30-مايو-2019

شوارع مدينة أدرار (فيسبوك)

على بعد 1600 كيلومترًا جنوبي العاصمة الجزائرية، حيث يُصبح صوت الاحتجاجات خافتًا، وقليلًا ما يتمّ الانتباه إليه من طرف السلطات، ويُضحي التفاوت الاجتماعي والطبقي في البلاد، موضوعَّا تفصل فيه الجغرافيا وتحدّده تضاريس الطبيعة،

هناك من بقي يُقاوم حتى الآن مظاهر الظّلم الاجتماعي ويُدافع عن كرامة سكّان  المناطق الجنوبية

الغضب الشعبي مازال هنا

من منطقة فنوغيل بولاية أدرار جنوبي العاصمة، يتحدّث مواطنون عن معاناتهم اليومية في كل مجالات الحياة، هنا يقول عبد القادر هداجي الناشط الحقوقي، في تصريح لـ" الترا جزائر"، إن مشاكل الجنوب لا يُمكن تجزئتها عن هموم الجزائر عمومًا، غير أن سكّان هذه المناطق يعيشون ضيم التهميش والنسيان، خصوصًا في قطاعات حساسّة ومهمّة جدًا.

اقرأ/ي أيضًا: الجنوب الجزائري صيفًا.. موسم الهجرة شمالًا

لم تتأخّر المناطق الجنوبية عن الحراك الشعبي مثلها مثل المدن الجزائرية، إذ بدأت الاحتجاجات تزامنًا مع الغليان الاجتماعي الذي تشهده الجزائر منذ أزيد من ثلاثة أشهر، غير أن مطالب الساكنة متنوّعة يقول هداجي، أهمّها التوزيع العادل لمناصب العمل، إذ يطالب بطالون بتوظيفهم في مؤسّسات حيوية موجودة على تراب الولاية.

كثيرًا ما كان موضوع البطالة، سببًا في إشعال فتيل الاحتجاجات بالمنطقة بحسب رابح سليمي أحد العاطلين عن العمل بالولاية، وهو طالب متخرّج من المعهد الوطني للبترول، إذ يقول في حديث إلى "الترا جزائر"، إن سكّان المنطقة لا يستفيدون من مزايا التوظيف، وهناك تمييزًا واضحًا في طرق التوظيف في الشركات المتواجدة على أراضي المناطق الجنوبية والمؤسّسات العمومية أيضًا.

داخل الجغرافيا، خارج الزمن

في الجنوب، بين حدود مدينة ومدينة أخرى، مساحات شاسعة من الرمال الممتدّة على مدّ البصر، مناطق لا تفصلنا عنها الجغرافيا فقط، ولكن يبدو أنها تعيش في مرحلة زمنية أخرى، إذ تخلّفت هذه المدن عن ركب التنمية بسنوات عن مناطق الشمال، هنا يقول الناشط السياسي محمد زويني لـ" ألترا الجزائر" أن مطالب سكان هذه المناطق عادية مقارنة بالوعود التي يتلقونها من المسؤولين، لافًتا إلى أن سكان عدة مناطق في ولاية أدرار مازالوا يعانون من العطش حتى يومنا هذا، إذ يطالبون بتوفير الماء الشروب، فضلًا عن ربط العديد من الأحياء السكنية بالغاز بالطبيعي، وغيرها من المطالب الاجتماعية البسيطة المرتبطة بمستوى التنمية في هذه المنطقة وغيرها.

 ما أثار حفيظة السكان في هذه المنطقة، هو انعدام المرافق العمومية كالمدارس ومراكز للعلاج وتأخّر تعبيد الطرقات، وإن وجدت فهي مشاريع ترقيعية ولا تواكب تطلعات الساكنة وهو الأمر الذي لخصّه زويني، في انعدام عدد من أحياء المنطقة على قنوات صّرف صحّي ووصل البيوت بشبكات غاز المدينة والربط بالاتصالات.

غياب المشاريع

تنام منطقة فنوغيل وتستيقظ على وقع احتجاجات تؤدّي إلى غلق لمقر البلدية، ووقفات غضب شعبي، يرفع  فيها مواطنون مطالب تدعو إلى تحسين المعيشة والحق في التقسيم العادل لثروات البلاد.

 

قبل أيّام رفع  محتجون شعارات مختلفة أهمّها "فنوغيل ليست لعبة سياسية"، في إشارة منهم إلى أن المنطقة باتت تتأرجح بين أصحاب النفوذ والسياسة، وهو الشعار الذي رُفع في المسيرات التي تعرفها مدن الجزائر منذ بدء الحراك الشعبي في الـ 22 فبراير/ شباط الماضي، وأكثر من ذلك يُطالب المواطنون بفتح تحقيقات حول  قطع الأراضي الفلاحية التي قدمت كمزايا في الحملات الانتخابية.

 

شعارات أخرى، رفعها المحتجون يطالبون فيها السلطات المحليّة بإتاحة فرص للعمل، وتهيئة الطرقات والعدالة الاجتماعية وغيرها من الشعارات التي يعتبرها الناشط الحقوقي مراد لعجالي حقًا من حقوق المواطن، موضحًا في تصريح إلى" الترا جزائر"، بأن ولاية أدرار على فوهة بركان خامد، بسبب تراكمات سنوات التهميش، رغم الإمكانيات الطبيعية المتوّفرة في المدن الصحراوية خصوصًا موارد الطاقة.

إهمال الجانب المضيء

بعيدًا عن المشاكل اليومية، يطمح سكان منطق فنوغيل بأن تكون منطقتهم قطبًا تارخيًا وسياحيًا، إذ تذخر فنوغيل بعدة مناطق أثرية

إلى جانب ذلك، تضم المنطقة عددًا من القصور الأثرية، منها قصر باعمور وقصر قصبة لحرار، غير أن هذه المواقع الأثرية دخلت مرحلة النسيان وتم إهمالها في السنوات الأخيرة، في الوقت الذي يُمكن أن تكون وجهةً سياحيةً مميّزة إن تمّ استغلالها بشكلٍ مناسب.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

التنظيمات الطلابية الجزائرية.. الخروج من قبّعة النظام

من تونس إلى الجزائر.. قصص الزلابية وحلاوتها