18-أغسطس-2023

(رياض كرمادي/ أ.ف.ب)

لم يعد ينتظر موعد انعقاد الندوة الوطنية لمبادرة "تعزيز التلاحم وتأمين المستقبل"، التي أطلقتها حركة البناء الوطني قبل ثلاثة أشهر، والتفت حولها جل الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني في الجزائر، الكثير من الوقت، حيث يرتقب أن يكشف أصحابها عن مضمونها الحقيقي وخلفياتها وكل تفاصيلها في لقاء جامع يوم 19 أوت / آب الجاري، تزامنا واحتفالات ذكرى يوم المجاهد وأحداث الشمال القسنطيني.

يسعى أصحاب المبادرة في الجزائر  إلى حشد المزيد من الداعمين لها والمنخرطين فيها، نافين أي علاقة لهذه الخطوة السياسية برئاسيات 2024

ويقترب موعد الندوة التي أثارت الكثير من الجدل، وسط ظروف دولية صعبة، تتسم بتعقد الوضع الأمني بشكل أكبر لدى الجارة الجنوبية للجزائر النيجر، وفي سياق عالمي صعب يتسم بزيادة التحالفات بين الدول وتنامي التكتلات وسط القوى والأقطاب لمجابهة الحروب والأزمات التي يشهدها العالم وانعكاساتهما السياسية والإقتصادية.

وأمام كل هذه المتغيرات، يسعى أصحاب المبادرة في الجزائر  إلى حشد المزيد من الداعمين لها والمنخرطين فيها، نافين أي علاقة لهذه الخطوة السياسية برئاسيات 2024، التي تقترب هي الأخرى يوما بعد الآخر، فما الذي سيكشف عنه أصحاب المبادرة يوم 19 أوت / آب بالمركز الدولي للمؤتمرات بالعاصمة، وهل ستنجح حركة البناء الوطني في لم شمل الطبقة السياسية في الجزائر؟

1000 مشارك

يقول عبد السلام قريمس مسؤول هيئة التنسيق للمبادرة الوطنية لتعزيز التلاحم وتأمين المستقبل في إفادة لـ: "الترا جزائر" أن التحضيرات الخاصة بالندوة المزمع تنظيمها يوم 19 أوت/ آب الجاري بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال تسير بخطى سريعة، مؤكدًا أن هذه الأخيرة ستعرف مشاركة أزيد من 1000 شخصية، تشمل أحزابًا سياسية وممثلين عن المجتمع المدني والجمعيات الوطنية فضلا عن المنظمات الشبابية والطلابية.

وأوضح قريمس أن أبواب المشاركة والانضمام لا تزال مفتوحة إلى آخر لحظة، أمام الجميع دون استثناء أو إقصاء على اعتبار ان الهدف من المبادرة هو تمتين الجبهة الداخلية وتعزيز التلاحم بين أبناء الشعب الواحد.

وحول مضمون الأرضية قال قريمس أن هذه الأخيرة ستعرض أمام المشاركين في الندوة وستعقبها توصيات مهمة تصب في صلب هذه المبادرة خاصة وأن الأرضية ما هي إلا ثمرة جهود ومناقشات دامت لأشهر تخللتها 5 ندوات متخصصة تناولت الجانب السياسي والإقتصادي والأمني والخارجي والمجتمع المدني، نافيا في نفس الوقت أن يكون لهذه المبادرة بعد سياسي مرتبط بالانتخابات المقبلة، أي "لا علاقة لها بالرئاسيات".

وجدد قريمس تأكيده على أن المبادرة الوطنية لتعزيز التلاحم ما هي حدث سياسي وطني يتجاوز الأشخاص والمنظمات ويخدم الدولة الجزائرية والشعب، خاصة في ظل التحديات الدولية التي تتربص بالجزائر وتزداد مخاطرها في الفترة الأخيرة.

المخاطر الكبرى وراء الانخراط

وقال العربي صافي القيادي في حزب التجمع الوطني الديمقراطي أن المخاطر الكبرى التي تهدد محيط الجزائر دفعت حزبهم وأحزاب أخرى، للانضمام بقوة في مبادرة تمتين الجبهة الداخلية التي طرحتها حركة البناء الوطني.

وأوضح صافي أن الأرندي يعد من الأحزاب الأولى التي نادت بضرورة تقوية الجبهة الداخلية الأمر الذي دفعها للانخراط في هذه المبادرة خاصة وأن التطورات الأمنية على الحدود لم تعد تبشر بالخير، فمحيط الجزائر يقول صافي، بات على صفيح ساخن.

وفي التفاصيل يوضح محدث "الترا جزائر" أن تونس الجارة الشرقؤة تتخبط في ازمة اقتصادية وتوتر سياسي وليييا الجارة الثانية تعاني ويلات الأزمة الأمنية، التي تجابهها منذ سنوات، أما الحدود الغربية فتشهد استمرار الخلاف مع المغرب وتطبيع هذا الأخير مع عدو العرب إسرائيل.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، يقول العربي صافي، حيث بات الوضع في النيجر أشد خطورة في ظل استمرار تهديد دول غرب إفريقيا "إيكواس" بالتدخل عسكريا، وهي عوامل تدفع الطبقة السياسية في البلاد إلى ضرورة توحيد الصفوف والتصدي لهذه التحديات والأخطار.

وحسب صافي فان حزبه شارك في صياغة الأرضية التي تقوم عليها المبادرة، خاصة وان أبرز محاورها السياسية لم شمل الجزائريين بناء على رؤية رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.

مبادرات جديدة في الأفق

من جانبه، يرى المحلل السياسي أبو الفضل بهلولي أن المبادرة السياسية التي أطلقتها حركة البناء الوطني وانضمت إليها عدة أحزاب سياسية وجمعيات وطنية، تختلف من حيث الشكل عن سابقاتها، باعتبار أن المبادرات السياسية في وقت مضى كانت محتكرة من قبل أحزاب السلطة أو ما يعرف بين قوسين ب"التقليدية" التي تمتلك أكبر قاعدة حزبية في البلاد .

الدكتور بهلولي: الأحزاب اليوم لم تعد قادرة على تعبئة الجماهير وملء القاعات على غرار مكان عليه الأمر في وقت سابق

أما من حيث التوقيت، فهذه المبادرة حسب الدكتور بهلولي تأتي في سياق دولي ووطني خاص، فالأحزاب اليوم لم تعد قادرة على تعبئة الجماهير وملء القاعات على غرار مكان عليه الأمر في وقت سابق، ما دفعها إلى إطلاق مبادرات سياسية تبحث من خلالها عن مكان لها في الساحة وتنشط في نفس الوقت الركود المسجل سياسيًا.