16-أبريل-2019

مشاركة قوية للمرأة في مسيرات الحراك الشعبي (الترا جزائر)

حظي الحراك الشعبي بنصيب لا بأس به من التّأنيث، حيث كان حضور الطفلة والفتاة والمرأة والعجوز لافتًا في مفاصله. وتركت كلّ واحدة منهنّ لمسة خاصّة تناقلتها الصّور والفيديوهات، التّي كان لها الأثر البالغ في الدّفع بعجلة الحراك إلى الأمام.

حظي الحراك الشعبي بنصيب لا بأس به من التّأنيث، حيث كان حضور الطفلة والفتاة والمرأة والعجوز لافتًا في مفاصله

وتأكّدت تلك اللّمسات أكثر، خلال الجمعة الثّالثة، التّي تزامنت مع اليوم العالميّ للمرأة، حيث دحضت الجزائريّات الانطباع القائل إنّ الحراك مجرّد احتجاج شباب على الأوضاع السّياسيّة والاقتصاديّة، وأكّدن كونه مسعًى مواطناتيًّا يشمل الأجيال والمناطق والشّرائح كلّها. وكان حضورهنّ في المسيرات، التّي عرفتها الولايات الثّماني والأربعين دليلًا على الرّوح السّلميّة، التّي ميّزتها ومحرّضًا عليها في الوقت نفسه.

اقرأ/ي أيضًا: حوار | مسعودة لعريط: خروج المرأة إلى الشارع عزز دلالات الحراك

كما كان لانخراط بعض الرّموز النّسويّة في الحراك ميدانيًّا أثره العميق في نفوس الشّباب. منها شقيقة الشّهيد الرّمز العربي بن مهيدي، وكذا جميلة بوحيرد، التّي وجّهت رسالة لشباب الحراك أوصتهم فيها أن يحافظوا على ثورتهم، "حتّى لا تضيع منكم كما ضاعت منّا ثورتنا".

تحريف المسعى

مع كلّ جمعة، كان الحراك يؤكّد على السلمية، فيما كانت  وجوه السلطة لا تفوت فرصة للإشادة بالرّوح السّلميّة، التّي طبعت المسيرات الحاشدة، في محاولة منها لتجنّب مزيد من غضب الشّارع، وادّعاء مسايرة مطالبه. ورد ذلك في تصريحات أحمد أويحي رئيس الحكومة عند انطلاق الحراك، ومعاذ بوشارب رئيس الحزب الحاكم ورئيس البرلمان، وفي أكثر من رسالة للرّئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة. فما الذّي تغيّر حتّى انحازت الحكومة، التّي تحمل الرّوح والرّؤية البوتفليقيتين إلى خيار مواجهة المسيرات السّلمية بالعنف؟

تجلّت السّياسة العنيفة لحكومة نور الدّين بدوي المدرج ضمن "الباءات الثلاثة" المرفوضة شعبيًّا، في منع المتظاهرين القادمين من ولايات مختلفة، من الوصول إلى الجزائر العاصمة، ومصادرة الرايات والأعلام التي يحملونها، واعتقال النّشطاء السّياسيين والحقوقيين، وإطلاق الرّصاص المطاطيّ والغاز المسيل للدّموع على المتظاهرين في عاصمة البلاد، بما فيها داخل مفاصل حسّاسة، مثلما حدث في النّفق الجامعيّ، حيث كاد الأمر يتسبّب في اختناق الموجود فيه من الأطفال والنّساء والشّيوخ.

عنف رمزي

خلف هذا السلوك الأمني غير المتوقع حالة من الاستنكار. غير أنّ الاستنكار كان مضاعفًا، بإقدام شرطيّة داخل مخفر للشّرطة في ضاحية برّاقي شرق الجزائر العاصمة، على مطالبة عدد من النّاشطات بخلع ألبستهن.

وقد رأى كثيرين في هذا السّلوك انتهاكًا لحرمة المرأة واعتداءً على خصوصيتها، ووصفه البعض بـ"الوقاحة"، فيما أشار البعض إلى أن ذلك ربما يكون مخططًا لدفع المسيرات السلمية للعنف المرفوض شعبيًا لإرثه السيء.

يقول الأكاديميّ والنّاشط حبيب بوخليفة في تدوينة فيسبوك: "ما حدث، إذا كان حقًّا، لا يشرّف الشّرطة، التّي هي جزء منّا. إنّه سلوك مشين وسابقة في بلادنا. يا للعار 22 مليون جزائريّ يتظاهرون سلميًّا كي يتصرّف البعض من الشّرطة بتعرية بنات هذه الأرض المسقيّة بدم الشّهداء".

تداولت مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، خبر تعرية الشرطة في مخفر بضاحية براقي، لأربع ناشطات معتقلات

ويخلص حبيب بوخليفة إلى القول: "أدعو جميع المحامين الأحرار، باسم القانون، للانضمام في شكوى يتمّ إيداعها ضدّ عناصر الشّرطة المسئولين عن هذه التجاوزات المخالفة للقانون والأخلاق الإنسانيّة".

وفي السّياق ذاته، قال سفيان جيلالي رئيس حزب "جيل جديد" المعارض، في تدوينة له: "بعد أن حاصرت السّلطة العاصمة بواسطة رجال الدّرك، ولجأت إلى افتعال حوادث تمكّنها من قمع المتظاهرين، ها هي الآن تتعرّض لشرف نسائنا".

ويرى جيلالي وجوب "التّوقيف الفوريّ للشّرطيّة، التّي ارتكبت هذا العمل الهمجيّ، ومسئوليها المباشرين، وفتح تحقيق لمعرفة مصدر هذه التّعليمة". فالجزائريّون حسبه "لن يصمتوا في وجه هذه الأفعال الشّنيعة، التّي تمسّ بشرفنا ككلّ".

من جهتها، بادرت مصالح أمن الجزائر العاصمة إلى نفي الرّواية المتادولة على نطاق واسع عبر مواقع التّواصل الاجتماعيّ، حيث ورد في بيان لها أنّ المواطنات الأربع تمّ تحويلهنّ إحدى مقرّات الأمن الوطنيّ في ضاحية برّاقي، "في إجراء أمنيّ وقائيّ يتمثّل في التلمّس الجسديّ للمعنيات بإشراف شرطيّة برتبة ملازم أوّل. وهذا الإجراء الشّرطيّ التّحفظيّ، يهدف إلى تجريد الشّخص من أيّ موادّ أو أدوات قد يستعملها ضدّ نفسه أو ضدّ غيره، ليتمّ إخلاء سبيل الجميع فيما بعد في ظروف عادية"، بحسب ما جاء في البيان.

 

اقرأ/ي أيضًا:

عنفٌ أمني في مواجهة الحراك.. عودة لخطابات التخويف

"العصابة" أم الجيش.. من هو صاحب القرار في الجزائر الآن؟