب رئيس مزيه وبالصندوق وبمنافسة شريفة، قال رئيس الأرسدي، أنه "حر في تصريحاته"، لكن في الآن نفسه شدد بالقول بأنه" لا يتعين على بن قرينة أن يملي على الوطنيين الذين أنقذوا البلاد والذين يناضلون من أجل ترسيخ قيم الديمقراطية، المسار الذي يجب عليهم اتباعه.

وبخصوص إعلان رئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي، القاضية زبيدة عسول، ترشحها للانتخابات الرئاسية، علما أنها تتقاسم مع الأرسيدي عدة مواقف في السابق، خاصة ما تعلق منها في فترة الحراك الشعبي، قال معزوز بأنه "يحترمها ويحترم قراراتها، والتي تمت عقب نقاش داخلي في حزبها، مضيفا أن كل حزب يتمتع بالاستقلالية في مواقفه الداخلية".

استحقاق وتحديات

بالرغم من وزن الحزب -الذي ولد من رحم التعددية الحزبية في 1989- خاصة في منطقة القبائل، إلا أنه وجب تسجيل ملاحظة مهمة حول تقدمه في المواقف السياسية التي يطرحها، خلال السنوات الأخيرة، إذ مضى في تحديات كبرى أولها الانتشار في عدة مناطق في البلاد، واتخاذ نهج آخر بعيداً عن الإقصاء، وهو ما وصفه الباحث في علم الاجتماع السياسي ناصر جابي، بتحدي "إخراج الحزب من "الغِيتُو القبائلي"، كما تحسنت صورة الحزب بانخراطه المباشر مع الحراك الشعبي وانفتاحه اليوم على عديد الحساسيات السياسية وقبوله للآخر. 

لكن تبقى مواقف الحزب المتخذة، سببا في مشكلات سياسية وقانونية بين الحزب والسلطة التي رفعت في وقت سابق دعوى قضائية ضد الحزب بنية تجميد نشاطه، بسبب ما تعتبره السلطة استخدامه مقراته لأنشطة غير حزبية.

ومنذ الحراك الشعبي، يرفض الحزب المشاركة في الانتخابات، إذ لم يشارك في رئاسيات 2019، وفي الانتخابات التشريعية في 2021، إذ تشدد قيادته على التمسك بأن نزاهة الانتخابات تتطلب " تكريس منظمة مستقلة لتنظيم الاقتراع بإجراءات قانونية مقبولة من الجميع".