27-مارس-2024
مدرسة

ابتدائية في الجزائر (الصورة: الخبر)

رغم مرور أسبوع على انطلاق العطلة الربيعية، إلا أن الجدل بشأن توقيتها ما يزال  محل أخذ ورد بين مكونات الأسرة التربوية جراء تزامنها مع شهر رمضان هذا العام، فاختلفت الآراء بين من يحبذ تفادي تكرار هذه الحالة في المواسم المقبلة، وبين من يطلب تمديدها، وثالث يشدد على احترام رزنامة العطل وعدم وضعها حسب أهواء بعض الأطراف.

تشبثت وزارة التربية بالرزنامة التي وضعتها في بداية السنة الدراسية سواء تلك المتعلقة بمواعيد الامتحانات الفصلية أو العطل التي تعقبها، متجاهلة مطالب التقديم أو التمديد.

وتختلف مبررات هذه الأراء سواء كانوا أساتذة أو أولياء تلاميذ أو وزارة وفق نظرة كل طرف في الغالب، متناسية رؤية الطرف الآخر، الأمر الذي يقتضي في السنوات القادمة ضرورة إعادة النظر في طريقة وضع فترات العطل المدرسية التي لم تتغير منذ سنوات، بالرغم من التعديلات التي مست البرامج والمنظومة التربوية في العقدين الأخيرين والانتقال من التعليم الأساسي إلى المتوسط.

لا تغيير

تشبثت وزارة التربية بالرزنامة التي وضعتها في بداية السنة الدراسية سواء تلك المتعلقة بمواعيد الامتحانات الفصلية أو العطل التي تعقبها، متجاهلة مطالب التقديم أو التمديد.

وقال وزير التربية عبد الحكيم بلعابد حول مطالب تمديد عطلة الربيع إلى ما بعد عيد الفطر "في قطاع التربية كل يوم بقيمته وأهميته وقامته ومدة 3 أيام في الحياة المدرسية خاصة أقسام الامتحانات النهائية".

وأضاف بلعابد أن العطلة المدرسية تبدأ من 21 آذار/مارس إلى 7 نيسان/ أفريل المقبل وباقي الأيام هي أيام للدراسة ومتفق عليها، وذلك خلال رده على سؤال للنائب البرلماني رابح جدو، حول إمكانية تمديد العطلة المدرسية إلى غاية ما بعد عيد الفطر الذي سيكون بعد 3 أيام فقط من عودة التلاميذ إلى مقاعد الدراسة.

غير أن مدير الموارد البشرية السابق بوزارة التربية محمد بوخطة لا يتوفق مع تبريرات وزير التربية، معلق على تصريحه بمنشور في فيسبوك جاء فيه "عندما أقرأ هذا أتساءل إن كان معاليه قد دخل القسم يوماً مدرساً .. ووقف بين التلاميذ...أو أنه مدرك فعلاً لقيمة الزمن التربوي وكيفية استغلاله..."

وأضاف بوخطة "أجزم أنه لو كان تحديد تواريخ العطل مدروساً تربوياً - كما يقول  الوزير- لما كان أجلها كما هو، فلو تأجلت بأسبوع فقط لاستفدنا  بأكثر من أسبوع في الزمن التربوي ولكن ..".

مدير الموارد البشرية السابق بوزارة التربية: أجزم أنه لو كان تحديد تواريخ العطل مدروساً تربوياً - كما يقول  الوزير- لما كان أجلها كما هو، فلو تأجلت بأسبوع فقط لاستفدنا  بأكثر من أسبوع في الزمن التربوي ولكن

لكن المتابعين للشأن التربوي لا يستبعدون حدوث غيابات من قبل التلاميذ والأساتذة في الأيام التي تسبق عيد الفطر، بالنظر إلى وجود معلمين وإداريين وأساتذة يعملون خارج ولاياتهم بمسافات بعيدة، ففي السنوات الماضية شجعت الوزارة الأساتذة على التدريس بولايات الجنوب التي كانت تسجل نقصا في التأطير، وبالخصوص في المواد الأساسية واللغتين الفرنسية والانجليزية.

ولا تساعد الظروف التي تسبق عيد الفطر، وبالخصوص ما تعلق منها بتوفر وسائل النقل الكافية، الأساتذة وباقي العمال الذين يشتغلون في أماكن بعيدة عن مقر إقامتهم في التنقل والعودة، إضافة إلى التاكليف المالية العالية التي تجعلهم يفضلون الغياب وخصم رواتبهم بدل خسارة في المال والوقت وإمكانية تضييع قضاء العيد مع الأهل.

لكن هذه المبررات والظروف لم تقنع وزير التربية الذي بين أن كافة أفراد الجماعة التربوية من أساتذة ومسيرين إداريين وعمال مهنيين، وتلاميذ وأولياء الأمور، مطالبون وجوبا باستئناف العمل والدروس بشكل عادي بعد انقضاء العطلة الربيعية، أي يوم الأحد 7 أفريل، ويمنع منعا باتا التوقف عن الدراسة في اليومين اللذين يأتيان مباشرة بعد انقضاء عطلة الربيع، ويسبقان عيد الفطر.

عبء؟

بالنسبة لبعض الأولياء، فإنه كان على الوزارة منذ البداية تفادي وضع العطلة الربيعية في رمضان، وذلك بتأخيرها أو تقديمها، لأنها تشكل عبء على التلاميذ والأولياء في الوقت ذاته.

وقالت فرح التي تعمل في مؤسسة خاصة لـ"الترا جزائر" إن العطلة في رمضان لا تتلاءم مع وضعية الأم العاملة، كونها لا تجد أين تترك أبناءها التلاميذ، بالنظر إلى أن النوادي الرياضية او الثقافية او الجمعيات تقل من نشاطها صباحا في رمضان، وعندما يكون الوالدان عاملان في الوقت ذاته يصعب إيجاد مكان تترك فيها الأسرة أبناءها التلاميذ.

وتشير فرح التي تشتغل بالعاصمة إلى أنها اضطرت خلال هذا الشهر لإرسال ابنها إلى عائلتها في ولاية داخلية للبقاء عند جديه،  كون ذلك هو الحل الوحيد لضمان بقائه في مكان آمن خلال هذه الفترة، لتتحمل هي مشقة الذهاب والعودة يوميا إلى بيت أهلها الذي يبعد عن بيت زوجها بأكثر من 50 كلم.

أما أحمد الذي لا يواجه هذا المشكل بالنظر إلى أن والدته تعيش معه، وستتحمل هي العناية بابنته ذات السنوات التسع خلال هذه العطلة الربيعية، فيشير في حديثه مع " الترا جزائر" إلى أن العطلة وضعت في الأساس لإعطاء التلاميذ فرصة للراحة والتنزه، لكن هذا قد يبدو هذه المرة صعبا، لأن تلاميذ الطورين المتوسط والثانوي معنيون أيضا بصيام الشهر الفضيل، ومن ثم لا يساعدهم ذلك على التنزه، إضافة إلى أن أماكن التمتع بالعطلة غير متوفرة في رمضان صباحا، لذك حتى التلاميذ الذين من عمر ابنته لا توجد له فرصة التخلص من ضغط الدراسة والعودة بنفسية جديدة هذه المرة، كون البيت يظل الحل الوحيد  لقضاء العطلة هذه المرة.

أجندة مضبطة

يرجع نائب رئيس الاتحاد الوطني لأولياء التلاميذ محمد مباركية الذي استغل لسنوات في سلك التعليم عدم استجابة وزارة التربية لمطالب تغيير موعد عطلة الربيع أو تمديدها إلى أن تواريخ العطل والامتحانات مضبطة منذ بداية السنة الدراسية وفق أجندة محددة، لا يمكن تغييرها بسهولة، وفق ما قاله لـ"الترا جزائر".

ويرى مباركية أن الاستجابة لهذه المطالب والتنازل عن الأجندة المحددة سلفا سيفتح المجال لانشغالات أخرى لا تراعي مصلحة المدرسة، إنما تحقيق مكاسب شخصية وفق حاجيات كل طرف سواء كان تلميذا أو أستاذا أو ولي تلميذ، لذلك لم يعقد الاتحاد الوطني لأولياء التلاميذ اجتماعا بشأن هذا الموضوع، بالنظر إلى أن شهر رمضان متغير المواعيد من سنة إلى أخرى وتواريغ العطل والامتحانات ثابتة.

نائب رئيس الاتحاد الوطني لأولياء التلاميذ محمد مباركية: الاستجابة لهذه المطالب والتنازل عن الأجندة المحددة سلفا سيفتح المجال لانشغالات أخرى لا تراعي مصلحة المدرسة

ويرى مباركية أن مطالب من يتحججون برمضان غير مقنعة، لأنه له أبناء تلاميذ ويحرص على جعلهم يتكيفون مع كل الظروف، لا تعليمهم العمل على تكييف الظروف وفق أهوائهم، مشيرا إلى أنه يمكن استغلال العطلة في رمضان إما في الدراسة لتدارك أي تقصير حدث في الفصلين السابقين، أو الانضمام إلى الجمعيات الخيرية التي تقدم موائد الإفطار لتعويد الأطفال على مثل هذه السلوكات المجتمعية الهادفة.

من المؤكد أن الالتزام بتنفيذ الخطة الدراسية الموضوعة من قبل الوزارة أمر محمود وضروري لإكمال المقرر الدراسي في موعده، وتفادي مطالب العتبة في الامتحانات الوطنية، إلا أنه كان يمكن للوزارة تنفيذ ذلك وفق رؤية تراعي هذا الظرف بما ان موعد رمضان معلوم مسبق، فالتعليم في العصر الحالي أصبح أكثر مرونة ولا يعتمد على الصرامة غير المبررة تربويا.