12-أبريل-2024
القصف على غزة خلف أزيد من 40 شهيدًا (الصورة: مجدي فتحي/Getty)

(الصورة: مجدي فتحي/GETTY)

لم يمر عيد الفطر المبارك في الجزائر مرور الكرام على الجزائريين، فكثيرون عاشوا عيد هذه السنة، متابعين لأخبار قطاع غزة بكثير من الغصة والألم، في ظل استمرار العدوان الغاشم على الفلسطينيين، وسط المعاناةالإنسانية والدمار والجوع.

الأستاذ بجامعة الجزائر كريم خوجة لـ "الترا جزائر" إن التضامن الجزائري مع فلسطين يرجع إلى التجربة التي عاشها في ظلّ الاحتلال الفرنسي،

خلال العيد عبر الجزائريون عن تضامنهم الكبير مع الشعب الفلسطيني، ونصرة القضية الفلسطينية،وبشعارهم الدائم "مع فلسطين ظالمة أو مظلومة"واستقبل الكثيرون في الجزائر من فلسطينيين وجزائريين العيد بالكثير من الحزن في ظل العدوان الصهيوني على غزة، بينما أيديهم رفعت للسماء تدعو بالأمن والخلاص من العدوان الجائر وفك الحصار على الآلاف من النازحين.

غصة وحزن

هكذا أراد القدر لفلسطين وفي القلب غضة كبرى، يقول الشاب الفلسطيني حسام أبو دقة لـ "الترا جزائر"، الذي يدرس بجامعة الجزائر، موضحًا أن العيد في الجزائر هذه السنة منقوصًا من الفرحة وفلسطين تئن وسط الدمار والفقدان والجوع الذي تعيشه كل عائلة فلسطينية سواء في الداخل أو في الخارج.

"بأي حال عدت يا عيد؟"، هكذا عبر أبو دقة، قائلًا إن الجسد هنا والقلب هناك، خاصة أن الموت تحصد كل يوم العشرات، ولا أحد في منآى عن القضاء والقدر والشهادة.
تعتبر الجزائر بالنسبة للفلسطينيين من بين الدول الأقرب لقلوبهم، يضيف محدث "الترا جزائر"، حيث ينظر الكثيرون إليها بكل حب، ووقفتها الحازمة إلى جانب الفلسطينيين في محنتهم خلال هذا العدوان السافر، تسجل في صفحات التاريخ وتحفظها ذاكرة الشعوب.

تعيش الفلسطينية أم إبراهيم اليوم بين أحضان جيرانها وأهلها الجزائريين بولاية بومرداس، إذ تعترف بأن العيد هذه المرة ليس ككل الأعياد السابقة، حيث تضاعف الوجع عشرات المرات باستشهاد وتشريد الآلاف، مشددة في تصريح لـ "الترا جزائر"; على أن الألم الذي يعصر قلبها اليوم يتمثل في صورة الموت الذي يحيط بالفلسطينيين من كل جانب والعرب يتفرجون.

استمر اهتمام الجزائريين بفلسطين في أيام العيد، وتلقف الأخبار القادمة من هناك ظلّ يستقطب انتباههم، والعلم الفلسطيني كان حاضرًا بقوة أيضًا خلال هذه المناسبة الدينية، ولهذا لقّبت الجزائر بـ "فلسطين الشهداء" على لسان الجزائريين في بلد الشهداء.

ترتبط قضية فلسطين ارتباطًا وثيقًا بالجزائريين، إذ شكّلت اليوم جزءًا لا يتجزأ من يومياتهم، وكانت الأخبار التي تصل لهم تصنع أحاديثهم اليومية، حتى في عز فرحة العيد، وتشير أم إبراهيم أنها تقطن رفقة أسرتها في أحد أحياء ولاية بومرداس، إلا أنه لا يمر يوم إلا وسألها الجيران عن الأهل وأحوالهم هناك، ويتفقدون أخبارها، بل كان شهر رمضان هذه السنة من أفضل المناسبات لديها رغم الألم وبشاعة المشاهد المنقولة عن المجازر في فلسطين وفي غزة خاصة، لأن التضامن الجزائري من الأسر والعائلات غمرها بمشاعر طيبة، وخفف عنها الألم قليلًا، و شملها بالود والصبر الذي يملأ القلب بعدما حمل معها كثيرون ذلك الألم وعبروا لها عن وجعهم لوجعها أيضًا.

غزة حاضرة بين العائلات

غزة كانت حاضرة في أجواء العيد في البيوت الجزائرية، مثلما تقول مجموعة من طلبة الجامعات الجزائرية التي حملت اسم "طوفان الأقصى"، إذ أنجزت فكرة احتضنتها عديد العائلات الجزائرية بتوزيع قصاصات مع الحلوى على الأطفال لتكون غزة حاضرة في عيد العائلات الجزائرية.

استحضر الجزائريون فلسطين في مناسبة عيد الفطر، فحضرت فلسطين في المساجد الجزائرية كأحد مظاهر التضامن والتآزر مع الأشقاء، وحضرت الكوفية رمز الصمود الفلسطيني، كما حضر العلم الفلسطيني في عديد الشوارع والمحلات والمقاهي، تعبيرًا من الجزائريين أن فرحة العيد لن تنسيهم آلام كل فلسطيني.

منذ العدوان الغاشم الذي يتعرض له الفلسطينيون لم تبرح فلسطين وغزة بشكل خاص من حديث الجزائريين، وكانت حلاوة العيد منقوصة من تلك الفرحة بسبب مرارة ما يعيشه الفلسطينيون.

أجواء الاحتفالات في الجزائر تخللتها الحسرة والغصة في القلب بسبب الدم الذي ينزف في غزة،والحصار والتجويع الذي يتعرّض له الأشقاء هناك، يقول محمد دريدي لـ "الترا جزائر"; موضحًا أنه لا يمكن أن تكتمل الفرحة بالعيد إلا بفرحة الفلسطينيين، فما يتعرضون له اليوم هو جريمة حرب وإبادة تستهدف كل معالم الحياة وضد الإنسانية.

تضامن الجزائريين المطلق مع فلسطين ضد الإبادة الجماعية، يضاف إلى الموقف الرسمي، الذي سجّل وقفة إنسانية مع الشعب الفلسطيني المباد والمهجّر من أرضه، إذ عبر الكثيرون عن ذلك باعتبار أن الألم كله القادم من غزة، لا يمكن لأحد أن يقف أمامه مكتوف الأيدي، في عز فرحة العيد.
وانتهز الجزائريون المناسبة لمتابعة واستذكار الوضع في غزة في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تزينت بالعلم الفلسطيني، رافقتها تهاني العيد التي لم تنس الفلسطينيين في المنشورات والتعلقيات.

نصرة القضية العادلة

بعد ستة أشهر من العدوان الصهيوني على غزة، تبقى فلسطين في وجدان كل الجزائريين، إذ يقول الأستاذ بجامعة الجزائر كريم خوجة إن التضامن الجزائري مع فلسطين يرجع إلى التجربة التي عاشها في ظلّ الاحتلال الفرنسي، وشعور الجزائريين بالمأساة التي يعيشها الفلسطينيون، إذ هي نفسها التي عاشوها خلال قرن وأكثر من ثلاثين سنة من الاستدمار الفرنسي وبقيت ليومنا هذا تمزق القلوب جيلًا بعد جيل.

وأضاف الأستاذ خوجة لـ "الترا جزائر" بأن الجزائر حكومة وشعبًا تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها المركزية في كامل الظروف، وهي عقيدة مترسخة منذ عقود من الزمن.

الملاحظ أنه في غمرة الاحتفال بالعيد، التي كانت المناسبة فرصة لبعث رسالة طمأنة للفلسطينيين أن الجزائر لن تنساهم، وكانت فلسطين الحدث البارز في الجزائر، وأن رسائل الجزائريين كانت تبعث خطاب الحضور في الوجدان رغم بعد المسافات والعدوان، تأييدًا للقضية العادلة، لأجل تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه كاملة وليست منقوصة.

تعيش الفلسطينية أم إبراهيم اليوم بين أحضان جيرانها وأهلها الجزائريين بولاية بومرداس، وتعترف بأن العيد هذه المرة ليس ككل الأعياد السابقة

مع استمرار العدوان وأخبار ارتفاع أعداد الشهداء والجرحى، ألغت عائلات كثيرة ومؤسّسات الرسمية مظاهر الفرحة، إذ تفاعل الكثيرون مع فلسطين بمشاعر الحزن والحسرة والحيرة أيضًا، فيما يردد الجزائريون في جلساتهم بكل فخر واعتزاز شعار"نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة".